ملاحظة إعادة الدرس الاول
الشيخ عمر ديةحفظه الله في بيان أحكام الطهارة والصلاة على المذهب المالكي ملاحظة اعادة الدرس الاول
باب الطهارة
قال المؤلف رحمه الله : “باب الطهارة، فصل، علامات البلوغ أي العلامات التي يعرف بها البلوغ خمسة”، هذه العلامات التي هي علامة للبلوغ عند الشخص ، إذا حصل منه شيء من هذه الأشياء الخمسة يحكم له بالبلوغ، بأنه صار بالغا، و لا يشترط اجتماع علامات عدة في الشخص ليحكم ببلوغه بل بمجرد حصول أي علامة من هذه العلامات الخمس يحكم لهذا الشخص بأنه صار بالغا.
قال رحمه الله: “منها ثلاثة مشتركة في الذكر و الأنثى، إذا وُجِدت واحدة منها حُكم بالبلوغ و لو لم يوجد غيرها” يعني هذه العلامات الخمسة هناك ثلاث علامات مشتركة بين الذكور و الإناث، هذه العلامات الثلاثة أي واحد منها حصل من الشخص سواء كان ذكرا ام انثى يُحْكَمُ له بالبلوغ، ولا يشترط اجتماع عدة علامات في الشخص ليُحكم ببلوغه بل بأي علامة من هذه العلامات يُحكم له بالبلوغ. هذه العلامات الثلاث مشتركة، و هناك علامتان تختص بهما الإناث، يعني لا يحصل عند الذكور، لا يحصل عند الرجال، هذه العلامات الثلاث قال: ” أولها تمام ثماني عشرة سنة قمرية و قيل بدخوله ثماني عشرة سنة”، معناه العلامة الأولى من علامات البلوغ هي إستكمال ثماني عشرة سنة يعني أن يتم الشخص ثمانية عشر سنة، يعني عاش ثمانية عشر سنة، فالواحد إذا ولد في أول السنة ففي مثل هذا اليوم من السنة القادمة يكون أتم سنة ، بمرور سنة عليه يقال أتم سنة، يقال عنه أتم سنة ،هذا معنى “أتم”، فهنا عندما قال من علامات البلوغ أن يتم ثماني عشر سنة معناه أن يكون مر عليه من العمر ثماني عشر سنة أتمها و دخل في السنة التاسعة عشرة إن عاشها يكون عاش تسعة عشر، لكن هنا يُعدّ انه صار بالغا ، أنهى ثمانية عشر، طعن، دخل في السنة التاسعة عشر. و هناك بعض المالكية قالوا بمجرد أنه أتم سبعة عشر و دخل في السنة الثامنة عشر هنا يكون بلغ، يحكم له بالبلوغ. و هناك أقوال أخرى في هذه المسألة ، هذه مسألة البلوغ بالسن فيها خلاف كبير بين العلماء، لكن المشهور أنه بتمام ثماني عشر سنة. فمن أتم ثماني عشر سنة و لو لم يخرج منه المني و لا حصلت منه علامات أخرى من علامات البلوغ، بمجرد تمامه و استكماله ثماني عشر سنة يحكم له بالبلوغ.
قال رحمه الله: “و خروج مني الشخص نفسه منه”، يعني العلامة الثانية التي هي من العلامات المشتركة بين الرجال و النساء، بين الذكور و الإناث، هي خروج المني. العلامة الأولى استكمال ثماني عشر سنة ، فالذكر إذا استكمل ثماني عشر سنة صار بالغا، و الأنثى اذا استكملت ثماني عشر سنة صارت بالغة.
العلامة الثانية هي خروج المني، يعني مني الشخص نفسه منه، هذا يحكم له بالبلوغ، أما من خرج منه مني غيره كأن جامع مثلا الرجل زوجته التي هي دون هذا السن، ما بلغت بالسن، هي تطيق الجماع فجامعها فهو أنزل و هي لم تنزل، ثم بعد ذلك خرج منها مني زوجها، هي ما أنزلت ما خرج منها المني، فلا تبلغ بذلك، لا يحكم لا بالبلوغ، انما خروج المني من علامات البلوغ إن كان خرج منه منيّه هو لا مني غيره.
قال رحمه الله : “و نبات الشعر الخشن في العانة لا الزغب” معناه أيضا العلامة الثالثة التي هي من علامات البلوغ التي هي مشتركة بين الذكور و الإناث هي نبات الشعر الخشن في العانة، فالعورة المغلّقة. و المراد هنا بنبات الشعر الخشن: إخراج الزغب (الوبر ، الشعر الخفيف: أحيانا الصبي عندما يقارب البلوغ أو أحيانا يكون بعيد عن البلوغ، و حتى عند الإناث يظهر مثل الشعر الخفيف أحيانا عند الشارب، و شعر خفيف في الوجه أحيانا، الذي هو مثل الوبر، ليس سميكا ليس خشنا ، هذا يقال عنه الزغب) هذا ظهوره في العانة ليس علامة للبلوغ، علامة البلوغ هي ظهور الشعر الخشن في العانة يعني في العورة، فلو نبت للشخص هذا الشعر يحكم له بالبلوغ، هذا في الغالب كان يحصل أحيانا في الماضي عندما كان هناك عبيد أو نحو ذلك كانوا اذا دخلوا الى بلد مثلا او نُقلوا من بلد الى اخر، الصغار ليعلموا ان كان بالغا او ليس بالغا ينظرون هل نبت له هذا الشعر، فيعلمون أنه بالغ او غير بالغ، فهنا نبات هذا الشعر في العانة هذا علامة البلوغ أما نباته في غير العانة فليس شرطا، اي ليس شرطا أن تنبت للذكر اللحية مثلا، ليس شرطا أن ينبت الشعر تحت الإبط او على سائر بدنه، إنما الذي هو من علامات البلوغ هو ظهور أو نبات الشعر الخشن في العانة، هذا يحكم له بالبلوغ، فلو كان الشخص أقل من ثماني عشر و لم يخرج منه المني و لكن نبت له الشعر الخشن على عورته في العانة هنا يعلم من نفسه أنه بلغ، يُحكم له بالبلوغ.
10:00
قال الشيخ رحمه الله: “و ثنتان تختصان بالإناث” يعني الآن يذكر علامتين لا تحصل إلا عند الإناث، العلامة الاولى قال: “الحيض و أقل ما يكون لتسع سنين قمرية تقريبا، فإن رأت دما في الثامنة أو السابعة فهو دم علة لا حيض و ليس له أحكامه” هذا من علامات البلوغ، فلو كانت الأنثى لم يخرج منها المني و لا بلغت بالسن و لا نبت لها الشعر الخشن في العانة لكن نزل منها دم، دم الحيض، هنا يحكم لها بالبلوغ.
قال رحمه الله: ” و الحمل” يعني أيضا من علامات البلوغ أن تحمل المرأة فإذا حملت يحكم لها أيضا بالبلوغ.
قال رحمه الله: ” فصل، يجب الاستبراء من البول والغائط” كلامنا هنا في الاستبراء، هناك فعل أمر يسمى استبراء و هناك ما يسمى استنجاء، الاستبراء غير الاستنجاء، الاستبراء لا علاقة له بالاستنجاء لكن بحسب العادة أنه يكون متصلا عادة، يستبرأ الشخص ثم يستنجي لكن لا ترابط بين الفعلين، قد يستبرأ الشخص ثم بعد مدة يستنجي. فإذا هنا الكلام عن الاستبراء. (الاستبراء : هو استخراج ما في المخرج من النجاسة ، هذا يقال له استبراء.).
الواحد عندما يقضي حاجته، إذا بال مثلا عادة عند الرجال (أما النساء عادة إذا انقطع البول انقطع، مادة الخارج انقطعت، و في الغالب في الغائط كذلك، عادة لا يبقى على فم المخرج شيء لم يخرج بعد و مازال على المخرج ، هذا نادر أن يحصل لكن قد يحصل، يحتاج الى استبراء في مثل هذا)، الذكر عادة إذا بال بعد انقطاع البول في كثير من الأحيان يبقى هناك بقية في المخرج، مخرج البول للذكر هو ذكره، فقصبة البول التي يمر فيها البول، في الغالب عندما ينقطع البول يعني يتوقف البول عن الخروج في كثير من الأحيان يبقى في هذه القصبة، في مجرى البول، يبقى هناك بقية، هذه البقية إستخراجها بحيث لا يبقى في القصبة شيء من البول هذا يقال عنه استبراء، هذا يسمى الاستبراء، ليس الكلام في إزالة النجاسة وليس الكلام في تطهير الموضع و ليس الكلام في الاستجمار وإن كان لا يزيل النجاسة ولكنه يجيز الصلاة مثلا و إلى غير ذلك .. ليس الكلام في هذا، إنما الكلام عن استفراغ، استخراج بقية الأذى و هنا المراد بإستخراج بقية الأذى ليس هو الذي في المثانة في مجمع البول، ليس هذا المراد، المراد هو الذي في مجرى البول، هذا استخراجه يقال عنه استبراء، ليس المراد بحيث تفرغ المثانة من البول، في الغالب مجمع البول في البدن يجتمع فيه البول شيئا فشيئا ثم يشعر الانسان بحاجته الى افراغ هذا البول فيقضي حاجته ويخرج ما اجتمع في جوفه في مثانته من البول، فإذا قضى حاجته في الغالب يبدأ يجتمع بول آخر لكن لا يشعر بحاجته الى استخراجه، ليس الكلام في استفراغ هذا الذي يجتمع من جديد، كلامنا عن البول الذي بقي في المخرج هذا له حكم أنه يجب استخراجه، ليس الأمر بموضوع تضمخ النجاسة ونحو ذلك، وجوب الاستبراء عند المالكية إنما هو لصحة رفع الحدث لذلك يجب الاستبراء لأجل صحة رفع الحدث، حتى يصح من الشخص وضوؤه لابد أن لا يكون متلبسا بالحدث. و وجود البول في مجرى البول في القصبة هذا مازال متلبسا بالحدث، يعني حاله كحال الذي يبول و يخرج منه البول، حكمه واحد.
يعني هذا الذي يخرج منه البول و في أثناء تبوله يغسل وجهه بنية الوضوء لا يصح وضوؤه لأنه متلبس بحدث، الحدث الذي هو خروج البول، متلبس بحدث البول يسمى. مازال متلبسا واقعا في حدث البول فلذلك لا يصح منه الوضوء. أي لو واحد قضى حاجته و بال لكن في قصبة البول بقي بقية لم يخرجها شعر بها و لم يخرجها ثم بعد ذلك قبل اخراجها توضأ غسل وجهه بنية الوضوء لا يصح وضوؤه مع أنه خارج الذكر لا يوجد بول، فلابد و يجب الاستبراء لصحة رفع الحدث و ليس له علاقة ابدا بموضوع إزالة النجاسة والاستنجاء انما هو امر اخر مستقل.
17: 35
قال رحمه الله : “يجب الاستبراء من البول والغائط باستخراج ما في المخرجين من بقية الأذى عند قضاء الحاجة.”
لو توضأ الشخص و كان مازال في قصبة البول مثلا بقية من البول هنا يعدّ وضوءه باطلا لا ينعقد، لا يصح منه وضوءه لأن من شرط صحة الوضوء عدم التلبس بالحدث ، أن لا يكون الشخص محدثا.
من باب المثال: لو كان الشخص يخرج منه الريح و في أثناء خروج الريح منه غسل وجهه بنية الوضوء لا يصح منه وضوءه ولا يعد هذا الغسل لأنه مازال متلبسا بالحدث، لا بد لصحة الوضوء أن لا يكون واقعا في الحدث، هذا في الحدث الأصغر و في الحدث الأكبر كذلك، لا يصح للشخص أن يغتسل وهو يجامع، لا يصح غسله ، لابد من الإقلاع عن الحدث الأكبر الذي هو الجماع مثلا ثم يغتسل فيصح رفعه للحدث الأكبر، كذلك في الوضوء إن كان مازال متلبسا بالحدث لا يصح منه الوضوء بل لابد من التوقف عن الحدث ، الإقلاع عنه ثم يباشر أعمال الوضوء فيصح وضوءه، فمن شرط صحة الوضوء عدم حصول المنافي مثل وجود البول في قصبة الذكر مثلا أو وجود الغائط في المخرج، ليس الكلام عن خارج المخرج أو تلوث المخرج، الكلام عن فم المخرج، مازال هناك غائط لم يخرج تماما من المخرج مازال على الفم، هنا مازال متلبسا بالحدث، أما لو خرج الغائط إلى الخارج و لو لوّث، هنا ما عاد متلبسا بالحدث. فإذا وجوب الاستبراء هو لأجل رفع و ازالة الحدث الأصغر.
20:00
قال رحمه الله: “باستخراج ما في المخرجين من بقية الأذى” يعني من بقية النجاسة من بقية البول او غيره او الغائط ايضا من الدبر “عند قضاء الحاجة” يعني بعد قضاء الحاجة، هذا الاستبراء يكون مع سلت الذكر و جذب، نتر، يكون بأن يمسك بأصل ذكره أو يجعل أصل الذكر بين اصبعين كالسبابة و الابهام مثلا ثم يمرهما إلى رأس الذكر، و مع جذب أي السّحب و لكن لا، لا يشد في ذلك، المطلوب منه عند الاستبراء أن لا يحذب بقوة و أن لا يشد لأن هذا يضر بالعروق و يضر بالمثانة و قد يؤدي به إلى أن يصيبه سلس بول احيانا بسبب كثرة ذلك، كثرة الشد. ثم ينبغي للشخص أو يندب له، الأحسن له، أن يخفف في الاستبراء، أن لا يكون بقوة كما ذكرنا و ان يكون خفيفا خاصة و ان الذّكر كالضرع كلما جُذب بقوة اعطى نداوة فيخرج شيء من البلل فيه فلا ينبغي ذلك إنما ينبغي أن يفعل ذلك بقدر الحاجة، بقدر ما يحتاج إليه، قد يكون أقل من ثلاثة مرات أو ثلاثة او اكثر بحسب الحاجة ولكن لا ينبغي أن يتتبع الوسوسة في ذلك و ان يشغل باله كثيرا في ذلك حتى لا يؤدي به الى مفاسد فلا ينبغي له أن يتتبع الأوهام في ذلك، إنما عندما يغلب على ظنه أنه قطع يتوقف عن ذلك و لا يزيد.
23:00
الاستبراء واجب حكمه أنه واجب لابد منه فمن لم يستبرِئ لا يصح وضوءه، إن كان في الذكر بقية بول لا يصح وضوءه وعلى هذا حمل بعض المالكية حديث النبي عليه الصلاة والسلام في حديث عندما مر على قبرين فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى،يعني معناه عند غالب الناس هذا ما هُم فيه أوجب لهم وسبب لهم هذا العذاب، عند كثير من الناس يرونه شيئا هينا، شيئا سهلا خفيفا، لكن مع ذلك سبب لهم هذا العذاب الشديد في القبر فقال في أحدهما: كان لا يستنزه من البول. اختلف العلماء في تفسيره، كثير من العلماء قالوا معناه كان يتضمخ بالبول، بالنجاسة، فقالوا بتحريم التضمخ بالنجاسة و بعض العلماء ومنهم بعض المالكية الذين فسروا قالوا هنا معناه ترك الاستبراء، ترْكُه الاستبراء أوْجب له العذاب لأنه بتركه للاستبراء ما كان يصح وضوءه وعدم صحة وضوئه فما كانت تصح صلاته، فقالوا بسبب هذا، تجمع هذه الأمور كلها، لهذا أوجب العذاب في القبر، فما حملوا هذا الحديث على أمر التضمخ بالنجاسة إنما حملوه على تركه للصلاة، قال لا يستنزه من البول معناه كان لا يستبرئ من البول معناه لا يتوضأ، لا يصح منه وضوء فهو تارك و مقصر في العبادات كالصلاة فلذلك عُذّب في قبره، هذا رأي بعض المالكية.
25:00
قال رحمه الله:” وأما الاستنجاء بازالة الأذى ” الان سيتكلم عن حكم الاستنجاء الذي هو ازالة الاذى او تخفيف النجاسة، الاستنجاء قد يكون بالماء فيزيل النجاسة وقد يكون بالحجر فيخففها، يزيل جِرمها لكن الموضع مازال متنجسا. هنا في هذا الفصل لم يذكر حكم الاستنجاء اعتمادا على انه سيُذكر حكم ازالة النجاسة في الصلاة ، و قد مر معنا ان المالكية اختلفوا في حكم ازالة النجاسة بين موجب و بين من قال بالسُّنّية، بعض المالكية قالوا يجب ازالة النجاسة مع الذِّكر و القدرة لصحة الصلاة، هذا وجوب ازالة النجاسة و وجوب الاستبراء مثلا، هذا كله لأجل الصلاة، لأجل الوضوء يجب عليه الاستبراء، حتى يتوضأ لأجل الصلاة يجب عليه الإستبراء. أما لو كان الشخص قضى حاجته فلم يستبرئ مباشرة ، انتضر قليلا، بقي قاعدا و بال واقف، بقي واقفا مدة لا يكون عاصيا بذلك بعدم مباشرته بالاستبراء، بعدم مباشرته بالاستنجاء إنما وجوب الاستبراء والاستنجاء لأجل الطهارة و الصلاة فلذلك قال : “وأما الاستنجاء”، مر في كتاب الصلاة من شروط الصلاة الطهارة عن النجاسة قلنا أن المالكية اختلفوا، بعض المالكية قالوا يجب الطهارة عن النجاسة مع الذكر والقدرة فمن صلى مع وجود النجاسة وهو قادر على إزالتها و ذاكر لها عالم بوجودها عليه و قادر على إزالتها، و كلامنا في النجاسة غير المعفو عنها فهذا لا تصح صلاته لأنه عالم بوجود النجاسة و قادر على ازالتها، اما ان كان غير قادرا على إزالتها أو كان ناسيا لها فتصح صلاته.
أما القول الآخر للمالكية وهو مشهور ايضا و هو القول بالسّنية، و ذكرنا معنى السّنية أنه معنى السنية أنه لا يشترط لصحة الصلاة إزالة النجاسة غير المعفو عنها، فمن صلى مع وجود النجاسة و كان ذاكرا لها و قادرا على إزالتها صحت الصلاة عندهم ولكنهم قالوا أَثم بذلك، عصى بذلك. لأنه كان قادرا على إزالة النجاسة وهو ذاكر و مع ذلك تعمد الصلاة مع وجودها، قالوا عصى بذلك لكن صلاته صحت فلا يلزمه أن يقضيها لا يلزمه أن يعيدها، لا يجب عليه ذلك.
فكذلك الاستنجاء حكمه حكم ازالة النجاسة، يعني هو لأجل الصلاة يستنجي، بعض العلماء قالوا يجب الاستنجاء لصحة الصلاة فلا تصح صلاة من لم يستنجي وبعض العلماء قالوا سنة، يسن، معناه تصح صلاته إن ترك الاستنجاء و لكن عصى بذلك إن كان ذاكرا و قادرا على ازالة النجاسة. فهنا لم يذكر حكم إزالة النجاسة أو حكم الاستنجاء اكتفاءا بما سيأتي أو ما مر ذكره في كتاب الصلاة لكن هنا يشرح كيفية الاستنجاء.
29:40
فقال: “وأما الاستنجاء بازالة الأذى عن المخرج عند قضاء الحاجة” ، يعني الاستنجاء هو لأجل إزالة النجاسة، أن يزيل النجاسة عن الموضع هذا هو الاستنجاء و يكون بالماء او بالحجر، فالماء يزيل النجاسة أما الحجر فهو يخفف النجاسة و لكن يبقى الموضع متنجسا و لكن بسبب استعماله للحجر صارت هذه النجاسة معفو عنها، صارت في حكم المعفو عنها فيجوز للشخص و لا يحرم عليه أن يصلي مع وجود هذه النجاسة ولو كان عالما بها و قادرا على إزالتها، تصح صلاته و لا يأثم لأنه فعل الواجب عليه وهو الاستنجاء بالحجر وإن كان لا يزيل النجاسة و لكنه حول هذه النجاسة من نجاسة غير معفو عنها إلى نجاسة معفو عنها فتجوز الصلاة مع وجودها.
31:00
فقال: “و اما الاستنجاء بإزالة الاذى عن المخرج بعد قضاء الحاجة من كل ملوَّث” ، حكم الاستنجاء يكون مطلوبا من خروج الملوث للمخرج اما غير الملوث فلا يطلب له الاستنجاء، غير الملوث مثل الريح، خروج الريح من القبل او من الدبر هذا لا يوجب و لا يُطلب له الاستنجاء بل يكره الاستنجاء لخروج الريح لنهي رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك في حديثه :” ليس منا من استنجأ من الريح”. أو كما قال عليه الصلاة و السلام. و كذلك غير الريح مما لا يُطلب الاستنجاء منه، خروج الدود مثلا او خروج الحصى هذا لا يطلب الاستنجاء منه ، إذا خرجا خالصين من البلة او كانت البلة خفيفة، يعني اذا خرجت الدودة خالصة ليس عليها بلل فلم تلوث المخرج بالمرة هذا لا يطلب منه الاستنجاء، و اذا خرجت الحصاة و لم يخرج معها بلل ايضا هذه لا يطلب منها الاستنجاء وكذلك لو خرجا ببلة خفيفة يعني لو خرج معهما بلل خفيف هذا لا يطلب له الاستنجاء اما ان كثرت البلة فلابد من الاستنجاء، إن خرج معه بلل كثير فهذا لابد له، أو يطلب له، الاستنجاء على القولين بالوجوب و السنية، فيصح في هذه الحالة الاستنجاء أو الاستجمار بالحجر وإن كان لا ينقض الوضوء كما مر معنا في نواقض الوضوء عندما ذكرنا خروج غير المعتاد لا ينقض الوضوء مثل الدود و الحصى، لو خرج ببلة هذا لا ينقض الوضوء لكن إذا كانت البلة كثيرة لا ينقض الوضوء ولكن يطلب له الاستنجاء، يجب له مثلا الاستنجاء على القول بالوجوب.
34:00
قال رحمه الله : “من كل ملوث خارج من أحد السبيلين القبل و الدبر”، القبل مخرج البول و الدبر مخرج الغائط، “فيحصل بالماء وحده”، يعني يحصل الاستنجاء باستعمال الماء وحده فقط من غير أن يجمع معه استعمال الحجر او الورق او نحو ذلك.
قال في الهامش: “و يوالي صب الماء مع الدلك باليسرى في الاستنجاء من الغائط و يسترخي قليلا”، هنا يطلب استرخائه قليلا لأن المخرج فيه طيات فإذا قابله الماء انكمش، فإذا استرخى الشخص ارخى المخرج يستطيع يصل إلى المواضع التي وصل و أصابتها النجاسة ، فلذلك قال “ويسترخي قليلا”. “و يجيد العرك حتى ينقيه” يعني المستنجي يعرك المحل بيده وقت صب الماء، ليس الكلام كالدلك في الوضوء او في الغسل أو بعد صب الماء ، يصب الماء ثم يدلك المحل على العضو المغسول ذاك حكمه آخر، ليس المراد نفس الحكم. اما هنا فالدّلك يكون مع صب الماء، مصاحبا لصب الماء لأن المقصود منه ازالة النجاسة. فيعرك المستنجي المحل بيده وقت صب الماء حتى ينظف المحل أي حتى يصير نظيفا و تكفي فيه غلبة الظن أيضا.
36:00
قال رحمه الله: “او بالاستجمار بالحجر وحده”، يعني ايضا طريقة اخرى للاستنجاء استعمال الحجر وحده، يجوز استعمال الحجر وحده ولو مع وجود الماء ، يعني و لو كان قادرا على استعمال الماء في الاستنجاء يجوز له أن يكتفي بالمسح ولا يستعمل الماء، ليس عليه ضرر و لا يعد مقصرا بل يصح و يكون أدى الواجب عليه المطلوب منه، فلو شخص قضى حاجته ثم استنجى بالحجر هنا يحكم على هذا الموضع انه مازال متنجسا و لكن صارت نجاسته معفو عنها، لو كان قادرا على استعمال الماء، لو كان في حضرته موجود عنده الماء يستطيع أن يستعمله ليزيل النجاسة ليزيل حكم النجاسة عن الموضع لكن هو لم يفعل و اختار ان لا يفعل هنا لا ضرر عليه، يجوز له ذلك ولا يشترط حتى يكفي الحجر أن يكون عاجزا عن استعمال الماء بحيث انه عجز عن الأصل فانتقل إلى البدل ، ليس كالوضوء والتيمم، في الوضوء والتيمم من عجز عن الماء في الوضوء ينتقل إلى استعمال الحجر للتيمم، اما في الاستنجاء ليس الحكم كذلك انما يجوز له ان يستنجي بالماء و هو الافضل ان اراد الاقتصار على احدهما لأنه انقى و اطيب و يجوز له ان يقتصر على الحجر على المسح لو كان قادرا على استعمال الماء، فليس مشروطا عند فقد الماء لكن الافضل و الاحسن ان يجمع بين الاستنجاء بالحجر و استعمال الماء، هذا الافضل و الاحسن، ان يبدأ بالاستنجاء بالحجر و نحوه ثم بعد ذلك يستعمل الماء، فبهذا لا يكون باشر النجاسة بيده لذلك هذا الافضل و الاحسن.
38:25
قال رحمه الله : أو بالاستجمار بالحجر وحده من بول الذكر و من الغائط، هنا يشير إلى أن الاستنجاء بالحجر يكفي في الاستنجاء فقط بالنسبة للبول من الذكر و بالنسبة للغائط من الذكر ومن الانثى. يعني البول يكفي فيه استعمال الحجر في الاستنجاء إن كان الشخص ذكرا اما ان كانت انثى فلابد لها من استعمال الماء و لا يكفيها استعمال الحجر. أما الغائط فيجوز الاستجمار منه يعني الاستنجاء باستعمال الحجر سواء كان هذا الذي قضى حاجته ذكرا ام انثى. يعني في الغائط يكفي الحجر عند الذكور و الاناث اما في البول فلا يكفي الا عند الذكور، أما الإناث فلا بد لهن من استعمال الماء الاستنجاء من البول.
39:50
فقال: “من بول الذكر و من الغائط او بمنفصل” ، هنا “أو” راجعة الى الحجر يعني يجوز الاستنجاء بالحجر أو بمنفصل عن البدن ليس جزءا من البدن هذا قصده.
قال في الهامش: أي ليس جزءا من بدنه كيده. بعض المالكية اشترط او عدّ في ما لابد من تحصيله فيما يستعمل للاستنجاء للاستجمار، من جملة الشروط قال مثلا ان يكون قالعا طاهرا جامدا غير محترم غير ذي شرف ، أن يكون منفصلا و المقصود كما في الدّر الثمين في الشرح الكبير. ثم يفسر ذلك بعد ذلك يقول : خرج بذلك يد نفسه فلا يكفي الاستنجاء بيذ نفسه، أن يمسح النجاسة بيده، هذا لا يكفيه عند قسم من المالكية، و في الدر الثمين يذكر أنه يصح أن يستنجي الشخص بيده، يعني ان يمسح الاذى أي النجاسة بيده ثم يمسح بها الأرض ثم يغسلها، يزيل النجاسة عن يده.
41:40
قال رحمه الله: “أو بمنفصل في معناه” ، يعني في معنى الحجر، كالورق القالع ان لم ينتشر الخارج عن المخرج زيادة على ما جرت العادة بانتشاره، يعني يجوز ويكفي استعمال الحجر أو ما يقوم مقامه، ما اجتمعت فيه بعض الشروط التي ذكرناها، أن يكون قالعا طاهرا جامدا غير محترم غير ذي شرف ليس ذهبا ولا فضة ليس مطعوما لٱدمي ، إلى آخر ذلك …، يجوز استعماله في الاستنجاء، يجزء استعماله في الاستنجاء لكن بشرط أن لا ينتشر الخارج عن المخرج زيادة على ما جرت العادة بانتشاره كأن ينتهي الغائط مثلا إلى الألية، هنا انتشر زيادة على ما جرت العادة بانتشاره فلا يكفي الحجر في هذه الحال، او يعم مثلا جميع الحشفة في بول الذكر، أصاب البول جميع الحشفة هنا أيضا يتعين الماء فلا يكفي فيه الحجر، جميع الحشفة أو معظمها، ان لوث معظم الحشفة ايضا يتعين الماء، و يتعين في الحدث كله ليس في المنتشر فقط، يعني إذا خرج منه الغائط فلوث الصفحة وجاوز إلى الألية هنا يتعين الماء في الجميع، ليس فقط في الجزء الذي أصاب الآلية، أما الذي على نفس المخرج يكفي فيه الحجر، لا ، يتعين الماء في جميع الحدث.
43:49
قال رحمه الله: “والأفضل أن يجمع بينهما فيستنجي اولا بالحجر ثم يتبعه بالماء”، هذا الأفضل و الأحسن أن يبدأ بالاستنجاء بالحجر و نحوه ثم يستنجي بالماء فيندب للمستنجي جمع ماء و حجر و ما في معناه من كل ما يجوز الاستجمار به وذلك لأن الاستجمار يزيل عين النجاسة اما الأثر فهذا يزيله الماء، مع عدم ملاقاة النجاسة بيده و هذا هو الأفضل. أما ان أراد الاقتصار على أحدهما فالماء هنا يكون مقدما على الحجر ، أفضل من استعمال الحجر فقط والا لو استعمل الحجر فقط يجوز و هو كافي.
44:55
قال رحمه الله: “ويشترط في إجزاء الحجر الانقاء و لو بمسحة واحدة”، ففي مذهب المالكية المطلوب في الاستنجاء بالحجر هو الإنقاء من غير نظر إلى عدد المسحات، لا ينظر إن مسح مسحتين أو ثلاث او اربع او خمس، لا عبرة بذلك، إنما العبرة بالانقاء، أن ينقي المحل ، فلو مسح مسحة واحدة فأنقت هذه المسحة تكفي ولا يشترط ان يزيد الثانية و الثالثة، لا عبرة في هذا، وإن مسح مسحتين و أنقت هذا أيضا يكفي لا يشترط زيادة الثالثة ، لكن إن مسح ثلاثة و لم ينقي هنا لا يقول مسحت ثلاثة و يتوقف ، لابد من أن يمسح حتى ينقى المحل، لابد من الإنقاء فهو المطلوب.
“و يشترط فيما كان بمعناه ان يكون جامدا لا مائعا” يعني يشترط أن يكون يابسا سواءا كان ما يشترط في ما يستعمل للإستنجاء بالحجر أو غيره، فهنا الشروط في غير الحجر و الا هي مجموعة في الحجر موجودة في الحجر، فيما يقوم مقامه لابد ان يكون جامدا يعني يابسا لا مائع، و سواءا كان من جنس ماهو من الأرض مثل الحجر مثل الفخار، الطوب، التراب الذي طبخ صار مثل الحجارة ، هذا أيضا يكفي. و سواءا كان من جنس ما هو من الأرض او من غيره مثل الورق، القطن، الصوف الذي ليس متصلا بالحيوان نفسه إنما صوف منفصل فعُمل على هيأة منديل مثلا و صار يستنجي به، هذا يصح و يكفي ، أما الاستنجاء بالصّوف و هو متصل بالحيوان هذا يكره.
47:25
قال: “لا مائع”، يعني أيضا لا مبتلا يدخل في ذلك، أما الخرقة المبتلة هذه ايضا لا تكفي او لا تستعمل في الاستجمار، و كالطين مثلا. “مُنْقِيا لا كزجاج”، يعني أيضا يشترط أن يكون هذا الذي يستعمل في الاستنجاء مُنْقِيا يعني عند مسح المحل به يرفع جِرم النجاسة ، هذا معناه مُنْقي، أنقى المحل يعني أزال جرم النجاسة، هذا الإنقاء . ليس المراد بالانقاء إزالة العين و ازالة الرائحة و اللون و الى غير ذلك، المراد ازالة جرم النجاسة، هنا صار يعد المحل نقيا، فيشترط في ما يستعمل في الاستنجاء أن يكون منقيا يعني إذا مسح به المحل يرفع جرم النجاسة، لا يضمخ المحل بالنجاسة، فهذا لو كان يضمخ المحل بالنجاسة، مثل الزجاج القصب، من الخارج لا يكون جافا قالعا للنجاسة، لو مسح به المحل الذي عليه الغائط لا يرفع الغائط، لا يزيله إنما يمرغه، يحركه في محله لكن لا يرفعه، هذا لا يكفي، لابد أن يكون قالعا للنجاسة يعني يزيل جرم النجاسة لا كالزجاج و القصب. “طاهرا لا كغائط قسا”، أما الغائط النجس لو قسا و صار مثل الحجر لا يستعمل في الاستنجاء. “ليس بمطعوم كخبز” ، أما المطعوم لا يستنجى به مثل الخبز او غير الخبز من طعام الآدميين لأنه محترم. “و لا روث أو عظم”، و المراد هنا بالروث و العظم الطاهرين، ليس المراد العظم النجس و لا الروث النجس، روث الحيوان المباح الأكل طاهر فلو جف و صار كالحجر مثلا، هذا روث وهو طاهر لكن لا يستنجى به للنهي عن ذلك، و كذلك العظم الطاهر ، اما العظم النجس فهذا داخل في النجاسات. لكنه يكره في الطاهرين، يعني يكره استعمال الروث الطاهر و العظم الطاهر في الاستنجاء.
في الهامش قال: لأن روث المباح الأكل عند المالكية طاهر بخلاف روث المكروه الأكل كالهر فنجس.
51:25
قال رحمه الله: “او فحم”، يعني كذلك نهي عن الاستنجاء بالفحم، و كذلك مما لم يذكره من الشروط أن لا يكون محترما، اما المحترم لكونه طعام ادمي كما مر ذكرنا او لشرفه كالمكتوب الذي كتب باللغة العربية هذا أيضا له شرف فلا يستعمل في الاستنجاء، ليس الكلام عن الكلام المعظم، ذاك من استعمله خرج عن الإسلام و هو عالم بما فيه، حتى الكلام العربي المكتوب الذي ليس فيه كلام معظم لايستعمل في الاستجمار. وكذلك الذهب والفضة والياقوت والجواهر النفيسة ايضا لا تستعمل في الاستجمار لانها محترمة. وكذلك من المحترم ما كان حقا في غيره، ما كان لغيره فيه حق، ملك لغيره مثلا كجدار غيره، جدار بيت شخص ليس له أن يستنجي على جداره، ان يمسح الاذى بجدار جاره مثلا او نحو ذلك، او كان الجدار موقوفا كجدار مسجد أو نحو ذلك، ايضا هذا مما ليس له الاستنجاء به.
وكذلك نهى عن الاستنجاء بالمحدد لأنه يؤذي ، الشيء المحدد كالسكين او الحجر المحدد الذي يجرح، الزجاج و نحو ذلك… “للنهي عن ذلك” المراد بعدم الجواز الحرمة في الجميع إلا جدار النفس، أي جدار له، بيته، أن يستنجي على جداره هذا مكروه ليس حراما. أما ان يستنجي على جدار غيره فلا يجوز أو ان يستنجي على جدار الموقوف هذا حرام لا يجوز. العظم و الروث الطاهرين هذا يكره استعمالهم و ليس داخلا في عدم الجواز. غير ذلك فهو حرام، هذا معنى النهي. “للنهي عن ذلك” تعود عن ما سبق لكن كل بحسب حكمه، فالنهي عن الروث و العظم المراد الكراهة اما غيره مثل النجس او نحو ذلك فهذا يحرم لا يجوز استعماله. (أحدهم سأل عن الأحرف العربية، قال: كذلك يحرم). لكن لو استعمل شيئا مما ذكر فأنقى كفى، لا يلزمه إعادة الاستنجاء أو إعادة الصلاة التي صلاها لكنه عصى باستعماله هذا، معناه عندما نقول ليس له الاستنجاء بهذه الأشياء يعني يحرم عليه ذلك لكن لو حصل أنه استنجى بشيء من ذلك مع المعصية، مع الإثم او مع الكراهة في بعض ما ذكرنا ، لكنه لا يلزمه اعادة الصلوات التي صلاها بذلك الاستنجاء. اما ان لم ينقي فلا يكفي، او انحلت او زادت النجاسة على المحل اذا استعمل شيئا لجزا، كذلك مثل المبتل هذا لا يقلع النجاسة فلا ينقي، و الأملس لا يقلع النجاسة فهذا ليس له استعماله، لا يجوز استعماله و لا يكفي لأنه لا ينقي.
55:53
قال المؤلف رحمه الله: “و لا يكفي الاستجمار في بول الأنثى بكرا كانت أو ثيبا”، البكر لا يكفيها الاستنجاء بالحجر وحده من البول و الثيب لا يكفيها الاستنجاء بالحجر وحده من البول، بل يتعين في حقهما استعمال الماء لأن الغالب في بول الانثى ان يصل الى مدخل الذكر، هذا الغالب فلو فرضنا انه لم يصل، هنا ايضا يلزمها استعمال الماء لأنه يعطى حكم الغالب، غير الغالب يعطى حكم الغالب، و عدم انتشار البول زيادة عن المخرج هذا نادر عند النساء، فيعطى حكم النادر حكم الغالب، الغالب أن ينتشر فلو لم ينتشر تستنجي كأنه انتشر، يعني يلزمها استعمال الماء، هذا الماء.
(سأل أحد الحاضرين: لا تكفي المناديل الورق؟ و لا يوجد ماء؟ ما في قدرة على الماء، قال : لا، بول الانثى لا يكفي فيه، ثم قال: هذه ليست قادرة على الاستنجاء، تصح صلاتها ، نحن قلنا ازالة النجاسة حكمه مع الذكر و القدرة)
57:28
قال المؤلف رحمه الله: “و المذي”، يعني أيضا خروج المذي هذا يوجب استعمال الماء، فالذكر إذا خرج منه المذي لا يكفيه استعمال الورق لمسحه و كذلك الانثى ان خرج منها المذي يتعين فيه استعمال الماء، لكن في الذكر يتعين استعمال الماء و يجب عليه غسل جميع الذكر بنية رفع الحدث عن ذكره، اما الانثى فيكفي في حقها أن تغسل موضع الاذى و لا تحتاج الى نية، لا تفتقر الى نية. و أمر النية ذكرناه لأن وجوب غسل جميع الذكر امر تعبدي، لم تظهر لنا الحكمة منه، لو كان الواجب غسل الاذى فقط النجاسة لكان الحكمة واضحة و هي ازالة الاذى لكن على غسل جميع الذكر فهذا أمر تعبدي و الأمر التعبدي إن تعلق ببدن الشخص نفسه يحتاج إلى نية، اما ان تعلق بغير بدنه فلا يحتاج الى نية. فلذلك لابد عند خروج المذي من الرجل أن يغسل جميع الذكر مع نية رفع الحدث عن ذكره اما الانثى فلا يلزمها إلا أن تغسل الاذى. الفرق لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نص على الذكر حين سئل عن المذي فأمر السائل ان يغسل ذكره و ان يتوضأ، قال يغسل ذكره، ما قال يغسل الأذى، فقالوا هنا الرسول عليه الصلاة والسلام نص على الأمر بغسل جميع الذكر من خروج المذي وهذا بالنسبة للذكر، ما قال غسل جميع الفرج فيشمل الذكر والأنثى. اما الانثى فتغسل محل الاذى فقط و لا تحتاج الى نية.
“و دم الاستحاضة” إن كان دم الاستحاضة ملازما او غالبا فهذا معفو عنه، ليس الكلام في هذا، الكلام عن الاستحاضة هنا الذي هو نادر، فهذا ايضا لابد من ازالته و يتعين فيه استعمال الماء ولا يكفي فيه الحجر أو المسح، إن كان سلسا مفارقا يوما يتعين فيه، أن كانت هي مستحاضة لكن فارق في يوم من الايام هنا يتعين فيه الغسل ولا يتعين فيه المسح، إن كان يلازم كل يوم و لو مرة فيتعين فيه الماء اما ان كان غير ملازم بأن كان مثلا نادرا يأتيها يوم و ينقطع يوم و نحو ذلك، إن كان معفو عنه. دم الاستحاضة إن كان يلازم كل يوم مرة هذا معفو عنه.
01:02:00
قال رحمه الله: “و المني إذا لم يوجب الغسل”، لأن خروج المني في بعض الأحيان يوجب الغسل وفي بعض الأحيان لا يوجب الغسل، كما مر في موجبات الغسل، إذا خرج بغير ارادة اصلا او خرج بلذة غير معتادة فهذا لا يوجب الغسل، لكن يلزم في إزالة الاذى لابد من استعمال الماء، لا يكفي فيه المسح.
قال رحمه الله : “أو كان فرضه التيمم”، يعني كذلك ان كان شخص خرج منه المني و لكن كان فرضه الواجب عليه التيمم لأنه يضره الماء مثلا و استعماله في جسمه او نحو ذلك، كان فرضه التيمم لكن خرج منه المني الذي هو يوجب الغسل لكن هو فرضه أن يتيمم، هذا ايضا لابد من غسل موضع المني ولا يكفي فيه استعمال الحجر. “و لا من دم الحيض و النفاس لمن فرضها التيمم” كذلك من انقطع منها دم الحيض أو انقطع دم النفاس كان الفرض عليها أن تتيمم، هذه ايضا لابد ان تغسل الدم و ان تزيليه بالماء ولا يكفي فيه الاستجمار.
انتهى.
