كلام “الألباني” في مسألة العُلوّ كما تجده في الفيديو، فعلَّقت بما يلي:
– أوَّلًا: القول بأنَّ الله فَوق العالَم فَوقيَّة حِسِّيَّة؛ معناه أنَّ العالَم تحتَ الله مُباشرةً = تحتيَّة حسِّيَّة، ويلزم من هذا أنَّه تعالى مُتَّصِلٌ – من جانبه التَّحتاني – بالعالَم – من جانبه الفَوقاني -، أي: أنَّه جلَّ وعلا مُماسٌّ لسطح العَرش، وقد صرَّح ابنُ تيميَّة بعقيدة المُماسَّة هذه في كذا موضع من كتابه “بيان تَلبيس الجَهميَّة”، وكذلك “درء تعارض العَقل والنَّقل”.
فكيف يستشهد الألباني إذاً بمنظومة “بَدء الأمالي” للعلَّامة السِّراج الأُوشي (ت: 575 هج) وهو نظم في عقيدة أهل السُّنَّة السَّادة الماتُريديَّة؛ وفيه يقول النَّاظم كما نقل الألباني نفسه:
وربُّ العَرشِ فَوقَ العَرشِ لكن بِلا وَصفِ [[التَّمَكُّن واتِّصال]]
فإذا كان الله فوق العرش بالمسافة؛ فهو متمكِّن في العرشِ ومُتَّصل به من جانبه التَّحتاني لزاما، وقد صرَّح بهذا الهراء ابن تيميَّة في تلبيسه، وكذلك ابن القيِّم في حاشيَته على سُننِ أبي داود.
وهذا يدلُّك على مدى تلاعب الألباني!
ومَن رجع إلى شُرَّاح “بَدء الأمالي” على غرار “دَرَج المَعالي” للعلَّامة العزّ بن جماعة الشَّافعي أو “ضَوء المَعالي” للعلَّامة المُلَّا علي القاري الحنَفي سيدرك هذه الحقيقة.
– ثانياً: عند نهاية العالَم؛ لا يوجد بعده مكان أو جِهة حتَّى يُقال: “فوق العالَم”؛ لأنَّ “فوق” ظرف مكان، والعرش مكان، والمكان منَ العالَم، وبانتهاء العالَم ينتهي “فوق” و”تحت” والجِهات والأمكنة والأبعاد والمساحات والأجسام؛ فالقول بأن الله فوق العالَم فَوقيَّة مسافة؛ معناه – بمنطق هؤلاء -: أنَّ الله في [[لا مكان!!!]] مُتمَكِّنٌ في [[مكان!!!]] العَرش!!! وهذه سَفسطة مكشوفة العوار!
– ثالثاً: يُقال للألباني وأسلافه التَّيميَّة المجسِّمة: هل ذات رَبّكم – في الثُّلث الأخير من اللَّيل – داخل العالَم أم خارجه؟! فإن قالوا:
(1)- داخل العالَم؛ فقد أبطلوا عقيدة العُلوِّ، ويلزمهم الحُلول، وهو كُفرٌ باتِّفاق.
(2)- خارج العالَم؛ فقد أبطلوا عقيدة النُّزول، ويلزمهم التَّعطيل.
(3)- داخل العالَم وخارجَه؛ فيلزمهم حلول (بعض!) الذَّات في العالَم، وهو كُفرٌ باتِّفاق.
(4)- لا داخل العالَم ولا خارجه؛ فقد “وصفوه تعالى بالمعدوم” أو “أضاعوا ربَّهم” على حدِّ حُكمهم هم بأنفسهم.
– رابعاً: نِسبة الفَوقيَّة الحسِّيَّة لله تعالى يستلزم إثبات الجِسميَّة في حقِّه جلَّ وعلا؛ فعند نهاية حجم العالَم يبدأ انتشار ذات الرَّب مِن فوق العرش! لأجل هذا صحَّت الإشارة الحِسِّيَّة ليمين الرَّب ويساره عند التَّيميَّة كما أكَّد شيخهم الحرَّاني نفسه في ردِّه على الفخر الرَّازي، ثُمَّ إنَّه ليس هناك إلَّا الخالق والمخلوق؛ ولو قيل بالفَوقيَّة الحسِّيَّة للَزِم إثبات المُماسَّة في حقِّه تعالى للصَّفيحة العُليا من العرش كما أسلفنا، وإذا جاز أن يُماسّ تعالى العرش جازَ أن يُماسّ المسيح ابن مريَم وهلمَّ جرًّا! فأين الفارق بين هذه العقيدة الوَثنيَّة وعقيدة النَّصارى الكُفريَّة في حلول اللَّاهوت في النَّاسوت؟!!!
ومَن أثبت لربِّه الاتِّصال أو الانفصال؛ فعليه أوَّلًا وقبل أن يتفوَّه بمثل هذه الهرطقات؛ أن يُثبت بالأدلَّة القاطعة أنَّ ربَّه جِسم مُتَرامي الأطراف وبالتَّالي يقبل الاتِّصال و الانفصال أو الدُّخول والخُروج، فحينها يحقّ له أن يفرِّع ويفرقع، ودونه خرط القتاد، فكيف والله تعالى يقول: {لَيس كمثلِه شيءٌ}؛ فلو كان تعالى جسما لكان مِثل سائر الأجسام في الجِسميَّة.
– خامِساً: يقال للألباني:
هل الله قادرٌ على أن يَعدمَ العالَم منَ العرشِ إلى الفَرشِ؟ فإن قال: لا؛ فيلزم تعجيز القُدرة الإلهيَّة، وهو كُفرٌ باتِّفاق. وإن قال: نعم؛ فيكون الله وحده لا فوقَ ولا تحتَ ولا قُدَّامَ ولا خلفَ ولا يَمين ولا شِمال؛ صح؟! إذن: فالألباني هنا بين أمرين: إمَّا أن يلتزم الكُفر أو يُضيِّع ربَّه!!!
– سادساً: دعوى الألباني بأنَّ ابن تيميَّة أفحمَ أهل السُّنَّة الأشاعرة في المُناظرة = كذب مفضوح، والصَّحيح أنَّهم هم مَن أفحموه وألزموه بالحُجَّة والبيان قبل السَّيف والسِّنان، بل وخطَّ بيده – [[تَقِيَّة]] – توبته من عقايد التَّجسيم كما هو مُدَوَّن في كتب التَّاريخ والتَّراجم على غرار “الدُّرر الكامنة” للحافظ ابن حجر العسقلاني وغيره، لأجل هذا وبعد مُحاكمته وتوبته – المزعومة – في عام 707 هج؛ أصبح الحرَّاني يُخفي تواليفه في التَّجسيم ولا يُظهرها إلَّا لأتباعه كما ذكر عصريّه الإمام المُفسِّر أبو حيَّان الأندلسي في تفسيره “النَّهر الماد”، وكلّ هذا ليدرأ عن نفسه الحَدّ الَّذي ألزمه به قضاء الدَّولة الإسلاميَّة آنذاك إن لم يرجع عن عقايده الفاسدة بعد أن أقيمت عليه الحجَّة، كما شهد مُعاصروه ومُناظروه، ومنهم العلَّامة ابن المُعلِّم القُرشي في كتابه “نجمُ المُهتدي ورَجمُ المُعتدي”.
– سابِعاً: الوَهَّابيَّة كشيخهم ابن تيميَّة يُثبتون المكان “العَدَمي” لربِّهم، بمعنى أنَّ العرش مكانه تعالى يحدُّه منَ التَّحت، وأمَّا من باقي الجِهات فهو – عندهم – مَحدود بحدود ذاته – تعالى الله عن افكهم -، وقد صرَّح بهذا ابن تيميَّة كما في بيان تلبيسه ومعقوله، وكذلك زعم شيخ الوَهَّابيَّة ابن العثيمين بأنَّ “أين” في حديث الجارية: سؤال عن مكان الله!!! كما تجده في شرحه على الواسطيَّة وغيره من تواليفه.
فدعوى الألباني أنَّ التَّيميَّة والوَهَّابيَّة لا يثبتون المكان لله هكذا بإطلاق؛ كذب قبيح مُصادم للحقيقة.
هذا والله الموَفِّق..
وليُنظر للأهميَّة:
– إثبات الفوقيَّة بين أهل السُّنَّة الأشاعرة والتَّيميَّة المجسِّمة:
https://www.facebook.com/share/p/AvxWANSmfuru7ibm/
– إثبات ابن تيمية للمُماسَّة في حقِّ ربِّه:
https://www.facebook.com/share/p/th9n5nugrJCvziEe/
– الألباني يعتقد أن ربَّه محيط بالعالَم من كلِّ الجِهات:
https://www.facebook.com/share/93Q9TvTCKbMJSi7z/
– تناقض الألباني في نِسبة المكان لربِّه: https://www.facebook.com/share/p/VCtm5JW8joSyud7E/
– كذب الألباني على علماء الأزهر:
