عدم احترام عمرو خالد للأنبياء عليهم السلام
قال عمرو خالد في برنامج «ليالي رمضان» في 28 رمضان 1422هـ إن موسى نبي الله استسقى فقال الله له: اضرب بعصاك الحجر فقال: يا رب أنا أريد المطر فقال الله: يا موسى خلّ عندك ثقة.
الرَّدُّ:
إن لم يكن عند الأنبياء ثقة بالله وبوعده سبحانه فمن يكون عنده الثقة بالله على زعمك يا عمرو خالد، حاشا لنبي من أنبياء الله أن ينطق بمثل هذا الكلام المفترى، وتنزه الله عما افتراه عمرو.
ويقول في كتابه المسمّى «عبادات المؤمن» (ص89): «رُوي أن الله أوحى إلى داود u: يا داود إن لي عبادًا أحبهم ويحبونني وأشتاق إليهم ويشتاقون إليّ إن قلدتهم يا داود أحببتك».اهـ….. إلخ.
وقال في الكتاب نفسه صحيفة (164): «ابتلى الله تعالى سيدنا أيوب u في جسمه حتى لم يبقَ إلا قلبه ولسانه يذكر بهما الله تعالى».اهـ.
الرَّدُّ:
إن هذا الكلام من حيث السند لا أصل له وموضوع ومكذوب، أما من حيث المتن فهو مرفوض جملة وتفصيلًا فبزعمه أن الله يخبر عن عباد هم بالطبع غير داود يحبون الله والله يحبهم وقال اشتاق إليهم ويشتاقون إليّ ثم يقول لداود بزعمه إن قلدتهم يا داود أحببتك، فعلى زعمه أن الله لم يكن يحب داود وهذا ضلال؛ لأن أنبياء الله هم أحب الخلق إليه وهم أفضل الخلق قاطبة لقوله تعالى: {وُكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} [سورة الأنعام: 86]، ومفهوم الكلام أن الله يدعو سيدنا داود لتقليدهم فمن يقلد من؟ أليست العامة يقلدون الأنبياء، سبحان الله أليس التشريع يأتي بواسطة الأنبياء.
وأما ما ذكره عن أيوب فهو من الإسرائيليات التي لا صحة لها نعم هو مَرِضَ ولكن ليس إلى هذا الحد، فإنَّ هذا منفّر، والأمراض المنفرة مستحيلة على الأنبياء كما قرر علماء الأصول، وإنما يذكر مثل هذا عن نبي الله أيوب هؤلاء الذين ينسبون غليه أن الدود صار يخرج من جسده والعياذ بالله، ومثل هذا لم يحصل وهو من الدس الذي لا يليق بنبيّ من أنبياء الله تعالى.
ثم إنَّ من دأب عمرو خالد غالبًا ما إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسرع في الصلاة عليه وكأنّه يقول من شدة السرعة (صلسلم) بدل (صلى الله عليه وسلم) وهذا ليس من دأب الداعية الحق الذي يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ بل الداعية الحق يصلي عليه بلفظ سليم مع مخارج حروف سليمة وتأنٍ واضح.
عمرو خالد يرى أن اليهود ليسوا أعداءنا في الدين
يقول عمرو خالد في شريط مسجل: اليهود ليسوا أعداءنا في الدين؛ بل هم أعداؤنا بسبب أنهم اغتصبوا أرضنا.
الرَّدُّ:
سنكتفي بالرد على مثل هذا الفساد والضلال بقوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [سورة المائدة: 82]، ولما نزلت الآية لم يكن اليهود مغتصبين لأرض المسلمين فما قولك يا عمرو…؟ ألا ترجع قبل فوات الأوان.
وقد نَسَبَ إلى عمر بن عبد العزيز بأنه لما فاض المال أمر بأن تدفع زكاة المال لليهود لقضاء ديونهم وهذا افتراء.
ونَسب عمرو خالد إلى سيدنا عمر بن الخطاب بأنه رأى يهوديًّا فقيرًا يتسول فأمر بأن يُعطى من بيت المال والتفصيل في موضع ءاخر على هاتين القضيتين من هذا الكتاب.
عمرو خالد يفتري على خالد بن الوليد
قال في شريط المدينة الرياضية – بيروت يوم الاثنين 11/3/2002ر: «خالد بن الوليد قَتل مجموعة كانوا يستعدون للحرب من الكفار أول ما وصل إليهم وحطوا السيوف وتمكن منهم قالوا: لا إلـٰه إلا الله فقال الرسول: «اللَّهُمَّ إني بريء مما صنع خالد».اهـ.
الرَّدُّ:
إن هذا الكلام افتراء صريح على الصحابي الجليل خالد بن الوليد t فلقد روى البخاري في صحيحه عن سالم، عن أبيه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فجعلوا يقولون صبأنا صبأنا فجعل خالد يقتل منهم ويأسر ودفع إلى كل رجل منهم أسيره حتى إذا كان يوم أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره فقلت: والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره حتى قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم فذكرناه فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه فقال: اللَّهُم إني أبرأ إليك مما صنع خالد، مرتين.
ونقول: إن ما رواه (عمرو خالد) هو تحريف للحديث الصحيح، فإنّ خالدًا إنما قتلهم؛ لأنه لم يفهم من قولهم صبأنا أنهم أسلموا. ثم اعلم أن الحافظ ابن حجر شارح البخاري قال في الجزء 8 صحيفة (57): «قال الخطابي يحتمل أن يكون خالد نقم عليهم العدول عن لفظ الإسلام؛ لأنّه فهم منهم أن ذلك وقع منهم على سبيل الأنفة ولم ينقادوا إلى الدين فقتلهم متأولًا قولهم».اهـ. وقال في شرح الحديث جزء 13 صحيفة (182): «قال الخطابي:
الحكمة في تبرئِهِ صلى الله عليه وسلم من فعل خالد مع كونه لم يعاقبه على ذلك لكونه مجتهدًا أن يُعرف أنه لم يأذن له في ذلك خشية أن يعتقد أحد أنه كان بإذنه ولينزجر غير خالد بعد ذلك عن مثل فعله».اهـ. ثم قال ابن حجر: «والذي يظهر أن التبرؤ من الفعل لا يستلزم إثم فاعله ولا إلزامه الغرامة، فإن إثم المخطئ مرفوع وإن كان فعله ليس بمحمود».اهـ.
وأخيرًا: نسأل عمرو خالد من أين جاء بقوله إن خالدًا قتل عشرين شخصًا قالوا: لا إلـٰه إلا الله.
عمرو خالد يحرف التاريخ الإسلامي
وفي شريط المدينة الرياضية في بيروت قال عمرو خالد: «ويصل لكنيسة القيامة لما فتح دخل عمر بن الخطاب إلى المقدس قيل له صلِّ يا أمير المؤمنين فيقول: لا أصلي هـٰهنا أبدًا أخشى أن يأتي يوم يقول الناس هنا صلى عمر فتهدم الكنيسة ويقام مكانها مسجد ولكن دعوا الكنيسة كما هي ولنبن نحن المسجد في مكان ءاخر».اهـ.
الرَّدُّ:
نقول إن هذا الكلام لا صحة له؛ بل الجواب الصحيح ما رواه البخاري في صحيحه قال: وقال عمر t: «إنا لا ندخل كنائسكم من أجل التماثيل التي فيها والصور». فهل نصدقك أم نصدق ما رواه البخاري؟ والصلاة في الكنيسة غير محرمة إذا توفرت شروط صحة الصلاة؛ بل الصحيح الثابت المشهور في كتب الحديث والسير أن عمر t أبى تلبية دعوتهم إلى الطعام إلى الكنيسة؛ لأن الكنيسة فيها تماثيل فقال: إنا لا ندخل كنائسكم من أجل التماثيل.
- وقال عمرو في الشريط نفسه: «أضرب لكم مثل عجيب في حرية العقيدة، ماشي في الطريق فوجد رجلًا يهوديًّا يتسول شيخ عجوز فقال له عمر: لم تتسول يا شيخ، فقال اليهودي: لأدفع الجزية للمسلمين، فقال عمر: والله ما أنصفناك يا شيخ نأخذها منك وأنت شاب ونضيعك وأنت شيخ لا والله، من اليوم اكتبوا إلى الخزانة وبيت مال المسلمين من كان ضعيفًا أو عجوزًا من اليهود والنصارى فلينفق عليه من بيت مال المسلمين».اهـ.
الرَّدُّ:
أولًا: هذا الكلام لا صحة له على الإطلاق وعليه أن يُثبت لنا المصادر وحضارتنا العربية الإسلامية غنية عن الروايات المختلقة.
ثانيًا: أين حرية العقيدة في هذا النص؛ لأنّه معلوم أساسًا أن الإسلام لا يُكْرِهُ اليهود والنصارى على الدخول بالإسلام بعد دخولهم في ذمة المسلمين وهذا معنى قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [سورة البقرة: 356]، والأحاديث الصحيحة ظاهرة كالشمس ثم متابعة الصحابة بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم ووقائع كثيرة مشهورة متواترة، أي: لا يجوز أن نُكرِهُهم على الدخول في الإسلام بعد العهود والمواثيق وبعد أن صاروا من أهل الذمة.
وانظر كم غلطًا نحويًا له في هذه الكلمات القليلة.
- وقال في الشريط نفسه: قال عمر بن عبد العزيز جهزوا الجيوش من الزكاة وسدوا منها ديون اليهود والنصارى ويُقض عن اليهود والنصارى الديون، ثم قال عمرو: ويبقى مال كثير من الزكاة؛ لأنّه لم يبق فقير ولا محتاج فقال عمر: «اشتروا بهذا المال حبوبًا، اشتروا به قمح وانثروه على رؤوس الجبال كي تأكل الطيور من خير المسلمين».اهـ.
الجواب: لقد عمَّ الخير والعدل أيام عمر بن عبد العزيز t وأما ما يروى من كلام حول إنفاق الزكاة في غير وجوهها فهذا غير صحيح على الإطلاق وموارد صرف الزكاة الثمانية معروفة في القرءان الكريم فمسائل الفقه لا نأخذها من كتب التاريخ التي فيها الغث والسمين بلا تحقيق؛ بل من مصادرها الأساسية ولم ينصّ أحد من الأئمة الأربعة أو غيرهم على مثل هذا ولم يثبت عن عمر بن عبد العزيز الذي هو إمام مجتهد مجدد القرن الأول الهجري أنه قال هذه المقالة.
والمقرر أنه لا يجوز إيفاء مجرد أي دين من ديون المسلمين بمال الزكاة؛ بل لا بد أن يكون المدين مستوفيًا لشروط الغارمين المقررة في كتب الفقه الإسلامي والمقرر كذلك في الشرع الإسلامي أن أهل الذمة إذا احتاج أحدهم للنفقة والكسوة ولم يكن له مال ولا من ينفق عليه من أهله ينفق من بيت مال المسلمين عليه من غير الزكاة فمن باب أولى أن لا تُوفى بأموال الزكاة ديون غير المسلمين أو تنفق لإطعام الطيور على رؤوس الجبال.
- وقال عمرو خالد في شريط المدينة الرياضية – بيروت: حصل سباق بين قبطي وابن عمرو بن العاص فسبقه القبطي فغضب ابن عمرو فأخرج السوط وضرب القبطي على رأسه وقال: أنا ابن الأكرمين فذهب القبطي إلى المدينة من مصر ليشتكي لعمر بن الخطاب وقال: انظر ضربني ابن عمرو بن العاص وقال: أنا ابن الأكرمين، فغضب عمر بن الخطاب وأرسل إلى عمرو بن العاص أن تعال أنت وابنك فجاءا إليه، فأخرج عمر بن الخطاب السوط وأعطاه إلى القبطي وقال: اضربه كما ضربك، فضربه القبطي، شايف الرحمة شايف المساواة شايف العدل، وقال له عمر: «اضرب أيضًا صلعة عمر بن العاص، فقال القبطي: فكيف أضربه وهو لم يضربني، فقال عمر بن الخطاب: «إنما ضرب بسلطان أبيه»، وقال عمر بن الخطاب الكلمة العظيمة الشهيرة «متى استعبدتم الناس ولقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا»».
الرَّدُّ:
الرد هنا ليس على عمرو خالد فحسب؛ بل على كثير من أهل العصر الذين يروون هذه الرواية التي أصلها غير ثابت وإن كان مرويًا في كتب عدة، ثم إن عمرو خالد قد زاد فيها وتقوَّل: وهل يُقبل أن يأمر الإمام العادل عمر بن الخطاب ذلك القبطي أن يضرب أميرًا له على مصر؛ أعني: عمرو بن العاص وذلك لأن الولد بزعمهم استغل سلطة أبيه وقد قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [سورة الأنعام: 164]، فما ذنب أبيه إن استغل سلطته كما يزعمون وهو لا علم له بذلك والله يقول: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، ولقد ءان الأوان للخطباء والمحاضرين والمشايخ أن يراجعوا أصول هذه القصة لا أن يتلقفوا كل ما هو مكتوب في الكتب من غير تمحيص ولا تدقيق ولا نظر في الإسناد ولا تحقيق.
- وقال في الحلقة الثالثة عن سيدنا أبي بكر لما تكلم عمرو عن حروب الردة بأن كل العرب ارتدوا عن الإسلام إلا مكة والمدينة وأن أهل مكة أرادوا الردة لكن سهيل بن عمرو كلمهم فثبتوا على الإسلام.
الرَّدُّ:
إن هذا الكلام مجرد هراء ويدل على عدم معرفة الرجل بالتاريخ الإسلامي أو أنه يتتبع الأخبار الموضوعة والمكذوبة مستغلًا جهل الناس بالدين والتاريخ والحديث والفقه والاعتقاد ليبهر أنظار الناس بأخبار لم يسبق إليها كما هو الحال، وليس أهل مكة والمدينة هم الذين ثبتوا على الإسلام فقط. ولا يعني ذلك إنكار موقف سهيل بن عمرو؛ بل موقفه في ذلك الحدث مَشهورٌ ولكنك مع بعض أهل مكة الذين رُوِيَ أنهم هَمُّوا بالردة وليس كل أهل مكة فليعلم هذا.
