بعض الزلازل التي حصلت في التاريخ، ونسألُ الله تعالى أن يعافيَنا ويرحمنا

بعض الزلازل التي حصلت في التاريخ، ونسألُ الله تعالى أن يعافيَنا ويرحمنا، ونحمَدُه تعالى أن فضَّلنا على كثيرٍ من خلقِه تفضيلا.

فقد روي أنهُ زلزلتِ الأرض على عهد سيدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه سنة عشرين للهجرة، ودامت الزلازل في سنة أربع وتسعين أربعين يومًا، فوقعت الأبنية الشاهقة، وتهدمت أنطاكية.

وفي سنة مائتين وخمس وعشرين رجفتِ الأهوازُ، وتصدَّعتْ الجبالُ، وهربَ أهلُ البلدِ إلى البحرِ والسفنِ ودامت ستة عشر يومًا.

وفي السنة التي تليها مطر أهل بعض البلدات مطرًا وبَرْدًا كالبيض، فقتل بها ثلاثمائة وسبعين إنسانًا، وسمع في ذلك صوت يقول: إرحم عبادَك، واعف عن عبادِك، ونظروا إلى أثر قدم طولها ذراع بلا أصابع، وعرضها شبر، ومن الخطوة إلى الخطوة خمسة أذرع أو ست، فاتبعوا الصوت فجعلوا يسمعون صوتًا ولا يرون شخصًا!.

وفي سنةِ مائتين وثلاث وثلاثين رجفت دمشقُ رجفةً حتَى انقضّتْ منهَا البيوتُ وسقطتْ علَى من فيهَا، فماتَ خلقٌ كثيرٌ، وانكفأتْ قريةٌ فِي الغوطةِ علَى أهلِهَا، فلَمْ ينجُ منهمْ إلا رجل واحد. وزلزلتْ أنطاكيةُ فماتَ منهَا عشرونَ ألفًا.

وفِي السنةِ التي تلتهَا هبتْ ريحٌ شديدةٌ لم يعهدْ مثلُهَا فتواصلتْ خمسين يوما ونيفًا، وشملت بغداد والبصرة والكوفة وواسط وعبادان والأهواز، ثم ذهبت إلى همذان، فأحرقت الزرع، ثم ذهبت إلى الموصل، فمنعت الناس من السعي، فتعطلت الأسواق، وزلزلت هراة فوقعت البيوت وتهدَّمت.

وفي سنةِ مائتين وأربعين خرجت ريح من بلاد الترك، فمرت بمرو فقتلت خلقًا كثيرًا بالزكام، ثم صارت إلى نيسابور، وإلى الرّي، ثم إلى همذان وحَلوان، ثم إلى العراق، فأصاب أهل بغداد وسُرَّ من رأى حمّى وسعال وزكام، وسرّ من رأى هي سامراء. وجاءت كتبٌ من المغرب أن ثلاث عشرة قرية من قرى القيروان خسف بها، فلم ينجُ من أهلها إلا اثنان وأربعون رجلا اسودَّت وجوههم فأتوا القيروان فأخرجهم أهلها، وقالوا: أنتم مسخوط عليكم، فبنى لهم العامل حظيرة خارج المدينة فنزلوها.

وفي سنة إحدى وأربعين ماجت النجوم في السماء، وجعلت تتطاير شرقًا وغربًا كالجراد، من قبل غروب الشمس إلى الفجر، ولم يكن مثل هذا إلا عند ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلّم.

وفي السّنة التي تلتها رُجمت قرية يقال لها السُّويدا ناحية مصر بخمسة أحجار، فوقع حجر منها على خيمة أعرابي فاحترقت، ووُزِنَ منها حجر فكان فيه عشرة أرطال، وزلزلت الرّي وجُرجان وطبرستان ونيسابور وأصبهان وقُم وقاشان كلّها في وقت واحد، وزلزلت الدّامغان فهلك من أهلها خمسة وعشرون ألفًا، وتقطعت جبال، ودنا بعضها من بعض، وسُمع للسماء والأرض أصوات عالية، وسار جبل باليمن، عليه مزارع، حتى أتى مزارع قوم ءاخرين، ووقع طائر أبيض فوق حجم الغراب على دلبة بحلب، لسبع مضين من رمضان فصاح: يا معشر الناس، اتقوا الله، الله، الله، حتى صاح أربعين صوتًا ثم طار، وجاء من الغد فصاح أربعين صوتًا ثم طار، فكتب صاحب البريد بذلك، وأشهد خمسمائة إنسان سمعوه، ومات رجل في بعض كوَر الأهواز فسقط طائرٌ أبيضُ علَى جنازتِهِ، فصاحَ بالفارسيةِ: إنّ الله قد غفر لهذا الميت ولمن شهده.