الشيخ عمر دية حفظه الله في بيان أحكام الطهارة والصلاة على المذهب المالكي
الدرس الرابع:
درس لفضيلة الشيخ عمر دية الحسني حفظه الله في بيان أحكام الطهارة والصلاة على المذهب المالكي4كوبنهاغن
أحكام المياه
قال المؤلف رحمه الله: “فصل، المياه خمسة” في هذا الفصل سيذكر أقسام المياه، المياه أو أحكام المياه، هناك ماء طاهر في نفسه مطهّر لغيره وهناك ماء طاهر في نفسه غير مطّهر لغيره وهناك الماء نجس، هذا من غير تفصيل وإلا فهنا سيذكر تفصيلا بعض المياه متى يكره استعمالها و متى لا يكره استعمالها فقال: “أقسام المياه خمسة: ماء طاهر بنفسه مطهّر لغيره” معناه القسم الأول من أقسام المياه هو الماء الطاهر في نفسه الذي حكمه أنه طاهر ليس نجسا عكس الطاهر النجس، والمطهّر لغيره أخرج بذلك ما لا يطهّر غيره بأن كان لا يصلح للاستعمال في رفع الحدث أو إزالة النجاسة، فهنا قوله “مطهّر لغيره” أي يرفع الحدث وحكم الخبث، هنا لابد من الفرق بين الحدث أو بين الخبث عين الخبث وبين حكم الخبث، النجاسة الخبث أي النجاسة، الموضع الذي أصابته نجاسة فإن أزيلت عين هذه النجاسة أزيل جرم هذه النجاسة حتى لو لم يبقى للنجاسة لا طعم ولا لون ولا رائحة هنا هذا الموضع ما زال حكمه أنه متنجس، هنا هذا المعنى حكم الخبث، هذا الحكم كون هذا الموضع متنجسا لا يزيله إلا الماء المطلق الطاهر المطهّر أما جرم النجاسة قد يزيله ما كان طاهرا في نفسه غير مطهّر لغيره، الماء الذي هو طاهر في نفسه غير مطهّر لغيره قد يستعمل لإزالة جرم النجاسة فلا يبقى للنجاسة أثر في هذا الموضع لكن لا يصير حكم هذا الموضع أنه طاهر لأن حكم النجاسة مازال موجودا لا يزيله إلا الماء المطلق ولم يُستعمل بعد. جرم النجاسة حجم النجاسة هذا قد يُزال بالورق، قد يُزال بالمسح مثلا، قد يُزال بماء طاهر غير مطهّر أو نحو ذلك، جرم النجاس يزول لا يبقى للنجاسة جرم، لكن حكم هذا الموضع أنه مازال متنجسا، كيف يُزال؟ يُزال بالماء المطلق. أحيانا مثلا قد يكون بعرضه على الشمس، عرض الشيء المتنجس على الشمس مثلا أو في الهواء، فلا يبقى لجرم النجاسة أثر، لا يبقى لا لون ولا طعم ولا رائحة، ليس هناك جرم للنجاسة بعد، لكن لا يصير الموضع طاهرا إلا باستعمال الماء المطلق، هذا القسم الطاهر المطهّر، فهنا عندما نقول القسم الأول هو “الطاهر في نفسه” الماء الذي هو حكمه أنه طاهر، و “مطهّر لغيره” يعني يصلح للتطهير، المراد بـ “التطهير” هنا رفع الحدث ورفع حكم الخبث، إزالة حكم الخبث عن الموضع. قال: “وهو الماء المطلق”، الماء المطلق هو ما صحّ إطلاق اسم الماء عليه بلا قيد لازم، الماء المطلق هو الذي يصحّ أن يطلق عليه اسم الماء، يقال عنه ماء، فأخرجنا بذلك غير الماء من الجمادات، والمائعات مثل السّمن أو الزيت أو نحو ذلك من السوائل، هذا ليس مطلقا ليس ماءً مطلقا لأنه لا يسمى ماءً أصلا فلا يستعمل لرفع الحدث ولا لإزالة حكم الخبث الزيت ولا يستعمل لذلك أيضا السمن ولا يستعمل لذلك أيضا العسل السائل المائع ولا يستعمل غير ذلك من السائل من المائعات، لماذا؟ لأنه لا يسمى ماءً لا يطلق عليه اسم الماء، العسل لا يقال عنه ماء، السمن لا يقال عنه ماء، الجمادات ليست ماءً فهذا خرج بقولهم في تعريف الماء المطلق: ما يطلق عليه اسم الماء، اسم الماء هذا لا بد منه بلا قيد، أي خرج بذلك أو أُريد بذلك بلا قيد لازم بأن كان مثل ماء الورد ماء الزهر، هذا يقال عنه ماء لكنه مقيد، يقال عنه ماء الورد وماء الزهر ونحو ذلك، وهذا يقال عنه قيد لازم فخرج بهذا التعريف مثل ماء الورد وماء الزهر، ودخل بقولهم: قيد لازم أو قولهم لازم، دخل في ذلك في التعريف ما كان يُقيّد بقيْد لكنه ليس لازما مثل ماء البحر، هذا يقال عنه قيد عندما تضيفه إلى البحر، ماء البحر هذا كلمة البحر لتقييد هذا الماء بأنه من البحر، ما البئر: كلمة البئر هذا قيد، ماء العين: هذا قيد، ونحو ذلك. هذه قيود لكنها ليس قيودا لازمة إنما قيود تنفك يعني قد تترك فلا تُذكر فيقال ما هذا؟، يقال: ماء. إذا سُئل ما هذا؟، يُقال: ماء. قد يكون من البحر قد يكون من المطر قد يكون من البئر ونحو ذلك هذه قيود ليست لازمة، أما ماء الورد وماء الزهر ونحو ذلك فهذه القيود لازمة فإذا بين هنا و قال “القسم الأول هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره وهو الماء المطلق” الذي يصح أن يُطلق عليه اسم الماء بلا قيد لازم. ثم قال في بيان هذا الماء المطلق “وهو الباقي على أصل خلقته”، “وهو” يعني وهو الماء أي الماء “الباقي على أصل خلقته” معناه لم يُخلط معه غيره من الطاهرات فهذا ليس ماءً مطلقًا، فلو جاء شخص بماء ووضع فيه اللبن وخلطه مثلا، اختلط الماء باللبن هذا ما عاد يسمى ماء هذا ما عاد مطلقا وإن كان من ضمنه هناك ماء لكن ما عاد يُقال عنه مطلق، لماذا؟ لأنه تغير عن أصل خلقته “فالماء المطلق هو الباقي على أصل خلقته” وهنا هذا القوله “الباقي على أصل خلقته” أيضا للتنبيه أن المالكية اختلفوا في تعريف الماء المطلق بعضهم عبّر بالباقي على أصل خلقته فاختلفوا بناءا على ذلك الماء الذي تغير بما في مقره أو ممره، هذا لم يبقى على أصل خلقته تغير لكن هذا التغير يعفى عنه لا يؤثر، هل يسمى مطلقا أو لا يسمى مطلقا من حيث التسمية؟ أما من حيث الحكم كلهم متفقون أنه طاهر مطهّر، لكن هل يسمى مطلقا أو لا، فهنا يجدر التنبيه إلى ذكر هذا الخلاف عنده المالكية حتى لا يُظَنّ إذا إطّلع البعض على قول بعض المالكية أن ذاك الماء ليس مطلقا الذي اختلط أو تغير بما في مقره أو ممره لا يسمى مطلقا أو ليس مطلقا لا يعنون بذلك أنه لا يصلح للطاهرة إنما مرادهم من حيث التسمية.
قال رحمه الله: “سواء كان عذبا أم مالحا”، يعني سواء كان هذا الماء ماءً عذبا زلالا يعني ليس مالحا، يُقال عنه عذب، “سواء كان عذبا أم مالحا”، يعني الماء الذي ينزل من السماء، ماء المطر، هذا ماء عذب ماء العين ماء عذب في الغالب، ماء البئر بعض الأحيان يكون عذبا ليس مالحا، وهناك بعض المياه هي مالحة مثل ماء البحر، بعض الأبار ماؤها مالح، هذا ماء مطلق وذاك ماء المطلق، هذا طاهر مطهّر وذاك أيضا طاهر مطهّر.
قال: ” ومن بحر”، يعني أيضا سواء كان من بحر، “أم سماء أم أرض” يعني كذلك هذا الماء المطلق أيضا لا فرق بين كونه أو لا يؤثر لا يضر كونه من البحر أو من الأرض نابعا من الأرض أو نازلا من السماء هذا كله ماء مطلق طاهر مطهّر،طاهر في نفسه مطهر لغيره فيصح استعماله لرفع الحدث و رفع حكم الخبث حكم النجاسة، حتى الماء الذي يُجمع من أوراق الأشجار، الندى هذا أيضا ماء مطلق طاهر مطهر يصلح لرفع الحدث و لرفع حكم الخبث كذلك حتى لو كان جامدا فأُذيب مثل ماء الثلج أو ماء البرد، إذا أُذيب هذا الماء يصلح للطهارة، هو ماء مطلق أيضا يصلح لرفع الحدث و لرفع حكم الخبث.
13:15
قال المؤلف رحمه الله: “وكذا متغير بما في مقره أو ممره “يعني وكذلك من الطاهر المطهر وكما سبق و بيّنا، هنا الماء الذي تغيرت احدى اوصافه، تغير لونه او طعمه او ريحه او الجميع، تغير لونه وطعمه وريحه لكن تغير بشيء طاهر هو في مقر الماء او ممر الماء يعني في الموضع الذي يمر من الارض مثلا نهر يمر بأرض كبريتية تربتها الكبريت هنا يتغير الماء بهذه الارض فيتغير لون الماء قد يتغير طعم الماء او رائحة الماء، هذا الماء وان كان تغير بشيء طاهر لكنه تغير بشيء هو في مقر الماء او في ممر الماء فهذا الماء يعد طاهرا مطهّرا ولا يخرج بهذا التغير عن كونه ماء طاهرا مطهّرا، بعض العلماء يسمونه ماء مطلقا فهو طاهر مطهّر مطلق وبعض الماليكية قالوا هذا الماء طاهر مطهّر لكن لا يسمى مطلقا لانه تغير عن أصل خلقته، تغير بما في مقره او ممره، “وكذا المتغير” يعني وكذلك الماء المتغير هو طاهرا مطهّرا، بماذا تغير؟ قَيَّدَهُ “بِمَا فِي مَقَرِّهِ” يعني في مقرّ في المكان الذي الماء موجود فيه مجموع فيه، “أو ممره” يعني المكان الذي يمر فيه الماء من الأرض أو من التربة كأن كانت الأرض فيها ملح مالحة فكان الماء ينبع منها متغيرا بهذه التربة بهذا الملح، يتغير طعمه مثلا تتغير رائحته، هذا طاهر مطهّر، أو كانت الأرض تغير بالتربة نفس التربة غيرت لون الماء، أحيانا لون الماء يتغير بسبب التربة يصير لونه أحمر، الماء لونه أحمر في بعض البلاد البحيرة كأنها بركة دم، منظر عجيب مهيب، برك دم وإذا رفعت من الماء تجد الماء أحمر، الماء نفسه ليس مخلوطا بتراب، تغير لون الماء بسبب مقر هذا الماء، هذا الماء طاهر مطهّر وإن كان تغير بشيء خالطه أو لا صقه كما سيأتي لكنه يُعفى عن ذلك التغير فلا يضر ولا يؤثر في كون الماء طاهرا مطهرا لغيره، ويلحق بذلك ما كان أو تغير الماء بما تولد في الماء كالطحلب مثلا، الماء إذا تُرك مدة ينبت فيه أو يظهر فيه خضرة تعلو الماء، الطحلب هذا تولد في الماء هنا لو تغير الماء بهذا الطحلب فصار لونه أخضر أو مائلا إلى الخضار أو نحو ذلك تغير طعم الماء أو تغير ريح الماء هنا أيضا هذا التغير داخل في هذه المسألة فلا يؤثر في طَهورية كون الماء مُطهِّرا، وكذلك إن تغير الماء بما طُرِح في الماء من غير قصد كأن رمته ريح، لو رمت الريح مثلا بعض أوراق الأشجار فوقعت في ماء مجتمع فتغير هذا الماء بهذه الأوراق أيضا هذا لا يؤثر على الماء يبقى طاهرا مطهرا، حتى لو أُلقيَ شيء من معادن الأرض من أنواع التربة أو من معادن الأرض أُلقيَ في الماء فتغير الماء به، هذا أيضا مما لا يؤثر على طَهورية الماء، حتى لو وضع الشخص الملح في الماء أو وضع التراب في الماء أو غير ذلك، حجرا في الماء فتغير هذا الماء بالحجر لا يؤثر على طَهورية الماء يبقى طاهرا مطهرا. فإذا هذا القسم الأول من الماء أو من أقسام المياه هو الطاهر المطهّر وهو الماء المطلق فهذا يجوز استعماله في رفع الحدث وفي إزالة النجاسة ولا كراهة في استعماله.
19:05
قال المؤلف رحمه الله: “وماءٌ طاهر بنفسه غير مطهّر لغيره”، يعني هذا القسم من أقسام المياه في نفسه حكمه أنه طاهر ليس نجساً فلا يلزم إراقته إنما يجوز الانتفاع منه ولكنه غير مطهّر لغيره معناه لا يصلحه ولا يصح استعماله في رفع حدث في وضوء أو غسل ولا في رفع حكم خبث يعني في رفع أو يعني في إزالة حكم النجاسة لا يصح استعماله لا ينفع، لو أُستعمل، استعمال هذا الماء هذا القسم من المياه في الوضوء لا يرفع حكم الحدث فلا يكون صح الوضوء واستعمال هذا الماء في إزالة مثل لو كان على الموضع كان نجاسة فأُستعمل هذا الماء صُب على الموضع لو كان لا يجد للنجاسة لا لون ولا طعم ولا رائحة، صَبُّ هذا الماء على هذا الموضع لا يجعل هذا الموضع طاهراً لا يصير طاهراً بذلك، لماذا؟ لأن هذا الماء طاهراً في نفسه لكنه ليس مطهّراً لغيريه فلا يعمل التطهير عمل التطهير الذي هو رفع الحدث ورفع حكم الخبث. قال: “وهو المتغير طعمه أو لونه أو ريحه”، يعني هو الماء الذي تغيرت إحدى أوصافه أو جميعها لكن ليس شرطاً أن تتغير جميع أوصاف المياه، الماء الذي تغير طعمه أو لونه أو ريحه ولو تغير يسيراً ولو تغير قليلاً ولو تغير خفيفاً هذا الماء لا يصلح للطهارة، هو طاهر في نفسه، إن كان هناك ماء ووضعنا فيه شيئاً مما سيأتي بيانه فتغير هذا الماء بهذا الطاهر صار هذا الماء حكمه هو طاهر لكن بسبب تغيره ولو تغير يسيراً فلا يشترط أن يكون التغير كثيراً كما في بعض المذاهب الأخرى لا يشترط أن يكون هذا التغير بحيث لا يُسمى ماءً بعد ذلك ما عاد يقال عنه ماء، لو كان أدنى تغير ولو تغيرا يسيراً يعني مثل مثلاً المياه التي يوضع فيها بعض أدوات التنظيف هذا ما عاد طاهرا مطهرا، هذا طاهر لكن ليس مطهرا، لماذا؟ لو تغيرت فقط رائحته ولو تغيرت تغيرا خفيفا يسيرا لا يكون مطهرا لغيره. فقال: “وماء طاهر بنفسه غير مطهر لغيره وهو المتغير طعمه أو لونه أو ريحه بما خالطه من الطاهرات التي تنفك عنه”، في الهامش مكتوب “أو لا صقه”، “من الطاهرات التي تنفك عنه غالبا”، أي تفارقه في أكثر الأوقات، معناه الماء الذي تغير لونه أو تغير طعمه أو تغيرت رائحته بشيء طاهر فيبقى طاهرا، يبقى حكم الماء أنه طاهر لأنه تغير بطاهر ما تنجس، لكن لأنه تغير بهذا الطاهر تغيرا ولو بسيطا ولو قليلا هذا ما عاد يصلح لرفع الحدث ولا لرفع حكم النجاسة. قال: “بما خالطه” يعني كان هذا الطاهر مما يختلط بالماء مثل اللبن أو غير ذلك من الطاهرات، إذا وُضع في الماء واختلط فيه، اختلط بالماء بحيث ما عادت تتميز أجزائه عن أجزاء الماء في رأي العين هذا يُقال عنه مُخالط، يعني يذوب في الماء الواحد الرائي لا يستطيع أن يميز أين الماء وأين أجزاء الطاهر الأخرى أو الشيء الأخر الذي وُضع في الماء، هذا يقول عنه مُخالط، فلو وُضع شيء يختلط بالماء ينحل بالماء وكان هذا الماء تغير بمخالطة هذا الطاهر للماء صار هذا الماء غير مطهر ،ولو تغيرا يسيرا. قال في الحاشية في الهامش: “أو لا صقه”، يعني حتى لو كان هذا الطاهر الذي وُضع في الماء لا ينحل في الماء إنما يبقى تتميز أجزاءه عن أجزاء الماء لكن تغير الماء به لمماسته الماء، يعني هذا الطاهر وُضع في الماء فصار يمسه، هذا الطاهر يمس الماء، فتغير الماء بهذا الطاهر مع أنه من انحل فيه لا ينحل فيه يبقى كأن كان جامدا مثلا أو كان سائلا لا يختلط بالماء مثل الزيت، الزيت إذا وضع في الماء لا ينحل في الماء يبقى ينفصل عن الماء هذا يقال عنه ملاصق، أيضا إن تغيير الماء بهذا الطاهر الملاصق له،تغير لونه أو تغير طعمه أو تغيرت رائحته هذا الماء لا يكون مطهرا لغيره، نعم طاهر لأن الذي مسه ليس نجسا لكنه ليس مطهرا لغيره.
(26:15) سأل أحد: كل هذا مائعات ما خلطه أو لا صقه؟ أجاب: لا ليس شرطا، ليس خاصا بالمائعات، لو وُضِع شيء جامد في الماء فتغير الماء به هذا لا يصلح للطعام. سأل: هل يقال مجاور؟، أجاب: عند المالكية المجاور شيء آخر، المجاور هو الذي ما مس الماء، ليس كاصطلاح فقهاء الشافعية، أما المجاور الذي لم يختلط بالماء أو لم يمس الماء لو تغير الماء به لا يؤثر عليه يبقى طاهر مطهر حتى لو كان شيء وُضع قريبا من الماء لم يمس الماء، هذا الطاهر ما مس الماء لكن لقربه منه تَرَوَّحَ مثلا برائحته صارت له رائحة هذا الطاهر، أحيانا قد يكون بسبب بعض العطور مثلا أو بعض الأزهار تكون قريبة من الماء ليست ماسة للماء ليست داخل الماء ما وقعت في الماء ما وُضعت في الماء إنما قريبة من الماء أو عند العطارين أو نحو ذلك يكون عنده ماء بسبب المجاورة من غير مس للماء تتغير رائحة الماء هنا هذا الماء يبقى طاهرا مطهِّر وإن تغير بهذا الطاهر لأنه ليس ماسا للماء ليس مخالطا ولا ملاصقا للماء إنما ما هو مجاور، وهنا كلامنا إن كان تغير تغيرا كثيرا أو قليلا، يعني كمل قلنا ليس شرطا أن يتغيرا تغيرا بحيث لا يسمّى ماءً، و كلامنا هنا أيضا سواء كان الماء قليلا أم كثيرا، الماء القليل الذي تغير بطاهر هو طاهر غير مطهر و كذلك الماء الكثير الذي تغير بطاهر مخالط او ملاصق كذلك هو طاهر في نفسه غير مطهر لغيره. قوله ” التي لا تنفك عنه” يبين في هذا الطاهر الذي مس الماء، لاصق الماء أو امتزج في الماء خالط الماء، إن كان كلامنا في الطاهر الذي ينفك عنه الماء يعني يفارقه الماء قوله ” غالبا” أخرج بذلك ما كان في مقر الماء أو ممره كما سبق أما الذي في قعر الماء أو في مقر الماء هذا لا يفارق الماء غالبا بل هو ملازم له، وكذلك الذي يتولد في الماء كذلك هذا لا يفارق الماء في أكثر الأحيان بل هو في الغالب هو موجود في الماء كائن في الماء أو ملازم للماء، فهنا التغير أو تغير الماء بما في مقره أو ممره أو المتولد فيه هذا لا يضر على طهورية هذا الماء فيبقى طاهرا مطهرا. ثم مثل لذلك رحمه الله بتغيير الماء بشيء يفارق الماء غالبا قال: “كالمتغيير بلبن خالطه فغير لونه أو طعمه”، يعني الماء الذي تغير باللبن، خالطه اللبن مثلا صُبَّ اللبن في الماء فتغيير هذا الماء ولو تغير يسيرا باللبن هذا الماء لا يصلح للطهارة، يجوز استعماله في العاديات في من أراد أن يشربه أو نحو ذلك أما في العبادات في رفع حدث أو إزالة حكم خبث فلا يصلح لذلك قليلا كان أو كثيرا، فلا يصح أن يتوضأ الشخص أو يغتسل في ماء كثير ووضع فيه مثل الكلور فغير رائحته مثل المسابح أو نحو ذلك المواضع التي يُسبح فيها، عند المالكية هذا طاهر لكن ليس مطهر لا يصلح للتطهير.
31:35
قال المؤلف رحمه الله: “وماء نجس وهو الذي لاقته نجاسة فغيرته كثيرا كان أم قليلا”، قال في الهامش: “القليل كآنية الوضوء والغسل والكثير ما زاد على ذلك”، عند المالكية رحمهم الله تعالى عندما يقولون الماء القليل والماء الكثير ليس متعلقا بقدر القُلَّتَيْن إن كان قليلا فهو أقل من قُّلتين وإن كان كثيرا فقُلّتان فأكثر، لا، الماء القليل هو مقدار آنية، الأواني التي تستعمل للوضوء أو للاغتسال مثل الجب أو نحو ذلك، الماء الذي يجمع وإن كان القلة مثلا، القنينة أو نحو ذلك هذا يُقال عنه ماء قليل أما ما زاد على ذلك فهو ماء كثير من غير تحديد إنما يقولون ما كان يُستعمل من آنية الوضوء أو الاغتسال أو نحو ذلك هذا ماء قليل وما كان أكثر من ذلك فهو ماء كثير، فهنا قال: “الماء النجس هو الذي لاقته نجاسة فغيرته” سواء كان هذا الماء قليلاً أم كثيراً يتنجس الماء إذا تغير بالنجاسة، إذا تغير بملاقاة النجاسة، إذا تغير الماء سواء كان قليلاً أم كثيراً تغير بسبب مس النجاسة له، بسبب ملاقاة النجاسة له هذا الماء حكمه أنه نجس أما إن لم يتغير كما سيأتي فلا يتنجس الماء بذلك، فلا يتنجس الماء بمجرد مس النجاسة للماء ولا يحكم بطهارة الماء ولو مسته النجاسة على الإطلاق، لا، عند المالكية ينظر إن وقعة النجاسة أو مست النجاسة الماء ينظر هل تغير هذا الماء بالنجاسة بمسه للنجاسة أو لم يتغير، إن تغير بمسه للنجاسة فقد تنجس وإن لم يتغير بمسه للنجاسة فلا يحكم بنجاسته قليلاً كان الماء أو كثيراً، يعني لو واحد كان عنده كوب من الماء و مثلاً كانت إصبعه متنجسة فوضع إصبعه في الماء ثم أخرجها ينظر هل تغير هذا الماء بالنجاسة ،إن تغير بالنجاسة تنجّس الماء إن لم يتغير بالنجاسة فلا يتنجس الماء، وهنا كلامنا التغير ولو تغيراً يسيراً ولو أدنى تغير، لو تغير الماء بالنجاسة لونه أو طعمه أو ريحه ولو تغييرا خفيفا تغييرا يسيرا تنجس الماء بذلك.
سأل أحدهم: كيف يقدّر التغيير؟، أجابه: تغير تحقيقا يعني يُرى التغيير أو يشم أو يطعم، يقدر إن كان يخالف الماء هل كان يتغير أو لا يتغير، هذا ظنا فيحكم بنجاسته، يعني هنا ليست تحقيقا لا يدري حقيقة هل تغير الماء به أو لم يتغير، لا يستطيع أن يدري حقيقة أن يعلم حقيقة، لكن هنا يقدر إن كانت النجاسة مخالفة للماء هل كان يتغير الماء فإن كان يتغير ولو تغيرا يسيرا فهو نجس.(ثبتها ناقصة هنا .. يسأل فيه شخص) كلامنا هنا في التنجيس هل يتنجس الماء أم لا يتنجس، هنا كلامنا في القسم الثالث الماء النجس، فالماء إذا أصابته نجاسة ولم يتغير بالنجاسة لا يتنجس سواء كان قليلا أو كثيرا، كلامنا في هذا القسم، أما من حيث كراهة استعماله سيأتي القسم الذي بعده.
37:00
قال المؤلف رحمه الله: “فإن لم تغيره”، قال في الهامش: “لا تغيرا قليلا ولا كثيرا”، “وكان كثيرا” يعني لم يتغير الماء بالنجاسة لا تغيرا خفيفا ولا تغيرا كثيرا لم يتغير به، “وكان كثيرا” يعني كان الماء كثيرا “فهو طاهر مطهر لا يكره استعماله في الطهارة” يعني كما ذُكر الآن إن كان الماء الذي وقعت أو مسته نجاسة لم يتغير بالنجاسة فهو طاهر، هو طاهر مطهر ما زال على حالته التي كان عليها قبل، فهو طاهر مطهر، هنا يبين قال: “إن كان كثيرا ” إن كان هذا الماء كثيرا يعني أكثر من آنية التي تستعمل للوضوء أو الاغتسال فهو طاهر مطهر ولا يكره استعماله في الطهارة في رفع الحدث أو رفع حكم الخبث هو طاهر في نفسه مطهر لغيره ولا يكره استعماله لكثرته لأنه كثير، قال: “وإن كان قليلا ليس له مادة ولا أصل” ليس له مادة ولا أصل ليس له إذا أُخذ منه لا يعقُبه غيره، ليس كالبئر، البئر إذا أُخذ منه يعقبه غيره، هذا ماء له مادة وأصل، كلامنا هنا في ماء قليل ليس له مادة ولا أصل مثل الماء الذي هو في جرة، الماء الموضوع في وعاء في إناء هذا ماء قليل ليس له مادة وليس له أصل، يعني ليس له ماء يعقبه إذا أُخذ منه يأتي ماء غيره يملأ مكانه، وكلامنا أيضا هنا ليس له مادة وليس له أصلا ولا هو جار ليس مثل نهر صغير. قال: “كماء الخابية والجرة وسائر الأواني كُره استعماله مع وجود غيره”، يعني هذا الماء، الماء القليل الذي ليس له مادة وليس جاريا كأن كان في وعاء فمسته نجاسة لكن لم يتغير بالنجاسه حكمه أنه طاهر في نفسه مطهر لغيره لم يتنجس ويبقى على طَهُوريته أنه طاهر لغيره ولكن لأنه ماء قليل ليس له مادة وليس جاريا وأيضا كلامنا في شخص ليس عنده غيره فهذا الماء يُكره استعماله أي مع وجود غيره، فلو فرضنا أن شخص كان عنده وعاءان فيهما ماء فأصابت نجاسة أحد المائين لكن هذا الماء لم يتغير بالنجاسة فيبقى حكمه أنه طاهر مطهِّر لكن وهو ليس له مادة وليس جاريا وعنده ماء آخر يستعمله في الوضوء غير هذا الماء فهنا إن استعمل هذا الماء يصح لكن يُكره له ذلك، الأحسن له أن يَترك استعمال هذا الماء في الطهارات يعني في الوضوء أو في إزالة حكم من النجاسة لا يجب عليه أن يريقه، يستعمله إن شاء في الاغتسال يستعمله للنظافة ونحو ذلك أو لغسل الأواني أو لغسل الثياب أو نحو ذلك يجوز له وليست الكراهة في ذلك في العاديات إنما الكراهة في استعماله في العبادات مثل الوضوء أو الاغتسالكما سيأتي، أما إزالة النجاسة فسيأتي إن شاء الله تعالى. فإذا “كُره استعماله مع وجود غيره”، قال في الهامش: “مراعاة للخلاف” لأن بعض العلماء منع استعماله، بعض المالكية منعوا استعمله، قال: “ولا حد معين للكثرة في المذهب”، كما كلنا الماء القليل قدر آنية الوضوء والاغتسال وما كان أكثر من ذلك فهو كثير.
قال المؤلف رحمه الله: ” وماء طاهر مطهر مكروه مع وجود غيره”، “وهو” يعني الماء القليل كما مرّ، “المستعمل”، يعني الذي استعمل في رفع حدث في وضوء أو اغتسال، الماء القليل الذي استعمل في رفع حدث ولو من صبي يعني و لو كان الذي توضأ منه صبياً يعني وضوءه ليس فرضاً ركناً أو واجباً عليه لكن تتوقف عليه صحة الصلاة فتوضأ، هذا الماء الذي استعمله في الوضوء هو ماء مستعمل، يقال عنه مستعمل، هو طاهر مطهر لكن يكره استعماله مع وجود غيره وكذلك الذي استعمل مثلاً في إزالة حكم الخبث ولم يكن متغيراً بالنجاسة هو طاهر في نفسه مطهر لغيره لكن يكره استعماله في ما سيأتي في الوضوء والغسل، مكروه استعماله، والمراد هنا بـ “المستعمل” الماء المستعمل في الوضوء أو في الاغتسال مثلا هو الماء الذي تقاطر من الأعضاء، هذا ماء المستعمل، أو الماء الذي ما زال متصلا بالأعضاء هذا أيضاً ماء المستعمل، أو الماء الذي كما تقاطر أو انفصل عنه، عند المالكية لا يخرج الماء عن طهوريته باستعماله، يبقى طاهرا مطهرا لكن يكره استعماله إن كان قليلا وكان هناك غيره يوجد ما غيره يستعمله يكره له أن يستعمل هذا المال. هنا أيضا بعض المالكية تكلموا عن مثل ماء الوضوء لو توضأ الشخص هو اتفاق عندهم الماء الذي استعمل في الغسلة الاولى هذا مستعمل يكره استعماله مع وجود غيره، اعادة استعماله، ماء الغسلة الاولى التي رفعت الحدث، أما الماء الغسلة الثانية والثالثة فهذا فيه تردد بين المالكية، فبعضهم قال هو مستعمل وبعضهم قال لا ليس مستعملا، أما ما زاد على ذلك مثل ماء الغسلة الرابعة التي هي تكره أصلا، منهي عنها، لكن لو واحد غسل غسلة رابعة هذه ليست داخلة في ذلك فلا يكره استعمالها، كذلك من توضأ مثلا ليس لأجل الصلاة ليس لأجل شيء يحتاج إلى وضوء إنما كان يريد أي يزور وليا صالحا فتوضأ لزيارته، ليس لأجل الصلاة، هذا الماء لا يكره استعماله، ليس هذا من الماء المستعمل الذي يكره استعماله، كلامنا في الماء الذي استعمل توضأ به الشخص لأجل الصلاة ونحو ذلك، حتى بعض المالكية قالوا لو كان مما هو مثل غسل الجمعة وهو غسل العيد الذي هو ليس غسلا واجبا بعضهم قال هذا يعد من المستعمل الذي يكره استعماله بعد ذلك مع وجود غيره. قال المؤلف رحمه الله: “وهو المستعمل في الوضوء أو الغسل”، هنا في الوضوء أو الغسل يعود إلى “مكروه”، يعني قال قبل ذلك: “وماء طاهر مطهر مكروه” أي مكروه استعماله في الوضوء أو الغسل مع وجود غيره “وهو المستعمل”، يعني فيه تقديم وتأخير فالكراهة استعماله في الوضوء والغسل، ليس خاصا بالمستعمل في الوضوء والغسل، كذلك الذي استعمل في إزالة النجاسة هذا ماء مستعمل، يعني الواحد لو صبّ الماء على الموضع الذي حكمه أنه نجس هنا أزال حكم النجاسة عن هذا الموضع، هذا الماء ليس متغيرا بالنجاسة هو طاهر وهو مطهر، ما زال طاهرا مطهِّرا لكن يكره استعماله لأنه قليل مع وجوده غيره، يكره استعماله في الوضوء والاغتسال.
نلخص هذا القسم: هذا القسم الماء الطاهر في نفسه المطهر لغيره لكنه يكره استعماله مع وجود غيره إن كان قليلا هو الماء القليل الذي استعمل في رفع حدث أو رفع حكم خبث وبقي طاهر أما لو أصاب الماء نجاسة فتغير الماء بالنجاسة تنجس، كلامنا أصاب الموضع فأزال حكم النجاسة ولم يكن الماء متغيرا بالنجاسة فهو طاهر مطهّر، يعني مثلا شخص كان ثوبه متنجسا فصب الماء على الثوب فصار الثوب طاهرا بذلك، هذا الماء الذي تجمع نُظِرَ فيه لم يتغير بالنجاسة ما تأثر مازال كما هو، يبقى طاهرة مطهِّرا لكن لأنه سبق استعماله في رفع حدث أو إزالة نجاسة صار يكره استعماله في وضوء أو غسل مع وجود غيره، أما استعماله في إزالة نجاسة مرة ثانية فلا يكره ذلك، يعني لو صبّ الواحده على الموضع الذي حكمه أنه نجس فأزال النجاسة هذا الماء ما زال طاهر مطهرا لم يتغير ثم هناك موضع آخر أيضا حكمه أنه نجس يجوز له أن يستعمله في إزالة هذه النجاسة، لو تكرر ذلك طالما لم يتغير الماء بالنجاسة فهو طاهر مطهر، لا تغير بنجاسة ولا تغير بشيء طاهر آخر، يبقى طاهرا مطهر، لكن لأنه سبق استعماله يكره استعماله مرة أخرى مع وجود غيره أما لم يكن هناك غيره تعين هذا الماء فلا كراهة في استعماله.
50:50
قال المؤلف رحمه الله: “وفضل الجنب والحائض طاهر مطهر”، هذا فقط من باب الاشارة أن فضل الجنب و الحائض يعني عندما تغترف الحائض أو الجنب من ماء هذا لا يؤثر على الماء لا يؤثر فساداً للماء بأن تنجس أو ماعاد طاهرا مطهرا أو نحو ذلك، ليس الكلام بالماء الذي استعمله في رفع الحدث الماء الذي جرى على بدنه ذاك له حكمه بحسب إن كان هو مستعمل، كان عليه نجاسة مثلا استعمله في إزالة نجاسة عن بدنه أو نحو ذلك له حكمه، هنا الكلام قوله “وفضل الجنب والحائض طاهر مطهر” يعني لو فرضنا شخص جمع من الماء ليغتسل فصار يغتسل، يغترف من الماء ويغتسل، يغترف بيده أو بغير يده، لكن بقي شيء من الماء لم يستعمله هذا طاهر مطهر لا يتنجس ولا يتأثر هذا الماء بالاغتراف منه والإخراج منه.
52:10
قال المؤلف رحمه الله: “وما نُبذ فيه التمر أو غيره فإن أسكر فهو نجس وإن لم يسكر وتغير فهو طاهر غير مطهر”، هو النبيذ معناه أن ينبذ، أن يضع الزبيب مثلا أو التمر أو نحو ذلك في ماء، فيترك في الماء مدة وقتا فيتطعم هذا الماء بهذا التمر أو بالزبيب أو نحو ذلك، هذا يقال عنه نبيذ، هنا يبين قال “وما نبذ فيه التمر” الماء الذي وضع فيه التمر أو غير التمر، الزبيب أو غير ذلك، “فإن أسكر” يعني إن وصل هذا الماء تغير أكيد إن وصل إلى مرحلة الإسكار صار بحيث لو شُرب لأسكر هذا حكمه أنه نجس، أما “إن لم يُسكر” كما قال فهو طاهر لكن ليس مطهرا لأنه تغير بطاهر وقلنا الماء الذي تغير بطاهر لا يكون مطهرا ولو كان تغيرا يسيرا، هذا شراب النبيذ شراب كان معروفا في الماضي، كان معروفا في الماضي أنه يوضع الزبيب في الماء وقتا، ليس المراد وقتا طويلا بحيث يصير خمرا يتخمر لأنه إن تُرك مدة طويلة يتخمر يصير يُسكر، لا ،كلامنا قبل ذلك يُترك شيئا ببضع ساعات مثل أو نحو ذلك من الليل ثم في اليوم التالي يُشرب، هذا شراب يجوز لأنه ليس مُسكرا لكنه طاهر غير مطهر فلا يجوز استعماله في رفع حدث ولا رفع حكم الخبث.
انتهى.
