ارفَعْ رأسَكَ أيها المُحمَّديُّ الأشعريُّ فالأشاعِرةُ هُم أهلُ السُّنَّة

ارفَعْ رأسَكَ أيها المُحمَّديُّ الأشعريُّ فالأشاعِرةُ هُم أهلُ السُّنَّة

الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على سيِّدِنا محمَّدٍ رسولِ الله

يقولُ اللهُ تعالى في القرآنِ الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [(54) المائدة]

إخوةَ الإيمان لمَّا نزلَتْ هذه الآيةُ الكريمةُ أشارَ النّبيّ عليه الصلاة والسلام إلى الصحابيِّ الجليلِ أبي موسى الأشعريّ رضيَ اللهُ عنه فقال: “هم قومُ هذا”. فنَحمَدُ اللهَ تعالى أنْ جعَلنا من قومِ الإمام أبي الحَسنِ الأشعريّ، وهو من سُلالةِ أبي موسى الأشعريّ الذي أشارَ إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عند نزولِ هذه الآية وقال: “هم قوم هذا”. نعم، نحنُ من قومهِ، أي من أتباعهِ، فارفَعْ رأسَكَ أيها المُحمَّديُّ الأشعريُّ فالأشاعِرةُ ورَدَ ذِكرُهُم في القرآنِ الكريم ووَرَدَ مَدحُهُم أيضًا على لسانِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم،

فقد قال فيما رواهُ الإمامُ أحمد والحاكم بسندٍ صحيح: “لَتُفتَحَنَّ القِسطنطينية فلَنِعمَ الأميرُ أميرُها ولَنِعمَ الجيشُ ذلك الجيش”. ولقد فُتِحت القسطنطينية بعد ثمانمائة عام، فتحها السلطانُ المُجاهدُ محمَّدٌ الفاتِح رحمه الله.

فباللهِ عليكم هل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَمدحُ مَنْ خالفَهُ في العقيدة؟ هل النّبيُّ يمدَحُ مَنْ خالَفَ نَهجهُ وما جاء به من الحقِّ؟ لا والله.

فالسلطانُ محمَّدٌ الفاتِح كان محمَّديًّا سُنِّـيًّا أشعريًّا ماتُرِديًّا يعتقدُ التَّنزيهَ في الله، يعتَقدُ أنَّ اللهَ موجودٌ بِلا مكان ويَتبرَّكُ بالأولياء، وها هو عند تأخُرِ الفتح في معركةِ فتح القسطنطينية يرسلُ وزيرَهُ إلى خيمةِ شيخٍ وليٍّ صالح أحضرَهُ معهُ للبَركة، فدخلَ الوزيرُ إلى الخيمة والشيخُ في سُجودهِ مُتَضرِّعًا إلى الله تعالى سائلًا ربَّه النُّصرَةَ للمُسلمين،

فقالَ الوزير: “ما إنْ رفعَ الشيخُ رأسَهُ من السُّجود حتى كبَّرَ المسلمون ودخلوا إلى القسطنطينية”.

نعم إخوةَ الإيمان، في القرنِ الثالث الهجري كثُرت الفِرَقُ الشَّاذَّة فقَيَّدَ اللهُ تبارك وتعالى في أواخِر ذلك العصر إمامين أحدهما عربيّ والآخرُ أعجميّ.

أما العربيّ فهو أبو الحسنِ الأشعريّ وهو من ذُرية أبي موسى الأشعريّ صاحبِ رسولِ الله الذي كان الرسولُ عليه الصلاة والسلام مُعجبًا بحُسْنِ صوتِهِ بالقرآن، قال في حقهِ: “لقد أُوتيَ عبدُ اللهِ بن قيْس مِزمارًا من مزاميرِ آل داود”، يَعني “بالمزمار” الصوت الحَسن، لا يعني هذا المزمار الذي يُنفخُ فيه.

فقوله عليه الصلاة والسلام: “لقد أوتيَ عبدُ الله بن قيْس مزمارًا من مزامير آل داود” أي أقلَّ من داودَ عليه السلام، سيِّدُنا داود كان لمَّا يُسبِّحُ الله الطيور تَطْرَب فتَرُدُّ معه من شدَّةِ طَربها. منْ صوتِ داودَ الجبالُ أيضًا كانت تُسبِّحُ معه، نعم الجبال، لأنَّ اللهَ إذا شاءَ أنْ يصيرَ في الجماد شعورٌ يصيرُ فيه شعور.

أمَا حنَّ الجِزعُ اليبيسُ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ أمَا بكى على فِراقِه؟ أمَا أنَّ على فراقِه؟ أمّا هدأ رويدًا رويدًا لمّا ضمَّهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ فإذًا اللهُ تعالى قَيّضَ لهذا الدِّين إمامين، العربيُّ هو أبو الحَسن الأشعريّ، وأمّا الأعجميُّ فهو أبو منصورٍ الماتُريديّ وكان في بلاد فارس، هذان الإمامان قرَّرا عقائِدَ أهلِ السُّنَّةِ وأوضحاها إيضاحًا تامًّا.

فنسألُ اللهَ تعالى أنْ يُثبِّتنا على الإيمان ويُحسِنَ خِتامَنا بجاهِ نبيِّهِ عليه الصلاة والسلام وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين.