ثُبُوتُ التَأويلِ التَّفصِيليِّ عنِ السَّلفِ الصَّالِح خِلَافًا لما تَقُولهُ المُشَبِّهَةُ المُجَسِّمَةِ

 ثُبُوتُ التَأويلِ التَّفصِيليِّ عنِ السَّلفِ الصَّالِح خِلَافًا لما تَقُولهُ المُشَبِّهَةُ المُجَسِّمَةِ

الحمدُ للهِ وصلَّى الله وسلَّمَ على رسولِ الله.

قولهُ تعالى: {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} قالَ ابن عباسٍ والضَحَّاكُ: “أمرُ ربِّكَ فِيهم بالقَتلِ أو غيرِه”. وقد يُذكَرُ المُضافُ إليه والمُرادُ به المُضاف، كقولهِ تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} يعني أهلَ القَريةَ، وقولهِ: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} أي حُبَّ العِجل، كذلك هنا “يأتي أمرُ ربِّك” أي عقوبةُ ربِّكَ وعذابُ ربِّكَ، ويقال: هذا مِنَ المُتشابِه الذي لا يَعلَمُ تأويلهُ إلا الله.

وقيل: إتيانُ اللهِ تعالى مَجِيئُهُ لفَصلِ القَضَاءِ بينَ خَلقِهِ في مَوقفِ القِيَامَةِ كما قال تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} وليسَ مَجِيئُهُ تعالى حَرَكةً ولا انتِقَالًا ولا زَوَالًا لأنَّ ذلكَ إنَّما يكونُ إذا كانَ الجَائِي جِسمًا أو جَوهَرًا والذي عليه الجُمهورُ أئمَةِ أهلِ السُّنَّة أنَّهم يقُولونَ: يَجِيءُ ويَنزِلُ ويأتي ولا يُكيِّفُون لأنَّه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ}، {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}، {قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ}، {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} والجَوهَرُ ما له قِيَامٌ بِذَاتهِ. واللهُ تعالى أعلمُ وأحكم.