(29) مَا حُكْمُ من يسمي اللَّهِ مُسْلِمًا
لا يَجُوزُ تَسْمِيَةُ اللَّهِ إِلَّا بِمَا جَاءَ فِى الْقُرْءَانِ أَوِ الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَوْ أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الأُمَّةُ فَلا يَجُوزُ تَسْمِيَةُ اللَّهِ مُسْلِمًا كَمَا تَلَفَّظَ بِهِ بَعْضُ الْجُهَّالِ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مَعْنَاهُ الْمُنْقَادُ وَاللَّهُ تَعَالَى لا يَنْقَادُ لِغَيْرِهِ بَلْ غَيْرُهُ يَنْقَادُ لَهُ أَىْ أَنَّ الْمُسْلِمَ مُنْقَادٌ لِأَوَامِرِ اللَّهِ بِالإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ الَّذِى أَرْسَلَهُ أَمَّا اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ الآمِرُ النَّاهِى الَّذِى لا ءَامِرَ لَهُ وَلا نَاهٍ فَلا يَنْقَادُ لِأَحَدٍ بَلْ يَفْعَلُ فِى مُلْكِهِ مَا يُرِيدُ وَيَحْكُمُ فِى خَلْقِهِ بِمَا يَشَاءُ أَىْ يَفْرِضُ مَا يَشَاءُ وَيُحَرِّمُ مَا يَشَاءُ فَلَيْسَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى مُسْلِمٌ إِنَّمَا اسْمُهُ السَّلامُ أَىِ السَّالِمُ مِنْ كُلِّ نَقْصٍ.
(30) مَتَى حَصَلَ الْكُفْرُ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ هُوَ أَوَّلُ نَبِىٍّ أُرْسِلَ إِلَى الْكُفَّارِ
اعْلَمْ أَنَّ الْبَشَرَ جَمِيعَهُمْ فِى زَمَنِ ءَادَمَ وَشِيثٍ وَإِدْرِيسَ كَانُوا عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ هُوَ الإِسْلامُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ كَافِرٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَّاحِدَةً﴾ أَىْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَلَى الإِسْلامِ وَإِنَّمَا حَدَثَ الشِّرْكُ وَالْكُفْرُ بِاللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِىِّ إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَىْ بَعْدَ وَفَاةِ ءَادَمَ بِأَلْفِ سَنَةٍ وَاسْتَمَرَّ النَّاسُ عَلَى الْكُفْرِ زَمَانًا إِلَى أَنْ بَعَثَ اللَّهُ سَيِّدَنَا نُوحًا فَكَانَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلامُ أَوَّلَ نَبِىٍّ أُرْسِلَ إِلَى الْكُفَّارِ يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ الْوَاحِدِ الَّذِى لا شَرِيكَ لَهُ أَمَّا أَوَّلُ الأَنْبِيَاءِ عَلَى الإِطْلاقِ فَهُوَ سَيِّدُنَا ءَادَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ تَعَالَى ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحًا وَءَالَ إِبْرَاهِيمَ وَءَالَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ أَىِ اخْتَارَ ءَادَمَ لِلنُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ. وَيَشْهَدُ لِنُبُوَّتِهِ حَدِيثُ التِّرْمِذِىِّ ءَادَمُ فَمَنْ سِوَاهُ مِنَ الأَنْبِيَاءِ تَحْتَ لِوَائِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى نُبُوَّتِهِ فَمَنْ نَفَى نُبُوَّتَهُ فَهُوَ كَافِرٌ بِالإِجْمَاعِ.
الشرح لفضيلة الشيخ الدكتور نبيل الشريف حفظه الله تعالى وجزاه عنا خير الجزاء
