الازدواجيَّة في مناهج التَّعليم الجزائريَّة “الباديسيَّة”

قال الشيخ ابن باديس مخاطبا الشَّعب الجزائري: ((حافظ على مَبادِئكَ السياسيّة، ولا سِيَاسَة لَكَ إلا سياسة الارْتِبَاطِ بِفَرَنْسَا!!!، والقِيَام بالوَاجِبَاتِ اللَّازِمَة لجميع أَبْنَائهَا!!!، والسَّعْي لِنَيْل جَمِيع حُقُوقهم، فَتَمَسَّك بِفَرَانْسَةَ العَدَالَةِ!!! والأخُوَّة!!! والمُسَاوَاةِ!!!، فَإِنَّ مُسْتَقْبَلَكَ مُرْتَبِطٌ بِهَا!!!)) [الآثار (179/1)].

وقال الشَّيخ الطَّيِّب العُقبي نقلا عن شهادة تَوفيق المدني – أمين عام الجمعيَّة الباديسيَّة -: ((إنّ الجزائر فَرَنْسِيَّة بَرًّا!!!، وبَحْرًا!!!، وهَوَاءً!!!، ومَنْ يُشَكِّكُ في هَذَا أَو يُنَاقِضهُ إنَّمَا هو سَابِحٌ في بَحرِ الخَيَالِ!!!. وَلا تَنْجَحُ في هذه البِلادِ إلَّا السِّيَاسَة التي تَعْتَمِدُ على المُفَاهَمَة مع الحكُومَة!!!، بِإِخلاصٍ وطَهَارَة ضَمِيرٍ!!!)) [“حياة كفاح” لأحمد توفيق المدني (2 /373-374)].

وأما عن رأيه في ثورة التَّحرير المباركة والمجاهدين، فقد نقل توفيق المدني أنَّه قال: ((أَلْقَيْتُم بِالأُمَّةِ في مَهَاوِي الهَلاكِ والدَّمَارِ، وسَلَّمْتُمُوهَا مُقَيَّدَة إلى يَدِ الجَلَّادِ يُخلِي دِيَارَهَا، وَ يُسْبِي نِسَاءَهَا وَأَطْفَالَهَا، ويُمْعِنُ في رِجَالِهَا قَتلًا وإِرْهَاقًا…إِنَّهُ الجُنُون ضِدَّ العَقْل!!!، إنَّهَا العَاطِفَة ضِدَّ المَصْلَحَة!!!، إِنَّ الجزائر لَنْ تَستَقِل!!!، وَسَتَزِيد فَرنْسَا بِواسِطَة هَذِهِ الثَّوْرَة “الإِجْرَامِيَّة!!!” ضَغْطاً عَلَى الشَّعْبِ، وَسَتَسْعَى لِمَحْقِهِ وَإِتْلافِهِ. إِذَا نِلْتُم الاستقلال فاشْنِقُونِي على شُرْفَةِ “النَّادِي”!!!)) [المرجع نفسه (2/ 377-378)] و”النادي” هو مقر الجمعيَّة الباديسيَّة في العاصمة.

..الخ

نعم؛ نحن لا نعمِّم ولا نحكم على الجمعيَّة الباديسيَّة من خلال موقف الشَّيخ الطيِّب العقبي أو غيره من الباديسية في مثل هذه القضايا الفيصليَّة، هكذا من دون اعتبار لكل القرائن والسياقات وغيرها من الأمور المهمة التي قد يكون لها مدخلية في تحرير المسألة بشكل صحيح، على عكس طريقة الكثير من صناع مناهج التعليم الجزائرية – المزورة -، والسياسيين، والأكاديميين، والباحثين، والمثقفين، والمشايخ، وغيرهم من المغرر بهم في التفاعل مع الزَّوايا المحافظة والطُّرقيَّة..

ولكن من حقِّنا أن نخاطبهم وفق منطقهم الذي عاملوا به الطُّرقيَّة، فنقول لهم:

قول الشيخ ابن باديس: ((لا سِيَاسَة لَكَ إلا سياسة الاِرْتِبَاطِ بِفَرَنْسَا)) الرجل يخاطب الشعب الجزائري بأكمله، ويحيل في نظره أن تكون له سياسة سيادية من دون الارتباط بالفرنسيس!!!، فالقول بالتَّقية السياسية هنا لا يقوم على ساق كما لا يخفى، وعليه:

أوليست هذه العقيدة “الباديسية” هي نفسها عقيدة “اعْتَقِدْ ولا تَنْتَقِدْ” والتي قلتم لنا أنها هي هي العقيدة التي خدَّرت بها الزَّوايا المحافظة والطُّرقيَّةُ الأمَّةَ الجزائريَّة لصالح الاستدمار الفرنساوي حتى جاء الخلاص منها على أيادي الجمعيَّة الباديسيَّة؟!!! أم أنَّ باء الباديسيَّة تجُرُّ وباء الزَّوايا لا تجُرُّ!!!..