الحمدُ لله ربِّ العالمين وصلى الله وسلم على سيِّدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبهِ الطيبينَ الطاهرينَ، وبعد:
قالَ رسولُ الله صلى الله وعليه وسلم لصاحبِه ثوبان: “كيفَ بكَ يا ثوبان إذا تَداعَت عليكُم الأُمَم تَداعيَكُم على قَصعةِ الطَّعام تُصيبونَ منه؟” قالوا: أمِنْ قِلَّة بنا يومئذٍ يا رسولَ الله؟ قال: لا، إنكم يومئذٍ كثير، ولكنكم غُثاءٌ كغُثَاءِ السَّيْل يدخلُ فيكم الوَهَن. قالوا: وما الوَهَن يا رسولَ الله؟ قال: حبُّ الدنيا وكراهيةُ الموت”، (معناه التعلق بالدنيا وتركُ الجهاد وهذا ما حصل بالأمة). الآن صار حالهم كما وصفَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، تداعت عليهم الأمم كتداعي الأكَلَة على قصعَةِ الطعام، على الوعاء الذي يكون فيه الطعام، تصيبونَ منه – كُلٌّ يريد أن يأخذ شيئًا من هذا وهكذا تداعت الأمم على أمةِ مُحمَّد صلى الله عليه وسلم. فسألوا الرسول: في ذلك الوقت يكون عددُنا قليلًا؟ قال: لا، إنكم يومئذ كثير، ولكنكم غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيْل. قال أهل اللغة: غُثاء السَّيْل حَمِيلُهُ، السَّيْل لما ينزل هذا المطر ويجرف يحمِل ما يحمِل، معروفٌ هذا يحمِل قذرًا يحمِل حصًا، يحمل أخشابًا ونحو ذلك. قال: إنكم يومئذ كثير ولكنكم غثاءٌ كغُثاء السيل يدخلُ فيكم الوَهن، قالوا: وما الوَهَن يا رسول الله؟ قال: حُبُّ الدنيا”. والآن سيطرَ حُبُّ الدُّنيا على أكثرِ القلوب، أكثرُ الناسِ تعلَّقوا بالدنيا وأعرَضوا عن الآخرة. تركوا عِلمَ الدِّين وتَركوا تَقوى الله، وتركوا العمل بالقرآنِ والحديث، وأقبلوا على أمورِ الدنيا على تحصيلِ المال وعلى صرفهِ في المَلذَّات، وأغلب الناس تركوا ما فرضَ الله عليهم، فصارَ بهم الحال إلى ما هم عليه الآن. لأنَّ بعضَ الناس يتسائلون لما وصلنا إلى هذا الحضيض؟ انظروا إلى الأفعال، وانظروا إلى الأعمال، ثم انظروا إلى النتيجة. {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ}، هل حصل من هؤلاء الناس أن نصروا الله؟ أن أطاعوا الله تعالى؟ أن تعلموا ما فرض الله عليهم؟ أن أدوا الواجبات واجتنبوا المحرمات؟ {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ}، {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا • وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}. وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ، هل اتَّقينا الله تعالى؟ هل تعلمنا ما فرض الله؟ هل أدينا كل الواجبات؟ هل اجتنبنا كل المحرمات؟ {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا • وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}. فإذًا إذا سُئِلتم لما وصلنا إلى هذا الذي نحن فيه الآن؟ قولوا: انظروا إلى الأفعال وانظروا إلى النتيجة، انظروا إلى ما صار إليه حال أكثر الناس، وانظروا إلى النتيجة، والله تعالى أعلم وأحكم.
لفضيلة الشيخ الدكتور نبيل الشريف حفظه الله تعالى وغفر الله له وللمؤمنين والمؤمنات.
إذا سُئلت لماذا يجب التحذير من أهل الضلال؟
فالجواب: إما أن ينكفُّوا من فسادهم بالتحذير منهم وإما أن يخف فسادهم وضلالهم بين الناس.
الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم بيَّنَ سَبَب الانحطاط الذي وَصَلَت إليه الأُمَّة اليوم، قالَ لسيّدِنا ثَوبان رَضِيَ الله عنه قالَ: “كَيفَ بِكَ يا ثَوْبان إذا تَدَاعَتْ عَلَيكُمُ الأُمَمُ تَداعِيَكُم على قَصْعَةِ الطَّعام تُصيبُونَ مِنهُ” قالَ: أَوَ مِنْ قِلَّةٍ بِنا يَومَئذٍ يا رسولَ الله؟ قالَ: “لا، بل أنتُم يَومئذٍ كثير ولكِنَّكُم غُثَاءٌ كغُثَاءِ السَّيلِ يَدْخُلُ في قلوبِكُمُ الوَهْن” قالَ ثَوبان رضي الله عنه: وما الوَهنُ يا رسولَ الله؟ قال: “حُبُّ الدُّنيا وكَراهِيَةُ المَوتِ”.
هذا سبَبُ انحِطاطِكُم الذي يُوصِلُكُم إلى حَدِّ أنَّ الكُفَّار يُحيطونَ بكم كما يُحيطُ أكَلَةُ الطَّعامِ بالقَصْعةِ التي فيها الطعام، هذا يَمُدُّ يدَهُ مِنْ هُنا وذاكَ يَمُدُّ يَدَهُ مِنْ جِهَتِهِ وذاكَ وذاكَ وذاكَ وذاك، كلٌّ يَمُدُّ يدَهُ إلى قَصْعَةِ الطَّعامِ مِنْ جِهَتِهِ.
معناهُ أنَّ الكُفَّارَ يُحيطونَ بِكُم كإحاطَةَ أكَلَةِ الطَّعامِ بالقَصْعَة، وهذا حَصَلَ ووَقَعَ اليومَ، الكُفَّار أحاطوا بِنَا، أيُّ جِهَةٍ مِنَ الجِهَات مِنَ البِلادِ الإسلاميَّة ليسَ للكُفَّارِ يَدٌ تَمتَدُّ إليها؟
الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم بيَّنَ سبَبَه قالَ: “حُبُّ الدُّنيا وكراهِيَةُ الموتِ” يعني تَكرهونَ الجِهاد تتَقاعَسونَ عَنِ الجِهادِ وتنشغلونَ بالمالِ.2210:32
