القول في نازلة قراءة القرءان على نغم الموسيقى المعزوفة
#القول_في_نازلة_قراءة_القرءان_على_نغم_الموسيقى_المعزوفة
ليعلم أن الأصوليين اتفقوا على أن إفتاء المفتي بالقول الضعيف لا يجوز إلا في حالات:
• منها أن يكون المفتي بلغ رتبة الترجيح أو أعلى منها (كرتبة المجتهد المقيد صاحب الوجه أو المجتهد المنتسب أو المطلق) لا ما كان دونها (كرتبة مجتهدي الفتوى ومجتهدي المسئلة والنقلة) فإن رجح عنده قول متفق على ضعفه في مذهبه أو ضعّفه الجمهور فإنه لا يحجر عليه تقويته والإفتاء به بما يظهر له من الأدلة المرجِّحة.
• ومنها أن تتحقق ضرورةٌ لذلك درءا لمفسدة أو جلبا لمصلحة كما قرره في مراقي السعود ونص عليه البناني الفاسي في شرحه على مقدمة المختصر والأمير الكبير في ثمر الثمام وابن عابدين الحنفي في حاشيته وابن حجر الشافعي في التحفة والقليوبي الشافعي في حاشيته فلينظره مريد البسط في المسئلة.
فلا يجوز إذن الإفتاء بحل الاستماع للموسيقى، وحكمُ السماع لآلات اللهو والطرب والمعازف محسوم قديما، فَصَلَ الخطابَ فيه من سبقنا من علماء الأمة. وليس المقامُ مقامَ سرد الأحاديث والآثار الواردة في التحريم ولا المقامُ مقامَ عرض أقوال المانعين وأقوال المجيزين، بل المقام مقامُ بيان لما هو أخطر على دين الله من هذه المسئلة فيكفينا فيها ما قرره فقهاء المذاهب إذ القول بالحرمة هو الراجح المعتمد عند الأربعة والقول بالجواز قول في تمام الضعف عند بعضهم ولا قائل به عند البعض الآخر وما توهمه البعض من الجواز فمحجوج بقوة أدلة القائلين بالتحريم. ولا يغرنك يا طالب الحق ذكر بعض النقول عن الزبير وابن عمر والرشيد وغيرهم فغالب أسانيدها أوهن من بيت العنكبوت. وأحيل القارئ المنصف على مصنف واحد فقط وهو تأليف ابن حجر الهيتمي النفيس “كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع” فليجدنّ فيه بغيته وليلقينّ عنده ضالته. ثم لنكن كلنا على ذكر من قاعدةٍ من عمل بها أحسن الإفادة ألا وهي ” ليس كل خلاف جاء معتبرا إلا خلاف له حظ من النظر”.
وليعلم كذلك أن الاقتباس ذكره البلاغيون في مصنفاتهم وأنظامهم في باب المحسنات اللفظية من فن البديع وهو كما عرّفه السيوطي في الإتقان أخذ شيء من القرءان أو كلام النبوة ليضمّن الشعر أو النثر لا على أنه منهما بأن لا يقال قال الله تعالى أو قال رسول الله ونحوه وهو مختلف فيه فمتأخرو الشافعية على تجويزه كما نقل السيوطي عن العز ابن عبد السلام ومشهور مذهب المالكية القول بتحريمه.
لنأت الآن لنازلة الحال في حكم ذاك المداح الذي ظهر بالشاشة من يومين فقرأ مقدمة مولد البِرزنجي متتبعا لنغم آلة القانون وكانت تعزف عنده فعندما قام له من له غيرة على كتاب الله العزيز خرج واعتذر وأفصح بنسيانه وقُبل اعتذاره فخرج بعد ذلك من أفتاه بجواز فعله وأنه اقتباس وأن الموسيقى يجوز سماعها على قول “معتبر” فخلط المفتي الحصباء بالدر الثمين ثم ألقى الدر من آنيته بل والحصباء ولم يدع لنفسه إلا ترابا حثاه على ناصيته حين استدل بأم كلثوم ثم بأغنية يا ديني محلالي فرحو والطبوع التونسية فصرنا إلى غير مقام وصار هو إلى شطح من الكلام، وخبط في المسئلة خبط عشواء لا أمت في خبطه ولا شغاء.
وأقول
• الأولى بمن تمذهب بمذهب مالك التزام مشهور المذهب
• والأولى بمن تصدر للفتوى ضرورةً عدم الإفتاء بالضعيف والتزام جانب السلامة في إفتاء العامة بما هو راجح معتمد موافق للأدلة دامغ للمعترض
• نازلة الحال لا علاقة لها بالاقتباس فقوله وأنزل تشريفها فى محكم الآيات القرآنية “كنتم خير أمةٍ اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله” نقل للنص القرآني وليس اقتباسا ألبتة والحكم بأنه تضمين عين الخلط
• تجويز قراءة القرءان مع تتبع القارئ لنغم موسيقى تعزف عنده بناء على قول جواز السماع الضعيف قياس مع الفارق بعيد وفيه ما فيه من الإخلال بتعظيم كتاب ولا يبعد عن الاستخفاف به والعياذ بالله تعالى.
• القول بهذه الفتوى يفتح للجهلة باب امتهان القرآن على مصراعيه فما يقول المفتي فيمن رقص رقصا مباحا على قراءة القرءان أو رقصا فيه تثن وتكسر وقد قال الجمهور بحرمته وقيل بعدمها.. وما يقول المفتي فيمن قرأ القرءان متتبعا للمزود والزكرة ونحوها وما يقول المفتي في ذاك الذي خرج فقرن الراب بقراءة اللفظ المنزل؟؟؟؟
فليتق الله امرؤ عرف أنه ملاق ربه يوم الحساب الشديد، وليجعل نصب عينه قوله صلى الله عليه وسلم “ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها بعده إلى يوم القيامة لا ينقص من أوزارهم شيء” الحديث، فكلما قلده في فتواه جهول نال من وزره كقابيل في نيله من وزر من قتل نفسا عدوانا وظلما.
والله من وراء القصد.
