مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِرِسَالَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ أَوْ مُسْلِمٌ، فَزَعْمُهُ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الإِيمَانَ بِالنَّبِىِّ مُحَمَّدٍ ﷺ شَرْطٌ لا بُدَّ مِنْهُ لِيَكُونَ الْعَبْدُ عِنْدَ اللَّهِ مُسْلِمًا مُؤْمِنًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْفَتْحِ: ﴿وَمَنْ لَّمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا﴾، أَىْ مَنْ لَمْ يَجْمَعِ الإِيمَانَ بِالنَّبِىِّ ﷺ إِلَى الإِيمَانِ بِاللَّهِ تَعَالَى إِلَى أَنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ تَحْصِيلِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَافِرًا هَيَّأَ اللَّهُ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ جَزَاءً فِى الآخِرَةِ. فَهَذِهِ الآيَةُ صَرِيحَةٌ فِى تَكْفِيرِ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِمُحَمَّدٍ ﷺ، فَمَنْ نَازَعَ فِى هَذَا الْمَوْضُوعِ يَكُونُ قَدْ عَانَدَ الْقُرْءَانَ وَكَذَّبَهُ.
وَقَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ ءَالِ عِمْرَانَ أَيْضًا: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ﴾، فَدَلَّتِ الآيَةُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الدِّينَ الْوَحِيدَ الْمَقْبُولَ فِى الآخِرَةِ هُوَ الإِسْلامُ، فَمَنْ عَدَلَ عَنْهُ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ. كما قَالَ اللهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ ءَالِ عِمْرَانَ: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾، فَدَلَّتِ الآيَةُ أَنَّ كُلَّ مَنِ اتَّخَذَ دِينًا غَيْرَ دِينِ الإِسْلامِ فَهُوَ خَاسِرٌ فِى الآخِرَةِ وَدِينُهُ بَاطِلٌ، فَلا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ عَنْهُ إِنَّهُ دِينٌ سَمَاوِىٌّ.
فالإسلام هو الدِّينُ السَّماوي الحَقُّ عند الله، وما سواه من الأديان كالنصرانية واليهودية والبُوذِيَّة والهِندٌوسِيَّة والسِّيخِيَّة والبَهَائِيَّة والزرادشتية واليَزِيدِيَّة وغيرها فهي ديانات باطلة وضعية، وليست سماوية، وليست مقبولة عند الله. وقد ورد عن النبي ﷺ “وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ” (رواه مسلم). وأما ما ابتدعه بعض المعاصرين في السنوات الأخيرة من دين جديد يجمع بزعمهم بين الإسلام والنصرانية واليهودية وسَمَّوهُ بالدين الإبراهيمي هو دين باطل غير مقبول عند الله.
فعيسى عليه السلام جاء بالإسلام كسائر الأنبياء، ولم يأت بالنصرانية، قال الله تعالى ﴿فَلَمَّاۤ أَحَسَّ عِیسَىٰ مِنۡهُمُ ٱلۡكُفۡرَ قَالَ مَنۡ أَنصَارِیۤ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِیُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ﴾، وكان المسلمون في عهده يقولون “لا إله إلا الله عيسى رسول الله”، وأما النصرانية فهو دين باطل وتحريف لما جاء به عيسى وليس دينا سماويا. فلا يقال عن النصراني هو مؤمن غير مسلم. بل لا هو بمسلم ولا هو بمؤمن، ولكنه يعترف بوجود الله لفظا فقط دون الإيمان الصحيح. لأن النصارى يعتقدون بعقيدة التثليث حيث يزعمون أن الله ثالث ثلاثة وهم الأب (وهو الله بزعمهم) والابن (وهو عيسى بزعمهم) وروح القدس (وهي الروح التي حلّت في مريم بزعمهم). ولذلك فكل النصارى (الكاتوليك والأرتودكس والبروتستانت…) ليسوا بمسلمين ولا بمؤمنين، قال الله تعالى: ﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ﴾، سورة المائدة/73. وقال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾، سورة المائدة/72.
وموسى عليه السلام جاء كذلك بالإسلام كسائر الأنبياء، ولم يأت باليهودية، قال الله تعالى ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ یَـٰقَوۡمِ إِن كُنتُمۡ ءَامَنتُم بِٱللَّهِ فَعَلَیۡهِ تَوَكَّلُوۤا۟ إِن كُنتُم مُّسۡلِمِینَ﴾، وكان المسلمون في عهده يقولون “لا إله إلا الله موسى رسول الله”، وأما اليهودية فهو دين باطل وتحريف لما جاء به موسى وليس دينا سماويا.
6/#إبراهيم_جاء_بالإسلام وما عبد غير الله وما شكّ في الله
وإبراهيم عليه السلام جاء كذلك بالإسلام كسائر الأنبياء، ولم يعبد الكوكب ولا القمر ولا الشمس بالمرة، وما شكَّ في الله، ولم يكن تائها يبحث عن ربه كما يزعم بعض مُدَّعي التفسير، ولم يعبد صنما قطّ وما باع الأصنام، بل كان على التوحيد منذ صِغَرِه. قال الله تعالى ﴿مَا كَانَ إِبۡرَاهِیمُ یَهُودِیًّا وَلَا نَصۡرَانِیًّا وَلَـٰكِن كَانَ حَنِیفًا مُّسۡلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ﴾.
والله تعالى أعلم وأحكم.

لا يدخل الجنّة إلا من مات على الإسلام
الشرح لفضيلة الشيخ الدكتور نبيل الشريف الأزهري حفظه الله
