قال الإمام تاج الدِّين السبكي الشافعي في كتابه طبقات الشافعية الكبرى ( لا خِلاف عند الأشعريِّ وأصحابِهِ بل وسائرِ المسلمينَ أنَّ مَن تلفَّظَ بالكُفرِ أن فَعَلَ أفعالَ الكفارِ أنَّهُ كافرٌ باللهِ العظيمِ مخلَّدٌ في النَّارِ وإنْ عَرَفَ قَلبُهُ وأنَّهُ لا تنفَعُهُ المعرِفَةُ معَ العِنادِ ولا تُغنِي عنهُ شيئًا ولا يَختَلِفُ مُسلِمانِ في ذَلِكَ) انتهت عبارته رحمه الله .
وفي عبارته نقلُ الإجماع على أن الكفر سواء كان قوليا أو فعليا يقع من المسلم لو لم يعتقد معنى ما قاله أو فعله وذلك في قوله ( لا يختلف مسلمان في ذلك) بعد قوله (لا خلاف عند الأشعريِّ وأصحابه بل وسائر المسلمين ) وسواء قصد الكفر كمن نسب الولد والشبيه لله أو لم يقصده ما دام خرج القول منه عن اختيار اي غير مكره وعن عمد لا على جهة سبق اللسان ومثله من فعل أفعال الكفار كمن ألقى المصحف في القاذورات أو داس عليه بقدمه أو جلس عليه وسيان في هذا كلِّه قصد الكفر أو لم يقصده لأنَّ فعله بمجرَّده دالٌّ على الاستخفاف بالمصحف .وانظر قول السبكي رحمه الله مما يشهد لهذا ( وإن عرف قلبه ) أي وإن عرف الحقَّ في قلبه وأن الله ليس له ولد ولا شبيه في اعتقاده وأن القرءان معظَّم في اعتقاده ولا تغني معرفته هذه شيئا فلا تمنع معرفته هذه الحكمَ عليه بالكفر اجماعا وانتبه لقول ابن السبكي رحمه الله( ولا تنفعه المعرفة مع العناد ولا تغني عنه شيئا ).
فهذا المسمى صابر حسني خالف إجماع المسلمين وناقضه باشتراط القصد للاستهزاء بالمصحف حتى يعدَّ المستهزئُ به كافرا فعليه الرجوع إلى الحقّ والاعتراف بخطئه بل بكفره والرجوع عنه فإن الرجوع عن الخطإ فضيلة ولكنه يحتاج إلى نفوس نقية وتواضع ولين جانب وخوف من الله عزَّ وجلَّ فإن الحقَّ أحقُّ أن يُتَّبع.
