حكم السعي خارج المسعى القديم ; الوقوفُ بعرفة

النيّة لله تعالى

الوقوفُ بعرفة

الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين وصلّى اللهُ وسلّم على سيِّدِنا محمّد

أمّا بعد، قال اللهُ تعالى :{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.

إخوةَ الإيمان، إنَّ الأمّةَ المُحَمَّديّةَ اليوم تنْتَظرُ بِشُوْقٍ لِتَشْهَدَ مَشهَدًا مِنْ أبْهَى مظاهِر العِبادةِ والوَحْدة، حيثُ يَجتَمِعُ المسلمونَ بأشْكالِهِم المُخْتَلِفة وألسنَتِهِم المُتَعَدِّدة تحت رايةِ التّوحيدِ التي جمَعَتْهُمْ فوقَ أرضٍ واحدةٍ يَدْعُونَ ربًّا واحدًا، يدْعُونَ اللهَ الذي لا إلهَ إلّا هو.

إنَّ موْقِفَ المسلمين على أرضِ عرَفةَ قائلين ” لبّيكَ اللهُمَّ لبّيك لبَّيْكَ لا شريكَ لكَ لبَّيك إنَّ الحمدَ والنِّعْمةَ لكَ والمُلك لا شريك لك ” موْقِفٌ تُشَدُّ لهُ الأبصار وتَحِنُّ لهُ القلوب وتَذرِف لهُ العُيون شوْقًا لِبِقاعِ مكّةَ ومِنى ورَغْبةً فيمَا يُقامُ فيها مِنْ مناسك.

قال اللهُ تعالى { واعْتَصِموا بِحَبلِ الله } أمرٌ بالتَّمَسُّكِ بالدّين والوقوفِ عندَ حدودِ الدّينِ والاعْتِصامِ بحَبلِ اللهِ المتينِ { ولا تَفَرّقوا } لأنَّ في الفرِقةِ ضَعْفًا وفي الوَحْدةِ قوّةً، ويُذَكِّرُكُمُ اللهُ بالنِّعْمةِ العظيمةِ { واذْكروا نِعْمةَ اللهِ عليكمْ } وهيَ نِعْمةُ الإيمانِ بالله العظيم.

بيَّنَ اللهُ لنا في القرآنِ أنَّ صحابةَ النبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم توَحَّدُوا واجْتَمعوا على الإيمانِ باللهِ ورسولِهِ وتآلَفوا وتآخُوا مُتَظَلِّلينَ بِرايةِ لا إلهَ إلّا اللهُ محمّدٌ رسولُ الله، مُوَجِّهِينَ أنْظارَهُمْ نحوَ هدَفٍ واحدٍ وهوَ رَفعُ هذه الرّاية والمَسيرُ على دَربِ التّقوى والإخلاصِ للهِ والتّضحيةِ للهِ عزَّ وجلّ.

أيُّها الإخوةُ الكِرام، إنَّ الاعْتِصامَ المُنْجِيَ هوَ الاعتِصامُ بِكتابِ اللهِ وسُنّةِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم.

وكمْ هو عظيمٌ قولُ رسولِ الله صلّى اللهُ عليه وسلّم عنْدَما خطَبَ في النّاسِ في حَجّةِ الوَداعِ فقال ( أيّها النّاس إنّي قدْ تَرَكْتُ فيكُمْ ما إنِ اعْتَصَمْتُمْ بهِ فلَنْ تَضِلّوا أبَدًا كِتابَ اللهِ وسُنّةَ نَبِيِّهِ إنَّ كلَّ مسلمٍ أخو المسلم المسلمونَ إخْوة ولا يَحِلُّ لامْرىءٍ مِنْ مالِ أخيهِ إلّا ما أعْطاهُ عنْ طِيبِ نَفْسٍ ولا تَظْلِموا ولا تَرْجَعوا بعْدِي كفّارًا يضْرِبُ بعضُكُمْ رِقابَ بعضٍ))

قال اللهُ تعالى { وكنْتُمْ على شَفا حُفْرةٍ منَ النّارِ فأنْقَذَكُمْ منها }

أنْقَذَهُمْ منَ النّارِ بالإسلامِ لأنَّ مَنْ ماتَ على الإشراكِ أوْ على أيِّ نوْعٍ مِنْ أنواعِ الكفر كنَفْي وجودِ اللهِ أو الاسْتِهزاءِ باللهِ أوْ بِدينِ الإسلامِ أوْ بِنَبِيٍّ منْ أنْبياءِ اللهِ أوْ بِمَلَكٍ منَ الملائكةِ يدخُلُ النّارَ خالِدًا فيها أبدًا لا يخْرُجُ منها ولا يَرْتاحُ منْ عذابِها.

إخوةَ الإيمانِ والإسلام، إنّنا نَدعُو للتَّمَسُّكِ بكِتابِ اللهِ، للتّمَسُّكِ بسُنّةِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم الذي وردَ عنهُ أنّهُ قال (( مَنْ يُرِدِ اللهُ بهِ خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدّينِ ))

أيّها الأحبّة، لقدْ تَفَشّى وباءُ الجهلِ ومرَضُ التَّشَبُّثِ بالباطلِ والزَّيْغِ ولا سلاحَ للإنسانِ اليوم في مُواجَهةِ ذلك إلّا بالتَّمَسُّكِ بالعِلم، بعِلمِ الدّينِ والعَملِ بذلك والتَّمَسُّكِ بالوَسَطِيّةِ والاعْتِدال باتِّباعِ الحقِّ قال اللهُ تعالى { وكذلكَ جَعَلْناكُمْ أمّةً وسَطًا }

إخوةَ الإيمانِ، إنّنا في هذه الأيّامِ الفضيلةِ المُباركةِ نُجَدِّدُ الدّعوةَ للعلمِ و الاعْتِدالِ والوسَطِيّةِ والتآخِي على أساسِ الالْتِزامِ بِحدودِ هذا الدّينِ العظيم وللتّعَلُّمِ ومَعرِفةِ الإيمانِ باللهِ ورسولِهِ ومعرِفةِ الحدودِ الشّرْعيّةِ لِيصيرَ عندَ المسلمِ الميزانُ الشرْعيُّ الذي بهِ يُمَيّزُ الطّيِّبَ منَ الخَبيث والحلالَ منَ الحرام والحقَّ منَ الباطلِ والحَسَنَ منَ القَبيح.

اللهمَّ اغْفِرْ لنا وارْحَمْنا واعْفُ عنّا يا أرْحَمَ الرّاحِمين، اللهمَّ أصْلِحْ ذاتَ بيْنِنا وألِّفْ بينَ قلوبِنا ووَفِّقْ حُجّاجَ بيتِ اللهِ الحرام إلى ما تُحِبُّهُ وتَرْضاهُ وأعِنْهُمْ ورُدَّهُمْ إليْنا سالِمينَ غانِمِين يا ربَّ العالَمين.

هذا وأسْتَغْفِرُ اللهَ العظيمَ لي ولكمْ

والحمدُ للهِ ربِّ العالَمين.

بصوت فضيلة الشيخ جيل صادق
نفعنا الله به.

https://t.me/ShaykhGillesSadekARABIC

يوم التروية🔹

💡يوم التروية: هو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة،

✨يقال إنه سمي بهذا الاسم لأن الناس كانوا يتروون من الماء فيه يُعِدُّونَه ليومِ عرفَة،

✨وقيل لأن سيدنا جبريل أرى سيدنا إبراهيم مناسكه في هذا اليوم، وقيل غير ذلك.

⭕️ وإذا خرج الحجاج يوم التروية إلى مِنى فالسُّنَّة أن يُصَلُّوا بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويبيتوا بها ويُصَلُّوا بها الصبح.

🔴 وكل ذلك مسنون ليس بنسك واجب فلو لم يبيتوا بها أصلًا ولم يدخلوها فلا شىء عليهم لكن فاتتهم السُّنَّة.

نصيحة لمن أراد الحج والعمرة أحببنا أن نقدم لهم هذه العجالة في بيان

حكم السعي خارج المسعى القديم

نصيحة لمن أراد الحج والعمرة أحببنا أن نقدم لهم هذه العجالة في بيان

حكم السعي خارج  المسعى القديم

( ١/٢)

قال الله تعالى { إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوف بهما ومن تطوع خيرًا فإن الله شاكر عليم}.

لقد اعتنى علماء الإسلام بضبط حدود المسعى وذرعوا طوله وعرضه، وبيّنوا أعلامه وأمياله بدرجة كبيرة من الدقة.

كما اهتموا بذكر الدور التي تحده وتقاربه والأزقة التي حوله.

ففي صحيح البخاري: (باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة) وقال ابن عمر رضي الله عنهما: السعي من دار بني عباد إلى زقاق بني أبي حسين.

 قال في الفتح صحيفة 394 جلد 3:” وصله الفاكهي من طريق ابن جريج ” أخبرني نافع قال: نزل ابن عمر من الصفا، حتى إذا حاذى باب بني عباد سعى، حتى إذا انتهى إلى الزقاق الذي يسلك بين دار بني أبي حسين ودار بنت قرظة “

ومن طريق عبيد الله بن أبي يزيد قال ” رأيت ابن عمر يسعى من مجلس أبي عباد إلى زقاق ابن أبي حسين ” قال سفيان هو بين هذين العلمين.” انتهى

وقال أبو الوليد الأزرقي  في (أخبار مكة) (2/119) : (…، وذرع ما بين العلم الذي على باب المسجد إلى العلم الذي بحذائه على باب دار العباس بن عبد المطلب، وبينهما عرض المسعى خمسة وثلاثون ذراعا ونصف…). 

 وقال الفاكهي في (أخبار مكة) (4/ 93) : (… وذرع ما بين العلم الذي على باب المسجد إلى العلم الذي بحذائه على باب دار العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه وبينهما عرض المسعى خمسة وثلاثون ذراعا واثنتا عشرة أصبعا…) .

وقال في موضع آخر: (وذرع دار العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه والمسجد الحرام ستة وثلاثون ذراعا و ثلث ذراع) (3/271)

 وقال الفاسي في (شفاء الغرام) (1/519): (وقد حررنا مقدار ما بين هذه الأعلام طولا وعرضا، وذلك أن من العلم الذي في حد باب المسجد الحرام المعروف بباب العباس عند المدرسة الأفضلية إلى العلم الذي يقابله في الدار المعروفة بدار العباس: ثمانية وعشرون ذراعا إلا ربع ذراع، بذراع الحديد، يكون ذلك بذراع اليد إحدى وثلاثين ذراعا وخمسة أسباع ذراع، وذلك ينقص عما ذكره الأزرقي في مقدار هذين العلمين،…).

وذكر السخاوي في الضوء اللامع ج 1/ 58 وقطب الدين الحنفي في تاريخه المسمى بـ (الإعلام) ص101 : قصة تعدي ابن الزمن على اغتصاب البعض من عرض المسعى في سلطنة الملك الأشرف قايتباي المحمودي إلى أن قال: قاضي مكة وعلماؤها أنكروا عليه.

وقالوا له في وجهه إن عرض المسعى كان خمسة وثلاثين ذراعا، وأحضر النقل من تاريخ الفاكهي، وذرعوا من ركن المسجد إلى المحل الذي وضع فيه ابن الزمن أساسه فكان سبعة وعشرين ذراعا.

تابع (٢/٢)

قال الله تعالى { إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم}.

قال النووي في المجموع ، كتاب الحج ، باب صفة الحج والعمرة ، السعي ركن من أركان الحج ، فرع السعي في غير موضع السعي جلد 8 صحيفة 76: ( فرع ) قال الشافعي والأصحاب

لا يجوز السعي في غير موضع السعي ، فلو مر وراء موضع السعي في زقاق العطارين أو غيره لم يصح سعيه ؛ لأن السعي مختص بمكان فلا يجوز فعله في غيره كالطواف.

قال أبو علي البندنيجي في كتابه الجامع : موضع السعي بطن الوادي .

قال الشافعي في القديم : فإن التوى شيئا يسيرًا أجزأه ، وإن عدل حتى يفارق الوادي المؤدي إلى زقاق العطارين لم يجز

وكذا قال الدارمي : إن التوى في السعي يسيرًا جاز ، وإن دخل المسجد أو زقاق العطارين فلا ، والله أعلم .اهـ.

وقال الرملي الشافعي في (نهاية المحتاج) (3/291): (و يشترط [أي: في السعي]: قطع المسافة بين الصفا والمروة كل مرة، و لابد أن يكون قطع ما بينهما من بطن الوادي، و هو المسعى المعروف الآن- يعني أيامه-)

وقال ملا علي قاري الحنفي المكي في (مرقاة المفاتيح) (5/475) :

(والمسعى: هو المكان المعروف اليوم- يعني أيامه- لإجماع السلف و الخلف عليه كابرًا عن كابر).

وقال الحطاب المالكي في مواهب الجليل لشرح مختصر خليل (4/118): (وللسعي شروط… ومنها كونه بين الصفا والمروة؛ فلو سعى في غير ذلك المحل بأن دار من سوق الليل أو نزل من الصفا ودخل من المسجد لم يصح سعيه).

وقال الخطيب الشربيني الشافعي في (مغني المحتاج) (2/256): (…، فلو عدل عن موضع السعي إلى طريق آخر في المسجد أو غيره، وابتدأ المرة الثانية من الصفا، لم تحسب له تلك المرة على الصحيح، كما في المجموع وزيادة الروضة).

وقال الرملي في (نهاية المحتاج) (3/291) : (ولم أر في كلامهم ضبط عرض المسعى وسكوتهم عنه لعدم الاحتياج إليه، فإن الواجب استيعاب المسافة التي بين الصفا والمروة كل مرة، ولو التوى في سعيه عن محل السعي يسيرا لم يضر كما نص عليه الشافعي).

وقال الشرواني في حواشيه (4/98): قال في العباب: ويجب أن يسعى في بطن الوادي، ولو التوى فيه يسيرا، لم يضر، قال شارحه: بخلافه كثيرا بحيث لم يخرج عن سمت العقد المشرف على المروة إذ هو مقارب لعرض المسعى مما بين الميلين الذي ذكر الفاسي أنه عرضه، ثم ما ذكره هو في (المجموع)

حيث قال – أي: النووي -: قال الشافعي والأصحاب لا يجوز السعي في غير موضع السعي، فلو مر وراء موضعه في زقاق العطارين أو غيره لم يصح سعيه لأن السعي مختص به فلا يجوز فعله في غيره كالطواف… إلى أن قال: ولذا قال الدارمي: إن التوى في موضع سعيه يسيرا جاز، وإن دخل المسجد أو زقاق العطارين فلا. انتهى.

وبه يعلم أن قول العباب ولو التوى فيه يسيرًا : المراد باليسير فيه ما لا يخرج عنه فتأمله.) ثم قال: (الظاهر أن التقدير لعرضه بخمسة وثلاثين أو نحوها على التقريب، إذ لا نص فيه يحفظ عن السنة فلا يضر الالتواء اليسير لذلك). اهـ

وجاء في (المغني) صحيفة 403 جلد 3: أنه يستحب أن يخرج إلى الصفا من بابه، فيأتي الصفا، فيرقى عليه حتى يرى الكعبة، ثم يستقبلها.

قال في (الشرح الكبير) صحيفة 405 مجلد3: فإن ترك مما بينها شيئا (أي ما بين الصفا والمروة) ولو ذراعا لم يجزئه حتى يأتي به. انتهى.

قال الشنقيطي ( ت 1393 هـ ) في أضواء البيان 5/253 : ” اعلم أنه لا يجوز السعي في غير موضع السعي، فلو كان يمر من وراء المسعى حتى يصل إلى الصفا و المروة من جهة أخرى لم يصح سعيه، وهذا لا ينبغي أن يختلف فيه).

👈 ابن تيمية يستتيب من يسعى خارج ما بين الصفا والمروة

💥وإلى هؤلاء الذين أجازوا توسعة المسعى، ويقدسون ابن تيمية ، نقول:

قال ابن تيمية في شرح العمدة ج3/ص 599 : “لو سعى في مسامتة المسعى وترك السعي بين الصفا والمروة لم يجزه”اهـ

قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ج11/632 : “ولو سئل العالم عمن يعدو بين جبلين هل يباح له فعل ذلك؟ قال: نعم، فإذا قيل على وجه العبادة كما يسعى بين الصفا والمروة؟ قال: إن فعله على هذا الوجه حرام منكر يستتاب فاعله فإن تاب وإلا قتل” اهـ