ما يقال لأهل الجنة وما يقولون وتسليم الملائكة عليهم

الحمد لله المنعم الكريم، جاعل الذين ءامنوا في دار النعيم، ومعذّب الذين كفروا في نار الجحيم، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمد وعلى ءاله وأصحابه أهل السلامة والتسليم.

أما بعد: يقول ربّنا عزّ وجل: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الجَنَّةِ زُمَرًا} أي جماعات جماعات.

فلا يصيبهم ما يصيب غيرهم من الذين يحاسبون حسابا عسيرا، بل يكونون في أمن وأمان إلى أن يصلوا إلى الجنة.

فقد ورد عن سيّدنا علي في هذا الأمر أنه قال: حتى إذا انتهوا إلى باب من أبوابها وجدوا عنده شجرة يخرج من تحت ساقها عينان تجريان فعمدوا إلى أحداهما فكأنما أُمروا به فشربوا منها فأذهب ما في بطونهم من أذى أو بأس، ثم عمدوا إلى الأخرى فتطهروا منها فجرت عليهم نضرة النعيم إلى أن قال رضي الله عنه: ثم انتهوا إلى الجنة فقالوا: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}، ويقول ربنا تعالى في سورة الرعد: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالملائكة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}.

فما أحلاه من لقاء وما أعظمه من استقبال، فالملائكة عليهم السّلام يستقبلون المؤمنون بالتحيّة من الله سبحانه وتعالى، يبشرونهم بما أعدّه الله تعالى لهم ولمن ءامن وصلَح من ءابائهم وأزواجهم وأهليهم، بأنّ لهم الجنة فيدخلونها جميعا فرحين مسْرورين.

ونكمل ما ورد عن سيّدنا عليّ رضي الله عنه فنقول: ثم تلقاهم الولدان المخلّدون فيطوفون كما يطوف أهل الدنيا بالحميم الذي قدم عليهم من غيبته، فيقولون له: أبشر، أعدّ الله لك من الكرامة كذا وكذا، ثم ينطلق غلام من أولئك الوِلدان إلى بعض أزواجه من الحور العين فيقول: قد جاء فلان باسمه الذي كان يُدعى به في الدنيا، قالت: أنت رأيته؟ فيقول: أنا رأيته وهو بإثري، فيستخف إحداهن الفرح حتى تقوم على أُسْكُفه (أي عتبة بابها)، فإذا انتهى إلى منزله نظر إلى أساس بنيانه فإذا جندل اللؤلؤ فوقه صرح أخضر وأحمر وأصفر من كل لون، ثم رفع رأسه فنظر إلى سقفه فإذا به يلمع كالبرق، ثم طأطأ رأسه فإذا أزواجه وأكواب موضوعة، ونمارق مصفوفة، وزرابي مبثوثة، ثم ينادي مناد: تحيون فلا تموتون أبدا، وتقيمون فلا تَظعنون أبدا.

اللهم أدخلنا الجنة بسلام وأَمان من غير عذاب فنعم هي عقبى الدار.

قال شيخنا رحمه الله: “في الآخرةِ يَرى الواحدُ قدْرَ الحسناتِ ويقولُ يا ليْتني فعلتُ أكثرَ”، وقال: “من وجَّهَ قلبَه لشىءٍ يحفظه ويفهمه”.

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “ما مِنْ مسلم يَبِيتُ على ذكرٍ طَاهرًا، فيتَعارَّ مِنَ اللّيل، فيَسألَ الله تعالى خَيرًا مِن أَمر الدّنيا والآخِرة إلاّ أَعطاهُ إيّاه”.

رواه الإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجه بإسناد حسن. من الجامع الصغير للسيوطي.

تعارَّ من الليل: أي إذا استَيقظ، ولا يكونُ إلاّ يقظةً مع كلام. من النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير.

يُنسب الى ابن الجوزي أنه قال: “كلامك مكتوب، وقولك محسوب، وأنت يا هذا مطلوب، ولك ذنوب وما تتوب، وشمس الحياة قد أخذت في الغروب، فما أقسى قلبك بين القلوب”.

مر ابراهيم بن أدهم على رجل ينطق وجهه بالهم والحزن فقال له ابراهيم: يا هذا إني أسألك عن ثلاثة فاجبني: فقال له الرجل نعم: فقال له ابراهيم: أيجري في هذا الكون شىء لا يريده الله؟ فقال: لا، قال: أينقص من أجلك لحظة كتبها الله لك في الحياة؟ قال: لا، قال: أينقص من رزقك شىء قدره الله، قال: لا، قال ابراهيم: فَعَلامَ الهمُّ؟.

قال شيخنا رحمه الله إذا غاب أحدكم فتفقدوه فلعله مريض محتاج، فيا أحبتنا فليتفقد بعضكم بعضا فهذا شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان يتفقد أصحابه فإني أرى من أحبابنا من كبر سنه وجلس في بيته وكسر خاطره لأن إخوانه لا يتفقدونه

وما تنسوني من دعواتكم

فكرة واحدة على ”ما يقال لأهل الجنة وما يقولون وتسليم الملائكة عليهم

التعليقات مغلقة.