لقاء الدرعية بين ابن عبد الوهاب وابن سعود وذكر بعض شروطها

لقاء الدرعية بين ابن عبد الوهاب وابن سعود وذكر بعض شروطها

تروي الروايات التاريخية أنّ الشيخ محمد بن عبد الوهاب عندما انتقل إلى الدرعية عام 1158 هـ، الموافق لـ1744م، التقى بأميرها محمد بن سعود. و قد توصل الرجلان على عقد اتفاق لتأسيس تحالف سياسي ديني بعد وضع عدة شروط:

– الشرط الأول: ذكره حسين بن غنام، في “روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام،

وهو يتلخص في عبارة الأمير: “يا شيخ نحن إذا قمنا في نصرتك، والجهاد في سبيل الله، وفتح الله لنا ولك البلدان، أخاف أن ترحل عنا وتستبدل بنا غيرنا”. انتهى. فكان رد الشيخ بقوله: “ابسط يدك، الدم بالدم، والهدم بالهدم، وإنني لن أرغب عنك إن أظهرك الله”. انتهى

– الشرط الثاني: ذكره ابن غنام أيضا، وهو يتجلّى في قول الأمير: “إن لي على الدرعية قانونا -أي ضريبة أو إتاوة- آخذه منهم في وقت الثمار، وأخاف أن تقول لا تأخذ منهم شيئا”، فأجابه الشيخ بقوله: “لعل الله أن يفتح لك الفتوحات فيعوضك من الغنائم ما هو خير منها”.

وفي رواية أخرى أكثر وضوحا وأقرب إلى اللهجة السائدة: “قال الأمير: يا شيخ ما يكون لك قعود عندنا ولا مسكن، فأنا رجل متعود على أكل الحرام، وأنت عالم زاهد، هل عندك أن تفتينا؟ فقال له الشيخ: نعم أنا أبقيك على ما أنت عليه من أكل الحرام، وأنت تتركني أسكن عندك وأقوّم الدين، فرضي ابن سعود بذلك”. انتهى

ذكره خالد الدخيل، في كتاب “الوهابية بين الشرك وتصدع القبيلة.

فالشرط الأول: معناه هو أخذ العهد من الشيخ في حال نجاح دعوته ألا يتحالف مع أحد من أمراء المدن الأخرى، بل يكون تحالفه مع الأمير ابن سعود تحالفا نهائيا، لأن الأمير كان يخشى إذا نجحت الدعوة في تحقيق أهدافها أن يتعرض الشيخ لإغراءات من أمراء المدن فيترك الدرعية، فكان الأمير ذكيا في اشتراط هذا الشرط.

– أما الشرط الثاني المتعلق بكون تطبيق الشيخ للشريعة، لا يلغي امتيازات الأمير ومكاسبه، وفي مقدّمتها الإتاوة الضريبة، التي كان يأخذها من الناس، فهو شرط لم يقف عند هذا الحد، بل له امتدادات أخرى، تتجلّى في مواقف الشيخ الوهابي عبر تاريخ الدولة السعودية، حين كان يضطر إلى السكوت عن بعض أخطاء الأمير وتجاوزاته ، عن ألم وحسرة أحيانا، بل وقد يذهب إلى تبرير بعض مظالمه ومنكراته المتعدية على المال العام وحقوق الناس، وربما إقرارها إذا لزم الأمر، أو الاكتفاء بالوعظ والنصيحة السرية، مع التشديد على منع الإنكار العلني وتحريمه وتبديع الفاعلين له، كل ذلك في سبيل أن يبقى للشيخ الدعم المعنوي والمادي، وأن تستمر مكاسبه ونفوذه الاجتماعي، لكي يتمكن من نشر رسالته بين الناس، وتطبيقها في الواقع عبر أدوات السلطة، أو بتعبير آخر: التأويل بقبول المفسدة الأخف لتحقيق مصلحة أكبر من وجهة نظر الوهابية.