قال المؤرخ أحمد بن أبي الضياف
وفي ربيع الأول من هذه السنة 1841 رومي وفي ضحى المولد تجتمع العلماء والأعيان بجامع الزيتونة……فيستفتح بقراءة تأليف ذكر فيه فضائل المولد……ويفيض فيها العطاء و الصدقات للقراء الذين يحيون تلك الليلة بالقرءان العظيم و الأمداح النبوية…
و جرى بهذا عمل من بعده من الملوك لعصر هذا…إنتهى كلام إبن أبي الضياف
المجلد الثاني الجزء الرابع صحيفة 53/54
إخوة الإيمان، ماذا عسانا نقول من القول السديد في يوم مولد الحبيب سيدِنا محمد؟ يا رسولَ الله أيها الفخمُ المفخَّم والنبيُّ المعظّم والحبيب الـمُكرّم، يا صاحبَ الفَضْلِ على أمتك، يا مَن ءاثَرْتَ أُمتَك بدعوتك التي أعطاك ربك فقلت (لِكُلّ نَبِيّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابةٌ فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيّ دَعْوَتَهُ) رواه مسلم، ولكنكَ اختبأتها شفاعةً لهم وذلك منْ رحمتِك بهم وأنت كما وَصَفَكَ ربُّكَ في كتابه (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (سورة التوبة ءاية 128)، وأنت الذي يُقالُ لك يومَ القيامة (يا محمدُ سَلْ تُعْطَ واشْفَعْ تُشَفَّعْ) وأنت الذي تقول (أَيْ ربِّ أُمَّتي أمتي) رواه النسائي، وأنت الذي أرشدت للخير، فجزاك الله عن هذه الأمةِ خيرَ الجزاء.
أيها القائدُ المعلِّم، في شهر مولدِك نتذكرُ عظمتَكَ وفَضْلَكَ وخُلُقُكَ وجهادَكَ ووَصْفَ جمالِكَ وجميلَكَ علينا يا نبيَّ الله، حين يمدحُك المادحون ويذكرُ اسمَك الذاكرون، تأخذنا الشجونُ حتى كأن لسانَ الحال يقول يا ليتني أَحْظى باللقاء ولو بنظرةٍ منك في المنام كما حظيَ بها سيدُنا بلال الحبشي وقد كان له شرفُ الاجتماع بك ورؤياك يقظة، ومع ذلك لـمـَّا شاهدَ في المنام وجهك الأغرَّ إذ به يَصْحُو من نومه في تلك الليلة وتَحْدُوهُ الأشواقُ بِوَجْدٍ يتأجَّجُ في البطاح، يعجّل سيره في ليلٍ وصباح، ليصل المدينةَ الغرّاءَ فيقفَ على الأعتابِ، والعَبَرَاتُ من عينيه تنساب، علّها تخفف من حرقة في الفؤاد، ولكن هيهاتَ هيهات، فهو الذي وقبل مماته أطلق المقال فقال (غدًا نلقى الأحِبَّة محمدًا وصَحْبَه) غدًا لقاء محمد يومَ الجزاء.
