كِسْوَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

عن أبي ذَرٍّ الْغِفَارِيّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ كَثُرَ لُبْسُ الطَّيَالِسَةِ، وَكَثُرَتِ التِّجَارَةُ، وَكَثُرَ الْمَالُ، وَعُظِّمَ رَبُّ الْمَالِ لِمَالِهِ، وَكَثُرَتِ الْفَاحِشَةُ، وَكَانَتْ إِمْرَةُ الصِّبْيَانِ، وَكَثُرَ الْفَسَادُ، وَجَارَ السُّلْطَانُ، وَطُفِّفَ فِي الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ، وَيُرَبِّي الرَّجُلُ جِرْوَ كَلْبٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يُرَبِّي وَلَدًا، وَلَا يُوَقَّرُ كَبِيرٌ، وَلَا يُرْحَمُ صَغِيرٌ، وَيَكْثُرُ أَوْلَادُ الزِّنَا، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَغْشَى الْمَرْأَةَ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَيَقُولُ أَمْثَلُهُمْ فِي ذَاكُمُ الزَّمَانِ: لَوِ اعْتَزَلْتُمْ عَنِ الطَّرِيقِ، يَلْبَسُونَ جُلُودَ الضَّأْنِ عَلَى قُلُوبِ الذِّئَابِ، أَمْثَلُهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ ‌الْمُدَاهِنُ»

قال في مجمع الزوائد: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه سيف بن مسكين وهو ضعيف.اهـ

شرح بعض المفردات: (‌الطيالسة) جمع طيلسان. والطيلسان، أعجمي معرب. ثوب يغطى به الرأس، ويجعل على العمائم، ويلبس على الكتف، وله خطوط، ويسمى بالشال. ولا يلزم من ذلك تحريم لبسها، وإنما المراد أن كثرة ذلك من أشراط الساعة، وكذا عن كثرة التجارة والمال. (ربُّ المال): صاحب المال. (الفاحشة): الزنا. (وكانت إمرة الصبيان) ولفظ رواية الحاكم: (وَكَانَتْ إِمَارَةُ الصِّبْيَانِ)، ومعناه أغيلمة يحكمون الناس بالهوى ويقتلون بالغضب. (وكثر الفساد): ولفظ رواية الحاكم: (وَكَثُرَ النِّسَاءُ)، (وجار): ظلم. (وطُفّف): نقص. (جرو كلب): ولد كلب. (خير له من أن يربي ولدا) ولفظ رواية الحاكم: (وَلَدًا لَهُ): وهذا عبارة عن كثرة عقوق الوالدين وكثرة الخيانة. (ليغشى): ليجامع. (قارعة الطريق): وسط الطريق. (يلبسون جلود الضأن): يلبسون اللباس من الصوف، ليظنهم الناس زهَّادًا عبَّادًا تاركين الدنيا، والضأن هو الخروف. (قلوب الذئاب): قلوبهم شديدة مسودةٌ من غاية حبِ الدنيا وحب الجاه، وكثرة العداوة والبغض لأهل التقوى، والصفات المذمومة الثابتة في قلوبهم. (المداهن): المتساهل الذي لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المعاصي مع القدرة، فهو مستحق العقوبة على سكوته ومداهنته.

: متفرقات

ذِكْرُ ‌‌الصحابي أبي قرصافة واسمه جَندرةُ بنُ خَيشنةَ، من بني مالك بن النضر بن كنانة:

روى ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني:
 كَانَ عَلَى أَبِي قِرْصَافَةَ «بُرْنُسٌ مِنْ كِسْوَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيَمْسَحُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِمُصَافَحَتِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم»

وَعَنْ عَزَّةَ بِنْتِ عِيَاضِ بْنِ أَبِي قِرْصَافَةَ قَالَ: «أَسَرَتِ الرُّومُ ابْنًا لِأَبِي قِرْصَافَةَ، ‌فَكَانَ ‌أَبُو ‌قِرْصَافَةَ إِذَا حَضَرَ وَقْتُ كُلِّ صَلَاةٍ صَعِدَ سُورَ عَسْقَلَانَ، وَنَادَى: يَا فُلَانُ الصَّلَاةَ، فَيَسْمَعُهُ وَهُوَ فِي بَلَدِ الرُّومِ”.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.اهـ

قال الحافظ ابن حجر العَسْقَلاني في «الإصابة في تمييز الصَّحابة» (6/ 407 -408) في ترجمة الصَّحابي عبد الله بن هشام ما نصُّه: » وأخرج له أبو القاسم البَغَوِي من طريق أَصْبَغ، عن ابن وهب، بسند الحديث الذي أخرجه له البخاري في الشَّركة حديثًا آخر رواه عن الصَّحابة، ولفظه: كَانَ أَصحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَتَعَلَّمُونَ هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا يَتَعَلَّمُونَ القُرآنَ إِذَا دَخَلَ الشَّهرُ أَو السَّنَةُ:
»اللَّهُمَّ أَدخِلهُ عَلَينَا بِالأَمنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالإِسلَامِ، وَجِوَارٍ مِنَ الشَّيطَانِ، وَرِضوَانٍ مِنَ الرَّحمَنِ«.
وهذا موقوفٌ على شرط الصَّحيح.اهـ
وأورده الهيثمي في الزوائد 10/ 142 عن عبد اللَّه بن هشام وقال: رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن.اهـ
[جِوَار]: أمانٌ، ومنَعةٌ، ووقايةٌ، وحمايةٌ.اهـ (جِوار) براء مُهملة، كما في النُّسخة الخطِّيَّة المحفوظة بمكتبة الجامع الكبير بصنعاء اليمن [229/ب]، والنُّسخة الخطِّيَّة الكتَّانيَّة المحفوظة بالخرانة العامة بالرِّباط (ك 341) [352] لكتاب «معجم الصَّحابة» للبغوي، وكذلك في نسخة دار الكتب المصريَّة برقم (229) الجزء الثاني (6120) [146/أ] لكتاب «الإصابة» لابن حجر العسقلاني التي هي أفضل النُّسخ وأقدمها وأقربها لعصر المصنِّف، ووقع في بعض نسخه الخطِّيَّة المتأخِّرة (جَواز) بزاي مُعجمة، بمعنى: المجاوزة والتَّخطِّي.