مجيب المحتاج في معرفة الاسراء والمعراج (11)

6- وُصُولُهُ ﷺ إِلَى مُسْتَوًى يَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلامِ

ثُمَّ انْفَرَدَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ جِبْرِيلَ بَعْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى حَتَّى وَصَلَ إِلَى مُسْتَوًى يَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلامِ الَّتِى تَنْسَخُ بِهَا الْمَلائِكَةُ فِى صُحُفِهَا مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ.

وَأَمَّا مَا يُقَالُ إِنَّ الرَّسُولَ وَصَلَ وَجِبْرِيلُ إِلَى مَكَانٍ فَقَالَ جِبْرِيلُ جُزْ فَأَنَا إِنِ اخْتَرَقْتُ احْتَرَقْتُ وَأَنْتَ إِنِ اخْتَرَقْتَ وَصَلْتَ فَهَذَا وَنَحْوُهُ كَذِبُ وَبَاطِلٌ.

7- سَمَاعُهُ ﷺ كَلامَ اللَّهِ تَعَالَى الذَّاتِىَّ الأَزَلِىَّ الأَبَدِىَّ

مِنَ الْمَعْلُومِ لَدَى أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ كَلامَ اللَّهِ الَّذِى هُوَ صِفَةُ ذَاتِهِ قَدِيمٌ أَزَلِيٌّ لا ابْتِدَاءَ لَهُ لَيْسَ كَكَلامِنَا الَّذِى يُبْدَأُ ثُمَّ يُخْتَمُ فَكَلامُهُ تَعَالَى أَزَلِىٌّ لَيْسَ بِصَوْتٍ وَلا حَرْفٍ وَلا لُغَةٍ لِأَنَّ اللُّغَاتِ وَالْحُرُوفَ وَالأَصْوَاتَ مَخْلُوقَةٌ وَلا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يَتَّصِفَ بِصِفَةٍ مَخْلُوقَةٍ.

فَلِذَلِكَ نَعْتَقِدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا سَمِعَ كَلامَ اللَّهِ الذَّاتِىَّ الأَزَلِىَّ بِغَيْرِ صَوْتٍ وَلا حَرْفٍ وَلا حُلُولٍ فِى الأُذُنِ.

فَفِى تِلْكَ اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ أَزَالَ اللَّهُ عَنْ أَفْضَلِ خَلْقِهِ الْحِجَابَ الَّذِى يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ كَلامِ اللَّهِ الأَزَلِىِّ الأَبَدِىِّ الَّذِى لَيْسَ كَكَلامِ الْعَالَمِينَ وَفَهِمَ الرَّسُولُ مِنْهُ الأَوَامِرَ الَّتِى أَمَرَ بِهَا وَالأُمُورَ الَّتِى بَلَّغَهَا.

أَسْمَعَهُ اللَّهُ بِقُدْرَتِهِ كَلامَهُ فِى ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِى فَوْقَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى لِأَنَّهُ مَكَانُ عِبَادَةِ الْمَلائِكَةِ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَكَانٌ لَمْ يُعْصَ اللَّهُ فِيهِ وَلَيْسَ مَكَانًا يَنْتَهِى إِلَيْهِ وُجُودُ اللَّهِ كَمَا فِى بَعْضِ الْكُتُبِ الْمُزَيَّفَةِ لِأَنَّ اللَّهَ مَوْجُودٌ بِلا مَكَانٍ.

مَاذَا فَهِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ كَلامِ اللَّهِ الذَّاتِىِّ

فَهِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ كَلامِ اللَّهِ الذَّاتِىِّ فَرْضِيَّةَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَفَهِمَ أَيْضًا أَنَّهُ يُغْفَرُ لِأُمَّتِهِ كَبَائِرُ الذُّنُوبِ لِمَنْ شَاءَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ.

أَمَّا الْكَافِرُ فَلا يُغْفَرُ لَهُ مَهْمَا كَانَتْ مُعَامَلَتُهُ لِلنَّاسِ حَسَنَةً وَلا يَرْحَمُهُ اللَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلا يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ أَبَدًا إِنْ مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ قَالَ تَعَالَى ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء﴾ [سُورَةَ النِّسَاء/48].

وَفَهِمَ أَيْضًا مِنْ كَلامِ اللَّهِ الأَزَلِىِّ الأَبَدِىِّ أَنَّ مَنْ عَمِلَ حَسَنَةً وَاحِدَةً كُتِبَتْ لَهُ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ وَعَمِلَهَا كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةً وَاحِدَةً.