محمد بن يوسف السنوسي الحسني التلمساني
(832هـ – 895هـ)
نسبه ومولده :
هو أبو عبد الله محمد بن يوسف بن عمر شعيب السنوسي، وبه اشتهر نسبة لقبيلة بالمغرب، الحسني، نسبة للحسن بن علي بن أبي طالب من جهة أم أبيه، مولده بعد الثلاثين وثمانمائة بسنتين (832ﻫ).
نشأته :
نشأ الإمام السنوسي خيرا مباركا فاضلا صالحا، تربى وأخذ العلم بداية عن أبيه أبي يعقوب يوسف، عالم تلمسان وصالحها وزاهدها وكبير علمائها الشيخ العلامة المتفنن الصالح الزاهد العابد المحقق المقرئ الخاشع، ثم بعده على خيرة علماء عصره أخذ عنهم علم المعقول والمنقول وأدب الولاية، فانتفع بعلمهم وببركة دعائهم، فتصدر لمجالس العلم وأدى ما تلقاه منها على أحسن وجوه الأداء.
شيوخه :
فمن جملة الشيوخ الذين أخذ عنهم:
أبو يعقوب يوسف بن عمر بن شعيب السنوسي، وأبو الحسن علي بن محمد السنوسي الشهير بالتالوتي الأنصاري (ت895ﻫ)، ومحمد بن الحسن بن مخلوف بن مسعود المزيلي الراشدي، أبوعبد الله الشهير بـ: أبركان، (ت868ﻫ/1464م)[4]، ومحمد بن قاسم بن تُوزتْ وقيل تومرت، التلمساني السنوسي، وأبو الحسن علي بن محمد البسطي القرشي الشهير بالقلصادي الأندلسي (ت891ﻫ)، ونصر الزواوي التلمساني، ومحمد بن أحمد بن عيسى المغيلي الشهير بالجلاب التلمساني. (ت875ﻫ)، أبو الحجاج يوسف بن أحمد بن محمد الشريف الحسني، وأبو عبد الله محمد بن العباس العبادي الشهير بـ”ابن العباس” (ت871ﻫ)، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن الحباك. (ت868ﻫ)، وأبو القاسم الكنابشي البجائي، وإبراهيم بن محمد بن علي اللنتي التازي (ت866ﻫ)، وأبو زيد عبد الرحمن الثعالبي، وأبو العباس أحمد بن عبد الله الجزائري الزواوي (ت884ﻫ).
تلاميذه :
– وأخذ عنه العلم جماعة منهم : محمد بن إبراهيم بن عمر بن علي، أبو عبد الله الملالي نسبته إلى بني ملال بالمغرب، التلمساني (898ﻫ/1492م)، ومحمد بن أبي الفضل بن سعيد بن صعد وبه عرف التلمساني الفقيه العالم المحصل العلامة، توفي بمصر سنة (901ﻫ)، وبلقاسم بن محمد الزواوي (ت922ﻫ)، ومحمد بن أبي مدين التلمساني (ت915ﻫ)، ومحمد بن محمد بن العباس التلمساني، الشهير بـ “أبي عبد الله” الشيخ الفقيه النحوي العالم (كان حيا في حدود سنة (920ﻫ)، وأبو عبد الله محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي، التلمساني توفي سنة (909ﻫ)، وأحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي الفاسي الشهير بزروق، توفي رحمه الله بتكرين من قرى مصراتة من عمل طرابلس الغرب في صفر عام تسعة وتسعين وثمانمائة (899ﻫ)، ومحمد بن عبد الرحمن الحوضي، الفقيه الأصولي التلمساني، العالم الشاعر المكثر، توفي في ذي القعدة عام عشرة وتسعمائة بتلمسان (ت910ﻫ).
أخلاقه:
كان رحمه الله حسن الخلق متواضعا رقيق القلب رحيما متبسما في وجه من لقيه مع إقبال وحسن كلام لينا هينا حتى في مشيه، يقول عنه تلميذه الملالي: ما رأيت أحسن خلقا منه، ولا أوسع صدرا ولا أكرم نفسا وأعطف قلبا وأحفظ عهدا منه، يوقر الكبير ويقف مع الصغير ويتواضع للضعفاء، مع شفقته على الخلق وقضاء حوائجهم عند السلطان، والصبر على إذايتهم، وكان مجبولا على الحياء حليما كثير الصبر وربما يسمع ما يكره فيتعامى عنه ولا يؤثر فيه، بل يبتسم حينئذ وهذا شأنه في كل ما يغضبه، لا يلقي له بالا، ومع ذلك لا يحقد على أحد ولا يعبس في وجهه إذا لقيه يفاتح من تكلم في عِرضه بكلام طيب وإعظام، ولا يلومه حتى يعتقد أنه صديقه، وبلغ من شفقته أنه مر به ذئب يجري معه الكلاب والصياد، ثم حبسته الكلاب، وذبح، فوصل إليه ملقى على الأرض فبكى وقال لا إله إلا الله أين الروح التي يجري بها، وكان يقول: ينبغي للإنسان أن يمشي برفق، وينظر أمامه لئلا يقتل دابة في الأرض، ويتغير إذا رأى من يضرب حمارا ضربا عنيفا، ويقول للضارب ارفق يا مبارك، وينهى المؤدبين عن ضرب الصبيان، وفي مرض موته أتاه بعض علماء عصره ممن يذمه فطلب منه أن يسمح له في إساءته فغفر له ودعا له، وسمعه الملالي يثني كثيرا على رجلين من علماء عصره ممن يذمونه ويسيئون إليه، وكان يصلح بين الخصمين ويقضي الحوائج، كتب بعض الأيام ثلاثين كتابا بلا فترة قال كلفني بها إنسان وما قدرت على رده، ومن صبره كثرة وقوفه مع الخلق ولا يفارق الرجل حتى ينصرف، وربما مازح بعض أصحابه فلا تجد أحسن منه حينئذ، لا يرفع صوته، بل يعتدل فيه ويصافح الناس ولا يلبس لباسا مخصوصا يعرف به.
