لله تعالى
مَعْنَى التَّبَرُّكِ وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ التَّبَرُّكِ بِآثَارِ الأَنْبِيَاءِ
التَّبَرُّكُ هُوَ طَلَبُ زِيَادَةِ الْخَيْرِ مِنَ اللَّهِ. وَالتَّبَرُّكُ بِآثَارِ الأَنْبِيَاءِ أَمْرٌ جَائِزٌ شَرْعًا وَجَوَازُ هَذَا الأَمْرِ يُعْرَفُ مِنْ فِعْلِ الأَنْبِيَاءِ؛
فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِى الْقُرْءَانِ الْكَرِيمِ أَنَّ سَيِّدَنَا يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ ﴿اذْهَبُوا بِقَمِيصِى هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِى يَأْتِ بَصِيرًا﴾ إِلَى قَوْلِهِ ﴿فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا﴾.
فَقَدْ حَصَلَ الشِّفَاءُ لِسَيِّدِنَا يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِإِلْقَاءِ قَمِيصِ ابْنِهِ يُوسَفَ عَلَى وَجْهِهِ!.
فَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ التَّبَرُّكَ بِآثَارِ الأَنْبِيَاءِ أَمْرٌ جَائِزٌ شَرْعًا وَلَيْسَ كُفْرًا وَلا شِرْكًا كَمَا تَدَّعِى الْوَهَّابِيَّةُ.
فَهَؤُلاءِ كَفَّرُوا سَيِّدَنَا يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ لِأَنَّهُ أَرْسَلَ قَمِيصَهُ إِلَى أَبِيهِ يَعْقُوبَ لِيَتَبَرَّكَ بِهِ وَكَفَّرُوا سَيِّدَنَا يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ لِأَنَّهُ تَبَرَّكَ بِقَمِيصِ ابْنِهِ يُوسُفَ فَحَصَلَتْ لَهُ الْبَرَكَةُ وَالشِّفَاءُ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِى الْقُرْءَانِ!.
كَمَا أَنَّهُمْ كَفَّرُوا سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا ﷺ لِأَنَّهُ قَسَمَ شَعَرَهُ حِينَ حَلَقَ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ لِيَتَبَرَّكُوا بِهِ كَمَا رَوَى ذَلِكَ الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ.
وَكَانَ الصَّحَابَةُ يَتَبَرَّكُونَ بِشَعَرِهِ الْمُبَارَكِ فِى حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ وَلا زَالَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا عَلَى ذَلِكَ.
ومما جاء في التبرك برسول الله ﷺ قول طلق بن علي:
“خرجنا وفدًا إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فبايعناه وصلَّينا معه، وأخبرناه أنَّ بأرضِنا بيعةً لنا فاستوهبناه من فضل طَهورِه،
فدعا بماءٍ فتوضَّأَ وتمضمض، ثمَّ صبَّه لنا في إِدَاوَة وأمرنا فقال: اخرجوا فإذا أتيتم أرضَكم فاكسروا بيعتَكم وانضحوا مكانَها بهذا الماء واتَّخذوه مسجدًا.
فقلنا له: إنَّ البلدَ بعيدٌ والحرُّ شديدٌ والماءُ ينشفُ!.
قال: مُدُّوه من الماء فإنَّه لا يزيدُه إلَّا طِيبًا.
رواه السيوطي.
حرص أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام العناية بآثاره وكانوا إذا بعدت بلادهم عن موطنه جمعوا ماء وضوئه في إناء وحملوه معهم.
وفيه : أنَّ خلْطَ الماء المبارك كماء زَمزَم بماء آخر لا يُخرجُه عن خاصيتِه في البركة؛ إذ بَركتُه تعود على الماء الجديد.
صلوا على الهادي الأطيب محمد ﷺ
الدعاء لي ولوالديا بالخير بارك الله فيكم
