التحذير من كتب القرضاوي حزب الإخوان سيد قطب

ولسنا نقع في التجني والشطط إذا قلنا إن سيد قطب زعيم حزب ما يسمى “الإخوان المسلمين” هو أبرز شخصية متطرفة ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين وتركت بصمات واضحة وءاثارًا جلية في مناهج مختلف الحركات المتطرفة في الوطن العربي، من خلال مجموعة من الافكار والمؤلفات وعلى رأسها الكتاب المسمى “في ظلال القرءان” وهذا ما يفسر ترجمة هذا الكتاب إلى لغات متعددة، وانتشاره في الآفاق والأمصار، واعتباره الدستور الذي لا تحيد عنه هذه الحركات والذي تبني عليه تصوراتها الاستراتيجية، وعملياتها الإجرامية وخطواتها التكتيكية.

ولا بد من الإشارة إلى أمر هام جدًا ينبغي للباحثين والمهتمين بدراسة ظاهرة التطرف عدم إهماله، وهو أن هذه الحركات وإن اختلفت أسماؤها وتباينت وسائل عملها، وتعددت قياداتها تبقى مجتمعة تحت قواسم مشتركة فكرًا ومنهجًا ويجمعها عنوان عريض هو عنوان الولاء والتعصب الأعمى لمبادئ وأفكار سيد قطب. وليس بالمستغرب صدور منشورات وكتب وشرط كاسيت سواء في مصر والجزائر وتونس وحتى في لبنان وكل بقعة تدوسها أقدام المتطرفين، لأن هذه الإصدارات إنما تعبر عن حقيقة فكر هؤلاء المستقى من سيد قطب، على الرغم من محاولات البعض التستر والتكيّف مع واقع البلاد التي يعيشون فيها كما هو الحال مثلًا في لبنان.

والحديث عن سيد قطب وأفكاره السوداء وءارائه الشاذة حديث طويل يحتاج إلى معالجة دقيقة، وهو أيضًا حديث يسوء أنصاره وقد يدفعهم إلى الاعتداء الجسدي، لِمَا يمثل سيد قطب عندهم من مثال بطولي وحالة فريدة، ولاعتبارهم له القدوة الجهادية التي ينبغي الاحتذاء بها والسير على نهجها، ولكننا ومن خلال الرسالة التي نحملها ونسعى لتأديتها على ما يرضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم نجد أنفسنا في موقع لا ينبغي إخلاؤه، فالخطر جسيم وهو على ما يبدو خطر سرطاني يشكل الوجه الثاني للمؤامرات التي تحاك ضد الإسلام.

من هو سيد قطب؟

إلى كل متعصب لسيد قطب وأفكاره، إلى كل متحزب لجماعة سيد قطب ونهجهم الإفسادي إليكم من هو سيد قطب كما شهد هو بذلك على نفسه، ففي كتابه المسمى “الإسلام مشكلة الحضارة” طبعة دار الشروق الطبعة السابعة 1982- [ص/86] يقول سيد قطب: “كنت ليلة في إحدى الكنائس ببلدة [جريلي] بولاية [كولورادو] فقد كنت عضوًا في ناديها، كما كنت عضوًا في عدة نوادٍ كنسية في كل جهة عشت فيها ما بين واشنطن في الشرق وكاليفورنيا في الغرب إذ كانت هذه ناحية هامة من نواحي المجتمع تستحق الدراسة عن كثب، من الباطن لا من الظاهر وكنت معنيًا بدراسة المجتمع الأمريكي…. وبعد أن انتهت الخدمة الدينية في الكنيسة، واشترك في التراتيل فتية وفتيات من الأعضاء. دلفنا من باب جانبي إلى ساحة الرقص الملاصقة لقاعة الصلاة، وكانت ساحة الرقص مضاءة بالأنوار الحمراء والأضواء الزرقاء، وقليل من المصابيح البيضاء، وحمي الرقص على أنغام “الجرامنون” وسالت الساحة بالأقدام والسيقان، والتفت الأذرع بالخصور والتقت الشفاه والصدور وكان الجو كله غرامًا” ا.هـ.

وقال سيد بشير أحمد كشميري في كتابه المسمى “عبقري الإسلام سيد قطب” “دار الفضيلة” ما نصه: “وإننا نرى أن سيد قطب حين وصل الثلاثينات بلغ حد التمرد في بعض كتاباته، حيث سخر من القيود الأخلاقية والاجتماعية ودافع عن الإباحية، وصرّح أنه لو وكل إليه تكوين الكون من جديد لم يجعله “إلا حدائق ومنتزهات فيها الأصدقاء والخلان والمحبوبون والحبيبات، للتناجي والسهر اللطيف، لا ضجيج ولا اضطراب. ويخفى على كثير من معارف سيد قطب وعشاقه وخاصة المسمّون الإسلاميين منهم – أن سيد قطب مر بمراحل مثل هذه- أو يغمض بعضهم عينيه عنها” ا.هـ، نقلًا عن كتاب “سيد قطب – صورة نفسية- مجلة الأسبوع 8 أغسطس 1934م العدد 37 – عدنان مسلم- ظهور داعية ص 154-156”.

وقال محمد حافظ دياب في كتابه المسمى “سيد قطب – الخطاب والأيديولوجيا” دار الطليعة للطباعة والنشر/ بيروت [ص/66]:

“لم يكن سيد قطب مجرد تلميذ للعقاد، بل كان أقرب تلاميذه إليه وألصقهم به وأشدهم تشيعًا لأدبه وأفكاره واتجاهاته، حتى إن مجلة [الرسالة] ظلت بعد وفاة الرافعي تفتح صفحاتها للكتابة عنه، وكان قطب أشدهم تهجمًا عليه وإشادة بأستاذه العقاد. في هذه الفترة مر سيد قطب بمرحلة ارتياب في عقيدته الدينية وظل كذلك لسنوات وهو ما ذكره للندوي حين أخبره أنه بعد انتقاله إلى القاهرة واستقراره فيها انقطعت كل صلة بينه وبين نشأته الأولى، وتبخرت ثقافته الدينية الضئيلة وعقيدته الإسلامية، وهو بمرحلة الارتياب في الحقائق الدينية، وهو نفسه يعترف بهذا بعدها، بقوله: “إن هذه الرواسب كان تغبش تصوري وتطمسه… وتحرمني من الرؤية الواضحة الأصلية” ا.هـ.

يعترف سيد قطب أكثر من مرة بمروره بمرحلة ارتياب في عقيدته الدينية، منها ما ذكره بقوله وهو يتكلم عن نفسه: “فإنما عرف الجاهلية على حقيقتها وعلى انحرافها وعلى ضالتها وقزامتها وعلى جعجعتها وانتفاشها وعلى غرورها وادعائها كذلك” اهـ، انظر سيد قطب “معالم في الطريق” [ص/131].

وليس أدل على ءاثار هذه المرحلة من مقال نشره في [الأهرام] بتاريخ 17 مايو 1934 [ص/7] دعا فيه دعوة صريحة إلى العري التام، وأن يعيش الناس عرايا كما ولدتهم أمهاتهم، وهي بدعة كانت وقتها تنتشر في بعض بلاد أوروبا، كذلك تتضح نزعة ارتيابه في كثير من قصائده الشعرية التي كان ينظمها أيامها.

ومع نهاية عام 1948 سافر إلى الولايات المتحدة في بعثة تدريبية حول التربية وأصول المناهج، وأول ما يلفت النظر في هذه البعثة أنها جاءت فجأة وشخصية، فلم يعلن عنها ليتقدم لها من يرى نفسه كفؤًا خاصة وأن المبتعث تجاوز السن التي تشترط إدارة البعثات توفرها بكثير. وواضح أن ذهاب سيد قطب إلى الولايات المتحدة كان وليد تخطيط خفي بعيد عن سيد قطب نفسه بداهة.

[الطاهر أحمد مكي] سيد قطب وثلاث رسائل لم تنشر من قبل في مجلة الهلال – أكتوبر 1986 ص123-126].

وقد جاء في مجلة روز اليوسف [ص/34] سنة 1996 في 29 تموز العدد/ 3555 تحت عنوان ما نصه: “سيد قطب من الإلحاد إلى القداسة والعكس”.

– أحب فتاة من سبع بنات طرقن باب بيته… وبكى حين تزوجت.

– كتب عن الشفة الظامئة والعين الهاتفة والفخذ اللفاء والصدر الناهد.

– دعا إلى العري التام وأن يعيش الناس كما ولدتهم أمهاتهم.

– وصفه حسن البنا بأنه باحث عن الشهرة وجذب الأنظار… لا يحب إحراجه.

وفي نفس العدد [ص/36] سيد قطب هو الذي قال هذا، وهو الذي وصف هذه السهرة بأنها “اللذيذة البريئة”، وقد كتب ذلك في عام 1951 أي في عز مجد الجماعة التي تسمى “بالإخوان المسلمين” المحظورة قانونًا الآن والتي صارت أفكاره دستورا لها فيما بعد. وفي نفس المقال كتب سيد قطب عن بداية الأمريكي في حياته الجنسية وقال: “الفتاة الأمريكية تعرف جيدًا موضع فتنتها الجسدية، في العين الهاتفة والشفة الظامئة والصدر الناهد والردف المليء والفخذ اللفاء والساق الملساء وهي تبدي هذا كله ولا تخفيه، والفتى الأمريكي يعرف جيدًا أن الصدر العريض والعضل المفتول هما الشفاعة التي لا ترد عنه كل فتاة” اهـ.

سيد قطب يعترف أنه كان ملحدًا، وأنه مرَّ في فترة ارتياب في العقيدة الدينية وظل كذلك لسنوات، وأنه قال عن نفسه: “وكنت قبل ذلك إحدى عشر سنة ملحدًا”. كما جاء ذكر ذلك في كتابه “لماذا أعدموني”، وكما في كتابه “معالم في الطريق”، وقد صرّح بذلك هو أكثر من مرة وشانه بذلك الندوي، ونشر ذلك في عدد من المجلات والمقالات الصحفية مثل ما يسمى “مجلة التقوى” ومجلة “روز اليوسف” وغيرهما. فإذًا سيد قطب ليس عالمًا من علماء الإسلام، وليس فقيهًا ولا مفسرًا ولا نحويًا، وليس من علماء العقيدة الإسلامية، إنما هو كاتب في الروايات السينمائية والقصص الغرامية، وراجع في ذلك إن شئت في كتابه “أشواك قطب”، فلماذا التعصب لماركسي ملحد يتغنى بمفاتن الفتيات والنساء.

قال سيد بشير أحمد كشميري في كتابه المسمى “عبقري الإسلام سيد قطب” دار الفضيلة ما نصه:

“وهكذا كانت صدمة أخرى وهي أن رجلًا من المخابرات البريطانية “جون هيروث دن” الذي افتعل الألفة مع سيد قطب… فصممت [أي صمم سيد قطب بعد اجتماعه بجون مدعيًا الدفاع عن الإخوان وعن الإسلام] في قرارة نفسي أن أنضم إلى الإخوان المسلمين، وأنا لم أخرج بعد من منزل رجل المخابرات البريطاني” اهـ.

[الخالدي] – سيد قطب- [ص/126] [ما نقله عن د.عبد الله عزام].

وقد اعترف الشيخ محمد الغزالي الذي هو من أكبر رجالات حزب الإخوان وقد صحب الشيخ حسن البنا ويعرف حسن الهضيبي وسيد قطب جيدًا في كتابه “من ملامح الحق” [ص/263] بعد مقتل الشيخ حسن البنا رحمه الله أن الماسونية وضعت زعماء لهذا الحزب وقالت لهم ادخلوا فيهم لتفسدوهم، وفي نفس الكتاب [ص/264] أن الشيخ حسن البنا رحمه الله بعد ما علم أن مجموعات من حزب الإخوان الذين انحرفوا عنه يسفكون الدماء ويقتلون ويكفّرون الناس تبرأ منهم وقال عنهم ليسوا من الإخوان وليسوا مسلمين.

ومما يثبت ويؤكد لك أن سيد قطب ليس على منهج أهل السنة والجماعة، وليس تابعًا لحسن البنا رحمه الله وأن الشيخ حسن البنا بريء من سيد قطب وجماعته وأفكارهم ما نشرته مجلة روز اليوسف 29/7/1996 العدد 3555 [ص/36] في هذه المرحلة دعا سيد قطب إلى العري التام، وحسب رواية الشيخ محمود عبد الحليم الذي كتب “تاريخ الإخوان المسلمين” فإن إمام التكفير والأب الروحي لجماعات العنف دعا دعوة صريحة إلى العري التام وأن يعيش الناس عرايا كما ولدتهم أمهاتهم، وأراد الشيخ محمود عبد الحليم شيخ الأزهر السابق أن يكتب ردًا لكن حسن البنا منعه وقال له: إن سيد قطب شاب متأثر بالبيئة الغربية هي التي تغذيه بمثل هذه الأفكار، وأن هدفه من كتابة المقال ليس مجرد التعبير عما يؤمن به وإنما هو محاولة لجذب الانظار

مما يؤكد لك أن جماعة حزب الإخوان يكفر بعضهم بعضًا ما جاء في مجلة الأمة، جمادى الأولى 1405هـ بقلم عبد الفتاح أبو غدة تحت عنوان “تعبيرات خاطئة” [ص/14-16]:

أن سيد قطب سمّى الله بالعقل المدبر، ولا يجوز إطلاق العقل على الله، فالله جل شأنه منزّه عن الوصف بمثل هذا، وهذه العبارات وأمثالها تكررت في كتاب في ظلال القرءان كثيرًا كثيرًا، ويقول عبد الفتاح أبو غدة: إن هذا لا يفيد التبجيل ولا التعظيم في حق الله بل يوهم النقص والشبه بالمخلوقات، ويقول: وهذا خطأ فاحش شديد وأن مُعتقده يخرج من الإسلام. اهـ.

وقد حذر من سيد قطب أيضًا الشيخ أبو الخير المصري مدرس الحديث في الأزهر وقال: إن سيد قطب لازمته يومًا كاملًا وكنت أقوم إلى الصلاة وهو لا يصلي فأقول له الصلاة يا سيد، فيقول أنا مشغول بالكتابة وكان يكرر هذه العبارة في كل مرة يقول له قم فصل قال الشيخ أبو الخير: ما صلاش الخمس. وقد حذر منه أيضًا رئيس البعثة الأزهرية في لبنان فهيم أبو عبيه وقال عنه: إنه جاهل، وقد شهد عليه عدد من مشايخ مصر الذين يعرفونه بالجهل وأنه كان ملحدًا.

يقول الشيخ محمد الغزالي في كتابه الذي سماه “من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث” الطبعة الثانية 1963 الناشر دار الكتب الحديثة لصاحبها توفيق عفيفي 14 شارع الجمهورية [ص/263]:

“بأن استقدمت الجماعة رجلًا غريبًا عنها ليتولى قيادتها وأكاد أوقن بأن من وراء هذا الاستقدام أصابع هيئات سرية عالمية أرادت تدويخ النشاط الإسلامي الوليج فتسللت من خلال الثغرات المفتوحة في كيان جماعة هذه حالها وصنعت ما صنعت، ولقد سمعنا كلامًا كثيرًا عن انتساب عدد من الماسون بينهم الاستاذ حسن الهضيبي نفسه لجماعة الإخوان ولكني لا أعرف بالضبط كيف استطاعت هذه الهيئات الكافرة بالإسلام أن تخنق جماعة كبيرة على النحو التي فعلته، وربما كشف المستقبل أسرار هذه المأساة”.

وفي [ص/264] يقول الشيخ محمد الغزالي:

“فألّف الشيخ حسن البنا ما يُسمى النظام الخاص وهو نظام يضُم شبابًا مدربين على القتال كان المفروض من إعدادهم مقاتلة المحتلين الغُزاة من انجليز ويهود، ولقد كان هؤلاء الشبان الأخفياء شرًا وبيلًا على الجماعة فيما بعد، فقد قتل بعضهم بعضًا وتحولوا إلى أداة تخريب وإرهاب في يد من لا فقه لهم في الإسلام ولا تعويل على إدراكهم للصالح العام.

وقد قال حسن البنا فيهم قبل أن يموت: “إنهم ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين” اهـ.

وهذا اعتراف من الشيخ محمد الغزالي الذي هو من قدماء حزب الإخوان وقد لزم الشيخ حسن البنا وصاحبه فترة طويلة، بأن الماسونية هي التي وضعت حسن الهضيبي في رئاسة جماعة حزب الإخوان بعد مقتل الشيخ حسن البنا رحمه الله تعالى، وأن الشيخ حسن البنا قبل وفاته لما اطلع على انحرافهم وتكفيرهم للمسلمين وقتلهم تبرأ منهم وكفّرهم وقال عنهم ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين، وخوفًا من هذه الفضيحة الكبيرة قام جماعة حزب الإخوان بحذف هذا الموضوع أي تكفير الشيخ حسن البنا لهم من هذا الكتاب في الطبعات الجديدة لكن هذه النسخة القديمة المذكورة بالتاريخ أعلاه تفضحهم، ولا سبيل لهم لإنكار ذلك فما عليهم إلا أن يتوبوا إلى الله التوبة الشرعية ويرجعوا إلى مذهب أهل السنة والجماعة ويتركوا مذهب الخوارج مذهب سيد قطب وحزبه. وهذا التكفير من الشيخ حسن ينطبق في الواقع على سيد قطب ومن سار على نهجه.

ومما يؤكد لك أن كل فرقة منهم تكفّر الأخرى ما جاء في صحيفة شيحان الأردنية 19/8/95 العدد/565 تحت عنوان: “الإخوان يكفرون الإخوان” وإن شئت فارجع إلى هذا المقال.

وفي مجلة الوسط العدد 81- 16/8/93 تحت عنوان: المتطرفون في مصر انشقاقات وتصفيات واتهامات بالعمالة وفتاوى بالتكفير، انشقاق الشوقيين، وشرح العميد علي بيبرس ممثل الادعاء قصة انشقاق مجموعة الشوقيين عما يسمى الجماعة الإسلامية فقال: إن التنظيم بدأ نشاطه مطلع الثمانينات بعدما انشق شوقي الشيخ ومعه عدد من أتباعه في مدينة الفيوم على الجماعة الإسلامية وزعيمها الدكتور عمر عبد الرحمن، ومن هنا نشأ اسم جماعة الشوقيين، وارتكز فكر التنظيم على تكفير الحاكم والمجتمع والدعوة إلى الخلافة الإسلامية بالقوة عن طريق إثارة الرأي العام واتكاب جرائم هدفها إفقاد المواطنين ثقتهم بمؤسسات الدولة، وعندما واجهتهم مشكلة التمويل بدأوا في سرقة الدراجات النارية والسيارات، ثم اتجهوا إلى السطو المسلح على محلات الذهب استنادًا إلى فتوى أطلقها شوقي الشيخ وأحل فيها الأموال ما عدا أموال أعضاء التنظيم، باعتبار أن غير المنتمين إلى التنظيم حتى وإن كانوا من المسلمين هم كفار.

ومن الشواهد على ذلك ما حصل عقب مقتل الرئيس أنور السادات من أن الدولة صارت تمسك من يشتبه بهم أنهم من حزب الإخوان، فاعتقلوا أعدادًا كبيرة منهم وحصل أن أخذ مهندس من محلة العامرية إلى سجن أبي زعبل فرأى هذا المهندس فرق حزب الإخوان في هذا السجن ست فرق، كل فرقة تكفر الأخرى ولا تصلي خلفها وإذا قاموا لصلاة الفجر تنتظر كل فرقة أن تصلي مع فرقتها حتى تطلع الشمس وتشرق وبعض هذه الفرق لم تصلّ لأنهم لا يصلون خلف بعضهم، فإذا كان هذا فيما بينهم يكفّر بعضهم بعضًا ويتركون صلاة الصبح حتى تشرق الشمس كي لا يصلوا خلف الجماعات الأخرى فلا يستغرب منهم بعد ذلك أن يكفروا كل المجتمعات الإسلامية ويبيحوا دماءهم.

ذكر ربيع بن هادي عمير المدخلي في كتابه الذي سماه “مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم” [ص/274] – طبعة مكتبة الغرباء الأثرية- تكفير سيد قطب حيث قال ما نصه: “ومعلوم أن سيّد ومن دار في فلكه يكفَّرون بمثل هذا، فلا حول ولا قوة إلا بالله” اهـ، وقد ذكر هذا المؤلف ذلك بعد ذكره لجملة من عقائد سيد قطب الفاسدة.

وهذا المؤلف نفسه كتب كتابًا ءاخر سماه “العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم” فهل سيغضب جماعات حزب الإخوان من أسيادهم الوهابية ويردون عليهم لأجل ذلك أم أنهم سيسكتون ويطأطئون الرأس من أجل الريال والاسترليني والدولار!؟

الأزهر الشريف يتصدى لأفكار سيد قطب وجماعته المتطرفين

ومن المعلوم أن أفعال جماعة سيد قطب التي يقومون بها من تفجير مطار ونسف قطار وخطف ونشر الرعب والإرهاب والتطرف والغلو تشويه لسمعة الإسلام والمسلمين، وإنهم يتسترون باسم الإسلام وهم بعيدون عن تعاليم الإسلام ومنهاجه لأنهم أباحوا دماء المسلمين وسفك دمائهم وأباحوا لأنفسهم هتك اعراض المسلمين وسفك دمائهم وإباحة أموالهم وأعراضهم ومن القواعد أن من كفر كل المسلمين كفر. وإننا نرى أن الأزهر الشريف قد تصدى لهم ودعا إلى تطبيق حد الحرابة عليهم في مصر لأنهم يهددون أمن المجتمع واستقراره ويدمرون اقتصاد البلاد، كما أنه حذَّر من تسميتهم بالإسلاميين أو الجماعات الإسلامية وإنما يطلق عليهم أنهم من المجرمين أو الإرهابيين أو المتطرفين. وأوضح أن جزاء هؤلاء حدده القرءان بقوله: {إنَّما جزآؤا الذينَ يُحاربونَ اللهَ ورسولَهُ ويَسعَونَ في الأرض فسادًا أن يُقتلوا أو يُصلبوا أو تُقَطّعَ أيديهِم وأرجلُهُم من خِلَفٍ أو يُنفوا منَ الأرض ذلكَ لهم خِزيٌ في الدنيا ولهُم في الأخرةِ عذابٌ عظيمٌ} [33، سورة المائدة]. يراجع فتوى شيخ الازهر جاد الحق علي جاد الحق [جريدة النهار الأربعاء 4 شباط 1995].

وجاء في جريدة الشرق الأوسط الجمعة 15/1/1993 عن شيخ الأزهر أن المتطرفين لا يمثلون ظاهرة في مجتمعاتنا العربية وحذّر منهم وحمل عليهم بشدة.

ودعى وزير الأوقاف المصري المسلمين إلى التصدي للإرهاب كما جاء في جريدة الأنوار الجمعة 8/1/1991 – الأوقاف مصر دار الفتوى-.

وفي جريدة الديار الخميس 19/11/1992 نص فتوى من الأزهر الشريف بمصادرة الوثيقة الفكرية لتنظيم “الجهاد” المتشدد، فقد علمت الديار من مصادر في الأزهر الشريف أن شيخ الأزهر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق أصدر فتوى بضرورة مصادرة كتاب “العمدة في سبيل إعداد العدة” الذي يعتبر الوثيقة الفكرية الجديدة لمجموعة منشقة عن تنظم “الجهاد” التي تحاكم حاليًا في الاسكندرية، وقالت المصادر: إن الكتاب الذي يقع في 95 صفحة من القطع الصغير صودر من المكتبات العامة، وأن وزارة الاوقاف كلفت لجنة من علماء المسلمين للرد على ما تضمنه من أفكار، لجهة تكفير الحاكم الذي لا يعمل وفقًا للشريعة الإسلامية.

وجاء في صحيفة الحياة في 16/12/1996 تحت عنوان: “حذر من انتشارهم في دول العالم”: الألفي: المتطرفون [كفرة] ولا فرق بين جماعة الإخوان والإرهابيين. شن وزير الداهلية المصري اللواء حسن الألفي هجومًا عنيفًا على أعضاء الجماعات الدينية المتطرفة، ووصفهم بأنهم [كفرة]، وانتقد الدول التي تمنحهم حق اللجوء السياسي، وحمل الألفي بشدة على جماعة الإخوان المسلمين المحظورة واعتبر أنه لا فرق بينها وبين الجماعات الأخرى التي تمارس العنف.

وفي صحيفة اللواء تحت عنوان “فتوى لمفتي مصر الجديد: الإرهابيون خوارج وعقوبتهم حدّ الحرابة”. أشار مفتي الديار المصرية الدكتور نصر فريد محمد واصل إلى أن المذاهب الإسلامية الأربعة مجمعة على أن الخروج على وحدة الجماعة بفكر غريب لا صلة له بالإسلام هو إضرار بالجماعة، سواء أكانت هذه الجماعة في إقليم واحد أم في أقاليم متعددة. وأصر مفتي مصر على أن الجماعات الإرهابية تعتبر من الخوارج لخروجهم على إجماع المسلمين، وخلص مفتي مصر إلى التأكيد على أن التصدي للفكر الإرهابي ومكافحة عملياته العدوانية الشريرة تبدأ من الأسرة ومن ثم من المدرسة والجامعة والمجتمع، مشددًا على مسؤولية وسائل الإعلام في مجابهة الفكر الإرهابي.

اتفق السلف والخلف على أن العلم الديني لا يؤخذ بالمطالعة من الكتب، بل بالتعلم من عارف ثقة أخذ عن مثله إلى الصحابة، قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي: “لا يؤخذ العلم إلا من أفواه العلماء”، وقال بعض السلف: “الذي يأخذ الحديث من الكتب يسمى صحفيًا، والذي يأخذ القرءان من المصحف يسمى مصحفيًا ولا يسمى قارئًا” وهذا مأخوذ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، إنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه” رواه الطبراني.

ومن هؤلاء رجل يسمى “سيد قطب” لم يسبق له أن جثى بين يدي العلماء للتعلم، ولا قرأ عليهم ولا شمَّ رائحة العلم، كان في أول أمره صحفيًا ماركسيًا، ثم انخرط بعد ذلك في حزب الإخوان فصدَّروه، فأقدم على التأليف فزلَّ وضلَّ. ومن وقف على كتبه وكان من أهل الفهم والتمييز وجدها محشوة بالفتاوى التي ما أنزل الله بها من سلطان، وعلم أنها تنادي بجهله وهي كثيرة جدًا منها:

1- سيد قطب يشبّه الله بمخلوقاته ويكذب القرءان.

2- سيد قطب يسمي الله بالريشة المعجزة وبالريشة الخالقة والمبدعة، وذلك في مواضع عديدة من كتابه “التصوير الفني في القرءان” وغيره ككتابه المسمى “في ظلال القرءان”.

فقد جاء في كتابه المسمى “في ظلال القرءان” في تفسير سورة البقرة الجزء الثاني [ص/204] يقول سيد قطب: “هذه اللمسات العجيبة من الريشة المبدعة”، ويقول: “ترسمها الريشة المبدعة بهذا الإعجاز”. [ج2/206] ويسمي الله بالعقل المدبر وذلك في كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [مجلد 6/ص3804] في تفسير سورة النبأ فيقول: “العقل المدبر من هذا الوجود الظاهر”، ويقول: “من نظام لا بد من عقل يدبر”.

وفي نفس الكتاب الجزء التاسع والعشرون في تفسير سورة القمر يقول: “وينبوع حقيقتها إنها من الله هو مصدرها الوحيد”، ويقول: “إنه لاتصال بالمصدر الذي أنزل عليك القرءان”، ويقول في الجزء الثلاثين عن الله: “ويلمسه لمسة تثير التأمل والتدبر والتأثر”، ويقول في تفسير سورة العصر [مجلد6/ 3964]: “إنه اتصال الكائن الإنساني الفاني الصغير المحدود بالأصل المطلق الأزلي الباقي الذي صدر عنه الوجود ومن ثم اتصاله بالكون الصادر عن ذات المصدر”.

وكل هذه العبارات تشبيه لله بخلقه وتكذيب لنصوص القرءان والحديث أما تكذيبه للقرءان الكريم فقوله تعالى: {ليس كمثلِهِ شيءٌ} [11، سورة الشورى]، وقوله تعالى: {ولمْ يكُن لهُ كُفُوًا أحد} [4، سورة الإخلاص]، وقوله تعالى: {فلا تَضربوا للهِ الأمثال} [74، سورة النحل]، وقوله تعالى: {هل تعلمُ لهُ سميًا} [65، سورة مريم] وءايات كثيرة.

وأما الحديث فقوله عليه الصلاة والسلام: “لا فكرة في الرب” رواه أبو القاسم الأنصاري، أي أن العقل لا يستطيع أن يتصور الله، لأن الله لا شبيه له ولا مثيل، فقد قال علماء السلف: “ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر”، ومنهم الإمام الطحاوي رحمه الله.

أي أن من وصف الله تعالى بوصف من أوصاف البشر المحدثة فقد كفر لإثباته المماثلة بينه تعالى وبين خلقه، وذلك منفيّ بالنص وهو قوله تعالى: {ليسَ كمثله شيء} [11، سورة الشورى] وبالقضية العقلية وهي أنه لو كان متصفًا بصفة من أوصاف البشر لكان يجوز عليه ما يجوز على البشر من حدوث وفناء وتطور أي تنقل من حال إلى حال، وتغير من حالة القوة إلى الضعف، أو من صفة الحياة إلى الموت، ومن جاز عليه ذلك فلا يصلح أن يكون مكونًا للحادثات التي تختلف عليها الصفات والأحوال، فيؤدي وصف الله تعالى بصفة من أوصاف البشر إلى جعله حادثًا من الحادثات والألوهية والحدوث لا يجتمعان.

والسبيل لصرف التشبيه والمحافظة على التنزيه هو اتباع قول ذي النون المصري: “مهما تصوّرت ببالك فالله بخلاف ذلك” رواه الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، لأن ما يتصوره الإنسان بباله خيال ومثال والله منزه عن ذلك، فهذه قاعدة مجمع عليها عند أهل الحق مأخوذة من قول الله تعالى: {ليس كمثلِهِ شيء}.

وهذه العبارة ينقلها الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد بإسناد متصل إلى ذي النون المصري واسمه ثوبان بن إبراهيم وهو من أكابر الصوفية الصادقين الذي أفاض الله على قلوبهم جواهر الحِكَم، وكان معاصرًا للإمام مالك بن أنس رضي الله عنهما وتلقى العلم منه. وهذا القول نقله أيضًا أبو الفضل التميمي عن الإمام أحمد رضي الله عنه.

وفي معنى ذلك ما رواه أبو القاسم الأنصاري من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا فكرة في الرب” أي أن الله لا يدركه الوهم لأن الوهم يدرك الأشياء التي لها وجود في هذه الدنيا كالإنسان والغمام والمطر والشجر وما أشبه ذلك.

فيفهم من هذا أن الله لا يجوز تصوره بكيفية وشكل ومقدار ومساحة ولون وكل ما هو من صفات الخلق، وكذلك يفهم من قوله تعالى: {وأنَّ إلى ربكَ المُنتَهى} [42، سورة النجم] أنه لا تدركه تصورات العباد وأوهامهم.

وقد نص علماء الإسلام من السلف والخلف على تكفير من شبّه الله بخلقه ومنهم الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه قال فيما رواه عنه الإمام القشيري في الرسالة: “من زعم أن الله في شيء، أو على شيء، أو من شيء فقد أشرك إذ لو كان في شيء لكان محصورًا، ولو كان على شيء لكان محمولًا، ولو كان من شيء لكان محدثًا” أي مخلوقًا.

وهذا المعتقد الحق الذي نقل الإجماع فيه أيضًا إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك في كتابه الإرشاد حيث يقول في [ص/58]: “مذهب أهل الحق قاطبة أن الله سبحانه وتعالى يتعالى عن التحيز والتخصيص بالجهات” اهـ.

وقال الإمام شيخ أهل السنة والجماعة بلا منازع الشيخ أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه في كتابه النوادر: “من اعتقد أن الله جسم فهو غير عارف بربه وإنه كافر به” اهـ.

وقال الإمام المتولي الشافعي في كتابه الغنية: “أو أثبت ما هو منفيّ عنه بالإجماع كالألوان، أو أثبت له الاتصال والانفصال، كان كافرًا” نقله النووي في الروضة [10/64]، طبع بيروت.

وقال الشيخ عبد الغني النابلسي [ص/124] من كتاب الفتح الرباني: “من اعتقد أن الله ملأ السموات والأرض أو أنه جسم قاعد فوق العرش فهو كافر وإن زعم أنه مسلم” اهـ.

وقد قال الإمام علي السغدي الحنفي: من سمى الله علة أو سببًا فقد كفر” اهـ، وتسمية سيد قطب لله تعالى بهذه الصفات الحادثة المخلوقة لا يخفى على عاقل أنه إلحاد كما قال تعالى:  {وللهِ الأسماءُ الحُسنى فادعوهُ بها وذروا الذين يُلحدونَ في أسمائه} [180، سورة الأعراف].

يقول سيد قطب بعقيدة الحلولية الاتحادية لعنهم الله في كتابه المسمى “في ظلال القرءان” في تفسير سورة الإخلاص [مجلد 6/4002] ونص عبارته: “إنها أحدية الوجود فليس هناك حقيقة إلا حقيقته، وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده، وكل موجود ءاخر فإنما يستمد وجوده من ذلك الوجود الحقيقي، ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية”.

ويقول في نفس الكتاب [مجلد 6/3481] أثناء تفسير سورة الحديد عن الآية {وهوَ معكم أينَ ما كنتم} [4]: “وهي كلمة على الحقيقة لا على الكناية والمجاز، والله تعالى مع كل شيء ومع كل أحد في كل وقت وفي كل مكان” اهـ.

وليعلم أن سيد قطب بعقيدته هذه يخالف جميع علماء الإسلام من السلف والخلف لأنه جعل الله منتشرًا في العالم وهذا كفر، وقوله: “في كل مكان” هذا لم يقله أحد من السلف إنما قاله جهم بن صفوان الذي قُتل على الزندقة في أواخر أيام الأمويين ثم تبعه بعض جهلة المتصوفة من غير فهم للمعنى الذي كان يريده جهم. أما جهم فكان يقول هذه العبارة ويريد معناها الحقيقي وهو الانتشار، وجهلة المتصوفة يريدون منها السيطرة على كل مكان، وقد نسب هذا القول إلى جهلة المتصوفة إسماعيل حقي النازلي في تفسيره روح البيان وهو من الصوفية، فليعلم هؤلاء في أي وادٍ يعيشون.

ثم إن كل علماء الإسلام اتفقوا على أن معنى قوله تعالى: {وهوَ معكم أين ما كنتم} [4، سورة الحديد] إحاطة علمه تعالى بكل الخلق، وأما سيد قطب فينطبق عليه ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم: “من شذَّ شذَّ إلى النار” رواه الترمذي، فبان لكل منصف أن سيد قطب خارج عن إجماع الأمة مارق من الدين والإسلام.

فانظر أخي المؤمن إلى هذا التجرؤ على الله تعالى حيث ينسب الحلول بكلمات واضحة تكشف عما في نفسه، ألم يقرأ قوله تعالى: {ليسَ كمثلِهِ شيء} [11، سورة الشورى]، وقوله تعالى: {ولم يكن لهُ كفُوًا أحد} [4، سورة الإخلاص]، وقوله تعالى: {فلا تضربوا لله الأمثال} [74، سورة النحل]؟ ألم يبلغه نقل الحافظ السيوطي في كتابه الحاوي للفتاوى إجماع المسلمين على تكفير من قال بالحلول أو الاتحاد؟ ألم يسمع قول الإمام الاكبر الشيخ محيى الدين بن عربي: “من قال بالحلول فدينه معلول”. وقول الشيخ عبد الغني النابلسي رحمه الله في الفيض الرباني: “من قال إن الله انحل منه شيء أو انحل في شيء فقد كفر” اهـ.

لو كان شمّ رائحة العلم الشرعي لعلم أن من وصف الله بالحلول فقد نسب الكيفية لله وهي منفية عنه تعالى وعن صفاته، ولكان علم أن ذلك تجسيم وكفر كما نقل الحافظ النووي عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال: “المجسم كافر”، بل جاء ذلك عن أئمة المذاهب الأربعة رضي الله عنهم كما في كتاب المنهاج القويم شرح ابن حجر الهيتمي على المقدمة الحضرمية [ص/224] فإنه يقول فيه ما نصه: “واعلم أن القرافي وغيره حكوا عن الشافعي ومالك وأحمد وأبي حنيفة رضي الله عنهم القول بكفر القائلين بالجهة والتجسيم وهم حقيقون بذلك” اهـ.

ويكفي في إثبات جهل سيد قطب ما ذكره في تفسيره في الجزء السابع عشر في تفسير سورة الانبياء، حيث قال: “ولا بقاء لشيء يطارده الله” اهـ.

وقال في تفسير سورة الأعراف: “ولكننا نملك بالسر اللطيف المستمد من روح الله الذي في كياننا أن نستروح وأن نستشرف هذا الأفق الساحق الوضيء” اهـ.

ليعلم أن الله عز وجل مستغن عن كل ما سواه وكل ما سواه مُحتاج إليه قال تعالى: {يأيّها الناسُ أنتم الفقراءُ إلى اللهِ واللهُ هوَ الغني الحميدُ} [15، سورة فاطر]، ومن كان محتاجًا إلى مكان يستقر أو يتحيز فيه فإنه ليس إلهًا، وقد قال الإمام علي رضي الله عنه: “من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود” رواه الحافظ أبو نعيم في كتاب حلية الأولياء. ومعنى كلامه أن الله ليس له حجم صغير ولا كبير ليس كأصغر حجم وهو الجزء الذي لا يتجزأ، ولا كأكبر حجم كالعرش وليس حجمًا أكبر من العرش قال تعالى: {وكل شيءٍ عندهُ بمقدار} [8، سورة الرعد] فالله منزهٌ عن المقدار أي الحد والكمية، فمن قال إنه حجمٌ كبير بقدر العرش أو كحجم الإنسان فقد كذَّب الآية، كما أنه كذب قوله تعالى: {ليسَ كمثلِهِ شيء} [11، سورة الشورى] لأنه لو كان له حجم لكان له أمثال لا تحصى، ولو كان متحيزًا في جهة فوق لكان له أمثال لا تُحصى، فالجهات كلها بالنسبة لذات الله على حد سواء ولذلك يُوصف الله بالقريب [أي القرب المعنوي وليس القرب الحسي الذي يكون بالسافة] فلو كان متحيزًا فوق العرش لكان بعيدًا ولم يكن قريبًا.

قال الإمام زين العابدين رضي الله عنه علي بن الحسين في الصحيفة السجادية: “سبحانك أنت الله لا إله إلا أنت لا يحويك مكان لا تُحس ولا تُمسّ ولا تُجسّ” رواه الحافظ محمد مرتضى الزبيدي في كتاب إتحاف السادة المتقين.

ويكفي في تنزيه الله عن المكان والحيّز والجهة قوله تعالى: {ليس كمثله شيء} [11، سورة الشورى].

فلو كان له مكان لكان له أمثال وأبعاد طولٌ وعرضٌ وعمقٌ، ومن كان كذلك كان محدثًا مُحتاجًا لمن حدَّهُ بهذا الطول وبهذا العرض وبهذا العمق، هذا الدليل من القرءان.

أما من الحديث فما رواه البخاري وابن الجارود والبيهقي بالإسناد الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “كان الله ولم يكن شيء غيره”، ومعناه أن الله لم يزل موجودًا في الأزل ليس معه غيره لا ماء ولا هواء ولا أرض ولا سماء ولا كرسي ولا عرش ولا إنس ولا جن ولا ملائكة ولا زمان ولا مكان ولا جهات، فهو تعالى موجود قبل المكان بلا مكان، وهو الذي خلق المكان فليس بحاجة إليه، وهذا ما يُستفاد من الحديث المذكور.

يُقرر سيد قطب في كتابه: “في ظلال القرءان” أنه لا وجود للمسلمين على الأرض طالما يحكم الحكام بغير الشرع ولو في مسائل صغيرة، يذكر ذلك في [مجلد 2 ص/590] فيقول: “فليس هناك دين للناس إذا لم يتلقوا في شئون حياتهم كلها من الله وحده، وليس هناك إسلام إذا هم تلقوا في أي أمر من هذه الأمور جلّ أو حَقرَ من مصدر ءاخر، إنما يكون الشرك أو الكفر وتكون الجاهلية التي جاء الإسلام ليقتلع جذورها من حياة الناس” اهـ. وقال سيد قطب في تفسير قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزلَ اللهُ فأولئك همُ الكافرون} [44، سورة المائدة] [مجلد 2/898]: “بهذا الحسم الصارم الجازم، وبهذا التصميم الذي تحمله “من” الشرطية وجملة الجواب بحيث يخرج من حدود الملابسة والزمان والمكان وينطلق حكمًا عامًا على كل من لم يحكم بما أنزل الله في أي جيل ومن أي قبيل،… والتأويل والتأول في مثل هذا الحكم لا يعني إلا محاولة تحريف الكلم عن مواضعه” اهـ، جاهلًا أو مكابرًا أن السلف ومن بعدهم أوّلوا هذه الآية، كما ثبت ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترجمان القرءان، والبراء بن عازب رضي الله عنه، ذكر القرطبي في كتابه “الجامع لأحكام القرءان” [6/190 -191] في تفسير هذه الآية ما نصه: “نزلت كلها في الكفار، ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث البراء، وعلى هذا المعظم، فأما المسلم فلا يكفر وإن ارتكب كبيرة، وقيل فيه إضمار أي: ومن لم يحكم بما أنزل الله ردًا للقرءان وجاحدًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر، قاله ابن عباس ومجاهد فالآية عامة على هذا.

قال ابن مسعود والحسن: هي عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله من المسلمين واليهود والكفار أي معتقدًا ذلك ومستحلًا له، فأما من فعل ذلك وهو معتقد أنه راكب محرمًا فهو من فساق المسلمين وأمره إلى الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، إلا أن الشعبي قال: هي في اليهود خاصة، واختاره النحاس قال: ويدل على ذلك ثلاثة أشياء:

منها أن اليهود قد ذُكروا قبل هذا في قوله: {للذين هادوا} [44، سورة المائدة] فعاد الضمير عليهم.

ومنها أن سياق الكلام يدل على ذلك، ألا ترى أن ما بعده: {وكتبنا عليهم} [45، سورة المائدة]، فهذا الضمير لليهود بإجماع، وأيضًا فإن اليهود هم الذين أنكروا الرجم والقصاص. فإن قال قائل: [من] إذا كانت للمجازاة فهي عامة إلا أن يقع دليل على تخصيصها، قيل له: [من] هنا بمعنى الذي مع ما ذكرناه بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون، فهذا من أحسن ما قيل في هذا.

ويروى أن حذيفة سئل عن هذه الآيات، أهي في بني إسرائيل؟ قال: نعم، هنَّ فيهم. وقال طاوس وغيره: ليس بكفر ينقل عن الملة ولكنه كفر دون كفر. وهذا يختلف إن حكم بما عنده على أنه من عند الله فهو تبديل له يوجب الكفر، وإن حكم به هوى ومعصية فهو ذنب تدركه المغفرة على أصل أهل السنة في الغفران للمذنبين، قال القشيري: “ومذهب الخوارج أن من ارتشى وحكم بغير حكم الله فهو كافر” انتهى كلام القرطبي، وذكر نحوه الخازن في تفسيره [1/467-468] وزاد عليه: “وقال مجاهد في هذه الآيات الثلاث: من ترك الحكم بما أنزل الله ردًا لكتاب الله فهو كافر ظالم فاسق، وقال عكرمة ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا به فقد كفر، ومن أقر به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق وهذا قول ابن عباس أيضًا، وقال طاوس: قلت لابن عباس: أكافر من لم يحكم بما أنزل الله؟ فقال: به كفر وليس بكفر ينقل عن الملة كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ونحو هذا روي عن عطاء قال: هو كفر دون كفر” اهـ.

وقد حسم حبر الأمة عبد الله بن عباس الموضوع بتفسير موجز مفيد، فقد أخرج الحاكم في المستدرك [2/313] وصححه ووافقه الذهبي، وأخرج البيهقي في سننه وغيرهما عنه في الآيات الثلاث المذكورات أنه قال: “إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفرًا ينقل عن الملة {من لم يحكم بما أنزلَ اللهُ فأولئكَ همُ الكافرون} [44، سورة المائدة] كفر دون كفر” اهـ. ومعنى “كفر دون كفر” أي ذنب كبير يشبه الكفر في الفظاعة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر” رواه الإمام أحمد، وقد وقع القتال بين المؤمنين منذ أيام علي رضي الله عنه ولا يزال يحدث إلى الآن، قال تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} [9، سورة الحجرات].

ثم إن كلام سيد قطب هو عين مذهب الخوارج القائلين بأن الظلم والفسق هو كفر يخلد في النار، أيضًا إطلاق قوله بتكفير من حكم بغير الشرع من غير تفصيل فيه تكفير لكثير من الحكام الذين توالوا على الخلافة الإسلامية سواء كانوا من بني أمية أو بني العباس أو بني عثمان، فإنهم حكموا بأن جعلوا الخلافة ملكًا يتوارثونه، وهذا يبطل دعوى سيد قطب في كتابه المسمى “في ظلال القرءان” فهو أولًا يرد التأويل في هذه الآية وكأنه بلغ ما قد بلغه ترجمان القرءان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وغيره من الصحابة والتابعين، فهو لا يتردد في كتابه هذا عن إطلاق النكير على العلماء من السلف والخلف فهو يقول في مكتوب: [مجلد2 الجزء السادس/898] منه ما نصه: “والتأويل والتأوّل في مثل هذا الحكم لا يعني إلا محاولة تحريف الكلم عن موضعه” اهـ، فقد أداه جهله إلى هذا الاتهام الباطل لعبد الله بن عباس وحذيفة بن اليمان وسعيد بن جبير والحسن البصري وغيرهم من السلف والخلف إلى أن جعلهم محرفين لكتاب الله كما فعلت علماء اليهود.

والعجب أن هذا الكتاب يروج ويباع في البلاد الإسلامية وهو لم يدع فردًا من البشرية إلا وقد رماه بالردة حتى المؤذنين في المشارق والمغارب لأنهم لم يثوروا على رؤسائهم الذين يحكمون بغير الشرع فيقول في [مجلد 2/1057] ما نصه: “فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله وإن ظل فريق منها يردد على المآذن لا إله إلا الله دون أن يدرك مدلولها ودون أن يعي هذا المدلول وهو يرددها ودون أن يرفض شرعية الحاكمية التي يدعيها العباد لأنفسهم”، ثم يقول [مجلد 2/1077]: “إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية وارتدت عن لا إله إلا الله فأعطت لهؤلاء العباد خصوص الألوهية ولم تعد توحد الله وتخلص له الولاء”، ثم يتابع فيقول: “البشرية بجملتها بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات لا إله إلا الله بلا مدلول ولا واقع، وهؤلاء أثقل إثمًا واشد عذابًا يوم القيامة، لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد” اهـ. ثم يذكر في [مجلد 2/841] أن من حكم ولو في مسئلة جزئية بغير الشرع فهو خارج عن الدين، وبعدها في صحيفة 940 يذكر أن الذين يقولون إنهم مسلمون ولا يقيمون ما أنزل إليهم من ربهم هم كأهل الكتاب هؤلاء ليسوا على شيء كذلك، ثم يكفّر من يحكم بغير الشرع إطلاقًا ولو في قضية واحدة في [المجلد الثاني/972] فيقول: “والإسلام منهج للحياة كلها من تبعه كله فهو مؤمن وفي دين الله ومن اتبع غيره ولو في حكم واحد فقد رفض الإيمان واعتدى على ألوهية الله وخرج عن دين الله مهما أعلن أنه يحترم العقيدة وأنه مسلم” ويذكر نحو ذلك في [المجلد الثاني/1018]، وزاد في الجرأة والوقاحة إلى أن ذكر في [المجلد الثالث/1198] أن من أطاع بشرًا في قانون ولو في جزئية صغيرة فهو مشرك مرتد عن الإسلام مهما شهد أن لا إله إلا الله، ثم يطلق القول بعد ذلك في [المجلد الثالث 1257] بأن الإسلام اليوم متوقف عن الوجود مجرد الوجود، وإننا في مجتمع جاهلي مشرك، ويقرر على زعمه في [المجلد الرابع/1945] أن البشرية اليوم بجملتها مرتدة إلى جاهلية شاملة فيقول: “إن رؤية واقع البشرية على هذا النحو الواضح تؤكد لنا أن البشرية اليوم بجملتها قد ارتدت إلى جاهلية شاملة” اهـ.

ويقرر سيد قطب في [المجلد الثالث/1449] وما بعدها أن على المسمين بالجماعة الإسلامية أو حزب الإخوان انتزاع زمام الحكم من الحكام والقضاء على نظمهم والثورة وإحداث الانقلابات في الدول.

ويذكر سيد قطب في كتابه المسمى “معالم في الطريق” [ص/5-6] أن وجود الأمة المسلمة قد انقطع منذ قرون كثيرة، وفي [ص/8] من الكتاب المذكور يقول: إن العالم يعيش اليوم كله في جاهلية، وفي [ص/17-18] منه يقول: “نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم” اهـ.

والعجب من أتباعه والمنادين برأيه المكفرين لمن حكم بالقانون ولو في جزئية صغيرة قسم منهم يشتغلون بالمحاماة وقسم ءاخر يتعاملون بالقانون كمعاملات الباسبور والفيزا ونقل الكفالة وحجر مؤلفاتهم أو مطبوعاتهم على غيرهم أن يطبعوها إلا بإذنهم، ويعتقدون أن من فعل ذلك يحاكم قانونًا، وكفاهم هذا خزيًا وتفاهة ومناقضة لأنفسهم فعلى مؤدى كلام زعيمهم كفروا وهم لا يشعرون، وهم على موجب نصه هذا قسم منهم عباد للحكومة السعودية وقسم منهم عباد لسائر الدول التي يعيشون فيها، فمن حقق في أمر هذا الرجل عرف أنه ليس له سلف إلا طائفة من الخوارج يقال لهم البيهسية منفردين عن سائر فرق الخوارج بقولهم: إن الملك إذا حكم بغير الشرع صار كافرًا ورعاياه كفار من تبعه ومن لم يتابعه، وسيد قطب كأنه أعاد دعوة عقيدة تلك الفرقة الخارجية التي هي من أشدهم في تكفير المسلمين، وكفاه ذلك خزيًا وضلالة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في الخوارج: “يخرج قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يقرءون القرءان لا يجاوز حناجرهم يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم وصيامه إلى صيامهم” ثم قال عليه الصلاة والسلام: “لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد” رواه البخاري، وقال: “يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية”.

ومن الدليل على أن مجرد المشاركة في الحكم ليس كفرًا قوله تعالى إخبارًا عن نبيّه يوسف عليه السلام: {قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظٌ عليمٌ} [55، سورة يوسف]، قال شهاب الدين محمود الالوسي البغدادي في تفسيره روح المعاني: “وفيه دليل على جواز مدح الإنسان نفسه بالحق إذا جهل أمره، وجواز طلب الولاية إذا كان الطالب ممن يقدر على إقامة العدل وإجراء أحكام الشريعة وإن كان من يد الجائر أو الكافر، وربما عليه الطلب إذا توقف على ولايته إقامة واجب مثلًا وكان متعينًا لذلك”.

والملك الذي طلب منه يوسف الولاية كان من الكافرين بدليل قوله تعالى إخبارًا عن يوسف: {إني تركتُ ملَّةَ قومٍ لا يؤمنون بالله وهم بالآخرةِ هم كافرون} [37، سورة يوسف]، وبدليل قوله تعالى إخبارًا عن يوسف قال {يَاصَحبَي السجن ءَأربابٌ متفرقونَ خيرٌ أمِ اللهُ الواحدُ القهارُ [39] ما تعبدون من دونِهِ إلا أسماءً سمَّيتموها أنتم وءاباؤكم ما أنزل الله بها من سُلطنٍ إنِ الحكمُ إلا للهِ أمرَ ألا تعبدوا إلا إيَّاهُ ذلك الدينُ القَيِّمُ [40]}، فهذه الآيات تدل على أن الملك ورعيته كانوا كافرين ومع ذلك طلب يوسف عليه السلام تحمل المسؤولية.

وقال الإمام أبو الحسن البغدادي الماوردي في كتابه الاحكام السلطانية والولايات الدينية: “وقد رغب نبي الله يوسف عليه السلام إلى فرعون في الولاية والخلافة فقال: {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظٌ عليمٌ} [55، سورة يوسف].

يقرر سيد قطب بزعمه في كتابه المسمى “في ظلال القرءان” في [المجلد الرابع/2012] أن الاشتغال بالفقه الآن بوصفه عملًا للإسلام فهو مضيعة للعمر والأجر أيضًا طالما الناس في جاهلية يعبدون حكامهم، ويذكر في [الجزء الرابع/2122] أنه لا يوجد اليوم رئيس مسلم ولا رعية مسلمة ولا مجتمع مسلم إنما هي على زعمه جاهلية شاملة. ونص عبارته: “إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي”، وكلامه هذا يؤدي إلى أن الدنيا كلها بما فيها مكة المكرمة والمدينة المنورة ليست دار إسلام بل دار حرب، ويكفيه ذلك خزيًا وانحرافًا وشذوذًا عن الحق والصواب وعليه من الله ما يستحق.

وأما قول سيد قطب الذي مرّ ءانفًا أن الاشتغال بالفقه مضيعة للعمر والأجر هو خروج سافر مفضوح عن القرءان والسنة وإجماع الأمة، فقد قال الله تعالى: {إنَّ اللهَ يُحبّ التَّوَّابين ويُحبّ المُتطهرين} [222، سورة البقرة]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الطهور شطر الإيمان” رواه مسلم، وفي حديث: “الوضوء شطر الإيمان” رواه الترمذي، وفي حديث: “من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين” رواه البخاري.

ثمَّ إن معرفة الفقه ومعرفة الأحكام المتعلقة به أمر ضروري يحتاج إليه المسلم في كل وقت وفي كل يوم، لأن معرفة أحكام الطهارة من وضوء وغسل وإزالة النجاسة وتطبيقها على الوجه الصحيح من أعظم مهمات أمور الدين، وذلك لأنه يترتب على الإخلال بها وعدم صحتها عدم صحة الصلاة التي عظَّم الله أمرها، فهي أي الطهارة مفتاح الصلاة فإن أهمل طهارته أهمل صلاته، والصلاة هي أهم وأعظم أمور الدين بعد الإيمان بالله ورسوله، وإنما أراد سيد قطب أن فساد أتباعه على الجهل ويزيدهم جهلًا ليمر عليهم ما عنده من فساد وضلال في العقيدة والأحكام وغيرها، لأنهم لو تعلموا لكشفوا زيفَهُ وجلَهُ ولانفضوا عنه ونبذوا أفكاره ولكن كل إناء بما فيه ينضح، فسيد قطب الملحد الزنديق المكذب للقرءان والرسول الخارج عن إجماع الأمة ماذا عنده ليعلّم أتباعه إلا البضاعة الكاسدة الفاسدة، والجاهل الجهول يعلم الناس ذلك.

قال الله تعالى في مدح أنبيائه في سورة الأنعام: {وكُلًا فَضَّلنا على العالمين} [86]، وقال تعالى: {ومن يكفُر باللهِ وملائكته وكتُبه ورُسلِه واليوم الآخر فقد ضلَّ ضلالًا بعيدًا} [136، سورة النساء] وأما سيد قطب فكفرياتُه وأخطاؤه لا يحصيها إلا الله، ومنها ما أدت به وقاحته إلى القدح والذم بسيدنا موسى عليه السلام فقال في كتابه المسمى “التصوير الفني في القرءان” [ص/162] ما نصه: “لنأخذ موسى إنه نموذج للزعيم المندفع العصبي المزاج”، ويقول في الصحيفة التالية: “فلندعه هنا لنلتقي به في فترة ثانية من حياته بعد عشر سنوات فلعله قد هدأ وصار رجلًا هادئ الطبع حليم النفس، كلا…” اهـ.

الرد: استعمال سيد قطب لهذه الالفاظ ما هي إلا طعنٌ وقدحٌ بنبي الله موسى الذي قال الله عنه في القرءان: {وكانَ عندَ اللهِ وجيهًا} [69، سورة الأحزاب] وموسى عليه السلام مدحه الله في القرءان في ءاياتٍ كثيرة منها ما جاء في قوله تعالى: {واذكُر في الكتابِ موسى إنَّهُ كان مُخلصًا وكان رسولًا نبيَا} [51، سورة مريم]، وقال له: {إنَّكَ من الأمِنين} [31، سورة القصص]، وقال: {وكلَّمَ اللهُ موسى تكليمًا} [164، سورة النساء]، فتبيّن لك أيها القارئ ما يحمله سيد قطب في نفسه من حقد على أنبياء الله وإساءة الظن بهم، وأنت قد قرأت في أول هذا الكتاب اعتراف سيد قطب أنه كان ملحدًا شاكًا في العقائد الدينية.

قال سيد قطب في متابه المسمى “التصوير الفني في القرءان” [ص/166] عن سيدنا يوسف عليه السلام ما نصه: “فها هو ذا يلقى الفتن من مرارة امرأة العزيز له فيأبى إنه في بيت رجل يؤويه فليحذر مواقع الحرج جميعًا، ومع ذلك يكاد يضعف” اهـ.

الرد: قال تعالى: {كذلكَ لِنصرفَ عنهُ السوءَ والفحشاءَ إنَّهُ من عبادِنا المُخلصينَ} [24، سورة يوسف، وقال تعالى: {ولمَّا بَلَغَ أشُدَّهُ ءاتَيناهُ حُكمًا وعِلمًا وكذلكَ نَجزي المُحسنينَ} [22، سورة يوسف] ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مادحًا يوسف عليه السلام بقوله: “إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم” رواه البخاري، وأما قوله تعالى إخبارًا عن يوسف: {ولقَد هَمَّت بهِ وهمَّ بها لولا أن رَّءا بُرهانَ ربه} [24، سورة يوسف] فمعنى “وهمَّ بها” أن جواب لولا محذوف يدل عليه ما قبله أي ولولا أن رأى برهان ربه لهمَّ بها فلم يحصل منه همّ بالزنى لأن الله أراه برهانه. وقال بعض المفسرين من أهل الحق إن معنى “وهمَّ بها” أي همّ بدفعها، أي أن الله أعلمه البرهان أنك يا يوسف لو دفعتها لقالت لزوجها دفعني ليجبرني على الفاحشة، فلم يدفعها بل أدار لها ظهره ذاهبًا فشقت قميصه من خلف، فكان الدليل عليها. أما ما يُروى من أن يوسف همَّ بالزنى وأنه حلَّ إزاره وجلس منها مجلس الرجل من زوجته فإن هذا باطل لا يليق بنبي من أنبياء الله تعالى، قال الله تعالى في براءة يوسف: {قالتِ امرأتُ العزيز الئنَ حصحَصَ الحق أنا راودتُهُ عن نفسهِ وإنَّهُ لمِنَ الصادقين} [51، سورة يوسف].

ذكر سيد قطب في كتابه الذي سمّاه “التصوير الفني في القرءان” في [ص/133] طبعة دار الشروق ما نصه: “وإبراهيم تبدأ قصته فتى ينظر في السماء فيرى نجمًا فيظنه إلهه فإذا أفل قال لا أحب الآفلين، ثم ينظر مرة أخرى فيرى القمر فيظنه ربّه ولكنه يأفل كذلك فيتركه ويمضي ثم ينظر إلى الشمس فيعجبه كبرها ويظنها ولا شك إلهًا ولكنها تخلف ظنه هي الأخرى” اهـ.

الرد: قال الله تعالى: {ما كانَ إبراهيمُ يهوديًا ولا نَصرانيًا ولكن كانَ حنيفًا مُسلمًا وما كانَ من المُشركينَ} [67، سورة ءال عمران]، وقال الله تعالى: {واذكرْ في الكتابِ إبراهيمَ إنَّهُ كانَ صِدِّقًا نبيًا} [41، سورة مريم]، وقال: {ولقَد ءاتَيْنا إبراهيمَ رُشدَهُ من قبل وكُنَّا به عَلِمِين} [51، سورة الأنبياء].

وكلام سيد قطب هذا مناقض لعقيدة الإسلام التي تنص على أن الأنبياء تجب لهم العصمة من الكفر والكبائر وصغائر الخسة قبل النبوة وبعدها، وقول إبراهيم عن الكوكب حين رءاه {هذا ربي} [76، سورة الأنعام] هو على تقدير الاستفهام الإنكاري كأنه قال أهذا ربي كما تزعمون، ثم لما غاب قال: {لا أحبّ الأفلين} [76] أي لا يصلح أن يكون هذا ربًا فكيف تعتقدون ذلك؟! ولما لم يفهموا مقصوده بل بقوا على ما كانوا عليه قال حينما رأى القمر مثل ذلك فلما لم يجد منهم بُغيته أظهر لهم أنه بريء من عبادته وأنه لا يصلح للربوبية، ثم لما ظهرت الشمس قال مثل ذلك فلم ير منهم بُغيته فأيس منهم فأظهر براءته من ذلك، وأما هو في حد ذاته كان يعلم قبل ذلك أن الربوبية لا تكون إلا لله بدليل قوله تعالى: {ولقد ءاتينا إبراهيمَ رُشدهُ من قبلُ} [51، سورة الأنبياء].

ذكر سيد قطب في كتابه الذي سمّاه “التصوير الفني في القرءان” في [ص/133] طبعة دار الشروق ما نصه: “وإبراهيم تبدأ قصته فتى ينظر في السماء فيرى نجمًا فيظنه إلهه فإذا أفل قال لا أحب الآفلين، ثم ينظر مرة أخرى فيرى القمر فيظنه ربّه ولكنه يأفل كذلك فيتركه ويمضي ثم ينظر إلى الشمس فيعجبه كبرها ويظنها ولا شك إلهًا ولكنها تخلف ظنه هي الأخرى” اهـ.

الرد: قال الله تعالى: {ما كانَ إبراهيمُ يهوديًا ولا نَصرانيًا ولكن كانَ حنيفًا مُسلمًا وما كانَ من المُشركينَ} [67، سورة ءال عمران]، وقال الله تعالى: {واذكرْ في الكتابِ إبراهيمَ إنَّهُ كانَ صِدِّقًا نبيًا} [41، سورة مريم]، وقال: {ولقَد ءاتَيْنا إبراهيمَ رُشدَهُ من قبل وكُنَّا به عَلِمِين} [51، سورة الأنبياء].

وكلام سيد قطب هذا مناقض لعقيدة الإسلام التي تنص على أن الأنبياء تجب لهم العصمة من الكفر والكبائر وصغائر الخسة قبل النبوة وبعدها، وقول إبراهيم عن الكوكب حين رءاه {هذا ربي} [76، سورة الأنعام] هو على تقدير الاستفهام الإنكاري كأنه قال أهذا ربي كما تزعمون، ثم لما غاب قال: {لا أحبّ الأفلين} [76] أي لا يصلح أن يكون هذا ربًا فكيف تعتقدون ذلك؟! ولما لم يفهموا مقصوده بل بقوا على ما كانوا عليه قال حينما رأى القمر مثل ذلك فلما لم يجد منهم بُغيته أظهر لهم أنه بريء من عبادته وأنه لا يصلح للربوبية، ثم لما ظهرت الشمس قال مثل ذلك فلم ير منهم بُغيته فأيس منهم فأظهر براءته من ذلك، وأما هو في حد ذاته كان يعلم قبل ذلك أن الربوبية لا تكون إلا لله بدليل قوله تعالى: {ولقد ءاتينا إبراهيمَ رُشدهُ من قبلُ} [51، سورة الأنبياء].

يجب للأنبياء الصدق ويستحيل عليهم الكذب، لأن الكذب يُنافي منصب النبوة ويجب لهم الأمانة فيستحيل عليهم الخيانة، ويجب لهم الفطانة فيستحيل عليهم الغباوة والبلادة أي ضعف الفهم لأن الأنبياء أرسلوا ليبلغوا الناس مصالح ءاخرتهم ودنياهم والبلادة تنافي ذلك، وكذلك يستحيل عليهم الرذالة كسرقة حبة عنب واختلاس النظر إلى الأجنبية بشهوة وكذلك يستحيل عليهم السفاهة. واتفق علماء الإسلام على أن الأنبياء معصومون عن الكفر قبل النبوة وبعدها وكذلك كبائر الذنوب كالزنى واكل الربا وغير ذلك، وأما الذنوب الصغيرة فما كان من صغائر الخسة والدناءة فهم معصومون منها قبل النبوة وبعدها، وأما الصغائر التي هي غير صغائر الخسة أي ليس فيها خسة ولا دناءة فقد ذهب أكثر العلماء ومنهم الإمام أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه إلى أنه تجوز في حقهم كالمعصية التي حصلت من ءادم عليه السلام قال تعالى: {وَعَصى ءادمُ رَبَّهُ فَغَوى} [121، سورة طه] ولكنهم ينبهون فورًا فيتوبون قبل أن يقتدي بهم فيها غيرهم، وهذا هو القول الصواب.

وأما سيد قطب فقد نسب إلى نبي الله إبراهيم وموسى ويوسف عليهم السلام الكفر والشرك والكبائر والصغائر والخسة والخيانة

تلخص مما مر ومضى أن سيد قطب مكذّب للقرءان مجسّم مشبّه لله بخلقه، طاعن في أنبياء الله وفي العقيدة الإسلامية، وتلخص من هذا أنه طعن في مفسري علماء المسلمين سلفهم وخلفهم وهذا فتح باب للمروق من الدين لا يعلم مبلغ خطره إلا الله، فليحذره المسلمون وليشفقوا على دينهم من هذا الخطر، فإنه صار قدوة عند الماجنين الساقطين السفهاء للطعن في سلف الأمة وخلفها، ودعوة للخروج الذي خرجته الخوارج فإنها فهمت قول الله تعالى: {إنِ الحكمُ إلا للهِ} [57، سورة الأنعام] على خلاف المراد به فتجرأت على تكفير سيدنا علي رضي الله عنه ومن والاه حتى بلغت إلى تكفير كل من ارتكب معصية، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

إن من أخطر ما يهدد المجتمعات والأوطان ادعاء التدين والصلاح مع التستر بستار الدين من قِبَل أشخاص خطوا لأنفسهم نهجًا خاصًا جديدًا لا يمتّ للقرءان وشريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما أجمعت عليه المذاهب الإسلامية بصلة بحيث يعتبرون أنفسهم أنهم هم فقط المسلمون وكل من سواهم كفارًا، ويعتبرون المجتمعات الإسلامية مجتمعات جاهلية كافرة لأنه يسودها حكم القانون لا حكم الشريعة، وهم بتكفيرهم هذا شملوا الحكام لأنهم يحكمون بغير ما أنزل الله والرعية والمشايخ والمؤذنين والتجار وأصحاب المهن والحرف والكبار والصغار لأنهم لا يثورون على حكامهم، هذه الفئة لا همَّ لها إلا الحكم على الناس بالكفر ولا شغل لها إلا إثارة القلاقل والفتن ورؤية الدماء تسيل في الشوارع والأحياء في الوطن العربي تحقيقًا لمآرب أعدائنا وأسيادهم الذين يحركونهم لتمزيقنا وتشتيتنا، وقد اختارت هذه الفئة لنفسها أسماء متعددة وألوان مختلفة تستعملها للتمويه وتمرير أفكارها وبث سمومها.

جاء في جريدة اللواء الجمعة 4/12/1992 تحت عنوان: اعترافات مثيرة لمخطط نسف الكباري واغتيال المسؤولين في مصر:

وفي حوار خاص مع مندوب اللواء أكد المتهم سيد عبد الرزاق بدري ندمه للاشتراك مع ابن خاله في جرائم السطو المسلح على محلات الذهب، وأنه كان مسلوب الإرادة يتصرف بدون تفكير عملًا بمبادئ الجماعة التي تلزم الطاعة العمياء بدون مناقشة، وقال: لقد استغل أمير الجماعة ظرفي الاجتماعي وحاجتي الشديدة للمال وأنا في سن 18 وهو سن الطيش والتهور والاحلام، وبث في فكري أفكار ومعتقدات الجهاد، وطلب مني الانضمام معه لقلب نظام الحكم وإقامة دولة إسلامية قوية يمكن من خلالها تحقيق طموحاتنا، فهجرت الدراسة وأطعت جميع أوامر الجماعة، وبعد أن تأكد أمير الجماعة من إخلاصي له أخبرني بأن السلطة والحكومة لا تطبق الشريعة الإسلامية ويجب تكفيرهم، ثم طلب مني ضم أسرتي المكونة من والدي وهو موظف بسيط وأمي و5بنات و4 صبيان إلى جماعة الجهاد، وإلا يجب تكفيرهم لأنهم يقومون بزيارة أولياء الله، وبالفعل حاولت بث هذه الأفكار لأفراد أسرتي فرفضوها فقمت بتكفيرهم وأعلنت ذلك صراحة مما أشعل غضب والدي وطردني خارج المنزل، فاستقبلني أمير الجماعة بالتكبير واستأجر لي غرفة بالفيوم للإقامة فيها، وبدأ تدريبي العملي على السرقة وكان ذلك بداية طريق الهلاك الذي سرت فيه رغم إرادتي.

وجاء في الكتاب المسمى: “القول القاطع فيمن امتنع عن الشرائع” المعالم الشرعية والفكرية للجماعة الإسلامية بمصر [2] إعداد عصام درباله – عاصم عبد الماجد يقولون مكفرين للامة الإسلامية [ص/2] ما نصه: “أما عامة المسلمين فإنهم اليوم في بُعد وأي بعد عن دينهم، ضيعوا الإسلام منهجًا وعملًا” اهـ.

لذلك ومن باب النصيحة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: “الدين النصيحة” وخوفًا من تفتيت بلدنا وحرصًا على الشباب الذي قد ينجرف مع هذا التيار الخطير فإننا نبين بعض أقوالهم الفاسدة ومبادئهم الهدامة التي جاء بها زعيمهم سيد قطب وهو رجل صحافي لم يكن عالمًا من علماء الدين، والتقفها ورددها أحبابه وأنصاره الذين منهم من تولى زعامة فرع حزب الإخوان في لبنان الذي هو تحت اسم الجماعة الإسلامية.

1- فيصل مولوي: زعيم حزب الإخوان المسمين الجماعة الإسلامية في لبنان والذي هو الأمين العام فيهم ويسمونه فقيه الجماعة والقاضي.

ذكر في مجلتهم الشهاب العدد الأول السنة السادسة 1972 [ص/16] كلامًا هو عين مفهوم ومنطوق كلام سيد قطب. ونصه: “أما المجتمع فهو ليس مجرد مجموعة أفراد، فلو اجتمع الآلاف والملايين من الأفراد المسلمين في مجتمع يحتكم إلى غير شريعة الله فلا يمكن أن يسمى هذا المجتمع إسلاميًا، ولو كان كل أفراده أو أكثرهم مسلمون [1] في النطاق الفردي”.

ويعرّض في موضوع ءاخر مجلة الشهاب عدد 10 سنة 1970 إلى تكفير القضاة المدنيين في لبنان وغيره مطلقًا إن حكموا بالقانون فيقول: “إن القاضي المدني يتولى إصدار الاحكام مباشرة وفق القوانين الوضعية التي تخالف الشريعة الإسلامية في أساسها ومنطلقاتها كما تخالفها في كثير من جزئياتها ولذلك فلا يجوز للمسلم أن يكون قاضيًا مدنيًا في ظل هذه القوانين الوضعية لأنه مضطر لأن يحكم بغير ما أنزل الله، والله تعالى يقول: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك همُ الكافرون} [44، سورة المائدة]” اهـ.

وجاء في مجلة الشهاب العدد الأول السنة السابعة حزيران 1973 [ص/10] ما نصه: “فإطلاق اصطلاح المجتمع الجاهلي على الحكام والتشريعات القائمة في العالم الإسلامي إطلاق صحيح لأن هذه الحكومة جاهلية، بل كافرة بنص القرءان الكريم” اهـ.

الهوامش:

[1] كذا في الأصل، وهذا غلط نحوي من فيصل وليس منا فليتنبه.

فيصل مولوي يرى أن ساب الله ليس كافرًا

فيصل مولوي الذي كفّر كل المسلمين وكل المجتمعات وكل الذين يتعاطون بالقانون كما مرّ معك ورأيت بعينيك فعنده مجرد الحكم بالقانون يعتبره كفرًا، ويعتبر أن المجتمع مجتمع جاهلي كافر، وبالمقابل فعنده مسبة الله ليست كفرًا فيا عجبًا لهذا الحزب الذي يرى أن المشاركة في الانتخابات النيابية ومجرد الاشتغال بالقانون كفر وخروج من الإسلام ولا يرى أن ساب الله كافر، وهذه فضيحة كبيرة عريضة بين عيونهم فقد جاء في مجلتهم مجلة الشهاب العدد الخامس عشر السنة الرابعة 1971ر [ص/16] من السؤال والجواب أن شابًا ينتسب للإسلام سأله أنه كلما يغضب يكفر ويشتم الخالق فما حكم الإسلام فيه وكيف يعمل حتى يدخل في الإسلام؟!

فأجاب فيصل مولوي: “أنت يا أخي مسلم إن شاء الله وإذا رجعت إلى الكفر بلسانك مرة اخرى فارجع إلى التوبة الصادقة وعاقب نفسك على تكرار هذه المعصية بمنعها عما تحب، ولكن إياك أن تظن أنك أصبحت من الكافرين وإنه لا فائدة من صلاتك وصيامك” اهـ. فهذا الكلام مما لا يخفى بطلانه، وفتواه هذه لم يقلها أحد من العلماء المعتبرين بل نص ابن فرحون المالكي والقاضي عياض على أن ساب الله كافر بالإجماع، وبطون كتب العلماء تنص على ذلك.

فيصل مولوي يعتبر دعوة الرجال النساء للدخول في الإسلام خروجًا من الإسلام

جاء فيصل مولوي تابع سيد قطب بدين جديد، وفي دينه الباطل الجديد هذا يعتبر أن الرجل ليس مكلفًا أصلًا بدعوة النساء للإسلام، ففي مجلة الشهاب العدد التاسع السنة السابعة 1973ر [ص/16] ما نصه: “لا يجوز التكلم مع البنات من أجل الدعوة إلى الإسلام ولو كان الكلام في حدود الحشمة فالرجل ليس مكلفًا أصلًا بدعوة النساء للإسلام، وباب دعوة النساء للإسلام وباب دعوة الرجال مفتوح لم يغلق، وحجة تبليغ الدعوة للنساء مدخل كبير من مداخل الشيطان قد يؤدي بصاحبه إلى الخروج من الدعوة ومن الإسلام” اهـ.

ويقول في عدد ءاخر من مجلة الشهاب العدد الحادي عشر السنة السابعة 1973ر [ص/16] ما نصه: “فالرجل حيثما وجد ليس مكلفًا بدعوة النساء للإسلام”، ويقول في العدد [11/السنة الرابعة 1970] من هذه المجلة ما نصه: “الاختلاط مع النساء غير جائز إلا لضرورة وعند التزام النساء باللباس الشرعي والمقصود بالاختلاط الجلسة المشتركة والتحادث” اهـ.

وهذا الكلام مخالف لدين الله فقد ذكر النووي في المجموع ردًا على من قال: “لا يجوز للمرأة أن تختلط بالرجال” ما نصه: “وقد نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على أنها لو حضرت وصلّت الجمعة جاز، وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة المستفيضة أن النساء كنَّ يصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده خلف الرجال أي من دون أن يكون ستارة بين صفوف الرجال وصفوف النساء لحديث: “لا تمنع إماء الله مساجد الله” ولأن اختلاط الرجال بالنساء إذا لم يكون خلوة ليس بحرام” اهـ.

وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الكبرى: “الخلطة المحرمة هي التضام والتلاصق” اهـ، وكذلك ذكر أحمد بن يحيى الونشريسي المالكي في المعيار أن المحرم هو التلاصق، ومرادهم التضام المتعمد أما غير المتعمد فلا إثم فيه كما يحصل في المطاف وعند رمي الجمرات.

وجاء في الموطإ أنه سئل مالك: هل يجوز أن يأكل الرجل وزوجته مع رجل ءاخر؟ فقال مالك: “لا بأس بذلك إذا كان ذلك على ما يعرف من أمر الناس” اهـ.

فإذا كان جلوسها مع زوجها ورجل أجنبي للطعام جائزًا فكيف بجلوسها في مجلس تتعلم فيه أمور دينها تتلقى فيه من رجل، وقد ثبت في الصحيح أن الرجال كانوا يسألون عائشة عن الاحكام والأحاديث مشافهة ذكر ذلك الحافظ العسقلاني وغيره، راجع تلخيص الحبير [3/140] والتفسير الكبير للرازي [ص/23/205]، ومن المعروف أن العديد من المحدثات في الماضي تخرجن على العديد من الحفاظ والمحدثين، ثم حدّثن الرجال، فقد أخذ الحافظ ابن عساكر أفضل المحدثين في الشام في زمانه عن ألف رجل وثلاثمائة امرأة.

ثم يكفي في الرد عليه ما رواه ابن المنذر في كتابه الأوسط عن أنس أنه قال: “قدمنا على أبي موسى الاشعري فصلى بنا العصر في المربد ثم جلسنا إلى مسجد الجامع يُصلي بالناس والرجال والنساء مختلطون فصلينا معه”، ويكفي أيضًا ما رواه ابن حبان عن سهل بن سعد قال: “كنَّ النساء يأمرن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يرفعن رؤوسهن حتى يأخُذَ الرجال مقاعدهم من الأرض من ضيق الثياب” أي من ضيق أزُر الرجال.

والأدلة من السنة وفيرةٌ تضيق هذه الأوراق عن ذكرها وسردها، وأقوال العلماء ونصوصهم غزيرةٌ موجودةٌ في بطون الكتب، فبهذا يبطل ادعاؤه أيضًا أن المرأة المسلمة يجب أن تتعلم في مدارس خاصة بالنساء كما ذكر في مجلة الشهاب العدد الثامن السنة السابعة 1973ر [ص/16]، ثم يدعي أن المرأة – على زعمه- إذا تعلمت قيادة السيارة من رجل أجنبي مع وجود محرم لها أو رفيقة لا تسلم من الإثم لكن أقل ذنبًا بكثير من عدم وجود أي منهما [انظر المرجع السابق]، فيا عجبًا كيف ساغ له جعل تعليم الرجال للنساء مدخلًا لخروج المسلم من الإسلام بحسب زعمه ولم ير تكفير ساب الله تعالى، فهل هذا من دين الإسلام؟!

ومما يؤكد أن جماعة حزب الإخوان مدلسون أن عددًا من النساء المنتسبات إليهم يتلقين المحاضرات في الجامعات من أستاذ أجنبي، وكثيرًا ما يكون هذا الأستاذ ينتسب إلى حزب الإخوان أيضًا، فهم في الحقيقة يبيحون لأنفسهم ما يحرمون على غيرهم، وكفاهم هذا خزيًا.

ثم إن فيصل مولوي بكلامه هذا كأنه يُكفر أنبياء الله لأن الانبياء عليهم السلام دعوا الناس للإسلام الرجال والنساء من غير أن يقتصروا بالدعوة على الرجال وأصل العلم الديني عند النساء هو من الأنبياء، ومعلوم أن الله ما أرسل امرأة رسولًا، قال تعالى: {وما أرسَلنا من قبلكَ إلا رجالًا نوحي إليهم} [109، سورة يوسف].

فانظروا إلى عجائب وغرائب دين فيصل مولوي الجديد وهو دين باطل ليس هو الإسلام، وفيه أن الرجل إن دعا النساء للإسلام يكفر وإذا سب الله تعالى لا يكفر.

فأسفْ به من رجل وأبئس تبًا له وتعسًا ما أسخف عقله.

فتحي يكن وتكفيره للبشرية بجملتها

2- فتحي يكن: الذي هو أحد أكبر القياديين البارزين في الجماعة المسماة بالجماعة الإسلامية فرع ما يسمى حزب الإخوان المسلمين في لبنان وأبرز المخططين والقياديين في هذا الحزب على الصعيد الدولي وهو الامين العام السابق لهذا الحزب، يكفّر البشرية بجملتها تبعًا لزعيمه سيد قطب حيث يقول في كتابه المسمى “كيف ندعو إلى الإسلام” طبعة مؤسسة الرسالة [ص/112]: “واليوم يشهد العالم أجمع ردة عن الإيمان بالله وكفرًا جماعيًا وعالميًا لم يعرف لهما مثيل من قبل” اهـ، فانظر أيها المنصف كيف يكفر زعماء حزب الإخوان الناس حيث جعلوا العالم كله في ردة عن الإيمان وفي كفر ولم يستثنوا أحدًا بنص أحد زعمائهم فتحي يكن وهو نفسه قد دخل في مجلس النواب وكان قد قال في كتابه المسمى “ماذا يعني انتمائي للإسلام” [ص/133]: “على أن الاشتراك في الحكم هو مخالفة أصل من أصول الإسلام ومبدإ من مبادئه” اهـ، وقال: “وهذه الأحزاب لا تتورع أحيانًا عن مخالفة أصل من أصول الإسلام أو الخروج من مبدإ من مبادئه بحجة المرونة والانفتاح ودعوة تحقيق مصلحة المسلمين كالاشتراك في الحكم في ظل أنظمة وضعية كافرة” اهـ، فعلى أي شيء يدل دخوله ودخول من سبقه من حزبه حزب الإخوان في الجزائر ومصر والسودان والأردن إلى المجالس النيابية، هل غيروا ما كانوا عليه، أم أنهم يعتبرون أنفسهم كافرين؟!

تكفير أحمد كامل للمسلمين

3- تتوالى عبارات حزب الإخوان التي يكفرون فيها المسلمين وهذا يظهر لكم مدى خطورتهم حيث يقول أحد مراجعهم الدكتور أحمد كامل أبو المجد في جريدة السفير الثلاثاء 24/3/1992 عن المسلمين: “إنهم ارتدوا لأنهم ينطقون بالشهادة ولا يعلمون بمضمونها ومهما صلوا ومهما صاموا ومهما حجوا وزعموا أنهم مسلمون فلن يغير ذلك كفرهم شيئًا” اهـ، ويقول: “ومن يخرج عن الجماعة يستباح ماله ودمه، لا انتخابات ولا برلمان ولا ديمقراطية” اهـ، وهذا نص صريح منهم أنهم يكفرون كل من ليس منخرطًا في حزبهم ويستبيحون دمه، فعليكم أن تخافوا على أنفسكم وأولادكم وأهليكم وأموالكم ولا سيما من يعمل في الدولة في كل مجالاتها.

تكفير حسن قاطرجي للدول العربية

4- جاء في المجلة المسماة منبر الداعيات التي يصدرها زعيم من زعمائهم في لبنان وهو حسن قاطرجي في العدد 27/1997 [ص/5] تكفير أهل كل الدول العربية والإسلامية فيقولون: “واثنتان وعشرون دولة عربية أدركتا بكل بساطة أن هذه الدول لا إيمان عندها” اهـ.

حزب الإخوان يكفرون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما

جاء في مجلة العقيدة [ص/30] تحت عنوان: اعترافات عادل عبد الباقي تقرير يكتبه أحمد سلي، قال عادل عبد الباقي: إن هذه الجماعة كانت بحق من أغرب وأخطر الجماعات على الدين الإسلامي لأنهم ببساطة يشوهونه عن جهل لا يتخيله بشر، وتكفي واقعة واحدة يرويها عادل وقت أن كان معهم في مجلس الشورى قال: إن هذه الجماعة يديرها أميران: عاصم الضوي وهو الشيخ الفقيه ومهنته الأساسية [نقاش] والشيخ نسيم من أثرياء الفقيه مدينة المنزلة وكان طالبًا بكلية العلوم وهو مدير الجماعة وممولها. بلغ جبروت وجهل عاصم الضوي وكنيته أبو إسحاق أنه في إحدى جلسات الفقه التي ندرس فيها الفكر لاتباع الجماعة أن انفعل وثار قائلًا للاخوة: والله والله إننا على الحق يا أخوة الإيمان.. ولو جاءني اليوم عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق لدعوتهما لجماعتنا وطريق الجنة الذي هدانا له الله سبحانه وتعالى، ولو اعترضوا على جماعتنا لحكمت بكفرهما لأننا نحن الحق بلا جدال.

جاء في كتاب سيد قطب المسمى “العدالة الاجتماعية في الإسلام”، طبع دار الكتاب العربي/ مصر [ص/174] ما نصه: “فلا يأخذ أحد الإسلام بمعاوية أو بني أمية فهو منه ومنهم بريء” اهـ، انظر لقول سيد قطب فهو أي الإسلام منه أي من معاوية ومنهم أي من بني أمية على الإطلاق بريء وهذا تكفير عام لكل بني أمية ولا يخفى على من له أدنى اطلاع على السير والتاريخ أن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه من بني أمية وفضل عثمان ظاهر جلي لا يخفى على أدنى مسلم، وقول سيد قطب هذا أيضًا فيه تكفيرٌ للخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لأنه هو أيضًا من بني أمية.

يقول ابن تيمية الحراني: “فإن الناس متنازعون في أول من أسلم فقيل أبو بكر أول من أسلم فهو أسبق إسلامًا من علي، وقيل إن عليًا أسلم قبله لكن علي كان صغيرًا وإسلام الصبي فيه نزاعٌ بين العلماء” اهـ انظر المنهاج [4/42].

ويقول في موضع ءاخر ما نصه: “وأما إسلام علي فهل يكون مُخرجًا له من الكفر على قولين مشهورين ومذهب الشافعي أن إسلام الصبي غير مخرج له من الكفر”، انظر كتاب المنهاج لابن تيمية [4/218-219].

ويقول ابن تيمية في كتابه المنهاج [4/65] ما نصه: “وقد أنزل الله تعالى في [علي بن أبي طالب] {يأيها الذينَ ءامنوا لا تقربوا الصلوة وأنتُم سُكَرَى حتى تعلموا ما تقولون} [43، سورة النساء] لما صلى فقرأ وخلط” اهـ.

فيتبين لك أن ابن تيمية الحراني كفر عليًا رضي الله عنه واعتبره بعد من المشركين لم يخرج من كفره وشركه، وقد نقل الحافظ أحمد بن محمد بن صديق الغُماري الحسني في كتابه “علي بن أبي طالب إمام العارفين” الطبعة الأولى عن ابن تيمية الحراني أنه طعن بالسيدة الجليلة فاطمة الزهراء رضي الله عنها فقال فيها إنَّ فيها شبهًا من المنافقين الذين وصفهم الله بقوله: {فإن أعطوا منها رَضوا وإن لم يُعطوا منها إذا هم يسخطون} [58، سورة التوبة] قال ابن تيمية: فكذلك فعلت هي إذ يعطها أبو بكر من ميراث والدها صلى الله عليه وسلم، ثم قال الحافظ الغُماري [ص/56] بعد كلام ما نصه: “فقبح الله ابن تيمية وأخزاه وجزاه بما يستحق، وقد فعل والحمد لله إذ جعله إمام كل ضال مضل بعده، وجعل كتبه هادية إلى الضلال فما أقبل عليها أحد واعتنى بشأنها إلا وصار إمام ضلالة في عصره، ويكفي أن الله تعالى أخرج من صُلب أفكاره الخبيثة قرن الشيطان وأتباعه كلاب النار وشر من تحت أديم السماء الذين ملؤوا الكون ظلمة وسودوا وجهه بالجرائم والعظائم في كل مكان، والكل في صحيفة ابن تيمية إمام الضالين وشيخ المجرمين، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من سنّ سُنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة”، وقال صلى الله عليه وسلم: “من دعا إلى ضلالة كان عليه إثم من تبعه إلى يوم القيامة” انتهى كلام الغُماري.

وقد قال العلامة علوي بن طاهر الحداد في كتابه القول الفصل فيما لبني هاشم من الفضل في الجزء الثاني ما نصه: “وفي منهاجه [أي كتاب المنهاج لابن تيمية] من السب والذم الموجه المورد في قالب المعاريض ومقدمات الأدلة في أمير المؤمنين علي والزهراء البتول والحسنين وذريتهم ما تقشعر منه الجلود وترجف له القلوب، ولا سبب لعكوف النواصب والخوارج على كتابه المذكور إلا كونه يضرب على أوتارهم ويتردد على أطلالهم وءاثارهم فكن منه ومنهم على حذر” اهـ. فمن عرف ما ذكرنا من أمر ابن تيمية من سوء رأيه في سيدنا علي رضي الله عنه عرف أنه ينطبق عليه حديث مسلم أن عليًا رضي الله عنه قال: “والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي إلي أن لا يُحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق”.

فليعلم ذلك أنصار ابن تيمية من وهابية وأتباع سيد قطب الذين اتبعوا إمام المنافقين في عصره ابن تيمية الحراني.

ومع كل هذه الوقاحة من ابن تيمية الحراني ومع ما له من كفريات ترى أن زعماء حزب الإخوان يسارعون إلى مدحه وتسميته بشيخ الإسلام على زعمهم كما تجد ذلك مكررًا كثيرًا كثيرًا في كتاب يوسف القرضاوي المسمى الحلال والحرام في الإسلام، بل إن مدرسة حزب الإخوان المسماة بالجماعة الإسلامية استقت أفكارها من ابن تيمية كما صرّح بذلك أحد زعماء حزب الإخوان في لبنان “زهير العبيدي النائب السابق لحزب الإخوان” في مقابلة أجرتها معه مجلة الوطن العربي في عددها الصادر في 7/12/1992 في [ص/14] قائلًا: “إن الجماعة الإسلامية استقت أفكارها من أمثال ابن تيمية وسيد قطب”.

فلقد رأيت بعينك كيف أن هذه الجماعة المتطرفة تكفر الامة الإسلامية بمن فيهم الخلفاء الراشدون الأربعة الذين هم داخلون تحت قول الله عز وجل: {والسَّبقون الأوَّلون منَ المُهَجرينَ والأنصار والذين اتَّبعوهم بإحسان رضيَ الله عنهم ورضوا عنه} [100، سورة التوبة].

وهذا حسن قاطرجي الذي مدح زعيمه سيد قطب مدحًا بالغًا ويُسميه بالبطل الشهيد والأستاذ العملاق ويحض الناس على قراءة كتاب سيد قطب المسمى في ظلال القرءان كما تجد ذلك في شريط له بصوته عنوانه “تذكية النفس”، وفي مقال له في مجلته المسماة “منبر الداعيات” تراه بلا خجل وقد تبع سيد قطب إمام التكفير ورئيس المتطرفين في تكفير أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال كاذبًا: “وسيدنا عثمان بن عفان نفسه وردت عنه عبارة نفيسة: “لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كلام ربنا”، ثم تابع افتراءه فقال حسن قاطرجي: “مما لو طهرت”، قال: “لو طهرت من الشرك من التوكل على غير الله”.

ويكفي حسن قاطرجي خزيًا وعارًا أنه ينسب إلى عثمان بن عفان الذي قال فيه الرسول: “عثمان بن عفان في الجنة”، وقال عنه: “إن الملائكة تستحي منه”، وزوّجه ابنته الثانية بعد موت الأولى إن قلبه لم يطهر من الشرك وهذا تضليل وتكفير لسيدنا عثمان رضي الله عنه.

وهذا الذي ذكره حسن قاطرجي لا يصح ولا يثبت نسبته إلى سيدنا عثمان، وقد قال عبد الله بن المبارك رضي الله عنه: “الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء”، ولا يستغرب من سيد قطب وحزبه الطعن في الخلفاء الاربعة وتكفيرهم بعد ما رأيت وسترى بعينك كيف أنهم كذبوا القرءان وطعنوا في أنبياء الله كإبراهيم ويوسف وموسى وغيرهم عليهم السلام، ودأب سيد قطب وجماعته الدعوة إلى نقض عُرى الدين وهدمه.

ذكر حزب الإخوان في مجلتهم المسماة الأمان العدد 70 السنة الثانية حزيران 1980 [ص/20-21] ما نصه: “إن كلمة أستغفر الله أقل ما يقال فيه إنه المكاء والتصدية، وما استعمال صيغة أستغفر الله إلا دليل جهل من قبل المستغفر” اهـ، والمكاء والتصدية هو فعل المشركين من عبادتهم للأوثان حول الكعبة من الصفير والتصفيق. فانظروا إلى جرأة حزب الإخوان أذناب سيد قطب الذين لا يستحون من الله ولا من الناس حتى وصلوا إلى هذا الحال الذي أقل ما يقال فيه أنه فهم معكوس وقلب منكوس وأتباع لإبليس المنحوس. وقولهم هذا تضليل لكل الأمة الإسلامية من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يومنا هذا، لأن أشهر ألفاظ الاستغفار عند كل المسلمين هو قول أستغفر الله، فيا عجبًا لسخافة عقول حزب الإخوان.

إنه لمن المتوقع أن يصل حزب الإخوان وإفرازاته المتعددة في البلدان العربية إلى ما وصل إليه من تشرذم وضياع وتشتت وحرب من قِبَل السلطات في الدول الإسلامية لإبادته والقضاء عليه، فهو لم يبن مواقفه على مبادئ ثابتة راسخة تضمن تماسكه، بل حاله كحال أمثاله من اللاهثين وراء المناصب الدنيوية، ومبادؤه تتغير بتغير مصالحه. ورؤساء هذا الحزب لا يمانعون من التعامل مع أي كان أو انتهاج أي نهج، أو اعتناق أي رأي يوصلهم إلى أهدافهم الملتوية، حتى تحول هذا الحزب إلى أحزاب كثيرة جعلت لنفسها أسماء جديدة كجماعة “الشوقيين” و”التكفير والهجرة” و”الجهاد” و”الجماعة الإسلامية” و”جبهة الإنقاذ” و”الناجون من النار” وغيرهم. ولكن هذا التعدد والتشرذم لم يمنعهم من أن يجتمعوا على مبدإ واحد هو تكفيرهم للسلطات التي تحكم بالقانون، وللرعية التي رضيت بذلك ولم تثر عليهم. وأمثلتنا على تعدد عقائدهم وءارائهم وتكفير بعضهم بعضًا كثيرة، ولكننا نكتفي بذكر ما قاله زعيم “الإخوان” سيد قطب في كتابه الذي سماه “العدالة الاجتماعية في الإسلام” عن معاوية بن أبي سفيان، وما يقوله “حزب الإخوان” فيه، وهم يعتبرون سيد قطب أحد العلماء المجتهدين، وأنى له ذلك، وهذا دليل على تشتت أفكارهم وتضاربها فهم يعتبرون أن معاوية بن أبي سفيان اجتهد في حكم قتاله للإمام علي رضي الله عنه فله ثواب في هذا الاجتهاد على ما زعموا، بينما رئيسه سيد قطب يرمي معاوية خصوصًا وبني أمية عمومًا بالكفر ففي كتابه المسمى “العدالة الاجتماعية في الإسلام” [ص/172] طبعة دار الكتاب العربي بمصر يقول ما نصه: “فلما أن جاء معاوية وصيَّر الخلاف الإسلامية ملكًا عضوضًا في بني أمية لم يكن ذلك من وحي الإسلام، إنما كان من وحي الجاهلية، فأمية بصفة عامة لم يعمر الإيمان قلوبها، وما كان الإسلام إلا رداءً تخلعه وتلبسه حسب المصالح والملابسات” اهـ. وفي [ص/174] من الكتاب المذكور يقول سيد قطب: “فمعاوية هو ابن أبي سفيان وابن هند بنت عتبة، وهو وريث قومه جميعًا وأشبه بهم في بُعد روحه عن حقيقة الإسلام، فلا يأخذ أحد الإسلام بمعاوية أو بني أمية، فهو منه ومنهم بريء” اهـ.

فهذا تناقض واضح منهم، فكيف يكونون على الحق وهم قوم متذبذبون متناقضون يتبعون أهواءهم بدعوى الفهم والاجتهاد، فكيف يؤخذ منهم الحق.

وفي محاولة منهم لإخفاء هذه العبارات التي أوردها سيد قطب في كتابه قام هؤلاء المتطرفون بإعادة طبع هذا الكتاب في دار الشروق وحذفوا منه كل العبارات التي تخالفهم ليأتي الكتاب وفقًا لنهجهم لمتطرف، وليس هذا إلا عينة قليلة عما فعلوه من تحريف وتناقض فهل يؤخذ عنهم دين الله عز وجل؟! لا والله لا يؤخذ.

يقول محمد سعيد رمضان البوطي في كتابه الذي سماه “من روائع القرءان” [ص/162]: “أما سيد قطب رحمه الله فقد عالج نواحي خاصة في إعجاز القرءان فأبدع فيه وأجاد، ومن خير ءاثاره في ذلك التصوير الفني في القرءان ومشاهد يوم القيامة في القرءان، هذا إلى جانب تفسيره العظيم في ظلال القرءان”اهـ.

ويقول البوطي في [ص/170] من المصدر ذاته ممتدحًا سيد قطب ما نصه: “ورأيت الكاتب والإنسان الكبير سيد قطب رحمه الله” اهـ.

وفي هذا الكتاب وفي أكثر من موضع يطلب البوطي من القراء مراجعة كتب سيد قطب، ويحث القراء ويشجعهم على قراءة كتاب المسمى في ظلال القرءان.

إن البوطي مفتون برأس التطرف في القرن العشرين سيد قطب ولذلك هو متأثر ببعض عباراته حيث يسمى الله تعالى بالريشة اقتداءًا بسيد قطب، لأنه لم يسبق سيد قطب أحد في مثل هذه التعابير الفاسدة، ثم ألم يشاهد البوطي بذور التطرف التي بذرها سيد قطب وأتباعه في العالمين العربي والإسلامي ولا سيما في سوريا فشلالات الدماء التي سالت في سوريا من أسبابها سيد قطب وأفكاره المتطرفة المكفرة لكل البشرية وهو إمامهم بلا منازع وكتبه هي قوانينهم ونواميسهم وقواميسهم ومناهجهم التي أدت إلى ما يُرى ويسمع عنه في الجزائر ومصر واليمن وأفغانستان وداغستان والشيشان وقبل ذلك في حماه وحمص وكأن البوطي يدعو الناس إلى التمسك بل وإلى الثورة والانقلابات والقتل والتخريب وسفك الدماء بدعوته الناس للقراءة في كتب سيد قطب، ودعوة البوطي للناس للقراءة في كتب سيد قطب وهو يعلم ما فيها من كفر وويلات وطامات وبلايا هي خيانة عظيمة من هذا البوطي وأمثاله للمسلمين لأنهم يشجعونهم ويزينون لهم أن يمشوا في طريق الزيغ والضلال والخراب والهلاك، فيا فضيحة البوطي الذي زاغ عن نهج أبيه رحمه الله وانحرف عن طريقه العلماء الأوائل، وقد قال فيه أكثر مشايخ سوريا إنه عنيد متكبر لا يرجع عن رأيه الفاسد ولا يقبل النصيحة.

انطلق سيد قطب وحزبه من تكفيرهم لكل المجتمعات والجماعات حتى المؤذنين وأئمة المساجد وكل المسلمين حتى تجرأ سيد قطب على شتم ومحاربة الأزهر الشريف فقال سيد قطب: “أما أنت أيها الأزهر فقد أضعت الدين وأفسدت الدنيا” وذلك في مجلة حزب الإخوان المسماة الأمان العدد الرابع 23/2/1979 [ص/27]، واعتبروا أن الإسلام متوقف عن الوجود كما مرّ معنا في الفصول السابقة ليهون عليهم الأمر بزعمهم لأنهم إذا اعتبروا كل الناس كفارًا أباحوا بعد ذلك دماءهم وأموالهم وأعراضهم، وقد رأيت بعينك العبارات التي مرت في الفصل السابق في تكفير كل الناس، ونشاهد اليوم ما يحصل في الجزائر ومصر، وما حصل في اليمن وسوريا ولبنان، وما حصل في داغستان وكل ذلك شاهد على أعمالهم الإجرامية الإرهابية التخريبية. وواقع الحال يشهد عليهم بعد عباراتهم الصريحة الواضحة بتكفير المسلمين حتى الأطفال وهم يبيحون لأنفسهم كل شيء ليتمكنوا من الوصول إلى مآربهم.

والعجب كيف أنهم يستبيحون دماء المسلمين ويحرمون قتال الكافرين فقد حرّف سيد قطب قول الله تعالى: {فإنِ انتَهوا فلا عُدْوَان إلا على الظالمين} [193، سورة البقرة] فقال إن معنى الآية فإن انتهوا أي عن الحيلولة بيننا وبين الدعوة إلى الإسلام فلا يجوز قتالهم، ومعلوم أن الأمريكان والإنكليز والأوروبيين لا يحولون اليوم بيننا وبين الدعوة إلى الإسلام لا في أمريكا ولا لندن ولا غيرها من بلاد الكفر التي يحكمونها، فأبطل بذلك الجهاد الذي أمر الله به في ءايات عديدة لا تخفى على أدنى ذي فهم، وأبطل الأحاديث التي وردت عن رسول الله في ذلك، والتي منها قول الله تعالى: {قاتِلوا الذينَ لا يؤمنون باللهِ ولا باليومِ الآخر ولا يُحَرّمونَ ما حرَّمَ اللهُ ورسوله ولا يَدينونَ دينَ الحقِّ من الذينَ أوتوا الكتبَ حتى يُعطوا الجزيةَ عن يدٍ وهُم صاغرون} [29، سورة التوبة]، وقوله تعالى: {تُقاتلونهم أو يُسلمون} [16، سورة الفتح]، وقوله تعالى: {وقَاتلوهم حتَّى لا تكونَ فتنةٌ ويكونَ الدينُ كلّهُ للهِ} [39، سورة الأنفال]، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله” رواه البخاري وأما قوله تعالى: {لا إكراهَ في الدين} [256، سورة البقرة] فلا حجة لهم فيه لأن هذه الآية نزلت في بدء الأمر قبل أن يأتي الإذن بالقتال ثمّ نُسخت بآيات القتال، وقال بعضهم: معناها لا تستطيع أن تكره قلوبهم، وبعضهم قال: أي ليس لك أن تكره الذين يدفعون الجزية. فيتبين للمنصف أنه لا وجه لما ذكره سيد قطب في تفسيره للآية.

والآن إليك أيها القارئ بعض الوقائع من عملياتهم التي شوّهوا بها سمعة الإسلام والمسلمين من قتل وخطف وتخريب وتفجير وتدمير وسفك دماء واعتداء على الحرمات والحُرَم:

في مجلة العواصف 18/5/1990 [ص/20] قالوا عن التكفير والهجرة ما نصه: وتعتبر جماعة المسلمين أو حركة التكفير والهجرة هي البنت البكر لحركة الإخوان، وهذه الجماعة الإسلامية قريبة إلى التطرف، وقد تأسست في العام 1996 وظهرت إلى العلن في العام 76/77 وهي بزعامة المهندس الزراعي مصطفى شكري، التحق في صفوف هذه الحركة العديد من الشبان الملتحين لابسي الجلابيات البيض، ويجندون للعيش خارج المدن، ويتدربون في شبه معسكرات خاصة على استخدام الاسلحة والسكاكين، ويحاربون عمل المرأة في الحياة الاجتماعية، ويرفضون الاختلاط بين الجنسين في الحياة العامة.

برزت الجماعة حين خطفت الدكتور محمد حسين الذهبي وكان وزيرًا للأوقاف المصرية مطالبة بإطلاق 30 من أعضاء الجمعية المسجونين في السجون المصرية، ودفع مبلغ 200 ألف جنيه مصري. بالإضافة إلى وجوب نشر بياناتها ومواقفها عبر وسائل الإعلام وعلى رأسها التلفزيون والإذاعة. السلطات المصرية اعتقلت زعيم هذه الجماعة وعددًا كبيرًا من أعضائها، وحكم على 5 منهم بالإعدام، ولا يزال عدد كبير منهم في السجون حتى اليوم.

وفي مجلة الوسط العدد 235 تموز 1996 [ص/12] مذكور ما يلي: “هذه التهمة لا أستحيي منها وهي فخر لي ولا أدفن رأسي في الرمال، الجهاد الذي يسمونه العنف أو الإرهاب هو فريضة كالزكاة، التي يأتي وقتها عندما يحول الحول ويكتمل النصاب ولكل مقام مقال، فمن يرى في بلده أنه قادر على تغيير النظام بالعنف فله ذلك وهم يقدرون أحواله”، ويتابع قائل هذا الكلام أبو محمد المقدسي المعتقل في سجون الأردن فيقول عن جماعته الذين يخربون ويقتلون في الجزائر: “ونحن ندعو لهم بالخير وندعو الله أن ينصرهم على أعدائهم ونحن في السجن ولا تصلنا أخبارهم ولكن نعرف أنهم على خير عظيم لأنهم يقاتلون ضد المرتدين الذين هم أكثر شرًا من اليهود والنصارى”، وأكد المقدسي أنه متأثر بفكر سيد قطب [ص13].

وفي مجلة الأنصار الخميس 9/2/1995 العدد/83 تحت عنوان: حسب مصادر تابعة للجماعة حصيلة قتلى المرتدين ترتفع إلى 150 قتيل: أكدت مصادر رسمية تابعة لجهاز استخبارات الجماعة الإسلامية المسلحة أن عدد القتلى في صفوف العدو من جراء انفجار سيارة العملية الاستشهادية بلغ حوالي 150 قتيلًا، وقد نقلت جل الجثث إلى مستشفى عين النعجة العسكري.

وفي نفس المجلة [الأنصار] في [ص3] عدد/83 يقولون: نصبت إحدى سرايا الجماعة الإسلامية المسلحة نقطة للتفتيش على الطريق المتواجد قرب منطقة الشفة، وبعد عدة ساعات استطاعت هذه السرية من اصطياد أربعة من قوات العدو المرتدة كان من بينهم ضابط برتبة ملازم أول، وبعد استجوابهم تمَّ تنفيذ حكم الله فيهم بالقتل.

وفي مجلة الوسط العدد 81- 16/8/1993 تحت عنوان: “تكفير المقرئين المشهورين”: أما القضية رقم 2471 لسنة 1989 فهي أكثر غرابة إذ عوقب أنصار شوقي الشيخ بقالًا يدعى شعبان أبو طالب لأنه دأب على سماع القرءان الكريم بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وكان شوقي يعتبر أن المقرئين المشهورين [كفرة] لأنهم يتعاملون مع النظام القائم.

وذكرت جريدة السفير في 25/7/95 تحت عنوان: “مسلحون يقتلون شيخًا في أسيوط” ما نصه: وقالت مصادر أمنية أن المسلحين الأربعة من بينهم فتى عمره 12 عامًا أوقفوا سيارة نقل الشيخ خالد عبد الحميد متولي [35 عامًا] في قرية بني كورا في أسيوط معقل الإسلاميين الرئيسي في الصعيد، وأطلق المسلحون النار على متولي فيما شدوا وثاق الآخرين واستولوا على ما يحملون من أموال قبل أن يفروا، وقالت مصادر رفضت الكشف عن هويتها إنه ليس واضحًا ما إذا كان المهاجمون أرادوا الاستيلاء على الأموال فقط، أم أنهم كانوا يستهدفون قتل الشيخ بسبب قيامه بأناشيد دينية، وهو ما يعتبره الإسلاميون المتشددون مخالفًا للدين.

وبعد مقتل السعيد ورجام قالت جريدة الحياة في [ص/6] تحت عنوان: “الإنقاذ الجزائرية فتوى من لندن أباحت قتل السعيد ورجام” ما نصه: في غضون ذلك أوردت نشرة [السبيل] الصادرة عن أنصار [الإنقاذ] في بريطانيا معلومات عن تفاصيل مقتل الشيخين رجام والسعيد ونقلت في عددها الذي يصدر اليوم وتلقته [الحياة] عن أحد الناجين من عملية القتل التي حصلت في المدينة أن السعيد ورجام و50 من أتباعهما ذبحوا على يد الجماعة المسلحة، ونسبت إلى هذا الناجي الذي لم تُسمّه أن عملية الذبح تمّت بناء على فتوى صادرة من لندن وأن التهمة الموجهة إليهم هي تبنيهم العقيدة الأشعرية، وأضافت نقلًا عن المصدر ذاته أن محاكمات جرت قبل شهرين بعد صدور الفتوى وأن المحاكمين عزلوا وحوكموا فردًا فردًا ثم نفذ فيهم حكم القتل ذبحًا”.

وفي جريدة الديار الثلاثاء 11 تموز 1995 تحت عنوان “كشف النقاب عن وجهها فعذبها والداها حتى الموت”، تقول: “أفادت صحيفة [العربي] الأسبوعية أمس أن طفلة في الثالثة عشر من عمرها لقيت مصرعها في المنصورة شمال القاهرة على يد والديها بعد تعذيب استمر شهرًا تنفيذًا لأوامر أمير جماعة متشددة ينتميان إليها لأنها كشفت النقاب عن وجهها”.

وجاء في مجلة الافكار/ العدد 661 الاثنين 15 نيسان 1995 [ص/14] ما نصه: “فالحرب التي حصدت أكثر من أربعين ألف شخص مرت في عدة مراحل، ففي حربهم ضد السلطة استهدفت المجموعات المسلحة على التوالي قوات الأمن ثم المثقفين والبورجوازيين المعتدلين، وهم الصحافيون والإذاعيون وكبار الموظفين والقضاة والاطباء. والذين كان موتهم يثير ضجة إعلامية أكثر من موت الفلح العادي، ويحث الطاغوت أو الكفرة الغربيين على المغادرة لانهم يرفضون قيام الدولة الإسلامية، ثم جاء دور الأجانب والذين قتل منهم حتى الآن أكثر من 73 شخصًا ابتداء من العام 1993 ولم يبق سوى النساء ءاخر العقد في سلسلة الرعب، وفكر الإسلاميون أنه من أجل السيطرة على الوضع لصالحهم لا بد من خفض عدد النساء. أمل تلبس ثياب الحداد وهي تروي قصتها فتقول: ذات يوم تسلمت ظرفًا فيه مبلغ 25 ألف دينار ثمنًا لابنتيها، واحدة منهما في العشرين من العمر اقتيدتا إلى أحد معسكرات المسلحين لتنضما إلى مجموعة النساء اللواتي سيقدمن إلى الإرهابيين، وهي ما زالت تأمل أن تراهما على قيد الحياة ذات يوم.

ووفقًا للإسلاميين فإن هذا الاغتصاب يعتبر [شرعيًا] وفقًا لتعاليم بعض المتطرفين الذين يرون فيه [زواجًا مؤقتًا] وبعض الفتيات لا ينجون منه ويقتلن تمامًا كما يجري في البوسنة على أيدي الصرب، ولكن عددًا كبيرًا يعدن إلى أهلهن بعد الاستعمال، وعلينا أن نتصور الحالة النفسية لهؤلاء العائدات.

في الثالث عشر من شهر ءاذار الماضي ارتدى ستة مسلحين ثياب الشرطة وذهبوا للبحث عن فاطمة غضبان [16 سنة] فأخرجوها من المدرسة، واقتادوها إلى الشارع وهناك ذبحوها وعلى بعد 10 أمتار فقط من باب مدرستها، ذنبها – بزعمهم- أنها كانت أكبر وأنضج وأجمل من رفيقاتها في نظر أفراد [الجيش الإسلامي المسلح] الذي يزرع الرعب في القرى الجزائرية. وبعد يومين فقط كانت امرأة قاضية ورئيسة محكمة بلدة [لعربة] وهي مقر أصوليين وعلى بعد 25 كيلومترًا من العاصمة تسقط صريعة برصاص القتلة المجرمين. وصبيحة اليوم التالي تم اغتيال ثلاث فتيات في موقف للسيارات في الجزائر أمام رياض الفتح أكبر مركز تجاري في العاصمة. في العشرين من ءاذار جاء دور حورية [36 سنة] وأختها رشيدة [32 سنة] والتي كانت تعمل كصحافية في التلفزيون، إذ وقعتا في كمين عند مشارف العصمة وهما في طريقهما إلى أحد المستشفيات التي يقيم فيهما أبوهما وهو شرطي يعالج من إصابة بالرصاص على يد المسلحين قبل أيام، فقد شاهدت رشيدة السيارة الحمراء ورأت فوهة المسدس يصوب نحوهما فتقدمت لتحمي شقيقتها الصغرى ولكن عبثًا فقد استقرت الرصاصة في رأس رشيدة وأدخلتها في غيبوبة ولكن حورية قتلت على الفور برصاصة أخرى، وظلت رشيدة حمادي تصارع الموت حتى توفيت في أحد مستشفيات باريس، وجريمة رشيدة – بزعمهم- أنها امرأة وصحافية وابنة شرطي. ولكن ما الجريمة التي ارتكبتها موظفة شابة اخرى اختطفت من ضواحي العاصمة في وضح النهار في اواخر كانون أول الماضي ولم يجدها زوجها إلا جثة هامدة في المشرحة وجسمها مشوه؟ وهي لم تكن فقط مفصولة الرأس بل أن  عمدوا إلى وضع رأس رجل في أحشائها وأعادوا خياطتها. فما الداعي لهذه القسوة والتمادي في الإرهاب والإجرام؟

وفي جريدة النهار 17/3 تحت عنوان “ذبح شقيقتين شابتين في الجزائر” تقول: ويذكر أن عددًا كبيرًا من النساء قتل منذ بدء العنف في الجزائر الذي أودى بنحو 20 ألف شخص، إلا أنه في الفترة الأخيرة فقد باتت النساء هدفًا محددًا إلى جانب الصحافيين والمثقفين والشرطيين والأجانب.

وفي مجلة روز اليوسف 3/3/1997 [ص/32] تحت عنوان: “حوار هام، أحمد راشد يواصل اعترافاته سبايا الافغان للإرهابيين المصريين”.

– انزعج المجاهدون الأفغان من عربي ضاجع فتاة في حفرة.

 – حساب أيمن الظواهري وتنظيمه 12 مليون دولار.

وفي جريدة الديار تحت عنوان الجزائر: “17 مدنيًا ذبحوا بوحشية بينهم إمام مسجد وأحد أقربائه” تقول: ارتفع عدد القتلى المدنيين في مجازر وحشية ارتكبتها مجموعات أصولية مسلحة في أكثر من بلدة جزائرية خلال الأيام الأربعة الماضية إلى أكثر من مائة شخص بعد العثور على سبعة عشر شخصًا قتلوا ذبحًا الخميس والأحد الماضيين في بلدتي عين الحديد قرب تيهارت وسيدي عبد الكريم قرب سعيدة جنوب غرب العاصمة.

وأوضحت [ليبرتيه] أن 15 شخصًا وجدوا [مذبوحين بطريقة وحشية] الأحد في عين الحديد التي تقع على مسافة 65 كيلومترًا من مدينة تيهرت فيما قالت صحيفة الوطن إن مجموعة مسلحة أقدمت الخميس على ذبح مقدم زعيم زاوية سيدي عبد الكريم واحد أقربائه. وكان 84 مدنيًا ذبحوا الخميس والجمعة خلال هجمات ليلية شنتها جماعات مسلحة على القرى.

وذكر إلى مجلة روز اليوسف في 24/2/97 تحت عنوان “ضربة ينتظرها العالم” ءاخر قائد لتنظيم الجهاد يكشف ماذا سنفعل في الانقلاب العسكري؟

بعضنا تسوّل في أفغانستان بعد أن باعوا جواز سفرهم.

أيمن الظواهري أبلغ عند عصام القمري وقبض الثمن.

حضرت إعلان أسامة بن لادن لحرب الإرهاب مع 40 شخصًا.

سرقنا تبرعات المساجد.

اعترافات الإرهابي التائب عادل عبد الباقي حيث يقول: اسمي أحمد راشد محمد راشد حاصل على الثانوية العامة، كنت ملتحقًا بكلية دار العلوم وكلية الزراعة وءاخر عمل لي في شركة تجارية في الإمارات وفيما سبق كنت ضمن جماعة الجهاد منذ 1976، ثم ضمن قيادتها قبل أن يمنّ الله علي بالتوبة 1994 سافرت إلى أفغانستان حيث قضيت بين المعسكرات ما يقرب من عامين حتى نهاية 1990 ووصلت إلى الإمارات وسرت متنقلًا بين الإمارات والسعودية وباكستان حوالي سنتين أخريين، وفي هذه الفترة التي قضيتها في باكستان وأفغانستان تعرفت على الكثير من أفراد هذه الجماعات.

س: أين تعرفوا عليك؟

ج: في مسجد كلية الزراعة، تدرجت المسألة في الكتيبات البسيطة إلى كتب محمد بن عبد الوهاب وأبو الأعلى المودودي وكتب سيد قطب التي تحض على كراهية المجتمع ووصفه بالجاهل، ثم أعطوني مناهجهم المكتوبة، وأسمعوني بعض الأشرطة لمن كانوا متهمين في قضية الفنية العسكرية، ورغبة في تحميسي بأن الحاكم والدار التي نعيش فيها هي دار كفر وإقناعي بأن الأخطاء الشديدة لن يتم إصلاحها إلا على يديهم.

س: هل انضمامك لهم كان أحد أسباب عدم استكمال دراستك؟

ج: كان السبب الرئيسي، لقد تركت المدرسة تمامًا رغم أنني كنت ناجحًا.

س: كيف كانت نشاطاتك داخل الجماعة؟

ج: لقد تعودنا أن الأمير يُسمع ويُطاع وطاعته من طاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، – قال- بل إن طاعته فرض مثل الصلاة والصوم، وطالما أنني أسمع وأطيع فكأنني أعبد الله. وعندما تعلمت ذلك علمته لغيري، وهجرت البيت وبعدت عن أهلي.

س: لماذا؟

ج: لأن مجموعة من الجماعة حرضتني بأن تركي للمنزل سيجعلني أمارس العبادة بصورة أحسن بعيدًا عن التلفزيون وبعيدًا عن بعض المعاصي.

وهناك صورة ثانية للتمويل بدأت في نفس الوقت وهي السرقة بالاستحلال فما داموا كفروا الحاكم إذن فأموال البنوك ومكاتب البريد مباحة لهم شرعًا في جهادهم ضد السلطة، لأنهم هم السلطة الشرعية التي أخذت مكان السلطة الموجودة التي تم سلب شرعيتها.

وأول عملية استحلال تمت في تنظيم الجهاد سنة 1977 على يد ثلاثة من منظمة الحوامدية، واحد منهم اسمه كمال غيار، والثاني اسمه خليفة، وعرفت أنهم نفذوا هذا العمل ضد أحد تجار الذهب لم يكن يصلي، فحكموا عليه بالكفر والردة واستباحوا ماله، وسرقوا من منزله ذهبًا وباعوه بألفي جنيه لحساب التنظيم.

بل إنهم أيضًا سرقوا بعض الناس بحجة المعصية وليس بحجة الردة فقط، هذه المسألة أفتى بها عمر بن عبد الرحمن وقال لي عليها علي الشريف في 1986 وهو أحد أعضاء مجلس الشورى في الجماعة الإسلامية، وقال إن عمر عبد الرحمن أفتى لهم بسرقة بعض الأماكن الموجودة فيها المعاصي مثل الملاهي وغيرها على أساس أن تكون لحساب الجماعة والتنظيم.

لكنني كنت أريد أن أؤكد على مسألة موضوع سرقة مسلم لم يحكموا عليه بالكفر، واحد اسمه حسنين طه قضى 3 سنوات في الجهاد، طلع من السجن سنة 1986 خطف سلسلة، بيسألوه ليه؟ قال: متبرجة، يبقى مالها حلال.

وعبر القناة الأولى والقناة الفضائية المصرية ظهر عادل محمد عبد الباقي ليروي حكايته مع المتطرفين، تولى عبد الباقي منصب نائب أمير جماعة الشوقيين لمدة 12 عامًا، وجاء في كلامه: ومن بين الكتب التي قرأتها كتاب المصطلحات الأربعة للمودودي وكتاب حمل اسم “الحكم الجديدة بالإذاعة” وهو كتاب يدعو إلى استحلال الأموال بالقوة الجبرية، وكذلك كتاب “معالم في الطريق” للشيخ سيد قطب، وبعد قراءتي تلك الكتب أيقنت أن الدين المتعارف عليه بين الناس غير الدين الذي شرعه الله لنا وإن الناس لا تعبد الله كما يجب أن تكون العبادة. ومع الوقت تغير كياني بالكامل وءامنت بنظرية الاستحلال وقمت بضم أعداد كبيرة من الشباب إلى الجماعة، وهؤلاء بدءوا يمارسون عمليات السطو للحصول على الأموال، ثم اعتقلت خلال أحداث أيلول عام 1981 وداخل السجن قابلت شوقي الشيخ وعبد الله سماوي والأول كنت أعرفه قبل دخولي السجن، أما السماوي فساهم بقدر كبير في تأصيل مبدإ الاستحلال وأقنعني بأن الدراسة في مدارس الحكومة حرام وأن العمل في المصالح الحكومية حرام وأن من يخالف ذلك يكون كافرًا، وكنت قبل دخولي السجن اعتزلت أسرتي وعشت مع الإخوة، حتى إنني كنت أرفض مقابلة أفراد أسرتي حينما كانوا يزورونني في السجن وكان ولائي للإخوة أي الجماعة، وأعدائي هم المشركون أي كل من هم خارج الجماعة بمن فيهم أفراد أسرتي.

وقال عادل عبد الباقي: أن شخصًا منهم أدخل أولاده المدرسة الحكومية وقال له أمير الجماعة أنت كافر مرتد، وقال لزوجة هذا الشخص وهي من الجماعة أيضًا اعتدّي ثلاثة أيام لأنك حرمت عليه، فاعتدت ثلاثة أيام ثم زوجوها من غيره، ثم رجع زوجها وأخرج أولاده من المدرسة الحكومية فقال له أمير الجماعة: الآن رجعت للإسلام، وقال لهذه المرأة اعتدي ثلاثة أيام ثم أرجعها إليه.

وفي مجلة الحوادث 16/3/1997 [ص/28] تحت عنوان يقول: “الإرهابيون رصدوا المنطقة قبل تنفيذ الجريمتين ضد المواطنين الأبرياء، شهيدة القطار كانت في طريقها للقاهرة لولادة طفلها الأول. السيدة الوحيدة التي استشهدت برصاص المجرمين كانت داخل القطار المتجه من الأقصر للقاهرة وهي عفاف محمود عمرها [23 سنة] أصيبت بطلق ناري في الرأس، وتبين أنها متزوجة بالأقصر وكانت متجهة للقاهرة لوضع مولودها الأول وتوفي المولود داخل بطنها بعد أن توقف قلب الأم من أثر الجريمة التي ارتكبتها عناصر مجرمة، وتقول الدكتورة شريفة المراغي وكيل وزارة الصحة بسوهاج: إن خمسة مصابين في حادث القطار خرجوا من مستشفى جرجا وهم: إمام أحمد علي، وبكري دريد محمد، وعماد ناشر، وسعيد جاد الله، ومجدي رفعت بسطروس.

وفي جريدة الديار/5-1-2000 عقب الأعمال الإرهابية التخريبية التي قاموا بها في شمال لبنان/ الضنية نشرت هذه الجريدة بعضًا من أفكارهم التكفيرية وتحت عنوان: “جماعة التكفير والهجرة أبرز الافكار التكفيرية” ذكر ما نصه: “فيما يلي نصوص التكفير عند جماعة التكفير والهجرة وهذه النصوص تعتمدها غالبية المجموعات المسلحة في مصر والجزائر وغيرها:

أولًا: حكم العمل في عموم وظائف الحكومات الكافرة..؟

ثانيًا: حكم المشاركة في جيوش وشرطة هذه الحكومات؟

ثالثًا: حكم الأبعاث أو الخروج في جيوش الأمم المتحدة لحفظ السلام ولفظ بعض النزاعات في كثير من بقاع العالم. فنقول باختصار وبالله التوفيق:

اعلم أن هذه الحكومات الجبرية المتسلطة على ديار المسلمين اليوم لا يشك في كفرها إلا من طمس الله بصيرته وأعماه عن نور الوحي مثلهم إذ كفرهم متلون متنوع من أبواب شتى. فهم يكفرون من باب تشريعهم مع الله حيث نصت دساتيرهم المحلية والدولية سواء على المستوى المحلي أو على مستوى هيئة الأمم المتحدة أو الجامعة ونحوها أن لهم الحق في تشريع لهم ونوابهم. وهذا مقرر معروف من موادهم لا يجادل فيه إلا جاهل لا يعرفه أو متجاهل لا يريد أن يعرفه، قال تعالى: {ءأربابٌ متفرِّقونَ خيرٌ أمِ اللهُ الواحدُ القهَّارُ} [39، سورة يوسف].

ويكفرون من باب طاعتهم المحليين منهم والدوليين وغيرهم واتباعهم لتشريعاتهم الكفرية.

ويكفرون من باب توليهم للكفار من النصارى والمشركين والمرتدين ودفهم عنهم ونصرتهم لهم بالجيوش والسلاح والمال والاقتصاد، بل قد عقدوا معهم اتفاقيات ومعاهدات النصرة بالنفس والملل واللسان والسنان فتولوهم كاملًا. ويكفرون من باب إخوتهم الشرقيين والغربيين وموادتهم ومحبتهم” اهـ.

وفي جريدة السفير 25/ حزيران/ 1998 العدد 8028 [ص/5] وجريدة الديار 25/6/1998 [ص/6] فيهما اعترافات بعض أفراد هؤلاء المتطرفين الإرهابيين، ومما جاء فيهما أن رائد أثوم اعترف على أحمد الرفاعي رئيس هذه المجموعة الإرهابية كان يقول لهم إن الجيش اللبناني كافر، وكل من يضع الأرزة فهو كافر، والذين يتعاملون مع الدولة كفار. اهـ.

وهذا الكلام الذي هو منهج سيد قطب وأتباعه التكفيري التخريبي التنفيري الدموي الإرهابي الذي أينما حلَّ حلَّ الخراب والدمار وسفك الدماء، وقتل النساء والأطفال والشيوخ، والخطف والاغتيالات ونشر الفوضى وزعزعة الاستقرار والأمن في البلاد، وكم في الجيش اللبناني أو من الذين يحملون الأرزة في بطاقاتهم الشخصية [هوية، باسبور، إخراج قيد] من مسلمين طيبين يصومون ويصلون، فكيف تجرّأ حزب الإخوان على تكفير كل المجتمعات والأفراد من الحكام والرعايا والمؤذنين وأئمة المساجد والخطباء حتى رعاة الغنم، وإنما قالوا ما قالوا من التكفير العام ليصلوا بعد ذلك إلى إباحة دماء وأموال وأعراض المسلمين وعامة الناس مطلقًا في كل الأحوال كما سترى في الفصل التالي من إرهابهم وتطرفهم وخطفهم وقتلهم للناس، وتخريب البلاد اعتمادًا منهم بزعمهم على هذه الفتاوى التي توصلوا بها لتكفير كل المجتمعات. ونتيجة هذا الفكر الأسود الإرهابي ما تسمع عنه وتقرأ كل يوم مما يحصل في البلاد، فالحذر كل الحذر من كتب سيد قطب وكل جماعاتهم التي خرجت من تحت عباءته.

ارتباط حزب الإخوان ماليًا بالصهاينة وأموال الدعارة والمخدرات والسرقة والتزوير

هذا العنوان ليس مستغربًا بالنسبة لواقع حزب الإخوان جماعة سيد قطب، فإنهم كما سبق وبيَّنا قد كفّروا الناس أولًا ليستبيحوا دماءهم وأموالهم، وهذه اعترافاتهم بذلك وقبل أن نذكر لك أيها القارئ تفصيلات هذا الموضوع نذكرك بعبارات زعيمهم ومؤسس حزبهم الفاسد سيد قطب ففي كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [المجلد الثاني ص/972] يقول: “والإسلام منهاج للحياة كلها من اتبعه كله فهو مؤمن وفي دين الله ومن اتبع غيره ولو في حكم واحد فقد رفض الإيمان واعتدى على ألوهية الله وخرج من دين الله مهما أعلن أنه يحترم العقيدة وأنه مسلم”، وفي [المجلد الثالث ص/1257] يقول بأن الإسلام اليوم متوقف عن الوجود مجرد الوجود وأننا في مجتمع جاهلي مشرك، وفي [المجلد الرابع ص/1945] يقول: إن البشرية اليوم بجملتها مرتدة، وقد مرّ معك عن بعض أتباعه أنه يعتبر المسلمين الذين لا يثورون على الحكومات أكفر وأشد شرًا من اليهود والنصارى، وإليك الآن الفضائح الإخوانية المالية:

في مجلة روز اليوسف 24/2/1997 [ص/11] تقول:

هناك صورة ثانية للتمويل بدأت في نفس الوقت، وهي السرقة بالاستحلال فما داموا كفّروا الحاكم إذن فأموال البنوك ومكاتب البريد مباحة لهم شرعًا في جهادهم ضد السلطة، لأنهم هم السلطة الشرعية التي أخذت مكان السلطة الموجودة التي تم سلب شرعيتها.

وفي مجلة روز اليوسف 16/9/1996 تحت عنوان: “احصلوا على المعلومات ولو بالزنا” يقول:

1- مواصفات القائد العام للمجموعات الإرهابية في حالة الإعداد لا بد أن يجعل من نفسه شخصية عامة مشهورة، هذا يكون جيدًا محاميًا أو طبيبًا أو خياطًا للطبقة الفاسدة، أو صاحب محل تجاري كبير للملابس النسائية والرجالية والأولاد، أو سوبر ماركت يبيع كل شيء أو صاحب صيدلية كبيرة أو كوافير بحيث يوثق صلته بأهل تلك الطبقة من رجال الحكم والجيش والمخابرات ورجال الفكر.

لا بد أن يكون الباعة عنده والعاملون من الشباب والفتيات الذين تسيل لرؤيتهم قلوب النساء والرجال، ويكونون من سن 17 إلى 27 سنة يتميزون بالذكاء والرجولة مع ابتسامة تفيض عذوبة وإثارة، وأن يكون شعر صدرهم بارزًا، وإذا كان المشترون من الرجال يكون الباعة من النسوة بحيث يمكن الإيقاع بالزبائن جنسيًا وبالتالي صيدًا ثمينًا للمعلومات، وحتى لو وصل الأمر إلى تكوين علاقات ءاثمة نحن لا شأن لنا بهذا ولا ندفع إليه، بل هو سوف يسير طبيعيًا وعند ذلك علينا أن نستغل تلك العلاقة أسوأ استغلال وابتزاز.

وفي مجلة الأزمنة العربية تحت عنوان: “الإمارات فضيحة بالوثائق الإخوان ينهبون المال العام”: “الانتماء إلى جماعة الإخوان في الإمارات شكل أقصر الطرق لنهب المال العام هذا ما تكشفه بعض الوثائق والمعلومات والحملة الشرسة التي تتعرض لها وزارة التربية حاليًا عبر الابواق الإخوانية. ومن أراد فليراجع هذا الموضوع فإنه يجده مفصلًا مع الوثائق.

وفي مجلة المجلة العدد/684- 23/3/1993 تحت عنوان: “عمر عبد الرحمن مفتي الجماعة كفّر عبد الناصر وحلل سرقة الذهب”: وفيها أن عمر عبد الرحمن أفتى بالغنيمة التي تبيح جواز الاستيلاء بالسطو على أسلحة رجال الشرطة والقوات المسلحة وأموالها وذلك لاستخدامها بمعرفة جماعته، وأفتى أيضًا بما يسمّى عندهم بفتوى تبيح سرقة الذهب والمحلات واستخدامها في شراء الأسلحة وتمويل عمليات التفجير والاغتيال.

وفي مجلة صباح الخير 7/9/95 في [ص/12] تحت عنوان: “فضائح إخوانية جديدة”، و[ص/13]: أمين الصندوق يوقع شيكات على بياض والمدير المالي يختلس 386 ألف جنيه 10 ءالاف جنيه لإصلاح سباكة وكهرباء ومطبخ الاتحاد، المناقصات صورية والأعمال تصرف قيمتها أكثر من مرة.

وفي جريدة السفير تحت عنوان: “اعتقالات في صفوف الشوقيين والجماعة” تقول: “غواصون مصريون يعثرون على حشيش مصدره لبنان أو تركيا”.

مرسى مطروح [مصر]: قالت مصادر أمنية أمس إن غواصين يبحثون عن الإسفنج في الساحل الشمالي الغربي لمصر، عثروا على 1.5 طن من الحشيش معبأة داخل إطارات سيارات على عمق 20 مترًا تحت سطح مياه البحر المتوسط، يعتقد أن مصدرها لبنان أو تركيا المورد التقليدي للحشيش لمصر.

وكان الغواصون التابعون للشركة المصرية للصيد ومعداته ومقرها الاسكندرية قد بدءوا موسم الغوص لصيد الاسفنج على مسافة كيلومتر واحد قبالة قرية النجيلة، عندما اكتشفوا الإطارات أمس الأول وتعتقد الشرطة أن المهربين وضعوا الإطارات المعبأة بالحشيش في البحر منذ بضعة شهور وكانوا يخططون لإخراجها في وقت لاحق، فيما ينتمي الباقون إلى تنظيم الجماعة الإسلامية أبرز التنظيمات المسلحة في مصر، وذكر بيان الوزارة أن حملة المداهمات شملت القاهرة والإسكندرية والبحيرة ومرسى مطروح والسويس، وأن الإسلامي القتيل سقط فيما كانت الشرطة تداهم وكره في منطقة المرج شمالي القاهرة حيث عثرت بحوزته على رشاش إسرائيلي ماركة عوزي وأوراق تنظيمية ومستندات مزورة.

وفي مجلة المجلة العدد/812 – 9/9/1995 تحت عنوان: “علي عشماوي القائد السابق لميليشيات الإخوان”: جماعة الإخوان ستصبح أكثر تشددًا في ظل ولاية مشهور، وتقول: للإخوان علاقات قوية بتجارة السلاح وأجهزة الاستخبارات العالمية، اختلفت معهم فحاربوني وطلقوا زوجتي مني وزوجوها لأحدهم.

س: كتبت كثيرًا عن تورط الإخوان في عمليات تجارة السلاح على المستوى الدولي، ما هي معلوماتك بهذا الخصوص؟

– الكلام في هذا الموضوع محفوف بمخاطر كثيرة ومهما قدمت فلن أستطيع القول بدقة ولكن الإخوان حينما يريدون إرسال أسلحة إلى أفغانستان هنا يكون السؤال أين لهم بها؟ بالطبع سيكون شراؤها من تجارة السلاح العالمية وأنا كتبت وقلت هذا الكلام أن ليس أمام الإخوان سوى شراء السلاح عن طريق اللجوء لدولة ما أو أن يشتروا من السوق، وأنا عندما كنت في قيادة التنظيم في عام 1965 سافرت إلى السعودية لمقابلة عضو بالإخوان هناك بهدف شراء أسلحة وإرسالها إلى الإخوان في مصر وبالفعل قام عضو الإخوان هناك بشراء الأسلحة ولكن الظروف وقتها حالت دون دخولها مصر وتم تخزينها في السودان، هذا يؤكد العلاقة مع تجارة السلاح الدولية والقرائن واضحة والواقعة التي عاصرتها تؤكد ذلك، وهذا السلاح الذي لم نستطع إدخاله إلى مصر تم تخزينه في جزيرة [أبا] واستخدم فيما بعد ضد الرئيس السوداني جعفر النميري في معركة سميت معركة جزيرة [أبا] بواسطة الإخوان في السودان، وهذا السلاح كانت تنوي جماعة الإخوان في مصر استخدامه في خطتها لقلب نظام الحكم وإثارة القلاقل داخل البلاد في ذلك الوقت.

س: وما هي قصة غسيل الأموال، التي أشرت مرارًا إلى تورطهم فيها؟

– بنك الاعتماد والتجارة كان الهدف من إنشائه كما هو معروف تمويل الحرب الأفغانية، وسيطر عليه الإخوان المسلمون والدليل على ذلك أن دور البنك انتهى بنهاية الحرب الأفغانية، ودور بنك الاعتماد في عمليات غسيل الأموال معروف.

س: ولكن المعلومات المنشورة تفيد أن جزءً كبيرًا من ملكية البنك كان لمؤسسات حكومية؟

– كما تعلم فمن أساليب أجهزة المخابرات أنها ترسل عملاءها إلى الحكام لإقناعهم بإنشاء أنظمة اقتصادية هدفها الواضح الربح أما أهدافها المستترة فلا يعلمه غير تلك الأجهزة”.

وفي نفس العدد [ص/25] يقول:

“ولكن المشكلة كما يقول بول بريمر المسؤول السابق في وزارة الخارجية عن مكتب مكافحة الإرهاب إن مسألة جمع الأموال مسألة شائكة لأنه في حين أن من يجمعون الأموال قد يدعون أنها لأغراض إنسانية وهو أمرٌ لا يستطيع أحدٌ من الولايات المتحدة الاعتراض عليه أو تحريمه فإن بالإمكان استخدام هذه الأموال لأي غرض يشاء المشرفون على ذلك بما في ذلك شراء الأسلحة والتحضير لعمليات عسكرية، ويقول كوغان أن لدى أجهزة الأمن الامريكية معلومات أن أنصار الحركات الإسلامية في الولايات المتحدة تمكنوا من تهريب أسلحة أميركية إلى أعوان لهم خارج الولايات المتحدة” اهـ.

ومن وقاحة جماعة سيد قطب أنهم أسسوا وأنشأوا بنكًا في جزر البهامس الأمريكية برأس مال [50] مليون دولار أمريكي وأسموه بنك التقوى ليغطوا بهذه التسمية أنفسهم وأعمالهم الرذيلة القبيحة الساقطة من قتل وتخريب، ومن أبرز المنشئين والمؤسسين لهذا البنك: يوسف القرضاوي، فتحي يكن، فيصل مولوي، وأحمد البنا، كما جاء ذلك في جريدة السفير سنة 1991 – 16/8/1991.

وفي جريدة السفير الجمعة 16/8/1991 [ص/8] تحت عنوان: “انفرط عقد التنظيم الدولي للإخوان المسلمين انسحاب الكويتيين وتأثير مباشر على المصريين”:

وأكدت المصادر أن النشاط الحالي لجماعات الإخوان القطرية يعتمد على تمويل التنظيم الدولي الذي أسس في جزر البهامس [مصرف التقوى] برأس مال قدره 50 مليون دولار وتستخدم استثمارات هذا المصرف في تمويل أنشطة الجماعات القطرية وهو تنشيط في مجالات التجارة والمضاربة على الذهب وتمويل تجارة السلاح والمخدرات، وقد ساهمت استثماراته في تمويل الحملات الانتخابية للتيار الإسلامي في مصر العام 1987 والأردن وتونس واليمن.

وتؤكد مصادر إخوانية في مصر من المعارضين لأبي النصر أن معظم إسهامات قائمة المؤسسين صورية وأن الإسهام الفعلي هو لقيادات سعودية وكويتية وخليجية، وقد دافع يوسف ندا مستشار المؤسسين عن اختيار البهامس مقرًا لمصرف التقوى لاحتمال مصادرة أموال المؤسسين في ما لو تمَّ تأسيس المصرف في بلد إسلامي أو عربي إلى جانب سهولة حركة السحب والإيداع وحرية المودع في عدم الكشف عن مصدر ثروته وتحقيق نسبة فائدة أعلى بمقدار.

وفي جريدة السفير الاربعاء 4/12/1991 حمل مؤسس جبهة المعارضة البرلمانية في مجلس الشعب المصري مشيرًا إلى وجود علاقة بين رأس المال الإسلامي ورأس المال الصهيوني.

ورأى طه أن شركات توظيف الأموال ظاهرة حديثة في مصر حاولت أن تؤمن لنفسها غطاءً دينيًا لطبيعتها الجوهرية مضيفًا أن جماعة “الإخوان المسلمين” أنشأت المركز الرئيسي لهذه الشركات في جزر البهامس، مما يكذب الادعاء بأنها ذات طابع إسلامي، فالبهامس هي جزيرة المخدرات والتهريب والدعارة. وأعرب طه عن اعتقاده بأن نشاط هذه الشركات مرتبطة بالصهيونية كاشفًا أن لديه مستندات مصدرها سعودي تشير إلى وجود علاقة بين رأس المال الإسلامي والصهيوني مما يظهر وجود مخطط يجذب مدخرات المواطنين والاستحواذ عليها وحجبها عن التوجه لبناء اقتصاد وطني.

فضيحة مالية

اعترف أحد زعماء حزب الإخوان في لبنان وهو محمد علي الجوزو أنه في عام 1975 أخذ مليون ريال من الملك خالد ثم جمع في ليلة واحدة من بعض التجار ثلاثة ملايين ريال باسم بناء مسجد ومدرسة ومكتبة، كما ادعى زهير العبيدي أحد البارزين في حزب الإخوان في لبنان أنه بعد أن جمعوا مبالغ كبيرة بالدولارات الامريكية باسم البوسنة والهرسك أن الصربيين اعتدوا عليه وأخذوها منه، وهذه عادة حزب الإخوان أنهم يجمعون الأموال باسم بناء المدارس والجوامع والمؤسسات الخيرية والأيتام ثم يصرفونها على عمليات إجرامهم وشهوات أنفسهم، وهكذا تضييع أموال المسلمين في أيدي الإرهابيين والمتطرفين وينطبق عليهم ما ورد في الحديث: “إن أناسًا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة” رواه البخاري.

وبعد أن سردنا لك وبيّنا فضائح ووقائح وقبائح سيد قطب ومن تبعه في بغضهم وكراهيتهم وعدائهم للأمة العربية والإسلامية، وتكفيرهم لأهل كل المجتمعات، إليك الآن علاقتهم ومودتهم وارتباطهم ومحبتهم للإنكليز والماسونية واليهود، ونبدأ بما شهدوا به على أنفسهم وبالتحديد ما قاله الشيخ محمد الغزالي الذي كان مرافقًا ومصاحبًا وصديقًا للشيخ حسن البنا رحمه الله وكيف أنهم بعد حسن البنا انحرفوا وبدلوا وغيروا حتى كفرهم الشيخ حسن البنا، وأن الماسونية هي التي أفسدت جماعة سيد قطب من سيد قطب وحسن الهضيبي ومن تبعهما ففي الكتاب المسمى “من معالم الحق” [ص/263-264] للغزالي دار الكتب الحديثة الطبعة الثانية 1963 ما نصه: “فلم يشعر أحد بفراغ الميدان من الرجولات المقتدرة في الصف الأول من جماعة الإخوان المسلمين إلا يوم قتل حسن البنا في الأربعين من عمره لقد بدا الأقزام على حقيقتهم بعد أن ولى الرجل الذي طالما سد عجزهم.

وكان في الصفوف التالية من يصلحون بلا ريب لقيادة الجماعة اليتيمة، ولكن المتحاقدين الضعاف من أعضاء مكتب الإرشاد حلّوا الأزمة، أو حُلت بأسمائهم الأزمة بأن استقدمت الجماعة رجلًا غريبًا عنها ليتولى قيادتها، وأكاد أوقن بأن من وراء هذا الاستقدام أصابع هيئات سرية عالمية أرادت تدويخ النشاط الإسلامي الوليد فتسللت من خلال الثغرات المفتوحة في كيان جماعة هذه حالها وصنعت ما صنعت. ولقد سمعنا كلامًا كثيرًا عن انتساب عدد من الماسون بينهم الاستاذ حسن الهضيبي نفسه لجماعة الإخوان ولكني لا أعرف بالضبط، استطاعت هذه الهيئات الكافرة بالإسلام أن تخنق جماعة كبيرة على النحو الذي فعلته، وربما كشف المستقبل أسرار هذه المأساة” اهـ.

ويقول محمد الغزالي [ص/264] فاضحًا جماعة سيد قطب ومادحًا حسن البنا: “فألف حسن البنا ما يسمى بالنظام الخاص، وهو نظام يضم شبابًا مدربين على القتال، كان المفروض من إعدادهم مقاتلة المحتلين الغزاة من إنكليز ويهود. وقد كان هؤلاء الشبان الأخفياء شرًا وبيلًا على الجماعة فيما بعد، فقد قتل بعضهم بعضًا، وتحولوا إلى أداة تخريب وإرهاب في يد من لا فقه لهم في الإسلام ولا تعويل على إدراكهم للصالح العام، وقد قال حسن البنا فيهم قبل أن يموت: إنهم ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين” اهـ.

ويقول المستشار سعيد العشماوي في مجلة مصر [ص/42]: “هناك علاقة بين جماعة الإخوان وبين شركة القناة وأن هذه الشركة موَّلت الإخوان بمبلغ 30 ألف جنيه والشركة معروفة أنها كانت تعمل لحساب المخابرات الإنكليزية والفرنسية، وذكر أن هناك أكثر من وثيقة تدل على صلة المخابرات الاميركية بتيار الإخوان، وعجبًا كيف يدّعون محبتهم الإسلام والمسلمين وأنهم يرفضون الكفر والتعامل مع الكفار ثم يتعاملون بل يمانعون من قتال أعداء الأمة، فقد كان الدكتور إسحاق موسى الحسيني يقول في كتابه “الإخوان المسلمون” [ص/72] ما نصه: وحين أعلن أحمد ماهر الحرب على ألمانيا وإيطاليا عارضه الإخوان وكتبوا إلي بالعدول عن ذلك واغتيل أحمد ماهر”.

وفي كتاب سامي شرف رجل المعلومات الذي صمت طويلًا يتحدث لعبد الله إمام، عبد الناصر كيف حكم مصر؟ دار الجيل/ بيروت الطبعة الأولى 97 يقول في [ص/134] ما نصه: “نرجع إلى السؤال الذي طرحته وأنا لدي تصور أن الإخوان المسلمين في تلك الفترة لم يكونوا على علاقة بالقصر الملكي فقط ولكنهم أساسًا كانوا على علاقة بالإنجليز، وأعتقد أنه ليس مصادفة أن تكون بداية قيام الإخوان المسلمين في منطقة الإسماعيلية حيث مقر الاحتلال ومقر شركة قناة السويس، وأن أول دعم تلقته جمعية الإخوان المسلمين كان من شركة قناة السويس الاستعمارية، وكان هذا الدعم سببًا في أول انشقاق في صفوف الإخوان، ثم فيما بعد سنرى أن هذه العلاقة تتأكد من خلال اتصالهم بالمستشار الشرقي للسفارة البريطانية مستر ايفانز، في هذه الفترة كانت هناك مفاوضات مع الإنجليز وقد عمل الإخوان على إفشال المفاوضات مما يؤكد هذه العلاقة بينهم وبين الإنجليز”. اهـ.

الأرقام تقول انك ترافعت في أكثر من 20 قضية من هذا النوع كأنك تخصصت في الدفاع عنهم، لماذا؟ أظن عدد 20 قضية غير دقيق لأنه من المؤكد أن عدد القضايا التي اشتركت فيها أكثر من هذا بكثير، ولكن ربما أشهرها وأكبرها وأضخمها هي العشرون، لماذا؟ لأنني منهم وهم مني، وأستطيع أن أتفهم الدوافع التي يبرر بها بعض الشباب من الجماعات الإسلامية أعمالًا قد تسمى بأعمال العنف قد تصدر من أمثالهم، أستطيع أن أتفهم أنها ردود فعل لعنف أصلي يقع عليهم من السطلة أو من أجهزة الامن ثم دعني أضيف موضحًا أن التخصيص وارد في مهنة المحاماة، ويعرف الناس أن محامين معينين يقومون بالدفاع في قضايا المخدرات ولا لوم عليهم وهناك المتخصصون في قضايا الأحداث أو أمام المحاكم العسكرية، وهكذا، لماذا إذن تيار اللغط حولنا نحن فقط؟ هناك بالطبع مساحة للتعاطف مع هؤلاء المتهمين وكما ذكرت لك فأنا عن نفسي أدافع عنهم لأنني منهم وهم مني.

ماذا تقصد بقولك إنك منهم؟

أنا من أنصار الفكرة الإسلامية ومن أبناء الحركة الإسلامية.

أنت لا تعتبر نفسك إذن مجرد محام يؤدي دوره الذي يوجبه القانون وإنما تعتبر نفسك صاحب قضية؟

أستطيع أن أقر بذلك.

– وفي مجلة الوطن العربي/ العدد 921 الجمعة 28/10/1994 بالخط العريض: لهذه الاسباب تفتح بريطانيا أبوابها أمام الأصوليين.

ذكر سيد قطب في كتابه المسمى “في ظلال القرءان” المجلد الاول الجزء 2 الطبعة الخامسة عشر طبعة دار الشروق 1988 بتعليق محمد قطب في تفسيره لسورة البقرة [ص/240] يقول والعياذ بالله: “إن المسلمة والكتابية يلتقيان في أصل العقيدة في الله وإن اختلفت التفصيلات التشريعية”، وفي [ص/295] وفي معرض كلامه عن اليهود يقول مفتريًا على الإسلام: “والإسلام يقوم عليهم يحميهم ويحمي حريتهم في العقيدة”، وفي المجلد الثالث الجزء التاسع سورة الأنفال في [ص/1435] يقول سيد قطب في معرض تكلمه عن اليهود وأهل الكتاب مفتريًا على الإسلام: “ثم ينطلق الأفراد بعد ذلك أحرارًا بالفعل في اختيار العقيدة التي يريدونها بمحض اختيارهم” فانظر أيها القارئ المنصف إلى ما يدعو إليه سيد قطب وسيد سابق ويوسف القرضاوي وفتحي يكن وعبد الرحيم عكور وزعماء الإخوان أتباع سيد قطب كفيصل مولوي وحسن قاطرجي فإنهم يدعون إلى أن اليهود وما يعتقدونه في الله من أنه – بزعمهم الفاسد- إنسان بشر وجسم يقعد ويتألم ويبكي ويندم وينزل إلى الأرض فيتصارع مع يعقوب ويصرعه يعقوب ويكسر له رجله، ومن أنه مستلق على العرش على قفاه، وأن عزيرًا ابن الله، وأن لوطًا – بزعمهم- شرب الخمر وسكر وزنى بابنتيه فولدت واحدة منهن له، وغير ذلك من قبائحهم التي لا يحصيها إلا الله فإلى أي عقيدة شركية خبيثة يدعو سيد قطب ومن معه وإلى إنه على زعمه عقيدة سماوية وأن الإسلام كفل لهم حرية عقيدتهم هذه. فما أوقحهم وما أشد افتراءهم على دين الله، وكيف يكونون مدافعين عن الإسلام وهم الذين يدافعون عن هذه العقائد الشنيعة عقائد اليهود.

وهذا المذكور من رؤساء وزعماء حزب الإخوان المفسدين في الأرض فإنه يقول في كتابه المسمى “فقه السنة” الجزء الثاني الطبعة الثامنة – دار الكتاب العربي 1987 بيروت [ص/96] ما نصه: “وأما الكتابية فليس بينها وبين المؤمن كبير مباينة، فإنها تؤمن بالله وتعبده وتؤمن بالأنبياء” وهذا الضلال مخالف لقول الله تعالى عن أهل الكتاب: {قل يأهل الكتابِ لمَ تكفرون بآياتِ الله} [98، سورة ءال عمران] فإن كان يعتبر اليهودية مؤمنة وأنها كالمؤمن وأنها تعبد الله فمن الكفار عنده وعند جماعته؟! وا عجباه!!! يقتلون المؤمنين الموحدين في الجزائر ومصر وغيرهما ويذبحونم ويبقرون بطون النساء المسلمات الحوامل ويعتبرونهم مشركين ويعتبرون اليهود مؤمنين، فاعرفوهم على حقيقتهم بعد كشف القناع عن وجوههم السوداء.

ويقول سيد سابق والعياذ بالله في المجلد الثاني من الكتاب السابق [ص/404] ما نصه: “الظاهر أن الكافر إذا انتقل من دينه إلى دين ءاخر من أديان الكفر فإنه يقرّ على دينه الذي انتقل إليه ولا يعترض له”.

وفي [ص/544] يقول سيد سابق والعياذ بالله: “ولهذا قرر الإسلام المساواة بين الذميين والمسلمين، فلهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم وكفل لهم حريتهم الدينية”.

وفي [ص/545] يقول سيد سابق والعياذ بالله ما نصه: “بل من حق زوجة المسلم اليهودية أن تذهب إلى المعبد ولا حق لزوجها في منعها من ذلك” فانظروا إلى هذا الضلال المبين حيث جعل سيد سابق الكفر حقًا وسوّى بين المسلمين واليهود، وأذن وأباح لهم أن يفكروا كما يريدون، وقد كذب قول الله عز وجل: {أفنجعل المسلمين كالمُجرمين [35] ما لكم كيف تحكمون [36]} [سورة القلم].

القرضاوي وزمرته يوجبون على المسلمين احترام قوانين البلاد الغربية بينما يكفرون المسلمين الذين يحكمون القانون في البلاد العربية

في البيان الصادر عما يسمى “المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث” الذي عقد اجتماعه في دبلن [1] جاء في هذا البيان ما نصه بالحرف: “وأكد المجلس على وجوب احترام المسلمين لقوانين البلاد التي يقيمون فيها” اهـ.

الرد:

القرضاوي كثيرًا ما يرفع عقيرته بأعلى صوته مناديًا بفقه جديد ويدعو إلى الاجتهاد والترفع عن التقليد كل ذلك من أجل “الفكر الحزبي” ليس إلا. وإلا فما معنى أنهم يثورون على حكام العرب والمسلمين ويكفرون كل موظف في الدولة بسبب أنه يحكم بالقانون حتى قال سيد قطب: حتى ولو حكم بجزئية فهو كافر. لماذا من عمل بالقانون في بلادنا مهدور الدم ولماذا القانون الأوروبي يجب احترامه وتقديسه عند القرضاوي وزمرته المتعفنة؟!.

هذا الكلام ليس كلام القرضاوي فحسب إنما هو كلام رئيس هذا المجلس وبعض أعضائه لهم شهرة في حزب الإخوان [2] الذين وافقوا عليها، كيف يجب احترام قوانين الأوروبيين وفيها ما يخالف ديننا وعروبتنا ووطنيتنا وأخلاقنا الإسلامية والعربية والشرقية، من أين أتيتم بهذه المزاجية يا حزب الإخوان. فلكم الويل في تسمية مثل هذا الكلام بالفقه الإسلامي بل هذا يسمى “بفكر حزب الإخوان” ولا نخدع بتسمياتكم بفقه المرحلة والوسطية والاعتدال كل ذلك زيف وبهتان.

فبالأمس القريب “ونصوصكم موجودة في الكتاب” كنتم تعتبرون البرلمانات مصانع الكفر والإلحاد وكنتم تعتبرون أن الدخول إليها شرك لا يغفره الله وكل نائب حلال الدم. فها أنتم تطبعون العلاقات مع الأنظمة التي كفرتم وحاربتم، وصار لكم نواب في البرلمانات [لبنان مصر الجزائر السودان اليمن الأردن] حتى صار لكم وزراء في الجزائر وصار لكم نظام في السودان، فأنتم تحللون وتحرمون بحسب شهواتكم وبحسب مقتضى هواكم وأفكار حزبكم، حتى إن الترابي صار رئيس مجلس النواب [أي المؤسسة التي ترون أنها تشرع الكفر والفساد]. بل ذهبتم في شهوتكم لدخول البرلمانات إلى أكثر من ذلك بكثير حيث إن لكم عضوًا في البرلمان الإسرائيلي [الكنيست]. فماذا تقولون؟…

الهوامش:

[1] هذا النص من بيان وزعوه عن توصيات وفتاوى المؤتمر [ص/2] وفي هذا البيان أحلوا فيه أكل المطعومات التي فيها لحم خنزير وأحلوا بيع لحم الخنزير والخمر وذكروا أن ذلك كان باجتهاد منهم.

[2] في ءاخر البيان ورد: المشاركون، الشيخ فيصل مولوي [لبنان] والشيخ عبد الله يوسف الجديع [بريطانيا] والشيخ محمد سعيد البادنجي [تونس] والشيخ محمد فؤاد البرازي [الدانمارك] والشيخ راشد الغنوشي [تونس] والشيخ عصام أحمد البشير [السودان] والشيخ عبد الرحيم الطويل [اسبانيا] والشيخ محمد مجاهد [بلجيكا] والشيخ علي يوكسال [شيخ الإسلام في أوروبا تركي الأصل] والدكتور أحمد الراوي [لندن] والشيخ حسن حلاوة [إيرلندا] وآخرين من دول أوروبية مختلفة بالإضافة للقرضاوي الذي يرأس هذا المجلس.

جاء في بيان المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء المؤلّف من أعضاء من حزب الإخوان ومرتبطين به برئاسة القرضاوي والنص الآتي: “أباح المجلس بيع الخمر ولحم الخنزير في متاجر يملكها مسلمون إذا كان ولا بد من بيعها، وشرط المجلس أن تكون نسبة المواد المحرمة قليلة من جملة التجارة العامة. وحرَّض المجلس التجار المسلمين على تشغيل عمال غير مسلمين لبيع هذه المواد استبراء لدينهم. وحرم المجلس بيع الخمر في المطاعم لأنها تحتل نسبة عالية من المبيعات. ودعا أصحاب المطاعم من المسلمين إلى منافسة المطاعم الأخرى من خلال نظافة مطاعمهم وتميزها بأكلات شرقية لذيذة تشد الرواد ودعاهم إلى الاكتفاء بربح قليل فيه بركة خير من ربح كثير لا بركة فيه”. انتهى ما في الفتوى “الإخوانية” بنصه!!!

الرد: قد حرم ربنا الخمر وسمَّاها رجسًا من عمل الشيطان والقرضاوي ومن معه يبيحون بيعها!!!

وقال الأئمة الأربعة إنها نجسة والقرضاوي ومن معه يبيحون بيعها!!!

وروى البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة يقول: “إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والأزلام ولحم الخنزير” فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة تطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس، فقال: “لا هو حرام”. فانظر كيف حرم رسول الله بيع الخمر والخنزير نصًا لا تأويل فيه ولا استثناء ولو كان فيهما منفعة، وقارن ذلك بفتوى اللجنة ترى كيف ولو كان يحارب القرضاوي ومن لف لفه دين الله وينقضون عراه. وقد نصّ ربنا تبارك وتعالى على تحريم التعاون على المعصية فقال سبحانه: {ولا تَعاوَنوا على الإثم والعدوان} [2] وأما “الدكتور” و”إخوانه” أفتوا إذا أراد شخص شرب الخمر فأعنه وبعها له!! وإذا أراد أكل الخنزير فأعِنْه وبعْ لحمه له!! وإذا أراد شخص العمل في إعانته على المعصية فيسّر له ذلك وشغّله عندك يبيع الناس المحرمات طالما أنها لا تمثل غالب تجارتك!!!! ومن يدري لعلهم يبيحون في المستقبل للمرأة المسلمة كشف شعر رأسها في الطرقات طالما أن ذلك لا يحصل أغلب الأيام، أو يبيحون للزوج أن يجامع غير الزوجة طالما هو لا يكثر من ذلك، أو يسمحون للشاب بتقبيل الفتيات الأجنبيات ومعاشرتهن بالحرام طالما أن هذا لن يمثل سوى فترة قليلة من عمره، ومن يدري أين يصلون بعد هذا تحت ستار مجاراة المجتمعات الغربية ونظمها وتحت ستار دعواهم الاجتهاد والتجديد وهم في الحقيقة يخربون الأحكام ويهدمون الفقه المتوارث.

واعجبْ لسخافتهم واستصغارهم عقول سامعيهم عندما يدَّعون الحرص على وجود البركة في أموال تجار المسلمين فيزعمون بركةً مكتشفةً في نجاسة الخمر ولحم الخنزير لم يعلم بها أحد من المسلمين من قبل!! واعجب أيضًا لادعائهم الحرص على استبراء المسلمين لدينهم وذلك بتشغيل غير المسلمين لأكل المال الحرام!!! فهل سمعت قط بمثل هذه الآراء حتى من مجنون أو من أهل حانة أو ماخور!؟

تنبيه: أحد أعضاء هذا المجلس فيصل المولوي اللبناني كان أفتى في العدد/7 عام 1970 العمل من مجلة الشهاب أنه لا يجوز للمسلم السفر إلى البلاد الغربية لمجرد العمل، أما اليوم وبعد أن تيسر له مصدر مال في هذه البلاد فقد غيّر فتواه إلى درجة إباحة بيع الخمر والخنزير لجلب المال وهو خاطئ في المرتين، فهل يثق العاقل بمثله في أمر دينه؟ الجواب: قطعًا لا.

ظهر “الدكتور” يوسف القرضاوي على قناة الجزيرة الفضائية مساء الأحد بتاريخ الثاني عشر من أيلول سنة 1999 وذمَّ نبيّ الله موسى الذي هو من أفضل رسل الله بل هو يلي سيدنا محمدًا وسيدنا إبراهيم في الفضل عند الله، فقد وصف كليم الله تعالى موسى بكلمة لا يتجرأ أقل المسلمين علمًا وثقافة أن يطلقها على نبي من الأنبياء، فقال: “إنَّ سيدنا موسى كان عنيدًا” اهـ.

الرد: لا خلاف في أن العناد صفة ذم ونقصان ومعناه الثبوت على الباطل بعد تبين الحق للشخص، وقد ذم ربنا عز وجل من اتصف بذلك فقال تعالى: {واسْتَفتحوا وخابَ كلّ جبارٍ عنيدٍ} [15]. فجعل القرضاوي سيدنا موسى في وصف أولئك الكفرة، فجازاه الله بما يستحق. ولكن “الدكتور” لا يبالي بالافتراء على أنبياء الله تعالى، فحتى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لم ينجُ من افتراءاته فقد نقلت مجلة روز اليوسف في عددها الصادر بتاريخ 9/11/1998 عن مقابلة تلفزيونية أجراها “الدكتور” في ذلك الوقت تكلم فيها عن أمر الجماع بين الزوجين أنه قال فيها “إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل مع زوجاته مجردًا من الإزار” اهـ!!!

وكأن القرضاوي سمع في بعض الأحاديث أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يغتسل مع بعض زوجاته من إناء واحد، ولعله قرأ في أحاديث أخرى عبارة متجردًا فاختلط الأمر في ذهنه فتجرأ وقال زورًا وكذبًا إنَّ النبي كان يغتسل مع زوجاته مجردًا من الإزار، هذا مع أن التجرد الوارد في بعض الأحاديث معناه كشف الجزء الأعلى من البدن وليس ما تحت السرة، بل ثبت في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أشد الناس حياء، فكيف بعد هذا ينسب إليه القرضاوي ما نسب؟! لكن من لا يستحي لا يمسك لسانه، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: “إنّ مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت”.

جاء في مجلة الأمان التابعة لحزب الإخوان العدد 358 حزيران 1999 وتحت عنوان “رجال صدقوا جيل الرواد في الحركة الإسلامية والصحوة الإسلامية المعاصرة”. بقلم عبد الله حلاق جمال الدين الأفغاني/ محمد عبده.

ومما جاء في هذا المقال: “وقام السيد جمال الدين الأفغاني في مصر سنة 1288هـ – 1868. بتوجيه عدد من العلماء أمثال الشيخ محمد عبده والشيخ محمد رشيد رضا”، ثم جاء في المقال: “ويتابع الشيخ محمد عبده سنة 1323هـ – 1903 حركة الإيقاظ بعد الأفغاني يتخذ من مجلة العروة الوثقى ومن مجلة الوقائع المصرية يبث من خلالها أفكاره وتطلعاته الإسلامية”.

وكذلك قام يوسف القرضاوي أحد كبار دعاة حزب الإخوان بمدح محمد رشيد رضا الماسوني تلميذ جمال الدين الأفغاني الماسوني فيقول القرضاوي في كتابه المسمى “الحلال والحرام في الإسلام” [ص/91]: “وهي القاعدة التي صاغها العلامة المجدد السيد محمد رشيد رضا صاحب مجلة “المنار وتفسير المنار”، وذكر أيضًا في كتابه المسمى “الصحوة الإسلامية” [ص/97].

فيتبين لك أيها القارئ مدى الارتباط الوثيق بين جماعة سيد قطب وزعماء الماسونية كجمال الدين الأفغاني الذي كان من أكبر زعماء الماسونية. وتجد ذلك موثقًا ومؤرخًا بالوثائق الخطية من الأفغاني نفسه بخط يده، كما جاء في كتاب “صحوة الرجل المريض أو السلطان عبد الحميد الثاني والخلافة الإسلامية” الناشر أحمد عبد الله الفليج مؤسسة صقر الخليج للطباعة والنشر – الكويت. تأليف موفق بني المرجة وجاء فيه في الفصل الأول [ص/337] ما نصه: “وثمة تساؤلات عن حقيقة المهام التي قام بها خلال رحلاته إلى كل من الهند وإيران وروسيا فضلًا عن زيارته للندن ثلاث مرات، وثمة تساؤلات عن أسباب انتسابه للمحفل الماسوني الاسكتلندي بمصر وسرعة صعوده لزعامة ذلك المحفل ثم انسحابه وتأسيس محفل ماسوني وطني تابع للشرق الفرنسي. وثمة تساؤلات عن أسباب خلافه مع الخديوي وأبعاده عن مصر وعن ءاثار ذلك الخلاف على طلابه ولا سيما محمد عبده وموقفه من الحركة الوطنية المصرية وعن صداقاته للعديد من المشبوهين اليهود والنصارى والتساؤلات لا تنتهي بالنسبة للصدى الواسع الذي أحدثته وفاته أوساط أصدقائه الكثيرين من مبشرين والمستشرقين” اهـ.

وهنا تجدد وثيقة خطية بخط جمال الدين الأفغاني فيها يطلب الانتساب للماسونية في مصر وتوقيعه عليها، وكان يسمي نفسه جمال الدين الكابولي وتجد وثيقة ثانية وهي انتخاب جمال الدين رئيسًا للوج [كوكب الشرق] الماسوني بالقاهرة.

ووثيقة ثالثة وهي صورة رسالة ءان بلند [عان بلونت] زوجة ضابط الاستخبارات البريطانية [بلند] إلى صديقها العزيز الأمير جمال الدين الافغاني. ومن أراد زيادة التأكد فليرجع إلى المصدر المذكور فإنه مليء بالوثائق التي تدل على ماسونية الأفغاني.

فبعد هذا بان واتضح خطورة حزب الإخوان الإرهابيين المتطرفين المرتبطين بالماسونية وهي الحركة الصهيونية العالمية. لكنهم يتسترون باسم الإسلام وباسم العلماء والمشايخ ليهون عليهم تضليل الناس والعمل على تخريق وتفتيت البلاد العربية والإسلامية من الداخل، فاعرفوهم واعرفوا حقيقتهم الخبيثة، فإنهم أعداء المؤمنين وأحباب الكافرين.

فبعد الذي ذكرناه من أقوال وضلالات سيد قطب ومن مرت أسماؤهم قبلًا نقول لهم: إذا كان الرسول على زعمكم وافق وأقر اليهود على دينهم وعقيدتهم وسمح لهم بحرية العقيدة، وأن الإسلام على زعمكم لم يُكره أحدًا على اعتناقه بل ترك الحرية والاختيار لاتباع غيره من الأديان الباطلة بل ورخص لهم بالبقاء على عقيدتهم على زعمكم فلم أرسل الله رسول الله محمد؟!!! ولمَ قاتل المشركين كافة؟! ولمَ جاهد المنافقين وأظهر خبثهم؟! ولم قاتل اليهود أسيادكم؟! ولم تكلف أتباعه من بعده من صحابة وتابعين بنشر الإسلام في الأرض شرقًا وغربًا؟!!!!

بل جاء الإسلام لإبطال كل دين سواه ولكفّ الناس عن الفكر الذي يخالف الإسلام.

فقد ظهر الحق وبان وانكشف وعرف الناس من يدافع عن اليهود ويحمي عقيدتهم وينشرها لهم بين المسلمين، وقد عرف الناس أيضًا من يوطد لليهود ليسيطروا على بلاد المسلمين والعرب فها هي أذنابهم تنشر الرعب بين الآمنين في بلاد المسلمين تقتيلًا وإرهابًا وتفجيرًا وتفخيخًا وبقرًا لبطون الحوامل وذبحًا للكبار والصغار الذكور والإناث والشباب والعجز، كل ذلك على زعمهم باسم الإسلام وإقامة دولة الإسلام وما هو إلا خدمة واضحة للصهاينة أصحاب الفتن وأحبابهم. لقد ظهر للناس وبان من يتبع الإسلام ومن يتبع اليهودية وإن سمّوا أنفسهم وأحزابهم وجماعاتهم وتنظيماتهم ومؤسساتهم ومراكزهم بأسماء إسلامية فإن نور الحق ساطع لا يحجبه ظلام الباطل وسواده، فاعرفوا أيها الناس يهود الداخل الذين يمكنون لإخوانهم وأسيادهم يهود الخارج. إذًا فالقطبية [حزب الإخوان] والمسمون الجماعة الإسلامية هم أعداء المؤمنين وأحباب وأعوان الكافرين.

وبعد استعراضنا لكثير من المسائل يتبين ما يجمع بين اليهود وهذه الجماعات المتسترة باسم الإسلام واتفاقهم على عقيدة واحدة في الكفر والتشبيه والتجسيم وتكفير المؤمنين، ودفاعهم عن اليهود واحترامهم لدينهم الباطل، وقولهم بإيمان اليهود والمطالبة بعدم تكفيرهم، وتسليم الأرض لهم وخروج المسلمين منها، وعمل ترتيبات أمنية لليهود مع ضمان سلامة الأرض المحتلة من قبلهم، وتعاملهم وارتباطهم بالأموال المشبوهة، وبما بين أموالهم ورأس المال الصهيوني من علاقة وارتباط قوي، وتزويدهم لهم بالسلاح والمتفجرات من مستودعات ومخازن للجيش اليهودي، كل ذلك يؤكد لك عمق الارتباط الوثيق بين اليهود وإخوانهم المذكورين من وهابية وقطبية جماعة سيد قطب الذين يسمون بالجماعة الإسلامية أو حزب الإخوان والذين يخدمون دين اليهود ويسهلون انتشاره بين المجتمعات العربية والإسلامية، وما ينشرونه من فوضى ورعب وتقتيل وتخريب وتدمير وتفجير وسفك للدماء وذبح للمشايخ والنساء والأطفال وخطف ونهب وسرقة وغصب واحتيال وتزوير وتفجير قطار ومطار وخطف الطائرات وغير ذلك من أعمال التطرف والإرهاب، وكل ذلك يفعلونه باسم الإسلام والعمل الإسلامي والدعوة والإرشاد والإصلاح والصحوة الدينية والنهضة وغير ذلك على زعمهم من شعارات براقة، وهم أخطر وأضر على أوطاننا ومجتمعاتنا من السرطان والآكلة [الغرغرينا] فهم خطر منتشر مسيطر فاحذروهم وحذّروا منهم.

إن ما يسمى [الجماعة الإسلامية] في لبنان هي امتداد لما يسمى حزب الإخوان المسلمين المعروف دوليًا بإرهابه ومخالفته للدين، نعم حزب الإخوان الذي قال فيه علي عشماوي ءاخر قائد للميليشيات المسلحة لما يسمى [حزب الإخوان المسلمين] الذي تركهم لشذوذهم وانحرافهم وطلبهم للرئاسة والمال: “وقد كان هذا الصراع دليلًا دائمًا ومؤكدًا على أن الهدف الذي يسعى إليه الإخوان ليس خدمة الإسلام والمسلمين ولكن البحث عن مكانة ودور ومنصب يمكن أن يفيد في قضاء المصالح والبحث عن المال”. اهـ. [روز اليوسف 3/10/1994]. حزب الإخوان الذي قال فيه أيضًا علي عشماوي المطّلع على حقيقته: “إن الإخوان ليسوا سوى منظمة انقلابية تستخدم الإسلام كستار وليسوا سوى فرقة من الفرق التي مرت في تاريخ الإسلام تمامًا مثل الخوارج”. [روز اليوسف 10/10/94] ومثل هذا ما قاله المدعو فتحي يكن في كتابه “الموسوعة الحركية” المجلد الثاني [ص/242] سطر 20-21 ونص عبارته: “والجماعة تعتبر المنهج الإسلامي انقلابيًا” اهـ، إلا أنه ما زال مع هذا الحزب ولم يتركه.

ومما قاله علي عشماوي: “… وأن المسألة لم تعد فقط حلمًا سياسيًا يمكن الاستعانة بالمتطرفين لتنفيذه…. وإنما الأمر أكبر من هذا بكثير… إنه المال… إنها المليارات” اهـ. [روز اليوسف 17/10/1994].

وقال عن هذا الحزب الإرهابي: “… ولهذا تصدر جميع الفتاوى اللازمة لتسهيل تلك المهمة بصرف النظر عما جاء في كتبهم القديمة فقد نسفوها جميعًا” اهـ [روز اليوسف 31/10/1994].

ولبيان الصلة بين ما يسمى [رابطة الطلاب المسلمين] و[الجماعة الإسلامية] في لبنان و[حزب الإخوان] ورد في مجلة الشراع العدد 353 الصادر في 26 كانون الاول 1988: “التقى في صيدا عدد من قادة الجماعة الإسلامية [الاسم اللبناني لجماعة الإخوان المسلمين]” اهـ.

ويظهر ذلك في مجلة [العالم] العدد الصادر في 29/6/1991 [ص/33] حيث يقول الكاتب: “فتحي يكن وجه فكري وتنظيمي بارز في حركة الإخوان المسلمين العالمية ويُعدّ كتابه الشهير “ماذا يعني انتمائي للإسلام” مادة رئيسية مقررة في برامج التربية والتكوين الاساسية في كل تنظيمات الإخوان عبر العالم، وهو أيضًا الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان” اهـ.

وفي حوار لجريدة [السفير] مع نائب ما يسمى [الجماعة الإسلامية] في لبنان المدعو [زهير العبيدي] يقول العبيدي: “إن انتصار التيار الإسلامي سواء في الجزائر أو تونس أو في أي بلد عربي ءاخر أعطى دفعًا قويًا للتيار الإسلامي في لبنان” اهـ. جريدة السفير 2/9/1992، والكل يعلم ما يحصل في الجزائر وتونس من إرهاب وقتل وانفجارات في المطارات والقطارات.

وقال المدعو عدنان سعد الدين المراقب العام لما يسمى [حزب الإخوان المسلمين] فرع سوريا في مجلة الوطن العربي العدد الصادر في 27/5/88: “الإخوان في مصر محظورون ولم يكن لديهم ترخيص رسمي إلا في الأردن وفي لبنان تحت اسم الجماعة الإسلامية” اهـ.

وفي الجريدة المسماة [المسلمون] العدد 403 الصادر في 27/ربيع الآخر 1413، 23/10/1992: “الجماعة الإسلامية هي امتداد لتيار الإخوان المسلمين وعرفت نسأتها في لبنان منذ الستينات” اهـ.

ثم إنه ومن المعلوم لكل ذي اطلاع على حزب الإخوان إن حزب الإخوان يستمد أفكاره من ابن تيمية وسيد قطب، وقد صرح زهير العبيدي في مقابلة أجرتها معه مجلة الوطن العربي في عددها الصادر في 7/12/1992 وفي [ص/14] قائلًا: “إن الجماعة الإسلامية استقت أفكارها من أمثال ابن تيمية وسيد قطب”.

هل فكر حزب الإخوان جماعة سيد قطب ومن خرج من تحت عباءته يومًا بمصالح المسلمين الكبرى؟ وهل فكروا يومًا في التصدي للمطامع الاستعمارية؟ وهل شغلهم الغزو الغربي لبلاد المسلمين؟ وماذا قدموا في مواجهة النفوذ الصهيوني في بلاد الإسلام؟

لم يعد ذلك شيئًا خفيًا على كل ذي عينين بصيرتين، فما أن تفتح عينيك حتى تدرك أن حزب الإخوان جماعة سيد قطب هم أول خدام الاستعمار الغربي في بلاد المسلمين، وليس هذا فقط بل لو تتبعت تاريخ سيد قطب وجماعته من بعده لا تجد فيه أثرًا لعمارة الأرض وإقامة العدل وإنصاف المظلوم ومكافحة الجهل، ولا أثرًا للسلم والرخاء بل لا تجد فيه سوى تكفير المسلمين، ورميهم بالشرك وإيجاب قتالهم واستباحة دمائهم واموالهم، وأن كل ما يشغل بالهم هو نشر منهج التطرف والإرهاب والغلو وتكفير المجتمعات وهذا هو همهم الوحيد الذي انطلقوا تحت غطائه يسفكون دماء المسلمين الأبرياء ويستبيحون المحرمات ويثيرون الفتن الواحدة تلو الأخرى.

وإنك لتجد صدورهم الضيقة مليئة بالحقد والكراهية وحب إلحاق الضرر بالأمة، ويضاف إلى ذلك أنهم يوالون الغرب ويمهدون لتثبيت أقدام المعسكر الغربي في قلب البلاد العربية والإسلامية، فهم الأيادي الخبيثة التي يحركها اعداء الإسلام كيفما يشتهون. هذه حقيقة ما أنجزه حزب الإخوان جماعة سيد قطب وما ينجزونه اليوم وما يسعون له للمستقبل.

يتساءل كثيرون ما هي طرق وسُبل معالجة التطرف الذي يشوه سمعة الإسلام وينشر الرعب والعنف والدم في بلادنا؟ والجواب على ذلك هو أنه لا بد من معرفة أن المواجهة الأساس تكون بكشف أستارهم وتجريدهم من أقنعتهم، وإقامة الحجج عليهم، وبيان بطلان ما يذهبون إليه، وفساد ممارستهم المستندة إلى أفكارهم السوداء.

إن الحرب ضد التطرف هي حرب عملية لا بد أن ترافقها تدابير وقائية بمنعهم من التمترس وراء المناصب التي تتيح لهم التحرك والتحدث زورًا باسم الإسلام، والحيلولة دون اعتلائهم المنابر المخصصة أصلًا لنشر حقائق الإسلام ومفاهيمه البعيدة كل البعد عن التطرف والغلو.

وهنا يبرز لنا بوضوح دور العلماء والمشايخ والدعاة الذين هم خط المواجهة الأول وخط الدفاع الأقوى الذي في حال سقوطه يصبح الطريق أمام هؤلاء المتطرفين معبَّدًا، وتصبح أهدافهم سهلة التحقيق.

كما لا يخفى دور الجهات والسلطات الرسمية في الحد من استفحال ظاهرة التطرف من خلال منعهم من الوصول إلى مواقع التأثير على الجماهير، وليس من المقبول إتاحة المجال أمام هؤلاء المتطرفين بدعوى الحرية لأن الذين يهددون الصالح العام وأمن الأمة تحت ستار الحرية إنما يشكلون خطرًا لا تحمد عواقبه ولا يستطاع تداركه في كثير من الأحيان.

والحقيقة أن سبب التطرف ليس شيئًا واحدًا فأسبابه متعددة فهناك أسباب نفسية واجتماعية وتاريخية وسياسية لكنها تكون أحيانًا متشابكة ومتداخلة، فلا ينبغي أن نعالج سببًا ونترك ءاخر، وعلينا معالجة هذه الأسباب بالحكمة والجرأة المطلوبة مع الإشارة إلى أن الجهل يحارب بالعلم، والتطرف يحارب بالاعتدال، والباطل يحارب بالحق.

وكم هو مفيد العود إلى الينابيع الحقيقية والتمسك بمصادر التشريع دون تحريف، فالعلم الديني السليم يحرسك من كل أشكال التطرف، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال: “أيها الناس تعلموا إنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه” رواه الطبراني في المعجم الكبير بإسناد حسن. نريد الالتزام الديني حلًا للعصبية الذميمة التي تجتاح المجتمعات ولا تهزم إلا بتلك المسلكية السامية التي نستفيدها من الالتزام الديني الصافي من كل الشوائب، وعدونا الرابض لن يهزمه إلا ذلك.

حِزْبُ الإِخْوَانِ اتَّبَعُوا سَيِّد قُطُب فِى قَوْلِهِ مَنْ حَكَمَ بِغَيْرِ الْقُرْءَانِ وَلَوْ فِى حُكْمٍ وَاحِدٍ فَقَدْ رَدَّ أُلُوهِيَّةَ اللَّهِ وَادَّعَى الأُلُوهِيَّةَ لِنَفْسِهِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَمَنْ لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [سُورَةَ الْمَائِدَة/44] وَاسْتَحَلَّ بِذَلِكَ دِمَاءَ الْحُكَّامِ الَّذِينَ يَحْكُمُونَ بِالْقَانُونِ وَدِمَاءَ الرَّعَايَا وَتَفْسِيرُهُ هَذَا لِهَذِهِ الآيَةِ مُخَالِفٌ لِمَا فَسَّرَ بِهِ الآيَةَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا ابْنُ عَمِّ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِتَرْجُمَانِ الْقُرْءَانِ وَالرَّسُولُ صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا لَهُ بِفَهْمِ الْقُرْءَانِ فَفِى صَحِيحِ الْبُخَارِىِّ الْمُجَلَّدِ الأَوَّلِ صَحِيفَة 25 بَابُ قَوْلِ النَّبِىِّ صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ أَنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ السَّلامُ الْتَزَمَهُ وَقَالَ «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ» وَقَالَ أَيْضًا «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِى الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» أَىْ تَفْسِيرَ الْقُرْءَانِ وَهَذَا أَيْضًا حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَمُخَالِفٌ لِتَفْسِيرِ غَيْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ إِلَى يَوْمِنَا مِنْ عُلَمَاءِ الإِسْلامِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِى الْمُسْتَدْرَكِ وَهَذَا نَصُّهُ فِى صَحِيفَةِ 313 مِنَ الْجُزْءِ الثَّانِى «أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ الْمُوصِلِىُّ ثَنَا عَلِىُّ بنُ حَرْبٍ ثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بنِ حُجَيْرٍ عَنْ طَاوُسَ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِنَّهُ لَيْسَ بِالْكُفْرِ الَّذِى يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ إِنَّهُ لَيْسَ كُفْرًا يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ ﴿وَمَنْ لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ» هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ إهـ.

   وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ نَظِيرُهُ الرِّيَاءُ فَإِنَّ الرَّسُولَ سَمَّاهُ الْشِرْكَ الأَصْغَرَ أَىْ لَيْسَ الْشِرْكَ الأَكْبَرَ الَّذِى يَنْقُلُ عَنِ الِملَّةِ الَّذِى هُوَ نِهَايَةُ التَّذَلُّلِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَإِنَّ هَذَا الشِّرْكَ هُوَ الَّذِى يَنْقُلُ عَنِ الِملَّةِ فَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ فِى الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ «اتَّقُوا الرِّيَاءَ فَإِنَّهُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ» فَنَقُولُ كَمَا أَنَّ الرَّسُولَ أَثْبَتَ الْشِرْكَ الأَصْغَرَ كَذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ عَبَّاسٍ فَسَّرَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ أَىْ لَيْسَ الْكُفْرَ الَّذِى يَنْقُلُ عَنِ الِملَّةِ فَرَضِىَ اللَّهُ عَنْ حَبْرِ الأُمَّةِ تَرْجُمَانِ الْقُرْءَانِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَجَزَاهُ اللَّهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا.

   وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَعَاصِىَ الْكَبَائِرَ كَقَتْلِ مُسْلِمٍ وَتَرْكِ الصَّلاةِ وَرَدَ أَنَّهُ كُفْرٌ فِى أَحَادِيثَ صَحِيحَةِ الإِسْنَادِ وَلَيْسَ مُرَادُ الرَّسُولِ بِذَلِكَ الْكُفْرَ الَّذِى يُخْرِجُ مِنَ الْمِلَّةِ أَىْ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ يَخْرُجُ مِنَ الدِّينِ إِنَّمَا مَعْنَاهُ تَشْبِيهُ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ بِالْكُفْرِ كَالَّذِى وَرَدَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ يَذْهَبُ إِلَى الْكُهَّانِ فَيُصَدِّقَهُمْ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ «مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلَيْسَ مُرَادُ الرَّسُولِ أَنَّ الْمُسْلِمَ بِمُجَرَّدِ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى هَؤُلاءِ الْكُهَّانِ وَيُصَدِّقَهُمْ خَرَجَ مِنَ الإِسْلامِ إِنَّمَا مُرَادُ الرَّسُولِ أَنَّ هَذَا ذَنْبٌ كَبِيرٌ يُشْبِهُ الْكُفْرَ. وَقَالَ أَيْضًا «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» فَقَوْلُهُ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ لا يُرِيدُ بِهِ أَنَّ قِتَالَ الْمُسْلِمِ لِلْمُسْلِمِ كُفْرٌ يُخْرِجُ مِنَ الدِّينِ إِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ ذَنْبٌ كَبِيرٌ يُشْبِهُ الْكُفْرَ لِأَنَّ الْقُرْءَانَ الْكَرِيمَ سَمَّى الْفِئَتَيْنِ الْمُتَقَاتِلَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مُؤْمِنِينَ قَالَ تَعَالَى ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ [سُورَةَ الْحُجُرَات/9].

   ثُمَّ إِنَّهُ وَرَدَ فِى صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ الْبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ الصَّحَابِىِّ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ ﴿وَمَنْ لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ وَالآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَهَا فِى إِحْدَاهُمَا ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ وَفِى الأُخْرَى ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ نَزَلَتْ كُلُّهَا فِى الْكُفَّارِ أَىِ الَّذِينَ يَحْكُمُونَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَيْسَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَحْكُمُونَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِنَّمَا هِىَ فِى الْيَهُودِ وَمَنْ كَانَ مِثْلَهُمْ.

   وَفِى كِتَابِ أَحْكَامِ النِّسَاءِ لِلإِمَامِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ مِثْلُ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَفِيهِ مَا نَصُّهُ فِى صَحِيفَةِ 44 أَخْبَرَنِى مُوسَى بنُ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بنُ أَحْمَدَ الأَسْدِىُّ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بنُ يَعْقُوبَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بنِ سَعِيدٍ قَالَ سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنِ الْمُصِرِّ عَلَى الْكَبَائِرِ بِجُهْدِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ الصَّلاةَ وَالصَّوْمَ وَالزَّكَاةَ وَالْحَجَّ وَالْجُمُعَةَ هَلْ يَكُونُ مُصِرًّا فِى مِثْلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لا يَزْنِى الزَّانِى حِينَ يَزْنِى وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ»، وَمِنْ نَحْوِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿وَمَنْ لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ قُلْتُ فَمَا هَذَا الْكُفْرُ قَالَ كُفْرٌ لا يُخْرِجُ مِنَ الِملَّةِ فَهُوَ دَرَجَاتٌ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ حَتَّى يَجِىءَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ لا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِيهِ فَقُلْتُ لَهُ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ خَائِفًا مِنْ إِصْرَارِهِ يَنْوِى الْتَوْبَةَ وَيَسْأَلُ ذَلِكَ وَلا يَدَعُ رُكُوبًا أَىْ وَلا يَتْرُكُ فِعْلَ الْمَعَاصِى قَالَ الَّذِى يَخَافُ أَحْسَنُ حَالًا. انْتَهَى مَا فِى كِتَابِ الإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ.

   وَلَمْ يَصِحَّ بِالإِسْنَادِ الصَّحِيحِ عَنِ الصَّحَابَةِ فِى تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ إِلَّا هَذَانِ التَّفْسِيرَانِ تَفْسِيرُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسٍ وَتَفْسِيرُ الْبَرَاءِ وَعَلَى ذَلِكَ دَرَجَ عُلَمَاءُ الإِسْلامِ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ مُنْتَصَفِ الْقَرْنِ الرَّابِعَ عَشَرَ الْهِجْرِىّ ثُمَّ ظَهَرَ هَذَا الرَّجُلُ سَيِّد قُطُب فِى مِصْرَ فَعَمِلَ تَفْسِيرًا لِلْقُرْءَانِ يُكَّفِرُ فِيهِ مَنْ حَكَمَ بِغَيْرِ الْقُرْءَانِ وَلَوْ فِى مَسْئَلَةٍ وَاحِدَةٍ أَىْ مَعَ حُكْمِهِ بِالشَّرْعِ فِى سَائِرِ الأَحْكَامِ وَيُكَّفِرُ رَعِيَّةَ ذَلِكَ الْحَاكِمِ وَالْيَوْمَ لا يُوجَدُ فِى الْبِلادِ الإِسْلامِيَّةِ حَاكِمٌ إِلَّا وَيَحْكُمُ بِغَيْرِ الشَّرْعِ فِى قَضَايَا كَثِيرَةٍ مَعَ حُكْمِهِمْ فِى عِدَّةِ مَسَائِلَ بِالشَّرْعِ فِى الطَّلاقِ وَالْمِيرَاثِ وَالنِّكَاحِ وَالْوَصِيَّةِ يَحْكُمُونَ بِحُكْمِ الْقُرْءَانِ وَمَعَ هَذَا سَيِّد قُطُب وَأَتْبَاعُهُ يُكَفِّرُونَهُمْ وَيُكَفِّرُونَ رَعَايَاهُمْ وَيَسْتَحِلُّونَ قَتْلَهُمْ بِأَىِّ وَسِيلَةٍ اسْتَطَاعُوهَا بِالسِّلاحِ وَالتَّفْجِيرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ قَامَ مَعَهُمْ فَثَارَ عَلَى الْحُكَامِ. وَلَيْسَ لِسَيِّد قُطُب سَلَفٌ فِى ذَلِكَ إِلَّا الْخَوَارِج فَإِنَهُمْ كَانُوا يُكَفِّرُونَ الْمُسْلِمَ لِارْتِكَابِ الْمَعْصِيَةِ كَالزِّنَى وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْحُكْمِ بِغَيْرِ الشَّرْعِ لِلرِّشْوَةِ أَوِ الصَّدَاقَةِ أَوِ الْقَرَابَةِ فَسَيِّد قُطُب كَانَ عَاشَ عَلَى الإِلْحَادِ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً وَذَلِكَ بِاعْتِرَافِهِ ثُمَّ لَجَأَ إِلَى حِزْبِ الإِخْوَانِ الَّذِينَ كَانَ جَمَعَهُمُ الشَّيْخُ حَسَنُ الْبَنَّا رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ فِى حَيَاةِ حَسَنِ الْبَنَّا انْحَرَفَ سَيِّد قُطُب وَءَاخَرُونَ عَنْ مَنْهَجِهِ الَّذِى كَانَ مَنْهَجًا سَالِمًا لَيْسَ فِيهِ تَكْفِيرُ الْمُسْلِمِ إِذَا حَكَمَ بِغَيْرِ الشَّرْعِ فَعَلِمَ الشَّيْخُ حَسَنُ بِانْحِرَافِهِمْ فَقَالَ هَؤُلاءِ لَيْسُوا إِخْوَانًا وَلَيْسُوا مُسْلِمِينَ.

   وَقَدْ ذَكَرَ الدُّكْتُور مُحَمَّدُ الْغَزَالِىُّ وَكَانَ مِنْ أَتْبَاعِ الشَّيْخِ حَسَنِ الْبَنَّا فِى كِتَابِهِ مِنْ مَعَالِمِ الْحَقِّ فِى صَحِيفَةِ 264 مَا نَصُّهُ «وَكَانَ الأُسْتَاذُ حَسَنُ الْبَنَّا نَفْسُهُ وَهُوَ يُؤَلِّفُ جَمَاعَتَهُ فِى الْعَهْدِ الأَوَّلِ يَعْلَمُ أَنَّ الأَعْيَانَ وَالْوُجَهَاءَ وَطُلَّابَ التَّسْلِيَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ الَّذِينَ يَكْثُرُونَ فِى هَذِهِ التَّشْكِيلاتِ لا يَصْلُحُونَ لِأَوْقَاتِ الْجِدِّ فَأَلَّفَ مَا يُسَمَّى بِالنِّظَامِ الْخَاصِّ وَهُوَ نِظَامٌ يَضُمُّ شَبَابًا مُدَرَّبِينَ عَلَى الْقِتالِ كَانَ الْمَفْرُوضُ مِنْ إِعْدَادِهِمْ مُقَاتَلَةَ الْمُحْتَلِّينَ الْغُزَاةِ وَقَدْ كَانَ هَؤُلاءِ الشَّبَابُ الأَخْفِيَاءُ شَرًّا وَبِيلًا عَلَى الْجَمَاعَةِ فِيمَا بَعْدُ فَقَدْ قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَتَحَوَّلُوا إِلَى أَدَاةِ تَخْرِيبٍ وَإِرْهَابٍ فِى يَدِ مَنْ لا فِقْهَ لَهُمْ فِى الإِسْلامِ وَلا تَعْوِيلَ عَلَى إِدْرَاكِهِمْ لِلصَّالِحِ الْعَامِّ وَقَدْ قَالَ حَسَنُ الْبَنَّا فِيهِمْ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ إِنَّهُمْ لَيْسُوا إِخْوَانًا وَلَيْسُوا مُسْلِمِينَ» اهـ.

   ثُمَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ انْفَتَنُوا بِتَفْسِيرِ سَيِّد قُطُب هَذَا وَعَمِلُوا عَلَى تَنْفِيذِهِ حَتَّى قَتَلُوا خَلْقًا كَثِيرًا فِى مِصْرَ وَالْجَزَائِرِ وَسُورِيَا وَغَيْرِهَا مُعْتَبِرِينَ قَتْلَهُمْ لِمَنْ يُخَالِفُهُمْ قُرْبَةً إِلَى اللَّهِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ قَتَلُوا فِى مَدِينَةِ حَلَب فِى سُورِيَا شَيْخًا كَانَ مُفْتِيًا عَلَى قَرْيَةٍ تَابِعَةٍ لِحَلَب تُسَمَّى عِفْرِينَ كَانَ يُخَالِفُهُمْ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فِى الْمَسْجِدِ بَعْدَ صَلاةِ الْعِشَاءِ بَعْدَمَا انْصَرَفَ النَّاسُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَبَقِىَ هُوَ وَرَجُلٌ ءَاخَرُ ثُمَّ صَوَّبُوا إِلَيْهِ الرَّصَاصَ فَرَمَى ذَلِكَ الشَّخْصُ نَفْسَهُ عَلَى الشَّيْخِ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ قَتَلُوا الشَّيْخَ وَهَذَا الشَّيْخُ يُسَمَّى الشَّيْخَ مُحَمَّدَ الشَّامِىَّ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَدْ كَانَ يَحْصُلُ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا الْحُكْمُ بِغَيْرِ الْقُرْءَانِ إِمَّا لِرِشْوَةٍ وَإِمَّا لِقَرَابَةٍ أَوْ لإِرْضَاءِ ذَوِى النُّفُوذِ فَلَمْ يُكَفِّرْهُمُ الْمُسْلِمُونَ لِحُكْمِهِمْ بِغَيْرِ الْقُرْءَانِ إِنَّمَا اعْتَبَرُوهُمْ فَاسِقِينَ.

   ثُمَّ إِنَّ هَؤُلاءِ أَتْبَاعَ سَيِّد قُطُب يَتَفَنَّنُونَ فِى التَّعْبِيرِ عَنْ جَمَاعَتِهِمْ، قَبْلَ أَرْبَعِينَ عَامًا كَانُوا يُعْرَفُونَ بِاسْمَيْنِ حِزْبِ الإِخْوَانِ الْمُسْلِمِينَ فِى مِصْرَ وَغَيْرِهَا وَفِى لُبْنَانَ بِاسْمِ عِبَادِ الرَّحْمٰنِ ثُمَّ اسْتَحْدَثُوا اسْمًا ثَالِثًا عَامًّا وَهُوَ الْجَمَاعَةُ الإِسْلامِيَّةُ لِيَظُنَّ النَّاسُ أَنَّهُمْ دُعَاةٌ إِلَى حَقِيقَةِ الإِسْلامِ اعْتِقَادًا وَعَمَلًا وَوَاقِعُ حَالِهِمْ خِلافُ ذَلِكَ.

التحذير من كتاب “ندوات الأسر في سيرة خير البشر”

* ومما يجب التحذير منه كتاب “ندوات الأسر في سيرة خير البشر” لمحمد عمر الداعوق أحد زعماء حزب سيد قطب في لبنان مع تغيير الاسم إلى اسم “جماعة عبد الرحمن” فإنه يقول في كتابه هذا ما نصه [39]: “وخرج مرة على أصحابه فقاموا له إجلالاً فقال لهم: لا تقوموا كما يقوم الأعاجم… يعظم بعضهم بعضًا، وكذلك كان ينهى عن تقبيل اليد تشبهًا بالأعاجم” اهـ.

قلنا هذا الرجل ليس من أهل الحديث فضلاً عن كونه من أهل العلم فقد خالف في هذا فاحتج بحديث متفق على ضعفه عند المحدثين [40] أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى الصحابة عن القيام له وقال: لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضًا، إنما ورد في حديث ءاخر صحيح [41] النهي عن القيام المستمر الذي يقام في المجلس كعادة ملوك الحبشة فإنه إذا دخل الملك مجلسه يبقون قائمين حين يغادر الملك المجلس عن هذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم في حديث غير هذا الذي احتج به محمد عمر الداعوق فروّج أكاذيبه وغطاها باسم تأليفه هذا الكتاب الذي سماه “ندوات الأسر في سيرة خير البشر” فأوهم الناس أن هذا الكذب الذي يكذبه ويفتريه على الرسول من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقد ثبت في حديث ءاخر أن الرسول كان إذا دخلت عليه فاطمة قام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها قربه، وكانت إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها [42].

وخالف أيضًا في زعمه عن تقبيل اليد أحاديث صحيحة في تقبيل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله [43]، وحديثًا صحيحًا في تقبيل رأسه [44]، وحديثًا صحيحًا في تقبيل عبد الله بن عباس بن زيد بن ثابت رضي الله عنهما [45]، وحديثًا صحيحًا أن علي بن أبي طالب قبل يد العباس ورجليه رضي الله عنهما [46]، وقد ألف الحافظ أبو بكر بن المقري رسالة في تقبيل اليد.

ثم إنه ذكر في كتابه هذا مقالة أخرى [47] يوهم القارئ أن الرسول عليه السلام صلى على عبد الله بن أبيّ الذي كان معروفًا بالنفاق وهو يعلم أنه منافق وأطال الوقوف على قبره وشيع جنازته.

قلنا: هذا الكلام باطل وإنما صلى عليه الرسول لأنه ظن أنه أخلص الإيمان بعد أن كان منافقًا ثم نزلت الآية بأنه لم يزل كافرًا، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ولو كان يعلم أنه بعد منافق ما كان صلى عليه، فمن يعتقد أن الرسول صلى عليه وهو يعلم أنه كافر منافق فقد جعل الرسول متلاعبًا بالدين وهو كفر وردة، وهذه المسئلة هلك بها أناس ظنوا أن الرسول صلى عليه وهو يعلم أنه بعد منافق.

وسبب ظن الرسول ذلك لأنه طلب من الرسول ثوبًا ونحو ذلك مما صدر منه في مرضه الذي مات فيه.

وفي هذا الكتاب مواضع أخرى فيها طامات وقد أعرضنا عن ذكرها لوضوحها في ذلك.

[39] انظر الكتاب [ص/264].

[40] أورده ابن حبان في كتاب الضعفاء [2/51]، والسيوطي في الجامع الصغير [2/91]، ورمز له بالضعف، وقال المناوي في فيض القدير [4/188] ما نصه: “… قال الحافظ الزين العراقي وابن حجر: سنده ضعيف، وقال السخاوي: ضعيف جدًا” اهـ.

[41] أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الادب: باب في قيام الرجل للرجل، وأخرجه الترمذي في سننه: كتاب الادب: باب ما جاء في كراهية قيام الرجل للرجل، وقال: هذا حديث حسن.

[42] أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الادب: باب ما جاء في القيام، والترمذي في سننه: كتاب فضل فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، والنسائي في سننه: كتاب المناقب: باب مناقب فاطمة رضي الله عنها بنت محمد صلى الله عليه وسلم.

[43] أخرجه الترمذي في سننه: كتاب الاستئذان: باب ما جاء في قبلة اليد والرجل وقال الترمذي: “حديث حسن صحيح”، وحديث ءاخر أخرجه الترمذي في نفس الباب، والنسائي في السنن الكبرى: باب تأويل قول الله جل ثناؤه: {ولقد ءاتينا موسى تسعَ ءايات بيِّنات}، وابن ماجه في سننه: كتاب الادب: باب الرجل يقبل يد الرجل، وحديث ءاخر أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الأدب: باب في قبلة الرجل.

[44] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير [23/108-114].

[45] رواه الحافظ أبو بكر بن المقري في جزء تقبيل اليد.

[46] أخرجه البخاري في الأدب المفرد [ص/328].

[47] انظر الكتاب [ص/226].

التحذير من كتاب “الموسوعة الحركية” لفتحي يكن

* ومما يجب التحذير منه كتب فتحي يكن ولا سيما كتابه “الموسوعة الحركية” فمما ذكره فيه ونصه [95]: “هلمًا بأن هذه التقسيمات الكفرية لا تقوم على دليل شرعي أساسًا” اهـ، وهذا الكلام يجب إنكاره إنكارًا شديدًا، وهذا الكلام جر بعض الناس لأن يقولوا: إن الألفاظ الكفرية لا يحكم على قائلها بالكفر إلا مع الاعتقاد، وهذا رد للإجماع لأن فقهاء الإسلام أجمعوا على أن الكفر ثلاثة أنواع وكل قسم كفر بانفراده من غير أن ينضم إليه الآخر، قال الشيخ يوسف الأردبيلي في كتاب “الأنوار لأعمال الأبرار” في كتاب الردة ما نصه [96]: “وهي قطع الإسلام ويحصل ذلك بالقول تارة وبالفعل تارة أخرى”، ثم قال: “والقول الموجب للكفر لا فرق بين أن يصدر عن اعتقاد أو عناد أو استهزاء” اهـ، وهذا التقسيم قاله خلق كثير من فقهاء الإسلام، فتراجع مؤلفاتهم.

فقول فتحي يكن من أن تقسيم الكفر إلى ثلاثة أقسام لا صحّة له سببه أنه لم يمارس تلقي علم الدين من أهل المعرفة، وأقصى ما حصّله مطالعة بعض تآليف سيد قطب وجماعته ولذلك صار الصواب عنده غلطًا والغلط عنده صوابًا، كان الواجب عليه وعلى أمثاله أن يتعلم علم الدين ثم يتكلم بما هو من الدين، وإن زاد فتحي يكن على ذلك فقد اطلع على رسالة الشيخ حسن البنا رحمه الله في العقيدة فإنه صرح في رسالته بأن السلف والخلف متفقون على تأويل الآيات المتشابهة يعني كآية {الرحمن على العرشِ استوى} [سورة طه/5] إما بالإجمال وإما بالتفصيل، لكنه هو وأمثاله ممن اتبعوا سيد قطب خلافُ منهج الشيخ حسن البنا فإن الشيخ حسن البنا كان عالمًا تلقى علم الدين من أفواه أهل المعرفة أما سيد قطب وأتباعه فليسوا كذلك.

ثم الشيخ حسن البنا في حياته عرف أن بعض المنتسبين إليه باسم “حزب الإخوان” انحرفوا فتبرأ منهم فقال: “هؤلاء ليسوا من الإخوان وليسوا مسلمين” اهـ فإنهم انحرفوا باعتقادهم إلى سفك دماء المسلمين باسم أنهم يحكمون بالقانون أي حكم رؤسائهم بالقانون ومعايشة الرعايا لهم فاعتقدوا حل سفك دماء الحكام والرعية فنفذوا ذلك بالفعل.

ومن الدليل على أن فتحي يكن يكفر المسلمين اليوم قوله في كتابه المسمى “كيف ندعو إلى الإسلام” ما نصه [97]: “واليوم يشهد العالم أجمع ردةً عن الإيمان بالله تعالى وكفرًا جماعيًا وعالميًا لم يُعرف لهما مثيل من قبل” اهـ، وهذا صريح في تكفيرهم للمسلمين ولا يستثنون إلا جماعتهم، فجماعتهم على زعمهم هم المسلمون.

فليُعلم أن فتوى فتحي يكن وسيد سابق وحسن قاطرجي وأمثالهم بسببها تجرأ كثير من العوام على التلفظ بالكفر فإن أحدهم يسب الله ثم يقول: “هذا لغو الكلام” ويحتج بالآية: {لا يُؤاخذكُمُ اللهُ باللغوِ في أيْمانكم} [سورة المائدة/89]، هؤلاء جعلوا لغو اليمين كالكفر القولي والعياذ بالله تعالى ولم يعرفوا لغو اليمين.

[95] الموسوعة الحركية [2/260].

[96] الأنوار لأعمال الأبرار [2/481].

[97] انظر الكتاب [ص/112].

التحذير من كتب يوسف القرضاوي

* ومما يجب التحذير منه مؤلفات يوسف القرضاوي فإنه يثني ويمدح فيها حزب التحرير ومحمد بن عبد الوهاب وحركته المسماة بالوهابية التي تعتبر أخطر حركة معاصرة على المسلمين، وسيد قطب وجماعته حزب الإخوان، ويمتدح ابن تيمية والألبانيين وزعيم الوهابية الراحي عبد العزيز بن باز فكأنه جمع بين أشتات الفرق الضالة والعياذ بالله تعالى من الضلال.

ومن أعجب فتاويه أنه أباح بيع الخمر ولحم الخنزير في متاجر يملكها مسلمون إذا كان لا بد من بيعها بشرط أن تكون نسبة المواد المحرمة قليلة من جملة التجارة العامة [98]، وفي هذه الفتاوى تجرأ على الله وعلى شرعه، فأين في شرع الله أنه إذا كانت المواد المحرمة أقل من المواد الحلا يجوز بيعها، ألم يبلغه أن الله تبارك وتعالى سماها رجسًا، ألم يسمع بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه ابن ماجه [99]: “لعنت الخمرة على عشرة أوجه: بِعَينها، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومبتاعها، وحاملها، والمحمولة إليه، وءاكل ثمنها، وشاربها، وساقيها”، ألم يسمع بحديث البخاري [100] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والأزلام ولحم الخنزير” فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال: “لا هو حرام”.

ومما يدل على أن القرضاوي ليس من أهل العلم ما ذكره في جريدة اللواء [101] من أنه ليس في مدح الفقر ءاية من كتاب الله ولا حديث واحد يصح عن رسول الله. كيف يعتبر بعض الناس هذا الرجل من أهل العلم وهو لا يدري أن الله تعالى مدح فقراء المهاجرين بقوله: {للفقراءِ المُهاجرينَ الذينَ أُخرِجوا من ديارهم وأموالهم يبتغونَ فضلاً منَ اللهِ ورضوانًا ويَنصُرونَ اللهَ ورسولهُ أولئكَ همُ الصادقون} [سورة الحشر/8]، وأورد البخاري في صحيحه بابًا سماه: “باب فضل الفقر”، وجاءت أحاديث عديدة صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك منها ما رواه البخاري في صحيحه [102] عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء”، وما رواه الترمذي [103] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يدخل الفقراء الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة عام”، وما رواه الترمذي أيضًا [104] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “فإن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه”.

ومن أعظم فتاويه نكارة ما ذكره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد أحيانًا في الشرعيات ويخطئ في اجتهاده [105]، فالجواب: نسبة الخطإ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في التشريع كفر صريح مخالف لقوله تعالى: {وما ينطقُ عن الهوى* إن هوَ إلا وحيٌ يوحى} [سورة النجم/3-4]، ومخالف لحديثين صحيحين الأول: ما رواه الطبراني [106] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما منكم من أحد إلا يؤخذ من قوله ويترك غير رسول الله” فهذا صريح أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخطئ في الحكم الشرعي ولا في اجتهاده في الشرعيات، والثاني: حديث مسلم [107]: “إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشئ من أمر دينكم فخذوا به وإذا أمرتكم بشئ من أمر دنياكم فإنما أنا بشر”، فرق صلى الله عليه وسلم بين كلامه في أمر الدين وبين كلامه في غير ذلك بأن كلامه في أمر الدين كله يؤخذ به وأنه لا يخطئ في ذلك. وفي قول القرضاوي هذا تسوية بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه قال إنه هو يجتهد فيصيب ويخطئ فقد ساوى بهذا نفسه بالرسول، وذكر الزركشي [108] أن القول الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد لا يخطئ، ونقل العلامة ابن أمير الحاج في كتابه التقرير والتحبير [109] امتناعه أي امتناع جواز الخطإ على اجتهاده صلى الله عليه وسلم، ونقله عن أكثر العلماء، وقال الرازي والصفي الهندي: إنه الحق، وجزم به الحليمي والبيضاوي، وذكر السبكي أنه الصواب وأن الشافعي نص عليه في مواضع من الأم لأنه أولى بالعصمة عن الخطإ من الإجماع لأن عصمته أي الإجماع عن الخطإ لنسبته إليه أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وللزوم جواز الأمر باتباع الخطإ لأننا مأمورون باتباعه صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: {قُلْ إن كُنتم تُحبون اللهَ فاتبعوني يُحببكم الله} [سورة ءال عمران/31] إلى غير ذلك، انتهت عبارة ابن أمير الحاج.

ولم يكتف بذلك القرضاوي بل قدح في بعض كتبه بعصمة الأنبياء، وأنكر نبوة ءادم عليه السلام، إلى غير ذلك من الفتاوى الباطلة التي حشاها في كتبه، نسأل الله تعالى السلامة من الفتن.

[98] انظر البيان الذي صدر عن المجلس الأوروبي للإفتاء في دبلن في اجتماعه الثاني [ص/4]، وهذا المجلس رئيسه يوسف القرضاوي وأعضاؤه من حزب الإخوان ومنهم فيصل مولوي.

[99] أخرجه ابن ماجه في سننه: كتاب الأشربة: باب لعنت الخمرة على عشرة أوجه.

[100] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب البيوع: باب بيع الميتة والأصنام، ومسلم في صحيحه: كتاب المساقاة: باب 71، والترمذي في سننه: كتاب البيوع: باب ما جاء في بيع جلود الميتة والأصنام.

[101] جريدة اللواء -3تموز 1996، [ص/15].

[102] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الرقاق: باب صفة الجنة والنار، وباب فضل الفقر.

[103] أخرجه الترمذي في سننه: كتاب الزهد: باب ما جاء أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم.

[104] أخرجه الترمذي في سننه: كتاب الزهد: باب ما جاء في فضل الفقر.

[105] حلقة تلفزيونية على قناة الجزيرة بتاريخ 12/9/1999.

[106] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير [11/269].

[107] أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الفضائل: باب وجوب امتثال ما قاله الشرع.

[108] البحر المحيط [6/218].

[109] التقرير والتحبير [2/300].

التحذير من مؤلفات سيد قطب لا سيما كتابه المسمى “في ظلال القرءان”

* ومما يجب التحذير منه تحذيرًا بالغًا مؤلفات سيد قطب الذي كان في أول أمره صحفيًا ماركسيًا ثم انخرط في حزب الإخوان واشتغل بالتأليف فزل وضل. فقد سمى الله تعالى بالريشة المبدعة والخالقة [116]، وبالعقل المدبر [117]، وهذا مما لا يخفى أنه إلحاد قال الله تعالى: {وللهِ الأسماءُ الحسنى فادعوهُ بها وذروا الذينَ يُلحدونَ في أسمائهِ} [سورة الأعراف/180]، فإذا كان إمام أهل السنة أبو الحسن الأشعري نص على أن الله تعالى لا يسمى عارفًا ولا مستطيعًا فما بال من يسميه عقلاً مع أن معنى الأوَّلَين هو وصف له بالعلم والقدرة فليس في ذلك خطأ من حيث المعنى وإنما الخطأ فيهما من حيث اللفظ، وقال النسفي في تفسير هذه الآية [118]: “ومن الإلحاد تسميته بالجسم والجوهر والعقل والعلة” اهـ، وقال الإمام الطحاوي في عقيدته التي ذكر أنها عقيدة أهل السنة والجماعة: “ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر”، أليس العقل من صفات البشر، وهذا النص صريح في تكفير سيد قطب ومن وافقه.

أما كتابه المسمى “في ظلال القرءان” فقد ذكر فيه أنه لا وجود للمسلمين على الأرض طالما يحكم الحكام بغير الشرع ولو في مسئلة صغيرة [119]، وفي موضع ءاخر لم يدع فردًا من البشرية إلا وقد رماه بالردة حتى المؤذنين في مشارق الأرض ومغاربها لأنهم لم يثوروا على الحكام [120]، وفي موضع يذكر أن من حكم ولو في مسئلة جزئية بغير الشرع فهو خارج عن الدين [121]، وردد هذا الكلام كثيرًا في مواضع عديدة من كتابه مستدلاً بقوله تعالى: {ومَن لم يحْكُم لِما أنزلَ اللهُ فأولئكَ همُ الكافرون} [سورة المائدة/44] ءاخذًا بظاهر الآية، وهذه الآية أوَّلها السلف ومن بعدهم فقد ثبت ذلك عن ابن عباس والبراء بن عارب رضي الله عنهم، قال القرطبي في تفسير هذه الآية [122]: “نزلت كلها في الكفار، ثبت ذلك في صحيح مسلم [123] من حديث البراء، وعلى هذا المعظم، فأما المسلم فلا يكفر وإن ارتكب كبيرة، وقيل: فيه إضمار أي ومن لم يحكم بما أنزل الله ردًّا للقرءان وجحدًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر، قاله ابن عباس ومجاهد، فالآية عامة على هذا. قال ابن مسعود والحسن: هي عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله من المسلمين واليهود والكفار أي معتقدًا ذلك ومستحلاً له، فأما من فعل ذلك وهو معتقد أنه راكبُ محرّمٍ فهو من فساق المسلمين وأمره إلى الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، إلا أن الشعبي قال: هي في اليهود خاصة، واختاره النحاس” اهـ.

وقال مجاهد في هذه الآيات الثلاث: “من ترك الحكم بما أنزل الله ردًّا لكتاب الله فهو كافر، ظالم، فاسق”، وقال عكرمة: ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا به فقد كفر، وروى الحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي، وأخرجه البيهقي في سننه [124] في الآيات الثلاث أن ابن عباس رضي الله عنهما ترجمان القرءان قال: “إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفرًا ينقل عن الملة، {ومن لم يحكُم بما أنزلَ اللهُ فأولئكَ همُ الكافرون} [سورة المائدة/44] كفر دون كفر” اهـ، أي ذنب كبير يشبه الكفر في الفطانة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [125]: “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر”، وقد وقع القتال بين المؤمنين منذ أيام علي رضي الله عنه ولا يزال يحدث إلى يومنا هذا والله تعالى يقول: {وإن طائِفتانِ منَ المؤمنين اقتتلوا} [سورة الحجرات/9] الآية. يعني ابن عباس أن الكفر كفر ينقل عن الملة وكفر لا ينقل عن الملة ويؤيده الحديث الصحيح “اتقوا الرياء فإنه الشرك الأصغر” فكما أن الشرك أصغر وأكبر كذلك الكفر أصغر وأكبر فإن الشرك هو عبادة غير الله فلما قال عن الرياء إنه الشرك الأصغر علمنا أن الكفر أيضًا كذلك أصغر وأكبر والكفر الأكبر هو الذي ينقل عن الملة والشرك الذي هو الرياء لا ينقل عن الملة بالإجماع. وحديث “اتقوا الرياء فإنه الشرك الأصغر” رواه الحاكم وصححه [126]. الرياء الناس مبتلون به أكثر أكثر المسلمين لا يخلون منه والرسول سماه الشرك الأصغر كذلك الكفر كفر أكبر وكفر أصغر الكفر الأصغر الذي يحكم بغير الشرع لأجل الرشوة أو لأجل مراعاة خاطر قريب أو صديق. ورد في الحديث أن الذي يرائي بعمله يقال له يوم القيامة خذ ثوابك من الذي عملتَ له ويغفره الله لمن يشاء كذلك الكفر الأصغر يغفره الله لمن يشاء. سيد قطب لعنه الله جعل الحكم بغير الشرع ولو في مسئلة واحدة كفرًا مخرجًا من الملة لذلك يستحلون قتل المسلمين جماعتُه ويحتجون بهذه الآية ولا يعرفون أن الكفر كفر أكبر وكفر أصغر وأن معنى هذه الآية أن الحكم بغير الشرع كفر أصغر ليس الذي يُخرج من الدين.

ثم إن كلام سيد قطب هذا هو عين مذهب الخوارج القائلين بأن الظلم والفسق هو كفرٌ يُخلد صاحبه في النار، وليس لسيد قطب سلف إلا طائفة من الخوارج تسمى “البيهسية” منفردين عن سائر فرق الخوارج بقولهم: “إن الملك إذا حكم بغير الشرع صار كافرًا ورعاياه كفار من تابعه ومن لم يتابعه”، وكفى سيد قطب خزيًا وضلالاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الخوارج: “يخرج قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية، يقرؤون القرءان لا يجاوز حناجرهم، يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم وصيامه إلى صيامهم” ثم قال صلى الله عليه وسلم: “لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد” رواه البخاري [127].

وقد قلد سيد قطب في فتواه الشيطانية هذه جماعةٌ كفتحي يكن [128]، وفيصل مولوي [129].

ومن أوقح ما في هذا الكتاب ما ذكره سيد قطب أن التأويل والتأول في مثل هذا الحكم لا يعني إلا محاولة تحريف الكلم عن مواضعه [130]، وفي هذا الكلام طعن بالصحابة والسلف وجعلهم محرفين لكتاب الله كما فعلت علماء اليهود.

ومن الضلال المحشو في هذا الكتاب ما ذكره في تفسير قول الله تعالى: {وهوَ معكُم أينَ ما كنتم} [سورة الحديد/4] فقال ما نصه [131]: “هي كلمة على الحقيقة لا على الكتابة والمجاز، فالله سبحانه مع كل أحد ومع كل شئ في كل وقت وفي كل مكان”، فقد جعل الله تعالى منتشرًا في العالم وهذا كفر شنيع يخالف قوله تعالى: {ليسَ كمثلهِ شئ}، ويخالف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم [132]: “كان الله ولم يكن شئ غيره”، وقد ذكر الإمام الطحاوي في عقيدته التي ذكر أنها عقيدة أهل السنة والجماعة: “تعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات”.

وقد سبق سيد قطب في هذه العقيدة الخبيثة جهم بن صفوان الذي قُتل على الزندقة في أواخر الأمويين قتله سَلمُ بن أحوز المازني بأمر الخليفة الأموي، وقد أجمع المسلمون على أن معنى الآية إحاطة علمه تعالى بكل الخلق.

وقد أدى جهل سيد قطب بعلم الدين إلى ذم سيدنا موسى ويوسف وإبراهيم [133] عليهم السلام، نعوذ بالله من الكفر، فلتُحذر مؤلفات هذا الرجل الذي يدعو الناس إلى هدم الدين وإلى الفوضى والقتل والدمار وفتح باب المروق من الدين، وحوادث مصر والجزائر واليمن شاهد على ذلك فكم من نساء وشيوخ وأطفال قتلوا وذبحوا بسبب فتوى سيد قطب التي تدعو إلى قتل المسلمين، وكان الأحرى به بدل ذلك أن يحرض المسلمين على جهاد ومحاربة اليهود أعداء الدين والإسلام قتلة الأنبياء، لعنهم الله تعالى.

[116] انظر كتابه المسمى “التصوير الفني” [ص/109، 175، 198، 201].

[117] انظر كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [مجلد6 –ص/3804].

[118] تفسير النسفي [2/87].

[119] انظر كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [المجلد الأول –الجزء الرابع ص/590].

[120] انظر كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [المجلد الثاني –الجزء السابع ص/1057].

[121] انظر كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [المجلد الثاني –الجزء السادس ص/841].

[122] الجامع لأحكام القرءان [6/190-191].

[123] أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الإيمان: باب رجم اليهود أهل الذمة.

[124] المستدرك [2/313]، السنن الكبرى [8/20].

[125] مسند أحمد [1/439].

[126] رواه الحاكم في المستدرك [4/329] بنحوه.

[127] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وإلى عادٍ أخاهُم هودًا} [سورة الأعراف/65]، وكتابه استتابة المرتدين: باب من ترك قتال الخوارج للتأليف ولئلا ينفر الناس عنه.

[128] انظر كتابه المسمى: كيف ندعو إلى الإسلام [ص/112].

[129] مجلة الشهاب: العدد الأول –السنة السادسة- 1972، [ص/16].

[130] انظر كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [المجلد الثاني- الجزء السادس ص/898].

[131] انظر كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [المجلد السادس- الجزء السابع ص/3481].

[132] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب بدء الخلق: باب ما جاء في قول الله تعالى: {وهوَ الذي يبدؤاْ الخلقَ ثمَّ يُعيده} [سورة الروم/27].

[133] انظر كتابه المسمى “التصوير الفني في القرءان” [ص/162، 166، 133].

التحذير من منشورات الجماعة المسماة جماعة “عباد الرحمن”

* ومما يجب التحذير منه منشورات الجماعة المسماة جماعة “عباد الرحمن” وهم فرع من حزب سيد قطب فإن في هذه المنشورات من الفتاوى الكثيرة التي تخالف الدين وتخرق الإجماع، فمنها قولهم [160] “إن الإنسان مخيّر”، وهذا التعبير غلط إنما التعبير الصحيح عند علماء أهل السنة أن العبد مختار أي يفعل أعماله باختياره بالقدرة التي خلقها الله فيه على وفق مشيئة الله الأزلية، فقول بعض الناس: “الإنسان مخير أم مسير؟” غلط مخالف للغة وللمعنى الذي يعتقده أهل السنة وذلك لأن معنى مخير أن الإنسان خيره الله بين كذا وكذا، ومعنى مسير في اللغة التي جاء بها القرءان ممكّن من السير قال تعالى: {هُوَ الذي يُسَيِّرُكم في البرِّ والبحر} [سورة يونس/22] فهذه العبارة التي يستعملها أمثال هؤلاء مخالفة للغة وللشرع.

وإن علماء أهل السنة قالوا في كتبهم: “الإنسان مختار تحت مشيئة الله” بمعنى أن الإنسان يفعل باختياره ما كتب الله أنه يفعله وقدره وشاءه، فالعبارة الصحيحة لمن أراد أن يسأل شخصًا: “هل الإنسان يفعل باختياره أم هو مجبور” أن يقول “الإنسان مختار أم مجبور” فهؤلاء وأمثالهم يعبّرون بألفاظ لا توافق اللغة ولا الشرع وذلك لأنهم أعرضوا عن تعلم علم الدين من أهل الثقة على الطريق الذي توارثه المسلمون من السلف إلى الخلف.

ومما يحذر منه ما جاء في أحد منشوراتهم [161] من زعمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن تقبيل اليد تشبهًا بالأعاجم فلا يدع أحدًا يقبل يده، فالجواب: هذا الكلام مخالف لما صح في تقبيل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله، وقد ألف الحافظ أبو بكر بن المقري رسالة في أحاديث تقبيل اليد.

وقد صح عند المحدثين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قُبلت يده ورجله، رواه الترمذي وصححه [162]، وأن علي بن أبي طالب قبّل يد العباس ورجله وقال: يا عم ارضَ عني، رواه البخاري في كتاب الادب المفرد [163].

[160] العدد رقم/70، [ص/2]، أيار سنة 1966.

[161] العدد رقم/183، [ص/4]، حزيران سنة 1986.

[162] رواه الترمذي في سننه: كتاب الاستئذان: باب ما جاء في قبلة اليد والرجل، وكتاب التفسير: باب ومن سورة بني إسرائيل.

[163] الأدب المفرد [ص/328].

في التحذير من فتحي يكن

قال الله تبارك وتعالى: {كُنتم خير أمةٍ أخرِجَت للناسِ تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} [سورة ءال عمران/110].

قيامًا بهذا الواجب وإظهارًا للحق وتمييزًا له عن الباطل حصل لقاء بتاريخ 14 أيلول 2004 بيننا وبين الدكتور فتحي يكن قمت فيه بشرح بعض أسس العقيدة الإسلامية الصحيحة وذكرت بهذه المناسبة السلطان صلاح الدين الأيوبي والسلطان محمدًا الفاتح أنه كان أحدهما أشعريًا والآخر ماتريديًا وأنّ أهل السنة اليوم هم الأشعرية والماتريدية. وبينتُ خطر الفكر المتطرف الذي يكفّر البشرية جمعاء ويستحل دماءها وأموالها المتمثل بما قاله الكاتب المصري المعروف سيد قطب والذي كفّر كلّ إنسان لا ينتمي إلى جماعته بما يشمل رعاة الغنم ومؤذني المساجد.

وقد استمر اللقاء نحو ساعة لم يتكلم فيها الدكتور فتحي بكلمة واحدة تعارض ما قلته. وقد أصدر بعد اللقاء بيانًا عبر مكتبه الإعلامي زعم أنه لم يكن بين المجتمعين في هذا اللقاء أي خلاف متعلقٍ بالأسس والأصول وإن كان قد أهمل تمامًا الإشارة إلى ما جرى ذكره من شذوذ سيد قطب وخطر فكره.

لكن بعد أسبوع من ذلك صرّح في المجلة التابعة لحزبه المسماة “الأمانة” قائلاً إن فكر الشيخ عبد الله الهرري وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (مخالف لما أجمع عليه السلف الصالح وعدول هذه الأمة وفقهاؤها) مدافعًا عن سيد قطب وناعتًا له بالشهيد ومنتقدًا الحَملةَ عليه وعلى الشيخ فيصل مولوي الذي صرّح في مجلة “الشهاب” بأن (المجتمعات اليوم مجتمعات جاهلية مشرِكة). تجاه ذلك نقول لفتحي يكن: أنت تدافع عن سيد قطب الذي يقول: “لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله” إلى أن قال: “ارتدت البشرية بجملتها حتى أولئك الذين يرددون على المآذن كلمات لا إله إلا الله بلا مدلول أو واقع ارتدوا إلى عبادة العباد”.

وأنت تدافع عن سيد قطب عدوّ الفقه الإسلامي الذي قال في كتابه الظلال أيضًا (المجلد الرابع الجزء الثالث عشر/ص2012) عن الاشتغال بالفقه الإسلامي في هذه الأيام بأنه مضيعة للعمر وللأجر أيضًا.

وأنت تدافع عن سيد قطب الذي يسمي الله في أكثر من كتاب عقلاً وقوة وريشة وهي تسميات تبرّأ منها علماء الإسلام وقالوا بأنها من الإلحاد في أسماء الله.

وأنت تدافع عن سيد قطب الذي يكذب صريح قول الله تعالى: {وخلقَ منها زوجها} [سورة النساء/1] ويقول: “إن حواء خُلِقت خلقًا مستقلاً ولم تُخلق من جزء من أجزاء ءادم”. وقد أجمع المسلمون وسائر أهل الأديان على أن حواء خلقت من ضلع ءادم.

وأنت تدافع عن سيد قطب الذي يقول في “ظلاله” [6/841]: “ومن اتبع غيره –أي غير حكم الشرع- ولو في حكم واحد فقد رفض الإيمان واعتدى على ألوهية الله وخرج من دين الله مهما أعلن أنه يحترم العقيدة وأنه مسلم”.

وأنت تدافع عن سيد قطب الذي يقول بأن الله حالٌّ منبث بذاته في كل مكان فيقول في تفسير سورة الحديد من “ظلاله” عن الآية {وهو معكم أينَ ما كُنتم}: “وهي كلمة على الحقيقة لا على الكناية والمجاز والله تعالى مع كل شئ ومع كل أحد في كل وقت وفي كل مكان”.

وأنت تدافع عن سيد قطب الذي صار كتابه المسمى “معالم في الطريق” دستورًا لكلّ جماعات تقتيل الأبرياء وتفجير ممتلكاتهم وخطفهم وتذبيحهم.

هذا هو سيد قطب الذي تدافع عنه.

فإما أنك تجهل أفكاره وأقواله فها نحن قد أعلمناك بها ويسهل عليك أن تتأكد مما ذكرناه عن الرجل ونقلناه عنه، فافعل ذلك ثم حذّر الناس من هذه المخالفات للشرع والتكذيب له كما نحن نحذر لأنّ الساكت عن الحق شيطان أخرس.

وإما أنك تعلم أفكاره وأقواله ومع ذلك تدافع عنه فأنت بذلك بميزان الشرع شريك له في الذنب والوِزر داعٍ لما يدعو إليه.

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

أما فيصل مولوي الذي تدافع عنه أليس هو الزاعم بأن الكفر مباح لا إثم فيه كما نقلت ذلك عنه مجلة حزبه المسماة “الأمان” في عددها الانتخابي الصادر عام 200 ذي الرقم 420 ونص كلامه: “لأن الله عز وجل عندما أباح لمن يكفر به أن يكفر…” الخ.

فهل هذا الكلام دسّ عليه كذبٌ من جماعته أن أيش!.

أليس هو الذي قال لشاب في السادسة والثلاثين من العمر لا يحلو له عند الغضب إلا أن يكفر ويشتم الخالق: “أنت مسلم يا أخي إن شاء الله” فنفى عنه الكفر مع تصريحه بشتمه لله تعالى ولم ينصحه حتى أن يرجع إلى الإسلام بالنطق بالشهادتين. ذكر ذلك في مجلة “الشهاب” في العدد الخامس عشر.

أليس هو القائل في العدد التاسع من مجلة “الشهاب” بأنه “لا يجوز التكلم مع البنات من أجل الدعوة إلى الإسلام ولو كان الكلام في حدود الحشمة والأدب” ألم يعلم “الشي” فيصل بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدرس النساء وبأن من لا يُحصى بعده من الصحابة والتابعين وأتباعهم كانوا يدرسون النساء مع وجود فقيهات بين النساء في أزمانهم.

أليس “الشيخ” فيصل هو الذي قال “إن الحرام لا يتجاوز ذمتين” وجعلها قاعدة فقهية بزعمه، كما في العدد الثاني من مجلة “الشهاب”. ومعنى كلامه أن الرجل إذا سرق مالاً فأعطاه لآخر ثم أخذه منه ثالث جاز له ذلك مع علمه بأنه من حرام.

ولعل هذا ما يفسر ما ذكره النائب المصري أحمد طه وغيره من المتاجرة بالمخدرات وتهريب السلاح للمجرمين التي يقوم بها ما يسمى “بنك التقوى” المتمركز في جزر الباهاماس والذي “للشيخ” فيصل مولوي و”الشيخ” يوسف القرضاوي اسمان بين المؤسسين له.

أليس “الشيخ” فيصل هو الذي يحرم في العدد الحادي والعشرين من مجلة “الشهاب” اقتناء التلفزيون! ونحن نتساءل كم جهازًا للتلفزيون يوجد في بيته وبيوت أتباعه!!!

أليس فيصل مولوي هو الذي قال في العدد التاسع من مجلة “الشهاب”: “يجب عليك أن تعلم أن الإقامة في بلاد الكفر لا تجوز”.!! ونحن نتساءل كم مركزًا لجماعته وتابعيه وحزبه في تلك البلاد؟ وكم من أعضائه يقيمون هناك؟ أليس ما يسميه “مركز الإفتاء الأوروبي” الذي هو عضو فيه مقره “دبلن”؟ أم أن “دبلن” عنده تعتبر من بلاد الإسلام.

أيها الدكتور فتحي يكن هذه أمثلة عن فتاوى سيد قطب وفيصل مولوي التي نحذر منها ونخالفهما لأجلها. ونحن نقول إن أقوالهما هذه مخالفة لدين الله، أما أنت فتدافع عنهما.

فإن زعمت أن أقوالهما هذه صحيحة فبيّن لنا بالحجة والدليل من القرءان والسنة وأقوال الأئمة المجتهدين. بل نحن نتحداك أن تفعل ذلك.

فإن لم يكن عندك دليل فاسكت عن التعرض لنا وإن لم تكن تريد أن تساعدنا في بيان الحق.

وإنا لنعجب من قولك إن ما نعمله ونقوله [مخالف لما أجمع عليه السلف الصالح وعدول هذه الأمة وفقهاؤها].

فهل ذلك من أجل العقيدة التي نتبعها وهي عقيدة الصحابة والتابعين العقيدة الأشعرية والماتريدية!

فماذا تقول إذًا في السلطان صلاح الدين الذي نحن على عقيدته الأشعرية؟

وماذا تقول في السلطان محمد الفاتح الذي هو عقيدته ماتريدية؟

ماذا تقول في مشايخ بيروت وطرابلس ومفاتيها كالشيخ أبي المحاسن القاوقجي، والشيخ وهيب البارودي، والمفتي الشيخ عبد الباسط الفاخوري، والشيخ عبد الرحمن الحوت، والمفتي الشيخ مصطفى نجا، الأشاعرة الماتريدية، ومنذ ألف سنة أين أهل السنة غير الماتريدية والأشعرية.

أم أنك تدافع عن قطب ومولوي لأنك لا زلت على عقيدتهما من تكفير البشرية كما ذُكر في كتابك “كيف ندعو إلى الإسلام” [ص/112] حيث قلت: “والسوم يشهد العالم أجمع ردة عن الإيمان بالله وكفرًا جماعيًا وعالميًا لم يعرف لهما مثيل من قبل” فكفّرت والعياذ بالله مليارًا ونصفًا من المسلمين يا فتحي، ذكرت أننا نكفر فلانًا وفلانًا أشخاصًا أقل من عشرة وأنت كفّرت كل الأمة.

روى البخاري عن معاوية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا يزال أمر هذه الأمة مستقيمًا حتى يأتي أمر الله” أي أن المسلمين لا ينقطعون إلى يوم القيامة. وفي

الحديث الثابت الآخر: “لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة”. أنت ومن وافقك نفيتم معنى هذين الحديثين حتى قلت ما قلت من تلك الكلمة التي مر ذكرها، أين كلامك وأين حديث رسول الله.

وقال سيد قطب في كتابه المسمى “العدالة الاجتماعية في الإسلام” [طبع دار الكتاب العربي – مصر ص 174] ما نصه: “فلا يأخذ أحد الإسلامَ بمعاوية أو بني أمية فهو منه ومنهم بريء” اهـ. وكلامه هذا فيه تكفير معاوية وتكفير بني أمية ومنهم سيدنا عثمان وسيدنا عمر بن عبد العزيز فماذا تقول فيه وهو يكفرهم بغير حق. وهل تقول فيه ما تقول فينا أم أنك تكيل بمكيالين. نحن كفّرنا من كفّرناه بدليل شرعي، ما كفرناهم جزافًا ومن أراد البيان فليأت إلينا وأما أنت أعدّ جوابًا عن زعيمك الذي تدافع عنه سيد قطب في تكفيره لمعاوية وبني أمية.

وتكفير من تكلم بكلمة الردة هو من دين الله ولم يزل السلف والخلف على ذلك.

هذا الإمام الأوزاعي المجتهد السلفي كفّر أبا مروان غيلان الدمشقي وقال للخليفة هشام بعد أن ناظره بعلم الخليفة وقطعه: “كافر ورب الكعبة يا أمير المؤمنين”، فماذا تقول؟ هل تقول إن كلامك هذا حق أم باطل؟ وهل كلامك اليوم هو عين كلامك السابق؟ أم أنك تلقي الكلام كل مدة على عواهنه من غير أن تعرف ما يصيب منه مما يخطئ!!

يصيب ولا يدري ويخطئ وما درى *** وكيف يكون الجهل إلا كذلك

نحن نطالبك أن تذكر ما هذا الذي تدعي أننا نخالف فيه إجماع الأمة وأن تثبت مخالفتنا المزعومة بالدليل. فإن لم يكن عندك دليل فاتق الله واعلم أنك صائر إلى القبر حيث تلقى ما قدّمت.

إلى دَيّان يوم الدين نمضي *** وعند الله تجتمع الخصوم.

وقد ادعيت أنك في الماضي دعوتَ إلى عقد مناظرات علمية معنا، إن صدقًا وإن كذبًا، فها ميدان المناظرة مفتوح أيّ يوم تريد حتى نثبت الحجة في تكفير من ذكرت أننا كفرناهم والذين شرب أكثرهم من عَكِر مشرب سيد قطب، وليتميز عند من له فهم من يتبع جمهور الأمة ويتمسك بأقوال الأئمة ومن يخالف السلف والخلف وعدول الأمة وأئمتها.

وسترى الفضيحة مثل فلق الصبح.

    اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ جِسْمًا كَثِيفًا كَالإِنْسَانِ وَالْحَجَرِ وَلا جِسْمًا لَطِيفًا كَالنُّورِ وَالظَّلامِ فَلا يَجُوزُ فِى حَقِّهِ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرًا مِنَ الْفَرَاغِ فَلا يَتَحَيَّزُ رَبُّنَا فِى جِهَةٍ أَوْ مَكَانٍ وَلا فِى جَمِيعِ الأَمَاكِنِ لا يَجُوزُ أَنْ يَمْلَأَ جَمِيعَ الأَمْكِنَةِ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْغَنِىِّ النَّابُلُسِىُّ فِى كِتَابِهِ الْفَتْحِ الرَّبَانِىِّ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ (جِسْمٌ) مَلَأَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَوْ أَنَّهُ جِسْمٌ قَاعِدٌ فَوْقَ الْعَرْشِ فَهُوَ كَافِرٌ وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ. أَمَّا قَوْلُ اللَّهُ فِى كُلِّ مَكَانٍ فَلَيْسَ مِنْ كَلامِ عُلَمَاءِ الإِسْلامِ إِنَّمَا هُوَ قَوْلُ شَخْصٍ كَافِرٍ يُسَمَّى جَهْمَ بنَ صَفْوَان الَّذِى كَانَ يَقُولُ عَنِ اللَّهِ هُوَ هَذَا الْهَوَاءُ وَعَلَى كُلِّ شَىْءٍ فَكَفَّرَهُ الْمُسْلِمُونَ وَقُتِلَ بِسَبَبِ الرِّدَّةِ وَتَبِعَهُ فِى ذَلِكَ سَيِّد قُطُب فَقَالَ فِى كِتَابِهِ الْمُسَمَّى فِى ظِلالِ الْقُرْءَانِ فِى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ مَا نَصُّهُ وَهِىَ كَلِمَةٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ لا عَلَى الْكِنَايَةِ وَالْمَجَازِ وَاللَّهُ تَعَالَى مَعَ كُلِّ شَىْءٍ وَمَعَ كُلِّ أَحَدٍ فِى كُلِّ وَقْتٍ وَفِى كُلِّ مَكَانٍ. وَكَلامُهُ هَذَا كُفْرٌ صَرِيحٌ لا شَكَّ فِيهِ لِأَنَّهُ جَعَلَ اللَّهَ مُنْتَشِرًا فِى الْعَالَمِ أَمَّا الآيَةُ ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ فَمَعْنَاهَا الإِحَاطَةُ بِالْعِلْمِ لا بِالْجِهَةِ أَىْ عَالِمٌ بِكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ. أَمَّا مَنْ يَقُولُ اللَّهُ فِى كُلِّ مَكَانٍ وَيَظُنُّ أَنَّهَا تَعْنِى أَنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَىْءٍ فَلا يَكْفُرُ لَكِنْ يَجِبُ نَهْيُهُ عَنْهَا، بِخِلافِ مَا إِذَا قَالَ اللَّهُ مَوْجُودٌ فِى كُلِّ مَكَانٍ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ لِأَنَّهُ لَفْظٌ صَرِيحٌ فِى إِثْبَاتِ الْمَكَانِ لِلَّهِ. قَالَ الإِمَامُ ابْنُ فُورَك فِى كِتَابِ مُشْكِلِ الْحَدِيثِ اعْلَمْ أَنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِى مَكَانٍ أَوْ فِى كُلِّ مَكَانٍ وَقَالَ الإِمَامُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الشَّعْرَانِىُّ فِى كِتَابِهِ الْيَوَاقِيتُ وَالْجَوَاهِرُ قَالَ عَلِىٌّ الْخَوَّاصُ لا يَجُوزُ الْقَوْلُ إِنَّهُ تَعَالَى بِكُلِّ مَكَانٍ كَمَا تَقُولُ الْمُعْتَزِلَةُ وَقَالَ مِثْلَهُ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِىُّ فِى أُصُولِ الدِّينِ. فَالَّذِى يَعْتَقِدُ فِى اللَّهِ التَّحَيُّزَ فِى كُلِّ مَكَانٍ جَعَلَ اللَّهَ مُنْتَشِرًا فِى الأَمَاكِنِ النَّظِيفَةِ وَالأَمَاكِنِ الْقَذِرَةِ وَلا يَقُولُ بِذَلِكَ مُسْلِمٌ قَطُّ فَمَنْ نَسَبَ لِلَّهِ الْمَكَانَ جَعَلَهُ حَجْمًا فَلا يَكُونُ مُسْلِمًا. أَمَّا الْمُسْلِمُونَ أَهْلُ التَّنْزِيهِ فَإِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّهَ مَوْجُودٌ بِلا مَكَانٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَجْمًا فَالْمَكَانُ هُوَ مَا يَمْلَأُهُ الْحَجْمُ مِنَ الْفَرَاغِ فَأَنَا حَجْمٌ أَمْلَأُ فَرَاغًا فَأَنَا فِى مَكَانٍ وَهَذِهِ الْغُرْفَةُ حَجْمٌ تَمْلَأُ فَرَاغًا فَهِىَ فِى مَكَانٍ وَالشَّمْسُ حَجْمٌ تَمْلَأُ فَرَاغًا فَهِىَ فِى مَكَانٍ أَمَّا اللَّهُ تَعَالَى فَلَيْسَ حَجْمًا يَمْلَأُ فَرَاغًا فَهُوَ مَوْجُودٌ بِلا مَكَانٍ.

  اعْلَمْ أَنَّ سَيِّد قُطُب زَعِيمَ حِزْبِ الإِخْوَانِ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا وَلا مُفَسِّرًا بَلْ كَانَ جَاهِلًا فِى الدِّينِ وَكُتُبُهُ تَشْهَدُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُشَبِّهُ اللَّهَ بِخَلْقِهِ وَيَصِفُهُ بِمَا لا يَلِيقُ بِهِ فَإِنَّهُ يُسَمِّى اللَّهَ بِالْعَقْلِ الْمُدَبِّرِ وَبِالرِّيشَةِ الْمُعْجِزَةِ وَبِالرِّيشَةِ الْخَالِقَةِ وَالْمُبْدِعَةِ وَبِمُهَنْدِسِ الْكَوْنِ الأَعْظَمِ وَفِى هَذَا تَكْذِيبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾. وَيَقُولُ فِى كِتَابِهِ الْمُسَمَّى فِى ظِلالِ الْقُرْءَانِ فِى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ إِنَّهَا أَحَدِيَّةُ الْوُجُودِ فَلَيْسَ هُنَاكَ حَقِيقَةٌ إِلَّا حَقِيقَتَهُ وَلَيْسَ هُنَاكَ وُجُودٌ حَقِيقِىٌّ إِلَّا وُجُودَهُ وَكَلامُهُ هَذَا صَرِيحٌ بِالْحُلُولِ وَالْوَحْدَةِ الْمُطْلَقَةِ وَهُوَ مِنْ أَشَدِّ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ، يَعْنِى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَلَّ بِالأَشْيَاءِ وَاتَّحَدَ مَعَهَا فَصَارَ هُوَ عَيْنَ الأَشْيَاءِ فَقَوْلُهُ لَيْسَ هُنَاكَ حَقِيقَةٌ إِلَّا حَقِيقَتَهُ يَعْنِى أَنَّ الْعَالَمَ وَهْمٌ أَوْ مَعْدُومٌ أَوْ يَعْنِى أَنَّ اللَّهَ وَالْعَالَمَ شَىْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ فِى الْحَالَيْنِ تَكْذِيبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ الَّذِى فِيهِ إِثْبَاتُ وُجُودِ اللَّهِ وَإِثْبَاتُ وُجُودِ الْعَالَمِ حَقِيقَةً. وَيَقُولُ سَيِّد قُطُب فِى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ مَا نَصُّهُ وَهِىَ كَلِمَةٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ لا عَلَى الْكِنَايَةِ وَالْمَجَازِ وَاللَّهُ تَعَالَى مَعَ كُلِّ شَىْءٍ وَمَعَ كُلِّ أَحَدٍ فِى كُلِّ وَقْتٍ وَفِى كُلِّ مَكَانٍ. وَكَلامُهُ هَذَا فِيهِ تَكْذِيبٌ لِلْقُرْءَانِ وَإِجْمَاعِ الأُمَّةِ لِأَنَّهُ جَعَلَ اللَّهَ مُنْتَشِرًا فِى الْعَالَمِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ أَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّهَ مَوْجُودٌ بِلا مَكَانٍ وَلا جِهَةٍ. وَيَقُولُ فِى كِتَابِهِ الْمُسَمَّى فِى ظِلالِ الْقُرْءَانِ إِنَّ تَعَلُّمَ الْفِقْهِ مَضْيَعَةٌ لِلْعُمُرِ وَالأَجْرِ وَقَوْلُهُ هَذَا فِيهِ مُعَارَضَةٌ لِلْقُرْءَانِ وَالْحَدِيثِ وَإِجْمَاعِ الأُمَّةِ قَالَ تَعَالَى ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ أَىْ لا يَسْتَوُونَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَا أَيُّهَا النَّاسُ تَعَلَّمُوا فَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ وَالْفِقْهُ بِالتَّفَقُّهِ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ، أَىْ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا أَىْ رِفْعَةً فِى الدَّرَجَةِ رَزَقَهُ الْعِلْمَ بِأُمُورِ دِينِهِ. كَمَا أَنَّ سَيِّد قُطُب يَطْعَنُ فِى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَيَحْتَقِرُهُمْ وَيَتَّهِمُهُمْ بِالشِّرْكِ فَيَقُولُ فِى كِتَابِهِ الْمُسَمَّى التَّصْوِيرَ الْفَنِّىَّ فِى الْقُرْءَانِ عَنْ سَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ لِنَأْخُذْ مُوسَى إِنَّهُ نَمُوذَجٌ لِلزَّعِيمِ الْمُنْدَفِعِ الْعَصَبِىِّ الْمِزَاجِ يَعْنِى سَيِّئَ الْخُلُقِ وَيَتَّهِمُ نَبِىَّ اللَّهِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِأَنَّهُ كَادَ يَضْعُفُ أَمَامَ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ وَيَتَّهِمُ نَبِىَّ اللَّهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِأَنَّهُ كَانَ مُشْرِكًا يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ فَيَقُولُ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ وَإِبْرَاهِيمُ تَبْدَأُ قِصَّتُهُ فَتًى يَنْظُرُ فِى السَّمَاءِ فَيَرَى نَجْمًا فَيَظُنُّهُ إِلَهَهُ. وَلْيُعْلَمْ أَنَّ سَيِّدَ قُطُب كَفَّرَ الْمُسْلِمِينَ قَاطِبَةً حَتَّى الْمُؤَذِّنِينَ وَالْمُصَلِّينَ كَمَا أَنَّ أَتْبَاعَهُ حِزْبَ الإِخْوَانِ يَعْتَبِرُونَ أَنْفُسَهُمْ أَنَّهُمْ هُمْ فَقَطْ الْمُسْلِمُونَ وَكُلَّ مَنْ سِوَاهُمْ كُفَّارًا لِذَلِكَ يُسَمُّونَ أَنْفُسَهُمْ الإِخْوَانَ الْمُسْلِمِينَ وَالْجَمَاعَةَ الإِسْلامِيَّةَ وَأَسْمَاءَ أُخْرَى غَيْرَهَا. فَيَجِبُ الْحَذَرُ وَالتَّحْذِيرُ مِنْهُمْ فَإِنَّ أَكْبَرَ ضَرَرٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ يَأْتِى مِنْ نَاحِيَةٍ بِاسْمِ الدِّينِ مِنْ حِزْبِ الإِخْوَانِ وَالْوَهَّابِيَّةِ كَفَى اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ شَرَّهُمْ.

قال الله تعالى في القرآن الكريم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)) سورة الأحزاب آية 70 و71.

لقد أرسل الله عز وجل نبيه الكريم محمدًا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، فجاء هاديًا ومبشرًا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرا، فهدى الله به الأمة، وكشف به الغُمَّة، وأخرج به الناس من الظلمات إلى النور، فجزاه الله خير ما جزى نبيًا عن أمته، وقد جعل الله تعالى في اتّباعه صلى الله عليه وسلم الفوز والفلاح، وجعل شرعه الشريف سهلا سمحًا، بعيدًا عن التعقيد والغلو والتطرف، فجاء صلى الله عليه وسلم بعقيدة قويمة، وأحكام راسخة التزم بها أصحابه الكرام ومن جاء بعدهم من السلف الصالح فدانت لهم الأرض، وحملوا للدنيا مشاعل النور التي تضيء العقول والقلوب، وتبدد غياهب الجهل وظلام الظلم، ولكن أبى بعض الناس قديمًا وحديثًا أن يفتحوا قلوبهم للحق، فقادهم الشيطان إلى مزالق الخسران المبين، فشذوا وضلّوا وفسدوا وأفسدوا، وكان من أخطر ما ابتلي به هؤلاء الرَعاع تكفيرهم المسلمين بغير حق حيث زيّن لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل، فظنوا الخطأ صوابا، والباطل حقا، وهكذا يفعل الجهل بصاحبه ولقد قيل:

يصيب وما يدري ويُخطي وما درى *** وكيف يكون الجهل إلا كذلكا

منهج التكفير عند الخوارج:
وقد قاد هؤلاء الهمج جهلُهم وإفكُهم إلى إطلاق التكفير جُزافًا بغير هدى ولا بصيرة ولا بينة، ابتداءً بالخوارج الذين كانوا أول فرقة شذّت في الاعتقاد عمّا كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكفَّروا مرتكب الذنب الكبير من المسلمين، ووصل الأمر ببعضهم إلى تكفير من لم يكفِّر مرتكب الكبيرة، بل تمادوا في غيهم وبغيهم فكفَّروا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وليت شعري إذا كفَّروا عليًا رضي الله عنه على جلالة قدره فأنّى يتورعون بعد ذلك عن تكفير من هو دون علي كرَّم الله وجهه، وقد لقي المسلمون منهم أذىً شديدًا وبلاءً عظيمًا، حيث كانوا يقتلون المرأة المسلمة، ويبقرون بطن الحامل بعد قتلها فيقتلون الجنين في أحشائها لئلا يصير كافرًا كأمه بزعمهم، ونشأت فيهم فرقة من فرقهم يقال لهم البيهسية كفّروا الحاكم إذا حكم بغير الشرع، وكفَّروا الرعايا سواءٌ من تابعه أم لم يتابعه، إذا لم يثوروا عليه لخلعه، وعلى هذا سار سيد قطب ومن تابعه من حزبه المسمى بالإخوان المسلمين، وقد كان الخوارج في نفس الوقت سلمًا على أعداء الأمة الذين يبغون لها الغوائل ويحيكون لها المؤامرات، ومن غرائبهم وعجائبهم أن أنكر بعضهم سورة يوسف عليه السلام يعني وصلت الوقاحة بهم ذروتها، فتطاولوا على كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وقد انقرض بحمد الله وفضله أكثر الخوارج، ولكن بقي منهم القليل في بعض نواحي المسلمين، فنسأل الله تعالى لهم الهداية وحسن الحال لنكون صفًا واحدًا في مواجهة المؤامرات والتداعيات الخطيرة التي تُغرق البلاد والعباد اليوم، ونتمكن بإذن الله تعالى من الصمود في وجه الأعاصير التي كانت وما زالت تضرب أمتنا الأبية.

خطورة التسرع في التكفير:

ولو سألنا ما الذي حمل هؤلاء الغوغاء على مثل هذه المقالات الفارغة الفاسدة، فشحنوا بها بطون كتبهم وإصداراتهم، لكان الجواب بكل صراحة وبساطة إن الذي حملهم على هذا الجهل في علم الدين، بل قد جَهِلوا وجَهِلوا أنهم يجهلون، وظنوا ما هم عليه من الجهل علمًا، وحسبوا أن لهم حق الاجتهاد واستنباط الأحكام من الكتاب والسنة، فخاضوا فيما لا حظ لهم فيه بغير علم ولا هدى ولا دليل ولا بينة، فكانوا كحاطب ليل لا يفرّق بين عيدان الحطب والأفعى، ثم نشروا هذه السموم بين الناس ولهم في القيامة موقف يحاسبهم فيه ديّان يوم الدين، ألا يعلم هؤلاء معنى الحكم بالتكفير، وما الذي ينبني على ذلك من أحكام؟ فإن الحكم بالكفر على شخص يعني الحكم بانقطاع التوارث بين الأب وولده، وبطلان النكاح القائم بينه وبين زوجته، وغير ذلك من الأحكام.
إن التسرع في التكفير خطر عظيم، وبالتالي ليس لأحد أن يبني التكفير على مجرد الرأي، فيُكفّرَ من هو في الحقيقة مؤمن خالص، كما كفّرت الخوارج الإمام عليًا رضي الله عنه، فهل يعرف هؤلاء ماذا يقولون، وأين يذهبون، فإن علم الدين لا يُنال بالتمني ولا بالتشهي، ومتى سيعي هؤلاء أن كثيرًا مما عانته الأمة وما تعانيه اليوم كان بسبب تسرعهم في التكفير بغير حق، فأدى ذلك إلى نشوء جماعات تحكم على من سواها بالكفر، وترى السيف على من خالفها، ولا يخفى ما جرّه ذلك على الأوطان من بلاء عظيم أغرق الأبرياء في حمامات الدم.
ومن هنا فإننا نقول ومن باب النصيحة لهؤلاء الناس وهذه الجماعات اتقوا الله في أنفسكم، وفي أمة محمد صلى الله عليه وسلم، واخرجوا مما أنتم فيه، وأعيدوا النظر مرة بعد مرة في كثير مما أنتم عليه، فإن الرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل، وربنا عز وجل يقول (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ 125) سورة النحل.

والحمد لله أولا وآخرا.

منهج التكفير عند الخوارج

قاد هؤلاء الهمج جهلُهم وإفكُهم إلى إطلاق التكفير جُزافًا بغير هدى ولا بصيرة ولا بينة، ابتداءً بالخوارج الذين كانوا أول فرقة شذّت في الاعتقاد عمّا كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكفَّروا مرتكب الذنب الكبير من المسلمين، ووصل الأمر ببعضهم إلى تكفير من لم يكفِّر مرتكب الكبيرة، بل تمادوا في غيهم وبغيهم فكفَّروا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وليت شعري إذا كفَّروا عليًا رضي الله عنه على جلالة قدره فأنّى يتورعون بعد ذلك عن تكفير من هو دون علي كرَّم الله وجهه، وقد لقي المسلمون منهم أذىً شديدًا وبلاءً عظيمًا، حيث كانوا يقتلون المرأة المسلمة، ويبقرون بطن الحامل بعد قتلها فيقتلون الجنين في أحشائها لئلا يصير كافرًا كأمه بزعمهم، ونشأت فيهم فرقة من فرقهم يقال لهم (البيهسية) كفّروا الحاكم إذا حكم بغير الشرع، وكفَّروا الرعايا سواءٌ من تابعه أم لم يتابعه، إذا لم يثوروا عليه لخلعه.

وعلى هذا سار سيد قطب ومن تابعه من حزبه المسمى بالإخوان المسلمين، وقد كان الخوارج في نفس الوقت سلمًا على أعداء الأمة الذين يبغون لها الغوائل ويحيكون لها المؤامرات، ومن غرائبهم وعجائبهم أن أنكر بعضهم سورة يوسف عليه السلام يعني وصلت الوقاحة بهم ذروتها، فتطاولوا على كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

وقد انقرض بحمد الله وفضله أكثر الخوارج، ولكن بقي منهم القليل في بعض نواحي المسلمين، فنسأل الله تعالى لهم الهداية وحسن الحال لنكون صفًا واحدًا في مواجهة المؤامرات والتداعيات الخطيرة التي تُغرق البلاد والعباد اليوم، ونتمكن بإذن الله تعالى من الصمود في وجه الأعاصير التي كانت وما زالت تضرب أمتنا الأبية.

الحمد لله ربّ العالمين له النعمةُ وله الفضلُ وله الثناءُ الحسنُ وصلواتُ اللهِ البَرّ الرحيمِ والملائكةِ المقرَّبينَ على سيدنا محمّدٍ وعلى ءاله وأصحابه الطيبين.

أما بعدُ فقبلَ أن يَعملَ جماعةُ سيد قطب تلكَ الجرائمَ من قتلٍ وتخريبٍ كانَ الناسُ يعطِفونَ على الغريبِ إذا لَقُوا غريبًا في الطريقِ يسألونَهُ ما اسمهُ ومن أينَ أما بعدَ جرائمهم التي عمِلُوها الناسُ لا يلتفتون إلى الغريبِ يخافونَ أن يكونَ منهم مَنْ هُوَ من هذه الجماعةِ. في مدينة حمص كانوا إذا لقوا غريبًا في الطريقِ يُقبِلونَ عليهِ ببشاشةٍ يسألونَهُ ما اسمهُ ومن أيّ بلدٍ ويصيرُ التعارفُ، فمُنذ فتنةِ هذه الفئةِ انقطعَ هذا لأنهُ صارَ تنافرٌ بينَ الناسِ يخافُ هذا من هذا حتى أهلُ البلدِ يخافُ بعضُهُم من بعضٍ فكيفَ الغريبُ. أولَ ما عمِلوا تلكَ الجرائم الحكومةُ السوريةُ صارت إذا رأت شابًّا يدخلُ إلى المسجد تقبضُ عليه تأخذهُ انقطعَ الشبابُ عنِ المساجدِ إلا الرجال الكبارَ لأنَّ جماعةَ سيد قطب يستحِلُّونَ قتلَ من ليسَ منهم، وذلكَ لأنهم كانوا قبلَ أن يُعرَفوا بالاغتيالاتِ والقتلِ يُدرّبون شبابهم في المساجدِ في الليل يخبِّؤونَ السلاحَ في المساجدِ ثمَّ لما ظهرَ أمرُهُم فعرفتِ الدولةُ أنهم اتّخذوا المساجدَ مركزَ تدريبٍ على القتالِ واختزانِ الأسلحةِ صاروا يُشَدِّدونَ على مَن يدخلُ المسجدَ، الشبابُ انقطعوا لأنّهم يُؤخَذُونَ يُحبَسُونَ ويُحقَّقُ معهم فبعدَ أذًى وخوفٍ شديدٍ يُطلِقونَ مَنْ ليسَ منهُم ومَن هو منهم كان يُحبَسُ فمِنَ الناسِ مَنْ حُبِسَ بسببهم. طفلٌ كانَ معهم كانَ عمرهُ لما أُخِذَ نحوَ سبع سنينَ دخلَ السجنَ وهوَ ابنُ سبعِ سنينَ وخرجَ وهوَ ابنُ نحوِ ثلاثٍ وعشرينَ، إلى هذا الحدّ فِتْنَتُهُم بلَغَتْ.

كلُّ هذهِ الجرائمِ في صحيفةِ سيد قطب مُسجلةٌ عليهِ لأنهُ هُوَ الذي شقَّ هذا الطريقَ مَن مشى مع جماعتِهِ هذا صارَ مُسلمًا بزعمهم أما الذي لا يمشي معهم ولا يُوافقهم عندهم كافرٌ دمُهُ حلالٌ. مَن شقَّ طريقَ فسادٍ وفتنةٍ ذنبُهُ يُكتَبُ عليهِ وذنوبُ منِ اتّبعهُ، بعدَدِ مَنِ اتَّبعهُ يُكتَبُ عليه، كلُّ هذهِ الجرائم التي عمِلها جماعةُ سيد قطب مُسجلةٌ عليه كما أنَّ الذي يفتحُ طريقَ خيرٍ جديدٍ موافقةً للقرءانِ ولشريعةِ الرسولِ عليه السلامُ يُكتَبُ لهُ أجرُهُ وأجرُ مَنِ اتّبعه إلى يوم القيامةِ من غيرِ أن ينقصَ من أجورهم شيء.

الناسُ قبلَ أن يظهَروا بأعمالهم كانوا يظنّونَهم يحبّونَ العبادةَ في المساجدِ يحبّونَ المكثَ في المسجدِ، كانوا يحسّنونَ الظنَّ بهم ثمَّ ظهرَ أنهم إنما كانوا يتردّدونَ إلى المسجدِ لتهيئةِ وتنفيذِ ما يُريدونَ من اغتيال الناسِ الذين لا يتبَعُونَهم.

أخبَروني أنَّ هذا عمر عبد الرحمن جاءَ إلى سويسرة قبلَ أن يُحبَسَ التَقَى بأحدِ جماعتنا ليُناقشهُ فقالَ مُعترضًا على الحكم بأنه لا يجوزُ أن يأخذ الرجل زوجته إلى الكنيسة قال مُعترضًا لماذا لا يجوز هيَ ماذا تفعل هل هيَ تزني هي ذهبت لِتَعبُدَ ربَّها اهـ هكذا قالَ مِن سفاهتهِ. إذا كان هذا حالَ رؤوسهم فكيفَ الأتباعُ.

حُجَّتُهُم أي حزبِ الإخوانِ في تكفير المسلمينَ واستحلالِ دمائهم شيءٌ واحدٌ وهوَ على زعمهم الذي يحكُمُ بغير القرءان ولو بقضيةٍ واحدةٍ خرجَ من الإسلام. اليومَ الرُّؤساءُ كلُّهم، الرؤساءُ العربُ وغيرُ العرب يحكمون بغير القرءان فعِندَ هؤلاءِ كلُّ واحدٍ منهم كافرٌ لأنه حكم بغير القرءان ولو كان يحكمُ في بعضِ الأمور بحكم القرءانِ لكن لأنهُ حكمَ في بعضِ الأشياء بغير القرءان صار كافرًا والرعيةُ التي تعيشُ معه عندهم كفارٌ لأنهم يعايشون هذا الحاكم، بهذا يستحلّونَ دماءَ المسلمينَ.

ومَنشأ هذا الحكمِ الباطل أنّهم فهِموا ءايةً منَ القرءان على غيرِ وجهِها بينَما علماءُ الإسلامِ من أيامِ الرسول إلى الآن ما فهِموا كما هُم يدَّعُونَ، العلماءُ فهِموها على أنَّ معناها أنَّ مَن حكمَ بغير الشرعِ وقعَ في ذنبٍ يُشبِهُ الكفرَ ما فَهِموها على أنَّ معناها الكفرُ الذي يُخرجُ منَ الإسلامِ وبعضُ علماء الإسلام قالوا تلكَ الآيةُ نزلتْ في الكُفارِ ليسَ في المسلمين أي في ذمّ الكفار وهذه الآيةُ هيَ ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِما أنزلَ اللهُ فأولئكَ هُمُ الكافرُونَ([1]) بعضُ الصحابةِ قالَ ليسَ معناها الكفرُ الذي يُخرِجُ منَ الدين إنما معناها أنهُ ذنبٌ يشبهُ الكفرَ اهـ وقالَ صحابيٌّ ءاخرُ هذه الآيةُ تعني الكفّار اليهودَ لأنَّ هذهِ الآيةَ نزلت بسبب أنَّ اليهود زنَى منهُم رجلٌ بامرأةٍ وكانَ كلٌّ منهُما مُتزوِّجًا قالوا نذهبُ إلى محمدٍ نسألهُ ماذا يقولُ في حكم هذينِ فإنْ قالَ يُرجَمان لا نأخذُ بكلامِهِ فسألوهُ فقالوا ما حكم هذينِ قال الرسول صلى الله عليه وسلم الرجمُ فلم يُوافقوا قالَ لهم هذا الذي في التوراةِ فأحْضِرَتِ التوراةُ فالذي يقرأُها وضعَ يدهُ على هذا الموضع الذي فيهِ أنَّ الرجلَ والمرأةَ إذا كانا مُتزوِّجينِ ثمَّ عمِلا الزنى يُرجَمانِ أي يُرمَيانِ بالحجارةِ حتى يموتا فقالَ لهُ رجلٌ ءاخرُ كان عالـمَ اليهودِ فأسلمَ أزِحْ يدكَ فأزاحَ فإذا هيَ فيها الحكمُ بالرجمِ على الزانِيَينِ المتزوجَينِ فأنزلَ اللهُ هذه الآية ﴿ومَن لَّم يحكُمْ بما أنزلَ اللهُ فأولئكَ هُمُ الكافرونَ﴾ مع ءاياتٍ قبلَها في ذمّ اليهودِ لأنّهم غيّروا حكم التوراةِ كانوا الشخص إذا زنى يُرْكِبُونَهُ الحمارَ فيُسَوّدونَ وجههُ بالدّخانِ يدورونَ بهِ في الناس، بدلَ الرجم صاروا يفعلون هذا وزعموا أنه حكم الله تعالى، غيَّروا حكم التوراة. اليهودُ هم بدأوا أولًا بتحريفِ التوراةِ ثمَّ النصارى بعدما طلعَ المسيحُ إلى السماء بمائَتَي سنةٍ بدأوا يحرِّفونَ الإنجيلَ لكنَّ النصارى لعبوا بالإنجيل حتى صار عددُ الأناجيلِ عندَهم فوقَ الستين ثم بعضُ ملوكِ النصارى قال لهم ما هذا اتفِقوا على عددٍ وأتلِفوا ما سواهُ فاتفقوا على أربعةٍ وأتلفوا ما سواه. أما نحنُ المسلمون فقُرءانُنا مضى عليه ألفٌ وأربعمائةِ سنةٍ لم يُغيَّرْ ولم يُبَدَّلْ هُوَ هوَ.

هذا دليلٌ أنَّ هذه الأمةَ أفضلُ الأمم هيَ بعدُ مُقرَّةٌ بشريعةِ نبيّها وبالكتابِ الذي أنزلَ على نبيّها. تلكَ الكتبُ التوراةُ والإنجيلُ والزبورُ ما كانوا يحفظونها إنما يقرأون نظرًا. أما أمةُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم ابنُ ست سنين حفِظَ فيما مضى، حتى في عصرِنا ابنُ سبع سنين ابن ثمان سنوات ابنُ اثنتي عشرةَ وابنُ عشرينَ وابنُ ثلاثينَ وابنُ أربعينَ ومَن فوق ذلك يحفظونه، هذا أيضًا دليلٌ على أنّ أمةَ محمدٍ أفضلُ من أمةِ عيسى المسلمينَ الذينَ كانوا معهُ وأمةِ موسى وسليمانَ وداودَ ومن كل أمم الأنبياء. الآن هؤلاء الذين يُقال لهم قساوسة لا يحفظون هذا الإنجيل المحرّفَ أما الأصلُ أتلفوه ذهبَ واليهودُ حاخاماتُهم لا تحفظُ هذه التوراة المحرفة التي بأيديهم إنما يقرأونها من كتابٍ.

قبل ثلاثينَ سنةً أيام جمال عبد الناصر غلامٌ ابنُ ست سنواتٍ حفظَ القرءان. هذا الذي يُقال له بابا روما لا يحفظ هذا الإنجيل المحرف وهوَ إمامُ كل نصرانيّ على مذهبه على وجه الأرض.

أولُ هذه الأمة أفضلُ من ءاخرِها لكنْ في كلٍّ خيرٌ. ءاخرُ هذه الأمةِ لا يكونُ مثلَ أيام الصحابة والتابعينَ.

انتهى والله تعالى أعلم

[1])) سورة المائدة/الآية 44.