سؤال : أعطِ مثالا يدل على عدم جواز التجاسر على الفتوى والتكلم في دين الله بلا علم حتى وإن كان ظاهر الأمر يحث على الخير
الجواب : لو تأملنا قليلا في كلمة “ءامين” بعد كل دعاء و فهمنا معناه اللغوي لعرفنا أنها كلمة تطلق ويراد بها “اللهم استجب دعائي” وهي اسمُ فعل مبنيٌّ على الفتح تقال عقب الدعاء ويراد بها الدعاء بالاستجابة.
فإذا استقر في أفهامنا هذا التعريف، عرفنا أن هذه الكلمة تصدر من المخلوق لخالقه وليس العكس فلا يُتصور إطلاقها من الخالق المستحق لنهاية التذلل لمخلوقه المفتقر لبارئه, لأنه يستحيل على الله أن يطلب استجابة الدعاء من غيره، و لأن هذا يُفضي إلى النقص في حقه سبحانه وتعالى ونسبة النقص إلى الله كفر كما لا يخفى، نسأل الله السلامة منه.
وهذه المقدمة احتجنا إليها لسبب، وإذا عُرف السبب بطل العجب، وهو بيان عدم صحة الحديث المتداول بين الناس والذي فيه :
-حدثنا العباس بن حمدان الأصبهاني ثنا شعيب بن عبد الحميد الطحان ثنا يزيد بن هارون أنا شيبان عن الحكم بن عبد الله بن خطاف : عن أم أنيس بنت الحسن بن علي رضي الله عنهما عن أبيها قال : قالوا : يا رسول الله ، أرأيت قول الله عز وجل : { إن الله وملائكته يصلون على النبي } قال : إن هذا من العلم المكنون ولولا أنكم سألتموني عنه ما أخبرتكم إن الله عز وجل وكل بي ملكين لا أذكر عند عبد مسلم فيصلي علي إلا قال ذاناك الملكان : غفر الله لك وقال الله وملائكته جوابا لذينك الملكين : آمين . ولا يصلي علي أحد إلا قال ذاناك الملكان : غفر الله لك . وقال الله وملائكته جوابا لذينك الملكين : آمين .
فيفهم من الحديث أن الله يطلب الاستجابة من غيره بقوله آمين لأجل صلاة العبد على النبي، وهذا غير مقبول وغير لائق بكمال الله بل وفيه نسبة العبودية والمحكومية لله, تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
– ولكن عدم صحة هذا الحديث لا تتوقف عند هذا السبب الذي يُعدّ علة في متن الحديث لأجل ركاكة التراكيب، بل يضاف إلى هذه العلة علة أخرى في سند الحديث، ففي رُواة الحديث “الحكم بن عبد الله بن خطاف” وقد جرحه ابو حاتم الرازي وقال أنه “كذاب متروك الحديث ما رواه باطل”و قال فيه الدار قطني في ما ذكره الحافظ بن حجر في تهذيب التهذيب” كان يضع الحديث”.
فاحذروا إخواني ترديد هذا الحديث بتعلة الترغيب في كثرة الصلاة على النبي والحال أن كتب السنة زاخرة بأحاديث صحيحة في الحث على هذه الفضيلة.
– وهذا الحديث ذكره واحد من مشاهير المشايخ في دروسه المتلفزة ممن لا يخطر على البال زلله و لا يُتصور في الذهن غلطه, انتشر ذكره بين العامة والخاصة, بل أضحى كل من تصدر منابر البرامج التلفزية ممن تزينوا بزي العلماء وتركوا بضاعتهم, يرددونه بلا نظر ولا تأصيل, وكثيرة هي الأحاديث التي تحث على كثرة الصلاة على النبي بيد أنها موضوعة ومكذوبة لا يجوز تدنيس أفواهنا بذكرها.
والله أعلم
Visit Us ;)
الدعاء لي ولوالديا بالخير بارك الله فيكم
