ما هو سبب نزول المعوذتين؟

ذَكَرَ أهْلُ التَّفسيرِ في نزولِ المعوذتينِ أنَّ غُلامًا مِنَ اليهودِ كانَ يخدُمُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ. فَلَمْ يَزَلْ بِهِ اليهودُ حتى أَخَذَ مُشَاطةَ رأسِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهِ عليهِ وسلَّمَ، وعِدَّةَ أسنانٍ مِنْ مُشْطِهِ، فأعطاها اليهودَ فسَحَرُوهُ فيها، وكانَ الذي تولَّى ذَلِكَ رجلٌ منهُم يُقالُ لَهُ (لبيدُ بنُ أعصمَ اليهوديُ) ثُمَّ دَسَّها في بئرٍ لِبَنِي زُرَيْقٍ، يُقالُ لها بئرُ ذِروانَ، فبينما هو ذاتَ يومٍ نائمٌ أتاهُ مَلَكَانِ فَقَعَدَ أحدُهُما عِندَ رأسهِ والآخرُ عِندَ رجليهِ، فقالَ أحدُهما للآخرِ: ما بَالُ الرَّجُلِ؟ قالَ: طُبَّ، قالَ: وما طُبَّ؟ قال: سُحِرَ، قالَ: وَمَنْ سَحَرَهُ؟ قالَ: لبيدُ بنُ الأعصَمِ اليهوديُ، قالَ: وَبِمَ طَبَّهُ؟ قالَ: بمُشْطٍ ومُشاطَةٍ، قالَ: وأينَ هو؟ قالَ: في جُفِّ طَلْعَةٍ تحتَ راعوفةٍ في بئرِ ذِروانَ، والجُفُّ قِشرُ الطَّلْعِ- والرَّاعوفَةُ صَخْرَةٌ تُتْرَكُ في أَسْفَلِ البِئرِ إذَا حُفِرَتْ فإذا أرادوا تَنْقِيَةَ البِئرِ جَلَسَ المـُنَقِّيْ عليْها- فَانْتَبَهَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ: “يا عائشةُ أمَا شَعَرْتِ أنَّ اللهَ أخبَرَني بِدَائي”. ثُمَّ بَعَثَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عَلِيًّا والزُّبَيرَ وعَمَّارَ بنَ ياسِرَ، فنَزَحوا مَاءَ تِلكَ البِئرِ، ثُمَّ رَفَعُوا الصَّخْرَةَ وأخْرَجوا الجُفَّ، وإذَا فِيهِ مُشَاطَةُ رأْسِهِ وأسْنَانُ مُشْطِهِ، وإذَا فِيهِ وَتَرٌ مَعْقُودٌ فِيهِ إحدى عَشْرَةَ عُقْدَةً مَغْرُوزةٌ بالإبْرَةِ، فَأنْزَلَ اللهُ تعالى المعوذتَينِ، فَجَعَلَ كُلَّمَا قَرَأَ آيةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، ووَجَدَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ خِفَّةً حينَ انْحَلَّتِ العُقْدَةُ الأخيرَةُ، وَجَعَلَ جبريلُ عليهِ السَّلامُ يَقولُ: بِسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَىْءٍ يُؤْذِيكَ، وَمِنْ حَاسِدٍ وَعَيْنٍ وَاللهُ يَشْفِيكَ. وهَذِهِ الرُّقْيَةُ مَعْروفَةٌ بِرُقْيَةِ جِبريلَ.