خروج المرأة من البيت.

بغية الطالب ج٢ الدرس ٤٧
خروج المرأة من البيت.

فخُرُوجُ المرأةِ منَ البَيتِ إنْ لم يَكُن هُنَاكَ سَبَبٌ شَرعِيٌّ لا خَيرَ فيهِ بل صَلاةُ الجَماعَةِ للمَرأةِ في بَيتِها أَفضَلُ كمَا قالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم “صَلاةُ المرأَةِ في بَيتِها أفضَلُ مِن صَلاتِها في مَسجِدي” رواه مسلم، فمَاذا يَكُونُ هَذا الخُروج الكَثِيرُ الذي اعتَدْنَهُ النّسَاءُ اليَومَ لمجَرَّدِ التَّنزُّهِ لا للتَّدَاوي، أمّا إذا كانَت مَرِيضَةً فأَرادَت الخُروجَ خَارجَ البَلَد للتّدَاوِي فهَذا عُذْرٌ، وأمّا لمجرّدِ العَادَةِ وإعطَاءِ النَّفْسِ هَواها فَهذا بَعِيدٌ مِنَ الشَّرْع.
الصّلاةُ في مَسجِد الرّسولِ تُضَاعَفُ إلى خَمسِمائةِ ألفِ صَلاةٍ مِن حَيثُ الثّوابُ ومعَ هَذا الرّسولُ علَيه الصّلاةُ والسّلام رَغَّبَ النّسَاءَ أنْ لا يَخرُجْنَ للصَّلَاةِ في مَسجِدهِ وأنْ يُصَلِّيْنَ في بيُوتِهنّ، فعَلَى النّسَاءِ أنْ يُحَاسِبْنَ أنفُسَهُنَّ وأنْ لا يُعَوّدْنَ أنفُسَهُنّ على الانطِلاقِ والخُروجِ كُلَّ يَومِ أحَدٍ أو غَيرِهِ إلى خَارجِ البَلَدِ كمَا هوَ عَادةُ الكُفّارِ وعَادَةُ الذينَ لا يُفَكّرُونَ في الآخِرة، ولْيُفَكِّرْنَ في القَبرِ الذي هوَ بَيتُ الوَحْدَةِ وبَيتُ الوَحْشَةِ وبَيتُ الظُّلمَةِ وبَيتُ الدُّود.
(ذَكَر بَعضُ الفُقَهاء أنّه حَصَل فِيمَا مَضَى أنّ أمرأةً ولَدَت ثَلاثِينَ وَلَدًا مِن بطنٍ واحِد، مِثلُ هذا يحصل، في الماضِي النّساءُ كُنَّ يَشتَغِلنَ في الشّمس يَعرَقنَ، كثِيرٌ منَ المرَض يَذهَبُ عَنهُنَّ، كَثرَةُ الرّاحَةِ لا خَيرَ فيها، مَاذا يَعمَلْنَ النّسَاءُ اليَوم الطَّبخَ في البَيت، في الماضي هُنّ كُنَّ يَطحَنَّ القَمْحَ ثمّ يَعجِنَّه ثم يَخبِزْنَه، سيّدَتُنا فَاطِمَة رضيَ الله عنها كانت هي تَدُقّ الشّعِيرَ برَحًى حجَريّةٍ، حجَر على حَجَر ويُوضَع الحبُّ حتى إنّ يدَها تَعِبَت. اه
الرّحَى الحَجَرُ العَظِيمُ، والرّحَى مَعرُوفَةٌ التي يُطحَنُ بها.)
( عن عليّ رضي الله عنه قالَ: شَكَتْ فاطِمَةُ رضيَ اللهُ عَنها ما تَلْقَى مِنْ أثَرِ الرّحَى في يَدِها(أي بسَبَب طَحْنِ الدّقِيق. والرَّحَى حجرٌ يُطحَنُ به الدّقيقُ ونحوُه،) قال: فذَهَبَتْ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تَسألُه خادِمًا(أي جَاريَةً تَخدُمهما، وهو يُطلَق على الذّكَر والأنثى. ) فلَم ترَهُ، قال فذَكَرَتْ ذلك لعائشةَ رضي الله عنها، فلَمّا جاءَ ذَكَرتْ لهُ، قال: فجَاءَنا وقَد أخَذْنَا مَضَاجِعَنا، فَذَهبْتُ أقُومُ، فقال: مَكَانَكَ، ثم جلَسَ بَينَنا حتى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ على صَدْرِيْ، فقال: أَلا أدُلُّكُما على مَا هوَ خَيرٌ لكُما مِنْ خَادِم، إذا أخذتُما مضَاجِعَكُما فسَبِّحا ثلاثًا وثلاثينَ واحمَدا ثلاثًا وثلاثينَ وكبِّرا أربَعًا وثلاثينَ فهو خيرٌ لكُما مِنْ خَادمٍ”. رواه البخاري ومسلم والبيهقي.
قولُه: فهو خيرٌ لكُما مِنْ خَادِم قالَ العَيْنِيُّ في شرح البخاري: وجْهُ الخَيْرِيّةِ إمّا أن يُرادَ به أنّه يتَعلَّقُ بالآخِرة والخادمُ بالدّنيا والآخِرةُ خيرٌ وأبقَى، وإما أن يُرادَ بالنّسبة إلى ما طلبَتْه بأن يحصلَ لها بسببِ هذه الأذكار قوّةٌ تَقدِرُ على الخِدمة أكثرَ مما يَقدِرُ الخادمُ.)
خروجُ المرأةِ منَ البيت إنْ لم يكن هناك سببٌ شَرعيّ لا خَيرَ فيه، لكن هذه الحالة التي نحنُ عليها في هذه البلاد بما أنّ جمعيّتنا هي التي تَدعُو إلى الحقّ وتحذّرُ مِن أهل الضلال تقويةُ جمعيّتنا أمرٌ عظيم كأنّه جِهاد، إذا خَرجْن النساء لتَقوية جمعيّتنا بحضورِ الاحتفالاتِ التي تعمَلُها الجمعية وتعليم الضروريات خُروجُها مَطلوبٌ فيه ثوابٌ، لا يُقاس بالخروج لصلاةِ الجمَاعة.
مِن قِلّة الاستعداد للآخِرة اليوم النّساء يُكثِرْن الخروج مِن أجل الهوَى يوم الأحد إلى خارج البلَد، لَو منَعْنَ أَنفُسَهُنّ يكونُ خَيرًا لهنَّ عندَ الله، إذا كانَ الرّسولُ صلى الله عليه وسلم قال:”صَلاةُ المرأةِ في بَيتِها أَفضَلُ مِن صَلاتها في مَسجِدي”
فمَاذا يكون هذا الخروجُ الذي النِّساء اليومَ اعتَدْنَه، لمجرّدِ التّنزه يخرُجْنَ لا للتّداوي، أمّا إذا كانت مَريضةً فأرادت الخروجَ خارجَ البَلد للتّداوي فهذا عذر، سبَبٌ شَرعيّ، أمّا لمجرّد العادةِ وإعطاءِ النّفس هَواها فهذا بعِيدٌ منَ الشّرع.
الصّلاة في مَسجد الرّسولِ تُضَاعَفُ إلى خمسِمائةِ ألفِ صَلاة مِن حيثُ الثواب، ومَع أنّ الأمرَ كذلكَ رغّبَ الرسولُ النساءَ أن لا يخرُجْنَ للصّلاة في مَسجِده وأن يُصَلِينَ في بُيوتهِنّ.
فَضّلَ الصلاةَ في بيُوتِهن على الصّلاةِ في مَسجِده الذي تُضاعَفُ فيهِ الصّلاةُ إلى خمسِمائةِ ألفِ صَلاة، النّساء عليهِنَّ أن يُحاسِبْنَ أَنفُسَهُنّ، في هذا الزّمن تَعوّدْن الانطلاقَ والخروجَ كُلَّ أحَد إلى خارِج البلد، هَذا مِن عادات الكُفّار، ما كانَ مِن عاداتِ المسلمِين، قَبل أن تحتَلّ فرنسا هذه البلاد ما كانَ هَذا الشّىء، عاداتُ الكفّارِ سَرَت وبقِيَت إلى

اليوم. النّساءُ اليَومَ لسْنَ كالنّساءِ في عَصرِ الصّحَابَةِ وما يَلِيه، أولئك كُنَّ يَقْنَعْنَ باليَسِير أمّا اليومَ تعَوّدْنَ أمُورًا ليسَت مِنَ الضّرُوريّات، يُكَلّفنَ الزّوجَ في السَّنَة رِحلَةً أو رِحلتَين إلى بلَدٍ بَعِيدٍ خَارج لبنان أو ثلاث أو أربَع رحَلات في السّنَة ضِمنَ لُبنان مثَلا إلى البقاع أو طرَابلُس. ما هذا. إن كانَت مَريضَةً يكونُ أَمرُها أَهوَن إن كانَت للمرَض تَطلُب هذه الرّحَلات، أمّا لغَير ذلك وهيَ تَجِدُ في مَكانها ضَرُوريّاتِ المعِيشَة، ما هذا، وكَيفَ يُطِيعُ الزّوجُ هؤلاء النّساء على ذلك. في الغَالِب طَاعةُ النّساءِ نَدامَة، هذا لا شَكَّ فيهِ، لا نَقُولُ إنّه قَاعدَةٌ كُلّيّةٌ لكن في الغَالِبِ طَاعةُ النّساءِ نَدامَةٌ. ليسَ فَرضًا على الزّوج في المذاهب الأربعَة أن يُداوِيَ زَوجَتَه ويَصرفَ لها ثمَن الدّواء، لِيَقُولوا لهم رِجالُهم ليسَ فرضًا علَينا في المذاهِب الأربعَة أن نُعطِيَكُنَّ أُجرَةَ الطّبِيب حتى يُسَكّرْنَ أَفواهَهُنَّ، ولم نَجِدْ مَذهَبًا آخَرَ يَقُولُ فَرضٌ على الزّوج أن يُعطِيَها ثمَنَ الدَّواء وأُجرَةَ الطّبِيب. ومَع هذا يَصرِفُونَ على نِسَائِهم مَبالِغَ هَائلَة للعِلاج ولاسِيّما في هذه الأيّام، مئاتُ الألوف بعضُ النّاس يَصرِفُونَ لعِلاج المرأَة.))
فَائِدَةٌ ثَانِيَة: يَنبَغِي للمَرأَةِ أنْ تَتجَنَّبَ مَا لَو فَعَلَتْهُ يُظَنُّ بها السُّوء مِنْ قِبَلِ بَعضِ النّاس.
(لُبسُ البَنطَلُون الضّيقِ الذي يُظهِرُ حَجْمَ العَورةِ مَنْ لَبِسَتْهُ وهِيَ تَعْلَمُ أنّ الرِّجَالَ يَنظُرونَ إليهَا بشَهوةٍ أو يَنفَتِنُونَ بها أو أنّهُ يُسَبّبُ ضَررًا بسُمعَةِ الدّعوةِ والجمعِيةِ ويُنفّرُ النّاسَ عن جمَاعَتِنا وعن حضُورِ مجَالِس العِلمِ حَرامٌ عَليهَا، وكذلكَ يَحرُم علَيها لُبسُ السِّروال الضَّيقِ الذي هوَ خَاصٌّ بالكَافِراتِ أو الفَاجِراتِ، وكذلكَ استِعمَالها لأدواتِ التّجميلِ بهيأةٍ هيَ تَعلَمُ أنها تُنفّرُ الناسَ بهذا مِنْ تَعلُّم الدِّينِ وأنهم يَسُبّون الجمعِيةَ ويُنَفّرون الناسَ مِنها بسَببِ ذَلكَ. )