الشيخ عمر دية حفظه الله في بيان أحكام الطهارة والصلاة على المذهب المالكي
الدرس الثاني:
الشيخ عمر دية الحسني حفظه الله في بيان أحكام الطهارة والصلاة على المذهب المالكي. في مركز كوبنهاغن
بيان أحكام الوضوء على المذهب المالكي
قال المؤلف رحمه الله: “فصل، فرائض الوضوء أي أركانه التي لا يصح الوضوء مع ترك واحد منها سبعة” هنا في هذا الفصل يبين المؤلف رحمه الله أحكام الوضوء التي لابد منها لصحة الوضوء، الأعمال التي يتألف منها الوضوء و هذه الأعمال السبعة التي سيأتي على بيانها لا يصح الوضوء مع ترك أي واحد منها فمن ترك فرضا من هذه الفرائض لا يصح وضوءه.
“الأول النية و هي في العبادات القصد فينوي بقلبه أداء فرض الوضوء ” يعني الركن الأول من أركان الوضوء هو النية و النية محلها القلب فهي عمل قلبي و المراد هنا أن يستحضر مريد الوضوء في قلبه أحد هذه النيات المجزئة التي سيأتي على بيانها و ذكر المثال الأول فقال:” فينوي بقلبه أداء فرض الوضوء” هنا أداء فرض الوضوء أو الوضوء أو نحو ذلك مراده بالفرض هنا أي ما لا تصح العبادة أو ما لا يصح العمل بدونه فيدخل في ذلك وضوء الصبي مع أن الصبي في الأصل لا يجب عليه شيء، الصبي الذي هو دون البلوغ عندما يتوضأ و يصلي تكتب له هذه الطاعات، تكتب له هذه الحسنات لكن هو لا يجب عليه شيء، فهل ينوي فرض الوضوء و أنه يأدي فرض الوضوء؟ نعم، لأنه هنا ليس المراد بالفرض الواجب لذاته لنفسه فقط، انما المراد بالفرض هنا ما يتوقف عليه صحة العمل الذي هو الصلاة، فحتى الذي هو دون البلوغ اذا أراد أن يصلي لو هي الصلاة ليست واجبة عليه و الوضوء ليس واجبا عليه، اذا اراد أن يصلي ليس له أن يأتي بهيأة الصلاة من غير طهارة من غير وضوء فلذلك بالنسبة إليه حتى و ان كان دون البلوغ لأنه لابد له أن يوضأ لتصح صلاته، جاز له و صح منه أن ينوي أداء فرض الوضوء لان هذا الوضوء هو لابد منه لصحة الصلاة منه و يدخل في ذلك ايضا الوضوء للتجديد و نحو ذلك.
04:16
فاذًا قال:” فينوي بقلبه أداء فرض الوضوء أو رفع حكم الحدث” هنا مراد المؤلف بحكم الحدث لأن كما سيأتي في نواقض الوضوء أو موجبات الوضوء، عند المالكية يقسمون نواقض الوضوء الى ثلاثة أقسام: أحداث جمع حدث، و أسباب جمع سبب، و ما بين ما يؤول إلى الحدث ، القسم الثالث ما يؤول الى الحدث، فهنا عندما قال “أو رفع حكم الحدث” ليس مراده هذا النوع من نواقض الوضوء انما معنى ومراده بالحدث هنا ولذلك قال رفع حكم الحدث، ذكر حكم الحدث قبل ذلك، ما عبّر فقط عن رفع الحدث وإن كان يصح لأن المراد منه رفع حكم الحدث و هي الصفة المقدرة التي تكون في الشخص التي تمنع من صحة الصلاة، الصفة القائمة بأعضاء وضوء الشخص التي تمنع من صحة صلاته، هذا يسمى الحدث أيضا، فالمراد هنا الصفة المقدر قيامها بأعضاء الوضوء التي تمنع من صحة الصلاة و من الطواف ومس المصحف و الى غير ذلك…
فاذًا من أراد الوضوء إما أن ينوي مثلا أداء فرض الوضوء أو أن ينوي رفع الحدث الأصغر أو مثال آخر للنية المجزئة و لم يذكرها الشارح هنا رحمه الله، و هي نية استباحة ما يفتقر، ما يحتاج حتى يصير جائزا حتى يكون جائزا يحتاج إلى وضوء مثل الصلاة مثل الطواف مثل مس المصحف، فهذه نية مجزئة فيجوز ايضا للشخص أن ينوي استباحة اي طلب جواز فعل ما ما هو مفتقر إلى وضوء كالأمثلة التي ذكرناها. وإذا استباح شيئا إذا كان في نيته نوى استباحة فرض الصلاة مثلا أداء الصلاة أو استباحة مس المصحف، هنا استباح الذي طلب استباحته و جاز له ايضا الأمور الاخرى التي ايضا تفتقر الى وضوء، فلو واحد في النية للوضوء قال نويت استباحة فرض الصلاة، استحضر هذا في باله، هو يريد أن يصلي و عند غسله لوجهه مثلا استحضر أنه يفعل ما يجيز وما يبيح له الصلاة ثم ذلك بدا له أن يمس المصحف او بدا له ان يطوف بالكعبة، هنا أيضا يجوز له ذلك فلا يتوقف على وضوء آخر ينوي استباحة هذا الشيء الاخر لهذه العبادة الاخرى. أما من نوى استباحة شيء لا يفتقر الى وضوء، من نوى استباحة شيء لو كان يسن له الوضوء مثل حضور مجالس العلم مثل قراءة القرآن، القراءة من غير مس اما المس فلا يجوز من غير طهارة، مثلا أراد النوم و نحو ذلك… ، يسن للشخص أن يتطهر أن يتوضأ، فلو نوى هو استباحة هذا الشيء الذي هو لا يفتقر للوضوء وإنما يستحب له الوضوء، هذا العمل الذي عمله لا يبيح له ، لا يجيز له الصلاة أو مس للمصحف او الطواف، هذا العمل وإن كان يثاب عليه، يثاب على هذا العمل، انه هو فالأصل يفعل هذا لأجل النوم و يسن الطهارة للنوم يؤجر على ذلك لكن هل يجوز له أن يصلي بهذا؟ لا. هل يجوز له أن يمس المصحف؟ لا. لابد أن يتوضأ وضوءا آخر بنية مجزأة لذلك.
09:20
قال المؤلف رحمه الله: ” فينوي بقلبه أداء فرض الوضوء أو رفع حكم الحدث مع أول غسل الوجه ” هنا قوله مع أول غسل الوجه يعني إن بدأ به كما هو السنة، يعني إن بدأ بغسل الوجه فلابد أن تكون النية مع أول غسل الوجه حتى يُحسب هذا الغسل. هنا ذكر و بيان انه على اعتبار أنه بدأ بغسل الوجه لأنه كما سيأتي عند المالكية ليس من أركان الوضوء الترتيب في الأفعال فلو بدأ بغير غسل الوجه يصح ذلك لكن إن بدأ بغير غسل الوجه لابد أن تكون النية مع ذلك الفرض التي يغسله، فلو بدأ بغسل يديه مثلا أو بغسل الرجلين مثلا لابد أن يكون مستحضرا للنية عند أول العمل لكن هنا قوله و ذكره مع أول غسل الوجه يعني على اعتبار أنه بدأ بغسل الوجه كما هو السنة و إلا ان نكّس ان خالف الترتيب فلا بد من استحضار النية مع أول مغسول، نع أول فرض يعمله من فرائض الوضوء.
10:55
“فإن تقدمت بقليل فقولان” يعني إن تقدمت النية على أول فرض يعمله بقليل بوقت قصير، و الوقت القصير مثال ذلك كأن كان الشخص في مدينة صغيرة فعند خروجه من البيت الى المسجد، الى الميضأة في المسجد أو نحو ذلك الى الحمام مكان الاغتسال في القرية او في المدينة، عند خروجه من بيته استحضر أو نوى الوضوء أو نوى الغسل ثم انقطعت نيه ما عاد استحضر ذلك إلى أن بدأ بالعمل بالوضوء أو بدأ بالغسل من غير أن يعيد استحضار النية، هل هذه النية مجزئة التي نواها عند خروجه من البيت؟ فيها قولان مشهوران، لذلك قال ” فقولان” يعني قول بالصحة، الإجزاء و قول آخر أنه لا يصح بل لابد من تجديد هذه النية. قال: “أحدهما الصحة” أحد القولين هو أن نيته كافية مجزئة يصح بها وضوءه وغسله. اما إن تقدمت النية على أول فرض بكثير بوقت أكثر من ذلك فهنا لا يصح عند المالكية و كذلك إن تأخرت النية عن ذلك يعني كأن عمل أعمال الوضوء ثم بدا له قال أنا كنت أريد أن أتوضأ نويت الوضوء، نويت بذلك الفعل الوضوء، هذا معنى تأخر، هذا أيضا لا يصح، لابد أن تكون النية عند أول فرض أو متقدمة عنه بقليل.
13:10
قال المؤلف رحمه الله: “و الفرض الثاني غسل الوجه جميعه لا مسحه” فالركن الثاني من أركان الوضوء هو غسل الوجه، فلابد من غسل جميع الوجه و سيأتي حده. قال ” لا مسحه ” يعني لا يكفي أن يمسح الوجه، فلا يكفي أن يبل الشخص يده مثلا ثم بعد ذلك يمسح وجهه مسحا، هذا لا يصح، لابد من الغسل، لا بد من سيلان الماء، من جريان الماء بطبعه.
قال في الهامش: “و كذا اليدان والقدمان” يعني كذلك كما سيأتي، اليدان و القدمان لابد فيهما من الغسل ولا يكفي فيهما المسح. “من أول منابت شعر الرأس عادة الى الذقن” هنا يبين حد الوجه الذي يجب غسله في الوضوء، فقال:”من أول منابت شعر الرأس عادة” يعني عند غالب الناس عند المنبت المعتاد، حده طولا من منابت شعر الرأس غالبا الى الذقن و كلامنا منبت الشعر عند غالب الناس على حسب العادة، لما من كان عنده الغمم، الشعر الذي ينبت على الجبهة، هذا لا يقول هذا متصل بشعر الرأس إذا لا يغسله، لا، هذا نبت في حد الوجه فلابد من غسله، كذلك من انحسر شعره الى الخلف، لا يقول انا منبت شعري تأخر، صار الى جهة خلف أكثر فيغسل من نصف الرأس، لا، انهما الذي يجب غسله من منابت شعر الرأس عند غالب الناس.”الى الذقن” يعني هذا بالنسبة الى من ليس له لحية فحده اخر حد الوجه إليه هو الذقن.
قال في الهامش: “فإن كانت له لحية فإلى آخر لحيته ولو طالت” إن كان الشخص له لحية فيجب عليه في غسل الوجه أن يغسل إلى آخر لحيته، إلى آخر ظاهر لحيته ما يلي الوجه. فلا يشترط أن يوصل الماء الى ما يلي الصدر من لحيته، أن يدخل الماء الى جهة خلف، انما الظاهر، هذا معنى إلى آخر ظاهر لحيته، ماهو ظاهر أي ما يواجه به، تحصل به المواجهة، اللحية تغسل و غسلها هو بمر اليد عليها مع الماء و تحريكها، ليس كلامنا ايصال الماء الى الجلد. فإذا قوله الى الذقن هذا في من ليس له لحية و أما من له لحية فكما ذكر في الهامش، فإلى منتهى ظاهر لحيته و لابد بغسل ظاهرها وذلك بإمرار اليد عليها الماء مع تحريك اللحية و لابد أيضا في الوجه من غسل ظاهر الشفتين وهو ما يظهر من شفتيه عند إطباقهما إطباقا طبيعيا، يعني ليس الشديد الذي يخفي جزءا كبيرا من الشفة أو زائدا عن شفته فقط، إنما الإطباق الطبيعي ما يظهر من الشفتين مع إطباق الفم اطباقا معتادا طبيعيا، هذا ايضا لابد من غسله في الوضوء.
17:40
قال:” و من الأذن الى الأذن” هذا حد الوجه عرضا من للاذن يعني من وتد الاذن، هنا فيه تقدير كلمة الوتد، من الأذن الى الأذن يعني من وتد الأذن الى وتِد الأذن، هذا حد الوجه عرضا فهذا لابد من غسله في الوضوء، أما الوتِدان فلا يجب غسلهما و لا يجب غسل شعر الصدغين الذي هو فوق العِذَرْ (السوالف نسميها) هذا لا يجب غسله عند المالكية. و كذلك البياض الذي بينه و بين الأذن، بين الصدغ و بين الأذن، فوق الأذن، هذا أيضا لا يجب غسله. أما البياض الذي بين الصدغ و بين الوتد من جهة الوجه هذا يجب غسله، هذا من الوجه.
19:00
قال المؤلف رحمه الله: ” و لابد فيه من الدّلك” يعني لابد في غسل الوجه من الدّلك كما سيأتي الذي هو من أركان الوضوء “وكذا اليدين و الرجلين” يعني كذلك لابد من دلك اليدين في الوضوء و دلك الرجلين. “و يجب إمرار اليد على اللحية” على المعنى الذي ذكرناه في غسل الوجه عندما يغسل وجهه يُجري الماء على وجهه، يصب الماء على وجهه، يدير الماء على وجهه بيده ثم في أثناء غسله ينزل فيغسل ظاهر لحيته فيحرك لحيته، يعني يغسل لحيته لكن ليس كلامنا إيصال الماء الى داخل اللحية الى الجلد، “و تخليلها إن كانت خفيفة”، قال في الهامش: “و شعور الوجه كلها حكمها واحد حتى الأهداب” الرموش، الشعر الذي ينبت على الجفن، “إن كانت كثيفة لم يجب”، هذا في شعور الوجه كلها، اللحية الشارب العنفقة العذار الأهداب الحاجب شعر الخد، شعور يعني جمع شعر، الشعر الذي هو في الوجه هذا إما أن يكون كثيفا و اما أن يكون خفيفا. الشعر الكثيف هو الذي لا ترى البشرة من خلاله في مجلس التخاطب، أما من كان البشرة ترى من خلاله فهذا شعر خفيف. فقال”إن كانت كثيفة لم يجب إيصال الماء إلى البشرة” إن كان الشعر كثيفا لا يُرى الجلد من خلاله في مجلس التخاطب لا يجب إيصال الماء الى الجلد تحت الشعر بل يكفي غسل الظاهر فلا يجب إيصال الماء إلى الجلد وهو الذي يسمى عند المالكية بالتخليل، يعبرون عنه بالتخليل، عند المالكية مرادهم بالتخليل مثل هذا، ايصال الماء الى الجلد تحت أو خلال شعر اللحية مثلا أو الشارب أو نحو ذلك، “و إن كان خفيفة وجب” يعني وجب إيصال الماء إلى الجلد في الشعر الخفيف، “و هذا مرادهم بقولهم عندئذ يجب التخليل”.
22:40
قال المؤلف رحمه الله: “و الثالث غسل اليدين من أطراف الأصابع إلى المرفقين أي معهما و تخليل أصابعهما على المشهور” معناه الركن الثالث من أركان الوضوء غسل اليدين مع المرفقين. قال: “من أطراف الأصابع إلى المرفقين” لأنه من السنة أن يبدأ الشخص بغسل اليدين من رؤوس الأصابع و ينتهي بالمرفق، ليس شرطا لصحة الوضوء لكن هذا سنة. كما سيأتي في سنن الوضوء أن يبدأ بمقدم العضو، فأن يبدأ في الوجه من منابت شعر الرأس غالبا، في مسح الرأس أن يبدأ من منابت شعر الرأس غالبا، في غسل اليدين أن يبدأ من رؤوس الأصابع …، فهنا قوله من أطراف الأصابع إلى المرفقين ليس لأنه شرط أن يبدأ من رؤوس الأصابع لكنه سنة، هذا هو المندوب المستحب، إلى المرفقين أي معهما، فلابد من غسل المرفقين في غسل اليدين في الوضوء. “و تخليل أصابعهما على المشهور” يعني يجب تخليل أصابع اليدين على المشهور عند المالكية، واجب لصحة الوضوء، هذا من غسل اليدين. قال في الهامش :”من الظاهر” التخليل هو أن يدخل أصابع يده اليمنى مثلا بين أصابع يده اليسرى لكن من الظاهر، فعند المالكية عندما يخلل في الوضوء عند كثير من المالكية في الوضوء عندما يغسل يديه لابد من تخليل الأصابع بأن يدخل أصابعه من الظاهر، وجوب التخليل شيء و كونه من الظاهر ليس واجبا لكنه حتى لا يقع في الكراهة عند كثير من المالكية. الواجب هو تخليل الأصابع بأن يدخل أصابعه بين أصابعه، أصابع يده اليمنى بين أصابع يده اليسرى، هذا واجب عند المالكية لكن كونه من الظاهر هذا مستحب، هذا سنة حتى لا يقع الشخص في الكراهة لأن الإمام مالك رضي الله عنه و أرضاه كره التشبيك يعني أن يدخل الشخص أصابعه من الباطن، كره التشبيك في الصلاة. عندما سُئل عن تشبيك اليدين في الصلاة كرهها، فبعض المالكية حملوا الكراهة هناك على الطهارة أيضا، فقالوا أيضا في الوضوء يكره التشبيك في أثناء الوضوء أو في عمل الوضوء، و بعض المالكية قالوا لا، ذاك التشبيك في الصلاة لم يرد في الوضوء، لابأس به في الوضوء، لكن كثير من المالكية قالوا في الوضوء أيضا تدخل الكراهة بالتشبيك، فلذلك ذكر في الهامش قال” من الظاهر”.
26:45
قال المؤلف رحمه الله: “و الرابع مسح الرأس جميعه مرة واحدة مع ما طال من الشعر” الركن الرابع من أركان الوضوء هو مسح الرأس، مسح ما على الجمجمة سواء كان من جلد أو شعر إن كان عنده شعر، أن يمسح جميع رأسه، و حد الرأس كما هو معلوم من منابت الشعر إلى نقرة القفى، أن يمسح عظم الجمجمة، هذا ركن من أركان الوضوء عند المالكية فإن كان عنده شعر يمسح على شعره و لو طال، فلو كان الشخص له شعر طويل يمسح جميع شعره و إن طال شعره يعمم شعره بالمسح ولا يكتفي بمسح ما على حد الرأس، حتى ما طال من شعره لابد من مسحه.
المالكية بعضهم نص على وجوب، كما في مختصر خليل و في شروح الرسالة و شروح مختصر خليل، أنه يجب على الشخص إذا أراد أن يتوضأ في أثناء وضوئه إذا كان الشعر طويلا قالوا يجب عليه أن يدخل يديه تحت الشعر، يمسح الظاهر ثم بعد مسحه الظاهر يجب عليه أن يدخل يديه تحت الشعر حتى يحصل التعميم، حتى يكون أدى مسح جميع الرأس. لا يشترط التخليل إنما مسح الظاهر، ما يظهر من جهة فوق و ايضا يدخل يديه فيمسح ما كان من جهة تحت اذا كان شعره طويل، بعض النساء مثلا تمسح ما كان من جهة فوق و ما كان من جهة الرقبة أيضا. مسح الشعر من جهة الرقبة، مسح الرقبة مكروه. فيدخل يديه تحت الشعر، لكن هنا نذكر أمر، أحيانا بعض النساء تربط شعرها بنحو خيط أو خيطين، عند المالكية في هذه الحال لا يجب عليها أن تفك الخيط، هذه الربطة التي ربطت بها، إنما تمسح ماهو مربوط، تمسح ما استرسل أيضا منه من غير فك، لا يحتاج الى فك اما ان كان اكثر من ذلك فيحتاج إلى فك لأجل مسح الرأس، هذا بالنسبة لما قالوا بنحو خيط أو خيطين، لا يشترط فكه، لا يشترط حلّه، هذا الخيط يستر جزء من الشعر، لذلك الكلام في هذا، لأن الخيط حول الشعر يستر شيئا من الشعر، إن كان يستر كخيط أو خيطين، هذا شيء قليل لا يؤثر أما لو كان أكثر من ذلك مثل بعض الربطات التي تستعمل هذه الأيام عريضة، هذا عند المالكية ستر كثيرا فلابد من حله حتى يعم بالمسح جميع الشعر.
31:40
قال المؤلف رحمه الله: “و الخامس غسل الرجلين مع الكعبين وهما العظمان الناتئان في أسفل الساق” يعني الركن الخامس من أركان الوضوء هو غسل الرجلين مع الكعبين، من رؤوس الأصابع، مع العقد، وما كان من جهة فوق و ما كان من جهة الأرض ما يدوس عليه شعرا و بشرا مع الكعبين، وهما العظمان الناتئان أسفل الساق عند المفصل.
32:30
قال المؤلف رحمه الله: “أو مسح الخفّ إذا كملت شروطه” يعني في الوضوء إما أن يغسل الشخص قدميه و إما أن يمسح على الخف إن كان إجتمع فيه شروط جواز المسح بأن يكون الخف طاهرا ساترا لمحل غسل الفرض من القدمين، أن يكون من جلد أو مجلدا، هو مصنوع من الجلد مخروز يكون أيضا، أو مجلد أي لو كان معمولا من غير الجلد لكن فوقه الجلد من جهة فوق و من جهة تحت هذا يسمى مجلدا، كالجورب المجلد، إذا واحد عنده جورب، جلّد الجزء الأعلى الذي يلي السماء و الجزء الأسفل الذي يلي الأرض جلّده يعني جعل عليه الجلد و كان مخروزا خرزا، خرج بذلك الجلد الذي يلصق لصقا هذا لا يمسح عليه عند المالكية ككثير من الأحذية في هذا الزمن تعمل باللاصق، هذا لا يمسح عليه عند المالكية، لابد أن يكون مخروزا حتى يصح المسح عليه، يعدى خفا. يمكن تتابع المشي عليه لأجل حاجات الشخص لذوي المروءات ليس واسعا جدا بحيث لا تستقر القدم فيه، و أن يكون لبسهما بعد كمال طهارة مائية، يعني لابد لبس الخف بعد أن أتم طهاراة مائية يعني وضوءا كاملا، أنهى الوضوء ثم بعد ذلك لبسه، أما من تيمم طهارة ترابية و لبس الخف ثم صار يستطيع أن يتوضأ، هذا لا يتوضأ و يمسح على الخف، لابد من مسح قدميه، لأنه عندما لبس الخف لبسه على طهارة ترابية. و أن لا يكون مترفها بلبس الخف، أما من كان لبس الخف لترفه مثال ذلك من لبسه من أجل أن لا يتعب نفسه بغسل القدمين، اذا واحد عند المالكية إن كان لبس الخف حتى لا يتكلف غسل رجليه بعد ذلك لا يجوز له المسح على الخف إنما يكون لغير ترفه، كأن كان لبسه لأنه سنة، إستنانا، يعني لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لبسه، حتى يقتدي برسول الله أن الرسول لبسه في بعض أحواله أو نحو ذلك. و أن لا يكون عاصيا بلبس هذا الخف، أما إن كان عاصيا بلبس الخف لا يجوز له المسح عليه، مثل كإن كان محرما و ليس له عذر للبس الخف، لا يجوز للرجل المحرم أن يلبس الخف، فلو لبسه لا يجوز له أن يمسح عليه.
في الهامش مكتوب: “و هو جائز للرجال و النساء في الحضر و السفر و لا يبطله إلا الخلع وما يوجب الغسل” يعني المسح على الخفين جائز للرجال و للنساء، في الحضر و السفر يعني سواء كان الشخص في أثناء سفر أو كان في حضر يجوز له أن يمسح على الخف فليس خاصا بالسفر حتى وإن كان في الحرّ وهو عند المالكية ليس مقدرا بوقت معين بحيث إذا مضى هذا الوقت بطل المسح عليه، بل وقت مفتوح بمعنى ليس له حد ينتهي إليه جواز المسح، قد يلبسه عدة ايام يجوز له عندهم المسح عليه، حتى لو زاد و كثرت المدة، طالت المدة، ليس مقدرا ليس موقتا بمدة معينة على المشهور ولكن يندب نزعه يوم الجمعة لأجل غسل الجمعة، لأجل الاغتسال وإلا إن لم يفعل، إن لم ينزعه يوم الجمعة فيندب في الأسبوع مرة في مثل اليوم الذي لبسه فيه. “لا يبطله إلا الخلع” يعني من مبطلات المسح على الخفين أن يخلع الخف، فمن خلع الخف لا يكفي أن يعيد لبسه ثم يتوضأ و يمسح عليه، كلامنا لبسه على غير طهارة، أعاد لبسه على غير طهارة، “فيبطل المسح بالخلع و ما يوجب أيضا الغسل” يعني ان كان شخص لبس الخف ثم حصل منه شيء يوجب عليه الإغتسال هنا أيضا بطل المسح على الخف، لو لم يغتسل بعد، يعني لو كان هو مثلا وجب عليه الغسل ثم أراد النوم قبل أن يغتسل، عندهم لا يصح أن يمسح عليه للوضوء لأجل النوم بل لابد من خلعه و غسل القدمين في الوضوء حتى و إن لم يغتسل بعد، و إن لم يغتسل بالفعل.
و مما لم يذكره هنا، لم يذكره المُحشي أيضا ، أنه مما يبطل المسح على الخف حدوث الخرق الكثير قدر ثلث القدم فأكثر، أن يتخرق، يتمزق الخف قدر ثلث القدم فأكثر هذا أيضا يبطل المسح عليه. لو أعاد لصقه، لو إلتصق الجلد بعضه ببعض لا يمسح عليه بل لابد من خلعه، اما ان كان أقل من الثلث، من ثلث القدم، و التصق بعضه ببعض فهذا يجوز المسح عليه، لكن الذي يبطل المسح عليه بحيث لا يجوز المسح على الخف بعد ذلك إذا تمزق و حصل فيه تخرق وكان هذا التخرق كثيرا، و قدّر الكثير هنا بقدر ثلث القدم فأكثر، و كلامنا و لو التصق اما ان لم يلتصق فواضح أنه لا يمسح عليه، لكن حتى لو التصق لأنه قدر الثلث فأكثر ، أما إن كان أقل من الثلث فإن التصق يجوز المسح و يصح المسح عليه، اما ان كان قليلا جدا بحيث لا يصل بلل المسح الى القدم و لم يلتصق فهذا قالوا يجزئ.
41:00
قال المؤلف رحمه الله: “و السادس الفور” الفور معناه الموالاة، هذا المراد بالفور، و التعبير بالموالاة أولى وهو أن يفعل الوضوء في زمن متصل من غير تفريق كثير أما التفريق اليسير فهذا مغتفر لا يؤثر، لا يضر. “والسادس الفور مع الذّكر والقدرة” يعني تجب الموالاة في الوضوء مع الذكر و القدرة، أما لو فرق ناسيا أو فرق عاجزا فهذا لا يبطل وضوءه انما يكمل وضوءه، يعني تفريقه هذا لا يبطل الوضوء، أما من فرق وضوءه تفريقا كثيرا بأن مر زمن تجف فيه الأعضاء المعتدلة في الزمان المعتدل، إن مر هذا الوقت الذي هو تجف في الأعضاء بحسب العادة و كان التفريق هذا ليس عن نسيان و لا عن عجز، العجز عن إكمال الوضوء، بأن كان عنده من ماء الوضوء ما يكفيه لوضوئه فابدأ بالوضوء، غسل وجهه ويديه ومسح رأسه ثم أخر غسل الرجلين عمدا، عنده ما يكفيه لغسل الرجلين، يستطيع أن يغسل رجليه و ليس ناسيا لغسل الرجلين، ذاكرا، و لكن مع ذلك هو أخّر، إن مر الوقت الذي هو تجف في الأعضاء المعتدلة في الزمان المعتدل، هنا حصل منه ترك الموالاة الذي هو ركن من أركان الوضوء فلا يصح وضوءه، فلا يكفيه بعد ذلك غسل الرجلين فقط بل لابد أن يبدأ وضوءه من الأول، هذا معنى مع الذكر و القدرة.
أما من حصل منه التفريق عن نسيان كإن بدأ بوضوئه فنسي عضوا ثم بعد وقت طويل تذكر أن هذا العضو لم يغسله لم يتمم وضوءه، هنا ليس عليه أن يعيد الوضوء من الأول إنما يكمل وضوئه و لكن بنية يعني باستحضار أنه يتمم وضوءه، هذا مثال عن النسيان.
“العجز”، المراد هنا العجز الحكيم، بعض المالكية هنا يعبرون بالحكيم و مرادهم الذي لا يُنسب من صدر منه ذلك الى نوع تقصير، مثال ذلك شخص جهّز من الماء ما يكفيه للوضوء ثم في أثناء وضوئه جاء شخص مثلا و أراق له الماء، سكب له الماء على الأرض، ما عاد هناك ماء يكمل وضوءه، هنا عاجز عن إكمال وضوئه، فهو يبحث عن ماء، يطلب الماء ليكمل وضوءه، هذا يسمى عجزا حكيما، عندما يجد الماء يكمل وضوءه.
أما إن كان عجز عن إتمام وضوءه بسبب نوع تقصير منه، قالوا مثال ذلك أن يعد من الماء ما يظن أنه لا يكفيه لوضوئه أو لا يدري، عنده احتمال ان يكفيه و احتمال كبير ان لا يكفيه لوضوئه فبدأ ثم في أثناء وضوئه تبين له أنه لا يكفيه، ثم بدأ يبحث عن الماء فطال الوقت، قالوا هذا يعيد من الأول، لأنه حصل التفريق بنوع تقصير منه، لو هو من الأصل جهّز من الماء ما يعلم أنه يكفيه لما وقع في مثل هذا الحال.
45:30
قال: “و السادس الفور مع الذكر و القدرة و هو الذي يقال له أيضا الموالاة فإن فرق ناسيا”، قال في الهامش “كأن نسي غسل عضو ثم عاد ليغسله فإنه يبني على ما مضى مع النية”، يعني مع استحضار النية أنه يتمم وضوءه ” أو عاجزا” قال في الهامش: “أي عجزا حكيما و أما إن نُسب اليه نوع تقصير في حصول العجز كأن شك في كفاية الماء الذي جهزه للوضوء ومع ذلك أقدم على الوضوء” يعني بدأ بالوضوء “منه” يعني من هذا الماء الذي يشك أنه يكفيه “فإن وضوءه يبطل عندئذ بترك الموالاة”، قال: “أو عاجزا بنى أو عامدا إبتدأ من جديد”، يعني أما من فرق عامدا تفريقا طويلا هذا بطل وضوءه، فسد وضوءه و لابد أن يبتدئ وضوءه من الأول (بنى يعني أكمل من حيث وصل).
47:05
قال المؤلف رحمه الله: “و السابع الدّلك و قد تقدم”، تقدم وجوب الدّلك في غسل الوجه وغسل اليدين وغسل الرجلين، و المراد بالدّلك إمرار اليد على العضو المغسول بأن كان يغسل وجهه فيمر يده على وجهه فلا يكفي أن يضع وجهه تحت مصب الماء، الماء يصب على وجهه صبا فينغسل بوقوفه تحت الماء فهذا لا يكفي، لابد من الدلك، إمرار اليد على كامل العضو و لو بعد صب الماء، يعني لو كان صب الماء على وجهه ثم بعد ذلك دلك هذا يصح، في غسل الرجلين صبّ الماء مثل أحيانا قد واحد فتح الحنفية صب الماء فجعل رجله تحت الماء، فإنغسلت رجله ثم أخرجها من تحت الماء و أمر يده على رجله، هنا حصل الدلك، ليس شرطا أن يكون مع صب الماء، لو بعد صب الماء لكن مازال موجودا على قدمه، و لكن يندب أن تكون مقترنة مع صب الماء، و المراد هنا باليد باطن الكف لأنه في الغسل المراد دلك عضو بعضو، ليس شرطا أن يكون بباطن الكف.
48:55
قال المؤلف رحمه الله: “و يسن الترتيب بين الأركان بأن يبدأ بالوجه ثم اليدين ثم الرأس ثم الرجلين على ترتيب آية الوضوء و لا يجب” يعني من سنن الوضوء أن يرتب الشخص أعمال الوضوء على حسب ما ورد في آية الوضوء وليس واجبا، فلو بدأ الشخص بغسل يديه الى المرفقين مع النية ثم غسل وجهه ثم مسح رأسه ثم غسل رجله، هذا يصح عند المالكية لكنه ترك السنة، السنة الترتيب.
و سنن الوضوء ثمانية: غسل الكفين الى الكوعين قبل ادخالهما في الاناء و المضمضة بأن يدخل الماء إلى فمه ويحرك الماء في فمه ثم يبصقه، أما لو ابتلع الماء لايكون آتيا بالسنة أو لم يحرك الماء لا يكون آتيا بالسنة، انما لابد أن يحرك الماء حتى يكون آتيا بالسنة، يضع الماء في فمه، يحركه في فمه من شدق الى شدق ثم يبصقه، هذه أيضا من سنن الوضوء، وكذلك الاستنشاق الذي هو جذب الماء سحب الماء بالنفس الى الأنف، هذا أيضا يسن، و يسنّ الإستنثار اي اخراج هذا الماء بالنفس و يضع السبابة و الإبهام عند أعلى أنفه لأنه أعون في النظافة. و أيضا من سنن الوضوء مسح الأذنين ظاهرهما و باطنهما و أن يجدد الماء لمسح الأذنين. و من سنن الوضوء أيضا رد مسح الرأس بعد أن كان عمّم بالمسحة التي هي واجبة.
انتهى.
