ذكر بعض العقائد الفاسدة من كتاب الأصول الثلاثة لمحمد ابن عبد الوهاب
قال ابن عبد الوهاب في الأصول الثلاثة في تفسير “وثيابك فطهر” أي طهر قلبك من أعمال الشرك”. انتهى
وكلام محمد بن عبد الوهاب هو عين قول أهل الكفر و الضلال والنفاق. فمن المعلوم ضرورة أن الأنبياء منزهون عن الكفر والكبائر وصغار الخسة قبل النبوة وبعدها، فلا يقع الشرك منهم أصلا.
كما قال محمد بن عبد الوهاب في نفس الكتاب: وأنواع العبادة التي أمر الله بها مثل الاسلام والإيمان والإحسان، ومنه الدعاء، والخوف، والرَّجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة، والاستعانة، والاستغاثة، والاستعاذة، والذبح، والنذر، وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها، كلها لله”. انتهى
فجعل مجرد الدعاء، والخوف، والرَّجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة، والاستعانة، والاستغاثة، والاستعاذة داخل في مفهوم العبادة وأن من صرف ذلك لغير الله كافر.
وهذا من جملة أباطيله التي كفر بها المسلمين بغير حق.
فيَنْبَغِي مَعْرِفَةُ مَعْنَى الْعِبَادَةِ عَلَى مَا هُوَ الْمُرَادُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لا على المعنى الذي فهمه الوهابية حتى ظنوا أَنَّ مجرد قَوْلَ الشَّخْصِ يَا مُحَمَّدُ أَوْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ عِبَادَةٌ لِلرَّسُولِ، فَعَلَى زَعْمِهِمْ هُوَ كَافِرٌ بِنِدَائِهِ لِلرَّسُولِ وَهَذَا مِنْ أَجْهَلِ الْجَهْلِ، فَنِدَاءُ الرسُولٍ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَمَاتِهِ لَيْسَ عِبَادَةً لِغَيْرِ اللَّهِ إِنَّمَا الْعِبَادَةُ كَمَا شَرَحَ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ غَايَةُ التَّذَلُّلِ.
هَؤُلاءِ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ يَقُولُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدَ الضِّيقِ أَوِ الْفَرَحِ مَا تَذَلَّلُوا لِلرَّسُولِ غَايَةَ التَّذَلُّلِ إِنَّمَا يُعَظِّمُونَ الرَّسُولَ تَعْظِيمًا، ثُمَّ قَدْ يَقْصِدُونَ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُفَرِّجَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْكَرْبَ أَوْ يَقْضِيَ لَهُمْ حَاجَاتِهِمْ إِكْرَامًا لِلرَّسُولِ بِمَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْكَرَامَةِ.
فَإِذَا كَانَ قَوْلُ يَا فُلانُ لِمَلِكٍ مِنَ الْمُلُوكِ أَوْ نَحْوِهِ فِي وَجْهِهِ لِيُسَاعِدَهُ فِي حَاجَتِهِ الَّتِي يُرِيدُهَا أَوْ لِيَدْفَعَ عَنْهُ مَا يُزْعِجُهُ وَيُؤْذِيهِ جَائِزًا لَيْسَ عِبَادَةً لَهُ فَكَيْفَ يَكُونُ إِذَا حَصَلَ هَذَا للرسول بعد وفاته عِبَادَةً لَهُمْ.
فَاعْتِقَادُ الْوَهَّابِيَّةِ هَذَا مَنْشَؤُهُ الْجَهْلُ بِمَعْنَى الْعِبَادَةِ أَلَيْسَ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّهُ عَلَّمَ بَعْضَ أُمَّتِهِ أَنْ يَقُولَ فِي غَيْرِ حَضْرَتِهِ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي لِتُقْضَى لِي فَفَعَلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَهُوَ رَجُلٌ أَعْمَى أَرَادَ أَنْ يَكْشِفَ اللَّهُ بَصَرَهُ فِي غَيْرِ حَضْرَةِ الرَّسُولِ ثُمَّ عَادَ إِلَى الرَّسُولِ وَهُوَ فِي مَكَانِهِ وَقَدْ أَبْصَرَ.
ثُمَّ الصَّحَابِيُّ الَّذِي كَانَ عِنْدَ الرَّسُولِ تِلْكَ السَّاعَةَ عَلَّمَ شَخْصًا فِي زَمَنِ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ عِنْدَ عُثْمَانَ فَمَا كَانَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ لِشُغْلِ بَالِهِ فَفَعَلَ الرَّجُلُ مِثْلَ فِعْلِ ذَلِكَ الأَعْمَى ثُمَّ جَاءَ إِلَى عُثْمَانَ فَقَضَى لَهُ حَاجَتَهُ.
ثُمَّ لَمْ يَزَلِ الْمُسْلِمُونَ يَذْكُرُونَ هَذَا الْحَدِيثَ وَيَعْمَلُونَ بِهِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا وَأَوْدَعَهُ حُفَّاظُ الْحَدِيثِ كُتُبَهُمْ الْحَافِظُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَافِظُ التِّرْمِذِيُّ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْحَافِظُ النَّوَوِيُّ وَالْحَافِظُ ابْنُ الْجَزَرِيِّ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ ذَكَرُوهُ فِي مُؤَلَّفَاتِهِمْ وَالْحَدِيثُ صَحَّحَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَقَالَ فِي مُعْجَمَيْهِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ.
فَالْوَهَّابِيَّةُ بِقَوْلِهِمْ إِنَّ هَذَا شِرْكٌ وَكُفْرٌ يَكُونُونَ كَفَّرُوا هَؤُلاءِ الْحُفَّاظَ الَّذِينَ أَوْدَعُوا كُتُبَهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ لِيُعْمَلَ بِهِ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ فَسَادِ الْفَهْمِ.
بل نحن لا نستبعد منهم ذلك، فقد قال ابن عبد الوهاب في الرسائل الشخصية :” و العامي من الموحدين يغلب الفا من علماء هؤلاء المشركين”. انتهى
