اعلم أخي المسلم أن الوهابية أدعياء السلفية حرّفوا الشريعة فكان من بدعهم التي سنّها لهم قرن الشيطان محمد بن عبد الوهّاب تكفير مَن يُعلِّق الحِرز الذي كُتِب فيه ءايات من القرءان أو ذِكر الله على عُنقه، فهم يقطعونه من عُنق من يحمله قائلين: هذا شرك، وقد يضربونه، فبماذا يحكمون على عبد الله بن عمرو وغيره من الصحابة الذين كانوا يُعلِّقون هذه الحُروز على أعناق أطفالهم الذين لم يبلغوا، أيحكمون عليهم بالشرك؟ وماذا يقولون في أحمد بن حنبل الذي سمح بها، وماذا يقولون في الامام المجتهد ابن المنذر. كفاهم هذا خزيا أن يعتبروا ما كان عليه السلف الصالح شركا وهم يدّعون كاذبين أنهم سلفية، فعن عَمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم يُعلِّمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع، وفي رواية إسماعيل: “إذا فزع أحدكم فليقل: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون”، وكان عبد الله بن عَمرو يُعلِّمها مَن بلغ مِن بَنيه أن يقولها عند نومه ومن لم يبلغ كتبها ثم علّقها في عنقه. قال الحافظ ابن حجر: هذا حديث حسن أخرجه الترمذي. وفي كتاب معرفة العِلل وأحكام الرجال عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: “حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، قال: أخبرني إسماعيل بن أبي خالد، عن فراس عن الشعبي قال: لا بأس بالتعويذ من القرءان يُعلّق على الإنسان. وأما الحديث الذي رواه أبو داود “إن الرُقى والتمائِمَ والتِوَلة شرك”، فليس معناه التمائم التي فيها قرءان أو ذكر الله لكن الوهابية حرّفت الحديث، والتمائم التي نهى الرسول عنها هي خرَز كانت الجاهلية يُعلقونها على أعناقهم مع اعتقاد أنها بطبعها تحفظ من العين ونحوها من دون اعتقاد أنها تنفع بإذن الله ولهذا الاعتقاد سماها الرسول شركا، كما أن الرُقى التي قال الرسول إنها شرك هي رُقى الجاهلية التي كان فيها دعوة الشياطين فقد كان لكل قبيلة شيطان ينزل على رجل منهم فيتكلم على لسانه فكانوا يعبدونه، وليس المراد بها الرُقى الشرعية التي فعلها الرسول وعلّمها أصحابه. فانظروا أيها المسلمون كيف تحرّف الوهابية الكَلِم عن مواضعه. وأخيرا نذكر ما قاله سلف الوهابية ابن تيمية وتلميذه ابن قيِّم الجوزية في هذه المسئلة وليس لأنهما من أهل السنة الذين يُرجَع إليهم في معرفة أمور الدين، بل ليكون كلامهما حجة في هذه المسئلة على الفرق الوهابية أدعياء السلفية الذين يُشنِّعون على المسلم الذي يُعلِّق الحِرز الذي كُتِب فيه ءايات من القرءان أو ذكر الله على عنقه ويُبدِّعونه بل ويُكفِّرونه، قال ابن تيمية في كتابه المسمى الكَلِم الطيّب: فصل فيما يقوله من يفزع ويقلق في منامه ما نصه: وعن عَمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله كان يُعلِّمهم من الفزع كلمات “أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه …” قال: وكان ابن عَمرو يُعلِّمهن مَن عَقِل مِن بَنيه، ومَن لم يَعْقِل كتبه وعلّقه عليه، أخرجه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن. وأثبت ابن القَيِّم تلميذ ابن تيمية جواز تعليق الحِرز وذلك في كتابه زاد المعاد في هدى خير العباد في الجزء الأول حيث يقول ابن القيِّم في باب ذكر الأغذية والأدوية: وقد سئل أي أحمد عن التمائم تُعلّق بعد نزول البلاء، قال: أرجو أن لا يكون به بأس. وهؤلاء الوهابية الذين يُكفِّرون مَن يُعلِّق الحِرْز على عنقه لم يأخذوا بكلام شيخهم ابن تيمية الذي أجاز ذلك واستحسنه. وكلام ابن تيمية هذا فيه استحسان الكفر والشرك عندكم وقائل هذا زعيمكم الذي أخذتم منه أكثر عقائدكم، فماذا تقولون كَفر لهذا أم لم يكفر، فإن قلتم كفر لهذا وأنتم تسمونه شيخ الإسلام فهذا تناقض تُكفّرونه وتسمونه شيخ الإسلام وإن قلتم لم يكفر نقضتم بذلك عقيدتكم، وإن لم تُكفّرونه جِهارا فإنكم معتقدون أن قوله هذا شرك فلماذا لا تتبرءون منه إن كنتم على ما كنتم عليه. والآن وقد وضح لكم الأمر لكنكم لا تزالون تخالفونه فيما وافق فيه الحق وتتبعونه فيما ضل وزاغ فيه. عجبا من هؤلاء الوهابية كيف يُكفِّرون المسلم الذي يُعلِّق الحِرْز الذي ليس فيه إلا شىء من القرءان على عُنقه وماذا يقولون عن الذي يحمل المصحف بيده هل يُكفِّرونه أيضا؟ ما الفرق بين من يحمل المصحف بيده وبين مَن يُعلِّق الحِرز الذي فيه ءايات من القرءان على عُنقه، فإن قالوا لأنه يحمله ويعتقد في قلبه اعتقادا كفريا فنقول لهم من أين عرفتم أنه يحمل عقيدة كفرية فهل شققتم عن قلبه؟ هذا فقط من سوء الظن بالمسلمين، حسبنا الله ونعم الوكيل.
