التحذيرُ مِنْ مَسَبَّةِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ

سيرة الانبياء والصالحين

شَتْمُ ومَسَبَّةُ اللهِ كُفْرٌ صريحٌ لا تأويلَ لَهُ والعياذُ باللهِ تعالى يَقولُ اللهُ تعالى في القُرءانِ العَظيمِ: ﴿مَن كَانَ عَدُوًّا للهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ﴾ [سورة البقرة/ 98]. إخوةَ الإيمانِ والإسلامِ، إنَّ موضوعنا اليومَ ينبغِي أَنْ نَخْرُجَ بهِ إلَى الناسِ لنتكَلَّمَ بهِ في البُيُوتِ، لِنَتَكَلَّمَ بهِ في الشوارعِ والطُّرقاتِ بينَ الكَبيرِ والصَّغيرِ، بينَ الرِّجالِ والشبابِ والنِّساءِ وهوَ التحذِيرُ مِنْ كُفرٍ صريحٍِ وكَبيرٍ جِدًّا أَلا وَهُوَ شَتْمُ اللهِ أو مسبَّةُ اللهِ عزَّ وجلَّ والعياذُ باللهِ تعالَى،

فهذَا الأمرُ الذِي فيهِ ذَمٌّ وافتِرَاءٌ ونقصٌ وَازْدِرَاءٌ وإساءَةٌ للهِ تَقْشَعِرُّ منهُ الأَبْدانُ وتَرْتَجِفُ منهُ القلوبُ وتذرُفُ منهُ العيونُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ الوَاحِدِ القَهَّار.

قالَ اللهُ تعالَى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَءايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ، لَا تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ [سورة التوبة/65-66]. وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَآءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [سورة فاطر/15].

فاللهُ عزَّ وجلَّ لا يَضُرُّه كُفْرُ الكافِرِينَ ولكنَّهُ أنزَلَ على قَلبِ حَبيبِه محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وتَنْهَوْنَ عَنِ المنكَرِ وتُؤْمِنُونَ بِالله﴾ [سورة ءال عمران/109]. فَمِنْ بَابِ الأَمْرِ بِالمعروفِ والنَّهْيِ عَنِ المنكَرِ نُطْلِقُ هذِهِ الصرخةَ اليومَ صرخَةً عالِيَةً مُدَوِّيةً احذَرُوا وحَذِّروا مِنْ مَسبَّةِ اللهِ، مِنْ مسبَّةِ الخالِقِ البارِئِ سبحانَهُ وتعالَى، فالشَّتمُ قَبيحُ الكَلام، فَواللهِ ثُمَّ واللهِ إِنَّ عذابَ اللهِ ليسَ بأمرٍ هَيِّنٍ، وقَدْ يُنْزِلُ عذابًا على هؤلاءِ الناسِ في الدنيا قبلَ الآخرَة.

كانَ رَجُلٌ اسمُهُ حمارُ بنُ مالكٍ عاشَ أربعينَ سَنَةً علَى الإسلامِ ثم اللهُ تعالَى أهلكَ أبناءَهُ، كانُوا قد خرجوا للصَّيدِ أنزَلَ صاعِقَةً فَقتَلَتْهُم، هذَا حِمَارُ بنُ مالكٍ غَضِبَ مِنْ رَبِّهِ والعياذُ باللهِ فقالَ لا أعبُدُهُ بعدَ ذلكَ لأنهُ قتَلَ أبنائِي، هَذَا كُفرٌ، ثم ما عاشَ بعد ذلكَ طوِيلًا، اللهُ أرسَلَ نارًا في أسفَلِ الوادِي أحرَقَتِ الوادِي وَمَنْ فيهِ هُوَ ومَنْ مَعَهُ، هُوَ كانَ زَعِيمًا علَى تلكَ الناحيةِ أحرَقَتْهُ النارُ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ والأشجارَ والزَّرعَ، أَكَلَتِ النارُ كُلَّ الوادي، لَو صبَرَ كانَ جزاؤُهُ الجنَّة، لو صبَر على المصيبةِ التِي نزَلتْ بهِ بِموتِ أولادِهِ كانَ جزاؤُهُ الجنَّة،

لكنْ بِسببِ الغَضَبِ كَفَرَ بقولِهِ لا أعبُدُ اللهَ والعياذُ باللهِ. هذا الرجُلُ سمَّاهُ العربُ حِمارَ الجوف، هو اسمُه حمارُ بنُ مالِك لكنْ هُمْ سَمَّوهُ حمارَ الجوف، مِنْ شِدَّةِ كُفْرِهِ صارَ مَثَلًا، صارُوا يَقُولُونَ أَكْفَرُ مِنْ حِمارِ الجوفِ، والجوفُ بلدَةٌ في الجزيرَةِ العربيةِ هذَا قبلَ بعثةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بِآلافِ السِّنين.

قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ﴾ [سورة التوبة/74].

إخوةَ الإيمانِ لقد حَذَّرَ اللهُ في القُرءانِ الكَريمِ منَ الكفرِ وحذَّرَ منهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ والصحابةُ وأهلُ العِلْمِ ونحنُ اقتداءً بِهم نُحذِّرُ ونَذْكُرُ بعضَ الأمثلةِ لِمَسِيسِ الحاجَةِ.

فالحذرَ الحذرَ، فإنَّ منْ سَبَّ اللهَ كقولِ بعضِ السفهاءِ (أخت ربّك) والعياذُ باللهِ منَ الكُفرِ، وكقولِ البعض (يلعن ربك) والعياذُ باللهِ منَ الكفرِ، وكقولِ البعضِ (ابن الله) والعياذُ باللهِ منَ الكفرِ، وكقولِ البعضِ (يلعن الذي خلقك) والعياذُ باللهِ منَ الكفرِ، وكقولِ البعضِ (يلعن ربّ ربّك) والعياذُ باللهِ منَ الكفرِ وهذا لا تأويلَ لهُ، هذا خروجٌ عن دينِ اللهِ ولو كانَ غَاضِبًا أو مازحًا فهذا لا يُنْجِيهِ مِنَ الكفرِ، وإنْ ماتَ على هذا فهوَ خَالِدٌ في نَارِ جهنَّم لا يخرجُ منهَا أبدًا.

واعلَمُوا أَنَّ ناقِلَ الكُفرِ بِلا استِحْسَانٍ لَهُ ولا رِضًى بِه لا يَكفُرُ. قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهِ عليهِ وسلَّمَ: “قالَ اللهُ تعالَى: شَتَمنِي ابنُ ءادَمَ ولَمْ يَكُنْ لَهُ ذلكَ، وَفَسَّرَ ذلكَ بقولِه: وأمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فقولُهُ: اتَّخَذَ اللهُ ولَدًا”، رواهُ البخاريُّ. > سيرة الانبياء والصالحين: لذلكَ بَادِرْ بِسُرعَةٍ وبِهمَّةٍ عالِيَةٍ إلَى مَنْ سَمِعْتَهُ تَلَفَّظَ بِنَحْوِ هذهِ الألفاظِ البَشِعَةِ الشَّنِيعَةِ، وَاطْلُبْ منهُ الرُّجوعَ إلَى الإسلامِ بالنُّطقِ بالشهادتينِ: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ. يَا حُماةَ الدِّينِ يا حُرَّاسَ العقيدةِ إِنَّ هذَا الأمرَ خَطيرٌ بَلْ هُوَ خطيرٌ جِدًا جِدًا لذلك عليكُمْ بالخروجِ إلى الناسِ بِما سَمِعْتُمُ اليومَ مِنْ التحذيرِ مِنْ مَسَبَّةِ اللهِ، مِنْ مَسَبَّةِ الخالِقِ البَارِئِ سبحانَهُ وتعالى، فالكفرُ هو رأسُ الذنوبِ، واللهُ لا يَغْفِرُ لِمَنْ ماتَ علَى الكُفرِ.

قالَ اللهُ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ﴾ [سورة محمد/ 34]. والكفرُ هو أشدُّ الظلمِ، قالَ تعالَى: ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [سورة البقرة/ 254].

إخوةَ الإيمانِ، يا حُماةَ الدينِ وحراسَ العقيدةِ لا تُقَصِّروا بالأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عنِ المنكَرِ فَاحْذَرُوا وحَذِّرُوا مِنَ الكُفرِ بأنواعِهِ كمَسَبَّةِ اللهِ أوِ الاعتراضِ على اللهِ أوْ غيرِ ذلكَ مِنْ الألفاظِ البَشِعَةِ الشنيعةِ كقولِ بعضِ السفهاءِ خَوَتْ رَبِّي أَو جَنَّنْت ربي أو زحت ربي… فلا تَسكتوا عن مثلِ هذا بل عليكم بِالنُّصحِ والبيانِ.

ورَحِمَ اللهُ شيخَنا وجزاهُ عنَّا خيرًا إذْ حذّرَنا مِنَ الكفرِ لِنَحْفَظَ دِينَنا، وبَيَّنَ لنا طريقَ الحقِّ بالحكمةِ والدليلِ الشرعيِّ.