يستدل كثير من المتشددين على عدم جواز أمور كثيرة يقوم بها المسلمون بحجة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعلها وأصحابه رضي الله عنهم، فهل ترك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لأمر يدل على عدم جواز فعله ؟ إن موضوع هذا السؤال ألف فيه الشيخ العلامة السيد عبد الله بن الصديق الغماري رسالة سماها : «حسن التفهم والدرك لمسألة الترك»، وقد افتتحها بأبيات جميلة ؛حيث قال :
الترك ليس بحجة في شرعنا ****** لا يقتضي منعا ولا إيجابا
فمن ابتغى حظرًا بترك نبينا ****** ورآه حكمًا صادقًا وصوابا
قد ضل عن نهج الأدلة كلها ****** بل أخطأ الحكم الصحيح وخابا
لا حظر يمكن إلا إن نهي أتى ****** متوعدا لمخالفيه عذابا
أو ذم فعل مؤذن بعقوبة ****** أو لفظ تحريم يواكب عابا
Visit Us ;)
أحكام الترك عند الأصوليين
قال الإمام السرخسي في أصوله : الفعل قسمان: أخذ، وترك. ثم أحد قسمي أفعاله وهو الترك لا يوجب الاتباع علينا إلا بدليل فكذلك القسم الآخر.
قال الإمام ابن دقيق العيد في الإحكام : ليس الترك بدليل على الامتناع.
وقال أيضا في الإحكام : أما الاستدلال بترك الخلفاء الإمامة عن قعود: فأضعف. فإن ترك الشيء لا يدل على تحريمه.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : أن مجرد الترك لا يدل على نسخ الجواز
وقال أيضا في الفتح : عدم الفعل لا يدل على المنع بل يدل على أن تركه أرجح من فعله
وقال أيضا نقلا من ابن بطال : أن فعل الرسول إذا تجرد عن القرائن وكذا تركه لا يدل على وجوب ولا تحريم
قال الإمام الزرقاني المالك في شرح الموطأ : قال الزواوي: والترك لا يدل على المنع لأنه قد يكون لا لمعنى من المعاني أو لعدم الحاجة إليه في ذلك الوقت أو لمعنى عادي أو طبعي.
قال الإمام البهوتي الحنبلي في كشاف القناع : ترك النبي – صلى الله عليه وسلم – لا يدل على الكراهة
قال الشيخ الألوسي الحنفي في تفسيره : وجوب الترك يتوقف على تحقق النهي ولا يكفي فيه عدم الأمر
