ما حكم قول بعض المتصوفة لا توجد قواعد للعبادة سوف يُسمع صوت كل قلب صادق

سؤال: ما حكم قول بعض المتصوفة: لا توجد قواعد للعبادة، سوف يُسمع صوت كل قلب صادق

الجواب

هذا الكلام لا يصح ولا يجوز إطلاقه فضلا عن الترويج له أو أمر الناس بالعمل به وذلك لأسباب تتعلق بفروع الأحكام و أصول الاعتقاد

أما ما يتعلق بفروع الأحكام، فالعبادة عرفها الفقهاء بأنها مجموعة من الأقوال و الأفعال و النيات المخصوصة والتي تعود ضوابطها لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم التوقيفية، فخرج بذلك كل ما خالف هذه القواعد، فلا تصح. صلاة الظهر بخمس ركعات، و لا تصح تلاوة القرآن مع تحريف بزيادة أو نقصان، ولا تصح نية صيام شهر رمضان في شوال

– و أما إذا أريد بالعبادة في هذه القولة “الدعاء”، وهو ما يتعلق بأصول الاعتقاد، لقوله صلى الله عليه وسلم : “الدعاء مخ العبادة” فإن الدعاء لا يخرج عن كونه كلاما بصيغة الطلب يوجهه العبد إلى المولى سبحانه وتعالى، وكل كلام يفتقر أن يُعرض على ميزان الشرع قبل أن ننبِس به، ولذلك قال ربنا تبارك وتعالى: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد….فكل دعاء مخالف لأوامر الله ونواهيه، فهو دعاء باطل لمخالفته للقواعد التي نص عليها ربنا في كتابه العزيز، ومثال ذلك حرمة الدعاء للمنافقين الذين ماتوا على الكفر من خلال نهي الله نبيَّه عن ذلك. وخلاصة المسألة أن الدعاء لا بد فيه من العلم ليكون موافقا للشرع، والعلم لا يخلو عن القواعد، فانظر إلى فساد هذا القول

– ويبقى لهذه القولة حيثية أخرى، وهي أن العبادة قد تطلق ويراد بها أقصى وغاية الخشوع والخضوع، وهذا التعريف الذي نجده في القاموس والمصباح المنير و لسان العرب، و كما هو ظاهر أنه تعريف يشتمل على حدود و ضوابط وهي قواعد في حد ذاتها

-وخلاصة المسألة أن أمثال هذه الأقوال لا ينبغي أن تطلق و تنشر بين العوام وخاصة في زمننا الذي نعيش فيه لعموم البلوى و قلة الضبط و انفلات النفوس وكثرة البدع، وعلى فرضية أنه كلام لبعض الصوفية فليس كل ما يقوله الصوفية صالح للنشر والوعظ، فإن الكثير من العلماء كانوا يحبون الصوفية وينهون العوام عن قراءة بعض كتبهم لما فيها من كلام موهم لخلاف الحق،

قال الإمام أبو العباس أحمد زروق الفاسي (ت899هـ)

يصحُّ إنكارُ الفقيه على الصُّوفيّ، ولا يَصِحُّ إنكارُ الصُّوفيِّ على الفَقيه

“تأسيس القواعد والأصول” (ص53)

وأقول: المتصدر للمشيخة الصوفية في عصرنا يجب عليه أن يحفظ جل هذه القواعد الزروقية ويعمل بها حتى لا يتبع شواذ الأقوال العقدية ولا يغش نفسه ومريديه، ويجب عليه إذا صدر منه قول شاذ وانتقده الفقيه أو الأصولي السني أن يذعن ويرجع إلى الحق والقول المشهور.

فلينتبه

#مهدي_شطورو

Source: https://www.facebook.com/mehdi.chtourou.12