عن مشايخ يُحرِّفون لفظ الجلالة:
يقولون (أللَّا) بدلًا مِن (الله) ويتكلَّمون عن آداب العارفين!
– الذِّكر يكون كما ورد في القُرآن ونطق به النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم
– براءة الطَّريقة الشَّاذليَّة مِن القول بأن (آه) اسم مِن أسماء الله
الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.
1
وبعدُ فإنَّ بعض أهل الفتنة لا يجد إلَّا المشايخ الَّذين يُحرِّفون لفظ الجلالة (الله) فيُروِّجون لهُم وينشُرون فيديوهات يُسمُّون الله تعالى فيها (أللَّا) وهُم يتكلَّمون عن آداب العارفين.. فهل مِن الأدب تحريف لفظ الجلالة!؟
2
وأفضل اسم لله تعالى وأفضل كلمة لفظُ الجلالة (الله) فَلْيُتْرَكْ تحريفُه لأنَّ تحريفه حرام بنصِّ القُرآن الكريم. قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} الآية..
3
و{الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ} هي الأسماء الدالَّة على الكمال فإذَا حرَّفتَ الاسم لم يعُد كذلك فليتَّقوا الله. {ذَرُوا} أي اترُكوا. {يُلْحِدُونَ} أي يُحرِّفون ويُغيِّرون؛ فيجب التَّحذير مِن نُطق لفظ الجلالة بدون (الهاء) أو (الألف) قبلها.
4
قال النسفي في تفسيره: <ومعنى قوله تعالى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} أي اترُكوا تسمية الَّذين يميلون عن الحقِّ والصَّواب فيها فيُسمُّونه بغير الأسماء الحُسنَى وذلك أنْ يسمُّوه بما لا يجوز عليه نحو أنْ يقولوا: (يا سخيُّ يا رفيق) لأنَّه لم يُسمِّ نفسه بذلك، ومِن الإلحاد تسميتُه بالجسم والجَوهر والعقل والعلَّة> انتهى.
5
ونقل ابن الجوزيِّ في [زاد المسير] عن الزَّجَّاج أنَّه قال: <ولا ينبغي لأحد أنْ يدعوه بما لم يُسَمِّ به نفسه> إلخ.. وعن أبي سُليمان الخطابيِّ أنَّه قال: <ودليل هذه الآية أنَّ الغلط في أسمائه والزَّيغ عنها إلحاد> انتهى.
6
وأهل الفتنة كانوا مِن قبلُ يقولون للنَّاس: (لو نادى أحد أحدًا مع تحريف اسمه فإنَّ ذلك لا يكون مِن الأدب والتَّعظيم). واليومَ صار أهل الفتنة لا يرون تحريف اسم الله شيئًا مُنكرًا.. فنعوذ بالله مِن حال أهل الفتنة.
7
وقد ابتُلي كثير مِن أهل هذا الزَّمان بتحريف لفظ الجلالة؛ وكثُر مِن الَّذين يدَّعون العلم والَّذين يُبادرون إلى الكلام باسم الدِّين حتَّى وهُم يتكلَّمون عن الأدب.. وسبب ذلك الجهل وقلَّة المُبالاة بمُراعاة الأحكام الشَّرعيَّة.
8
وحُروف لفظ الجلالة الألف ثُمَّ اللَّام ولام أُخرى ثُمَّ ألف المدِّ اللَّيِّنة الَّتي تُلفظ ولا تُكتَب غالبًا ثُمَّ الهاء، فيحرُم النُّطق باسم الله تعالى مُحرَّفًا أي مع حذف الألف الَّتي قبل الهاء أو مع حذف الهاء كما يفعل كثير من العامَّة.
9
وممَّا يجب الحذر منه كذلك ما ذكره البَيجوريُّ في [شرح جوهرة التَّوحيد] مِن أنَّ (آه) اسم مِن أسماء الله تعالى وأنت تعلم أنَّه لم يرد في حديث صحيح ولا ضعيف ولا موضوع أنَّ (آه) اسم مِن أسماء الله تعالى.
10
وإنَّما ورد بإسناد تالف ساقط أنَّ عائشة رضي الله عنها قالت: (دخل عليَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وعندي مريض يئنُّ فقال دعوه يئنُّ فإنَّ الأنين اسم مِن أسماء الله) فهذا الأثر غير صحيح ولا يجوز العمل به.
11
وهذا الأثر التَّالف ذكره السُّيوطيُّ ولم يضع عليه علامة الصِّحَّة ليُعرف أنَّه ضعيف غير صحيح؛ وقد حكم المُحدِّث الحافظ أحمد بن الصِّدِّيق الغمَّاريُّ في كتابه [المُغير على الجامع الصَّغير] بوضع حديث الأنين.
12
والأسماء الحُسنَى دالَّة على الكمال أمَّا لفظ (آه) فيدُلُّ على الشِّكاية والتَّوجُّع كما ذكر الزَّبيديُّ؛ والشِّكاية والتَّوجُّع خلاف الكمال فلا يجوز إطلاقه على الله لأنَّه لا يجوز أنْ يكون اسم مِن أسماء الله دالًّا على خلاف الكمال.
13
قال الشَّيخ مُصطفى بن حسن العُسيليُّ العدويُّ في رسالة له: <وأمَّا قول المُحرِّف المُعاند إنَّه موجود في كُتُب الشَّاذليَّة ما يدُلُّ على جواز الذِّكر بلفظ (آه) إلخ.. فالعجب ثُمَّ العجب مِن قوم يزعُمون أنَّهُم يذكُرون ربَّهُم ويُعظِّمونه ويرضَون بأفعاله ويأتون بلفظ (آه) وهُو موضوع للتَّشكِّي أو التَّوجُّع> انتهى.
14
ولا يُسمَّى الله إلَّا بما سمَّى به نفسه وثبت في القُرآن أو الحديث المُتَّفق على صحَّته أو بالإجماع؛ قال المناويُّ في [شرح الجامع الصغير]: <لكن هذا لم يرد فيه حديث صحيح ولا حسن؛ وأسماؤُه تعالى توقيفيَّة> انتهى.
15
ولا التفات لمَن حسَّن حديث (الأنين) مِن غير الحُفَّاظ المُعتبَرين إذ العبرة في ذلك بقولهم دون قول غيرهم؛ وعلى تقدير أنَّ بعض الحُفَّاظ حسَّنه -وهذا غير صحيح- فلا عبرة بذلك لوُجوب أنْ يكون صحيحًا بالاتِّفاق.
16
فبطل ما ذكره الأمير والباجوريُّ في حاشيتهما على [جوهرة التَّوحيد] ولفظ الباجوريِّ: <ينبغي للمريض أنْ يقول (آه) لأنَّه ورد أنَّه اسم مِن أسمائه تعالى> انتهى وذكر نحوه الأمير في شرحه على [غرامي صحيح] فليُحذر.
17
وقد صحَّ عن ابن مسعود رضي الله عنه أنَّه قال: <الأوَّاه: الرَّحيم> رواه ابن أبي حاتم في تفسيره بإسناد حسَّنه الحافظ ابن حجر في [فتح الباري] فبطل قول مَن قال إنَّ إبراهيم عليه السَّلام كان يذكُر الله بلفظ (آه).
18
وقال الشَّيخ عطيَّة صقر الأزهريُّ سنة 1997ر ما نصُّه: <ما حُكم ذكر بعض أرباب الطُّرق الصُّوفيَّة بلفظ (آه)؟> فأجاب: <فإنَّ لفظ (آه) لم يثبُت بسند صحيح أنَّه مِن أسمائه تعالى> إلخ..
فصل في بيان أنَّ الذِّكر لا يكون إلَّا كما ورد في القُرآن
وكما نطق به رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
19
قال شيخ الأزهري الشيخ سليم البشري المالكي: <لا يكون الذِّكر إلَّا كما ورد في القُرآن المجيد والسُّنَّة المُطهَّرة ولا فرق بين الشَّريعة والحقيقة لأنَّ الحقيقة ما جاءت إلَّا مِن الشَّرع، وأمَّا (آه) فلم تثبُت مِن طريق صحيح أنَّه اسم مِن أسمائه تعالى، ولم تضِق أسماء الله عن الذِّكر بها حتَّى يُذكَر بغيرها> ذكره محمود خطَّاب السُّبكيُّ في [مُختصَر كتاب أعذب المسالك المحموديَّة إلى منهج السَّادة الصُّوفيَّة].
20
وقال رحمه الله في فتوى أُخرى: <وكُلُّ هذا مُخالف لِمَا نطق به رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وتارة يزعُمون أنَّهُم انجذبوا فيأكُلون بعض حُروف هذه الكلمة ويُحرِّفونها ورُبَّما لم تسمع إلَّا أصواتًا ساذجة أو شيئًا يُشبه نهيق الحمار أو هدير الطَّائر> إلى أن قال: <نعم المأخوذ عن حسِّه الغائب عن نفسه كُلُّ ما جرى على لسانه لا لَوم عليه إنَّما كلامُنا في الَّذين يتعمَّدون ذلك وهُم باختيارهم ولم يخرُجوا عن حدِّ التَّكليف فهؤُلاء يُخشى عليهم مِن تقطيع أسماء الله وتحريف أذكاره أنَّهُم يذكُرونه وهي تلعنُهُم على حدِّ ما ورد: (رُبَّ قارئ للقُرآنِ والقُرءانُ يلعنُه)> انتهى.
21
وللشَّيخ مُحمَّد أبي الفضل شيخ الأزهر فتوتان بالتَّحريم؛ الأُولى مُوجزة أجاب بها سُؤالًا رُفع إليه إذ كان شَيخ عُلماء الإسكندريَّة والأُخرى مُسهبة أجاب بها سُؤالًا رُفع إليه وهُو شيخ الأزهر [مجلة الإسلام سنة/6 عدد/13].
22
وأفتى شيخ الأزهر الشَّيخ مُحمَّد أبو الفضل الجيزاويُّ في هذه المسئلة فقال ما نصه: <إنَّ هذا اللَّفظ المسئول عنه (أه) بفتح الهمزة وسكون الهاء ليس مِن الكلمات العربيَّة في شيء بل هُو لفظ مُهمل لا معنى له مُطلَقًا، وإنْ كان بالمدِّ (آه) فهُو إنَّما يدُلُّ في اللُّغة العربيَّة على التَّوجُّع وليس مِن أسماء الذَّوات فضلًا عن أنْ يكون مِن أسماء الله الحُسنَى الَّتي أُمِرنا أنْ ندعوه بها> إلى أنْ قال: <ولا يجوز لنا التَّعبُّد بشَيء لم يرد الشَّرع بجواز التَّعبُّد به. وفي الصَّحيحَين عن عائشة رضي الله عنها عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: (مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهُو ردٌّ)> انتهى] وذُكر في مجلة الأزهر – المُجلَّد الثَّالث سنة 1351ه 1932ر.
براءة الطَّريقة الشَّاذليَّة
مِن القول بأن (آه) اسم مِن أسماء الله
23
وكان الشَّيخ محمود حجازي أحد رُؤساء الشَّاذليَّة وتلميذه الشَّيخ المحروقيُّ يُدافع عن هذه الكلمة حتَّى استفتَى مُفتي الدِّيار المصريَّة الشَّيخ مُحمَّد بخيت المُطيعي فأفتاه بتحريم الذِّكر بها فرجع عن القول بها وألَّف رسالة سمَّاها: [التَّفصيل الواضح في الرَّدِّ على تغيير أهل الطَّريق الفاضح] وعقد لذلك فيها بابًا فقال: [باب رفض اسميَّة (آه) لله تعالى].
24
وقال شيخ الشَّاذليَّة في المدينة المُنوَّرة الشَّيخ ظافر المدنيُّ الشَّاذليُّ رحمه الله في رسالة له: <إنَّ الاشتغال ب (آه) مِن فعل شاذليَّة فاس> انتهى.
25
وقال في رسالته المُسمَّاة: [الرِّسالة الظَّافريَّة في ءاداب الطَّريقة الشَّاذليَّة]: <وشُروط الذِّكر عند مَن يُلقِّنُه معلومة وأوقاته معيَّنة مرسومة ولكن لا يُلتفَت لِمَا عليه بعض زوايَا الشَّاذليَّة مِنَ التَّحريف في (لا إله إلَّا الله) بمدِّ هاء (إله) ولا إلى الذِّكر ب (هيْ) أو (آه) حيث لم يكن لذلك سند صحيح يُعتمد عليه سوى أنَّه كان مِن بين رجال الطَّريق أشياخ مغاربة يغلب في لُغتهم مدُّ بعض الحُروف المقصورة فكان يجري على ألسنتهم قهرًا لا قصدًا مدُّ هاء (إله) مِن (لا إله إلا الله) فتبعهُم في ذلك مَن تلقَّى عنهُم، كما أنَّ أصل الذِّكر ب(آه) على اختلاف كيفيَّة النُّطق به أنَّه كان ممَّا يجري على ألسنة بعض الخواصِّ أرباب الأحوال نحو ثلاث مرَّات في آخر نهضة مِن طبقة الذِّكر بالله الأخيرة ثُمَّ يجلس عقب ذلك فكان بعض المُريدين يتَّبعُهُم في ذلك على سبيل التَّبرُّك ولكن أنكره كثير مِن العُلماء المُعوَّل عليهم في الأحكام الشَّرعيَّة المُنتسِبين لطريقتنا الشَّاذليَّة قائلين إنَّه لا يجوز اتِّباع أرباب الأحوال في حال كما لا يجوز قصر لام (الله) بحال في أيِّ طبقة مِن طبقات الذِّكر مهمَا أسرع به الذَّاكر، هذا هُو طريق السَّادة الشَّاذليَّة الصَّحيح الَّذي تلقَّيناه عن والدنا شيخ مشايخ الطَّريق كما تلقَّاه هُو كذلك وعليه العمل الآن في جميع الزوايَا التَّابعة لنا في البلاد العُثمانيَّة والعربيَّة وفي صحراء سيوه ومطروح مُتَّفقين جميعًا على عدم مد هاء (إله) في (لا إله إلَّا الله)، وعلى أنَّ اسم الصَّدر هُو لفظ الله بدون قصر ولا حذف شيء منه لا لفظُ (هيْ) ولا لفظ (آه)> انتهى.
26
وقد قرَّظ الرِّسالة المذكورة كثير مِن العُلماء على اختلاف مذاهبهم ومِن تلك التَّقاريظ عبدالله دراز المالكيُّ وكيل معهد عُلماء الإسكندريَّة ومُحمَّد تاج الدِّين الحنفيُّ وعبدالهادي الضِّرغاميُّ المالكيُّ ومُصطفى صفوت المالكيُّ وأمين سُرور الشَّافعيُّ المُدرِّسين بمشيخة الإسكندريَّة وإسماعيل حُسين أمين الشَّاذليُّ وعليٌّ الشَّايب وكلاهُما مِن مشايخ الأزهر وإبراهيم السَّيِّد مِن مشايخ الجامع الأحمديِّ.
27
وجاء في مجلَّة [الإسلام] الصَّادرة في القاهرة سنة 1937ر أنَّه مُنذ نحو ثلاثين سنة ظهر ببلدة (مطوبس) مِن بَحري مُديريَّة الغربيَّة قوم يذكُرون بمدِّ (هاء) (إله) وبتكرير لفظ (أه) بفتح (الهمزة) غير ممدودة وسكون (الهاء) فأنكر عليهم الكثير مِن أهل العلم وغيرهم وناقشهُم الشَّيخ عليٌّ حسن السِّيسي رحمه الله مِن فُضلاء عُلماء الأزهر حتَّى أفحمهُم لكنَّهُم لم يرجعوا فرفع سُؤالًا إلى عُلماء المعهد الدُّسوقيِّ فأفتَوا بأنَّ ما ذُكر حرام بالإجماع فلم يكترثوا فأنهى سُؤالًا إلى العلَّامة الشَّيخ بخيت رجاء أنْ يرتفع بفتواه النِّزاع لشُهرته بالجلالة علمًا وعملًا ومحبَّةِ الصُّوفيَّة فأفتَى كذلك بالتَّحريم فلم يُبالوا، وما زال النِّزاع بينهُم وبين الغيورِين على الدِّين والطَّريق مِن العُلماء وغيرهم يشتدُّ والفتاوى تُستصدَر مِن جهابذة العُلماء فيرجع للحقِّ مَن شاء الله ويُصِرُّ على الباطل مَن أصدأ مرءاة بصيرته التَّعصُّب للمَوروث حتَّى إذَا تفاقم الخلاف اتَّفق الفريقان على استصدار فتوى مِن الأُستاذ الأكبر الشَّيخ البشريِّ الَّذي كان إذ ذاك شَيخًا للأزهر ورضوا به حَكَمًا تحسم فتواه النِّزاع فجاءت الفتوَى بالتَّحريم أيضًا فنقض أولئك عهدهُم وأصرُّوا على صنيعهم، وقد ذكرنا نصَّ هذه الفتوَى والسُّؤال الَّذي هي [1] جواب له سابقًا، وللعلَّامة المذكور فتوَى أُخرَى رُبَّما نذكُرُها بعدُ انتهى.
28
وقال الحافظ أحمد الغمارُّي في [المُداوي لعِلل المَناوي]: <بعض الشَّاذليَّة بمصر يستدلُّون بهذا الحديث على الذِّكر الَّذي يذكُرون به ويُسمُّونه اسم الصَّدر وهو (آه آه) والحديث كما ترى، وقد كان شيخُنا أبو ثابت مُحمَّد بخيت المُطيعي المصريُّ رحمه الله سُئل عن الذِّكر بهذا الاسم فشَرَعَ في الجواب بإبطاله وإبطال كون (آه) اسمًا مِن أسماء الله تعالى إلَّا أنَّه توقَّف في الجواب ولم يُمضه لتوقُّفه في الحديث وعدم اهتدائه للجواب عنه لظنِّه أنَّه ثابت فاتَّفق أنِّي زُرتُه يومًا مع حفيد الشَّيخ الفاسيِّ المكيِّ وأصحابُه هُمُ الَّذين يذكُرون بذلك الاسم فلمَّا استقرَّ بنا المجلس وعرَّفتُ الشَّيخ أنَّ الَّذي معي هُو حفيد الشَّيخ الفاسيِّ فقال له: هل لا زلتُم تذكُرون باسم (آه)؟ فقال له: نعم، فشَرَعَ -يعني الشَّيخ المُطيعي- يتكلَّم عليه وذكر أنَّه سُئل عنه وأنَّه أجاب بالإبطال إلَّا أنَّه توقَّف في الحديث وذكر عن الحفنيِّ كلامًا نسيتُه الآنَ فبادرتُه وقلتُ له: إنَّ الحديث غير صحيح، فلمَّا سمع منِّي هذا طار فرحًا وفُرِّجَ عنه هَمٌّ كبير مِن جهة الحديث وطلب منِّي أنْ أكتُب له بيان ضعفه ليعتمد عليه في الجواب، فلمَّا خرجنا مِن عنده طَلَبَ منِّي حفيد الفاسيِّ ألَّا أذكُر له ذلك لئلَّا يتجيَّش بفتواه أعداؤُهُم عليهم، فتشاغَلْتُ عنه مُدَّة لا لكلام الفاسيِّ فكَتَبَ إليَّ كتابًا مع قَيِّم خزانته يستحثُّني فيه على الجواب عن الحديث وأرسَلَ معه نُسخة مِن حاشيته على شرح الإسنويِّ على منهاج البيضاويِّ فكتبت له بيان وضعه وعدم صحَّته [2] ودفعتُه للقيِّم وقلتُ له: إذَا تمَّ تأليف الشَّيخ في الجواب عن المسئلة فَلْيُتْحِفْنَا منه بنُسخة، فلمَّا مَضَت على ذلك نحو خمسة عَشَرَ يومًا لم يُرِعْنا إلَّا خبر وفاته وذلك في مُنتصف شعبان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة وألف> انتهى.
نهاية المقال.
[1]: كذا في الأصل والصواب: <الذي هو>.
Visit Us ;)
الدعاء لي ولوالديا بالخير بارك الله فيكم
