المولد النبوي في تونس

كيف كانت تونس تحتفل بالمولد النبوي الشريف أيام وجود العلماء والحكام الصالحين؟
ذكر العلامة الفقيه ابن أبي دينار في كتابه الممتنع “المؤنس في أخبار إفريقية وتونس” مشهدا من المشاهد الرائعة التي كانت عليها تونس بلد العلم والعلماء والصالحين متعلقا بمناسبة المولد النبوي الشريف فقال:
“ومن أعياد أهل تونس المشهورة ومواسمهم المذكورة ومساعيهم المشكورة: تعظيمهم ليلة المولد الشريف، وذلك لأجل محبّتهم لمن ولد فيه وهو سيد الكائنات صلى الله عليه وسلم.
وأول من اعتنى بتعظيمه في البلاد الغربية وأظهر فيه شعائر الولادة المحمدية السلطان أبو عنان المريني شكر الله سعيه، ثم اقتدى به بنو أبي حفص في الديار التونسية، وأولهم أمير المؤمنين أبو فارس عبد العزيز، وكان في أول المئة الثامنة، واحتفل بتشييد شعائر هذا اليوم المبارك، جعل الله ثوابه في صحائفه، وأظله في ظل النجاة يوم لا ظل إلا ظل عرشه.
واقتدت به بنو أبي حفص من بعده، ولم تزل عادتهم مستمرة على تعظيمه عاملهم الله بنياتهم، فإنهم يعظمون ليلة الثاني عشر من شهر ربيع الأول، وينشدون الأشعار في المكاتب ويحتفلون لتلك الليلة ويزينون المكاتب ويجعلون أماكن تقرأ فيها التخاميس وتنشد الأبياء الشعرية التي تضمنت مدائح خير البرية، وتوقد القناديل، وتسرج الشموع، وتكون تلك الليلة أشهر ليالي سنتهم، ويصنعون الأطعمة الفاخرة احتسابا لله، وتكون ليلة عظمى بدار نقيب الأشراف يحضرها الأجلة من الناس والقراء والفقهاء، ويقع فيها السماع والأناشيد بالمدائح النبوية، ويهرع الناس إليها من أطراف البلد”.
(المؤنس، ص 290)