التَّشهُّد الاحتياطيِّ

الـنِّـيَّـــة لله تَعَالى

مَا هُوَ تَشَهُّدُ الِاحْتِيَاطِ وَمَتَى يَجِبُ.

تَشَهُّدُ الِاحْتِيَاطِ هُوَ أَنْ يَتَشَهَّدَ الشَّخْصُ أَىْ أَنْ يَنْطِقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ إِذَا صَارَ عِنْدَهُ احْتِمَالٌ وَلَوْ ضَعِيْفًا بِحُصُولِ الْكُفْرِ مِنْهُ. وَيَنْفَعُ فِى حَالَتَيْنِ الأُولَى إِذَا نَطَقَ الشَّخْصُ بِكَلِمَةٍ لَهَا مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا كُفْرٌ وَالآخَرُ لَيْسَ كُفْرًا ثُمَّ شَكَّ هَلْ قَصَدَ عِنْدَ نُطْقِهِ الْمَعْنَى الْكُفْرِىَّ أَوْ غَيْرَهُ أَىْ صَارَ عِنْدَهُ احْتِمَالٌ أَنَّهُ وَقَعَ فِى الْكُفْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَئِذٍ أَنْ يَتَشَهَّدَ احْتِيَاطًا عَلَى الْفَوْرِ لِأَجْلِ أَنْ يَخْلُصَ مِنَ الْكُفْرِ إِنْ كَانَ حَصَلَ مِنْهُ فَإِنْ تَشَهَّدَ نَفَعَهُ وَلا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَشَهَّدَ مِنْ جَدِيدٍ إِذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ قَصَدَ الْمَعْنَى الْكُفْرِىَّ فَإِنْ لَمْ يُبَادِرْ فَوْرًا إِلَى التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ رَضِىَ لِنَفْسِهِ بِالْبَقَاءِ عَلَى احْتِمَالِ حُصُولِ الْكُفْرِ مِنْهُ. وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ إِذَا عَلِمَ حُكْمَ مَسْأَلَةٍ أَنَّهَا كُفْرٌ وَلَمْ يَسْمَعْ بِحُكْمِهَا مِنْ قَبْلُ فَصَارَ عِنْدَهُ احْتِمَالٌ أَنْ تَكُونَ حَصَلَتْ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَتَشَهَّدَ احْتِيَاطًا عَلَى الْفَوْرِ.

الشرح بصوت فضيلة الشيخ الدكتور نبيل الشريف حفظه الله تعالى وجزاه عنا خير الجزاء

أوَّلًا: في مسألة تشهُّد الاحتياط:

أ) خلط المدعو (نايف عمُّورة) بين تشهُّد الاحتياط الواجب فورًا وبين التَّشهُّد جزمًا:

ب) وخلط كذلك في محلِّ كُلٍّ منهُمَا في ضبط المسألة التَّالية:

المسألة:

– إذَا شكَّ المرء شكًّا حقيقيًّا في أنَّه صدر منه ما يعلم أنَّه كُفر -يقينًا- بالإجماع.

1. يتشهَّد فورًا للاحتياط الواجب.

فإنْ ترك ذلك أو أخَّره:

2. لزمه أنْ يتشهَّد جزمًا للدُّخول في الإسلام.

التَّعليل:

لأنَّ المرء إذَا شكَّ شكًّا حقيقيًّا في صُدور ما يعلم أنَّه كُفر -يقينًا- بالإجماع؛ ولم ينفِ الشَّكَّ بالتَّشهُّد الاحتياطيِّ الواجب فورًا بحيث تلبَّس حالة الخُروج عن اليقين بكونه مُؤمنًا -أي فيما لو تجاوز حالة طُروء الشَّكِّ إلى حالة تلبُّس القلب بالشَّكِّ- صار عليه أنْ يتشهَّد جزمًا للدُّخول في الإسلام، وذلك لأنَّه بهذه الحالة يكون صار:

(1) في حُكم مَن علَّق كُفره على حُصول شيء.

(2) وفي حُكم مَن رضي باحتمال الكُفر.

ج) إنكار المدعو (نايف عمُّورة) وُجوب تشهُّد الاحتياط -كما في المسألة أعلاه- لشُبهة أنَّه غير معلوم مِن الدِّين بالضَّرورة:

وهو في هذه جاهل على التَّحقيق؛ وذلك لأنَّه قد عُلِمَ مِن الدِّين بالضَّرورة:

1- أنَّ استدامة الإيمان واجبة وأنَّ مَن تركها كَفَرَ.

2- أنَّ مَن علَّق كُفره على شيء (في الماضي أو المُستقبل) كَفَرَ في الحال.

3- أنَّ الرِّضى بالكُفر كُفر أي أنَّ مَن رضي بالبقاء على حالة لا يكون فيها جازمًا بكونه مُؤمنًا يكفُر.

التَّعليل:

لأنَّ مَن ترك تشهُّد الاحتياط الواجب -في المسألة المذكورة أعلاه- يكون قد وقع في هذه الأُمور الثَّلاثة وكُلُّها معلومة مِن الدِّين بالضَّرورة.

ولأنَّ مَن ترك تشهُّد الاحتياط الواجب -في المسألة المذكورة أعلاه- يكون قد تلبَّس حالة لا يعود معها (جازم النِّيَّة في الثُّبوت على الإسلام) -لأنَّ الجزم لا يجتمع مع تلبُّس الشَّكِّ- وقد نصَّ على وُجوب ذلك صاحب [سُلَّم التَّوفيق].. المتن الَّذي يزعُم المدعو (نايف عمُّورة) أنَّه دَرَسَه.. فهل أعجب مِن هذا الاضطراب والتَّناقُض!؟

وأمَّا قول المدعو نايف عمُّورة: “إنَّ العُلماء لم يذكُروا تشهُّد الاحتياط الواجب في الكُتُب” إلخ..

– فمردود عليه؛ لأنَّهم وإنْ لم يذكروه -فيما يظُنُّ هُو- فقد عَلِمَ أنَّهم ذكروا ما يدُلُّ عليه، والقاعدة الشَّرعيَّة تقول: <ما لا يتمُّ الواجب إلَّا به فهُو واجب> فهل نترُك قواعد الشَّرع لنلتحق بما يحكيه جاهل مُتصولح عن مثله مِن أهل الفتنة!؟

ثُمَّ اعلم أنَّه لا خلاف بين المُسلمين أنَّه مِن الواجب على المُؤمن حماية نفسه ومنعها مِن الوُقوع في الكُفر وهذا لا يخفى على أحد مِن المُسلمين فيعرفه العالِم والجاهل والكبير والصَّغير.

وهذا جواب سُؤاله عمَّا لو كان تشهُّد الاحتياط معلوم مِن الدِّين بالضَّرورة أم لا؛ حيث كان تشهُّد الاحتياط فرعًا مِن مسألة أصلُها معلوم مِن الدِّين بالضَّرورة.

وانتبه أخي القارئ فإنَّ ترك تشهُّد الاحتياط الواجب ليس هُو العلَّة في الوُقوع في الكفر -في الأصل- وإنَّما الكُفر في أنْ يتلبَّس القلب حالة الخُروج عن اليقين بكونه مُؤمنًا؛ وإنَّما تشهُّد الاحتياط وسيلة لدرء الكُفر عمَّن وقع في ذلك الشَّكِّ الموصوف بشُروطه كمَا ذكرناه آنفًا فإنْ لم يدرأ المرء عن نفسه حالة تلبُّس القلب بالكُفر: كَفَر؛ والعياذ بالله.

ثُمَّ الجهل بكيفيَّة حماية المرء نفسه مِن الكُفر ليس عُذرًا عند الله؛ والفُقهاء المُسلمون قالوا إنَّ الجهل في مثل هذه الأمور ليس عُذرًا مقبولًا؛ ولعلَّ الجاهل العنيد يعلم أنَّ كثيرًا مِن أهل زماننا لا يعرفون أنَّ عليهم النُّطق بالشَّهادتَين بنيَّة الدُّخول في الإسلام إذَا صدر منهُم الكُفر فهل يصيرون معذورين في وُقوعهم في الرِّدَّة -والعياذ بالله- بسبب جهلهم!؟

وكذلك حال الجاهل في كلِّ مسألة احتاج فهمُها إلى انتباهِ قلبٍ كما إلى توفيق مِن الله عزَّ وجلَّ؛ بدءًا مِن مسألة تشهُّد الاحتياط لمَن خرج عن اليقين في كونه مؤمنًا واحتمل عنده احتمالًا حقيقيًّا أنَّه كفر بالله إلى مسألة مَن قال في الشَّهادتَيْن بنيَّة الدُّخول في الإسلام “وأشهد أنَّ مهمَّدًا (بالهاء) رسول الله” وكان قادرًا على النُّطق الصَّحيح مُتوصِّلًا لمن يعلِّمه، فلم يفهم الجاهل الحكمَ جريًا على القواعد المقرَّرة في الشَّريعة ويكفي ردًّا عليه قول النَّوويِّ في شرح مُسلم: <واتَّفق أهل السُّنَّة مِن المُحدِّثين والفقهاء والمُتكلِّمين على أنَّ المُؤمن الَّذي يُحكم بأنَّه مِن أهل القِبلة ولا يُخلَّد في النَّار لا يكون إلَّا مَن اعتقد بقلبه دين الإسلام اعتقادًا جازمًا خاليًا مِن الشُّكوك ونطق بالشَّهادتَيْن فإنِ اقتصر على إحداهما لم يكن مِن أهل القِبلة أصلًا> انتهى.

************************************************************************************

المُختصر الوثيق

في الرَّدِّ على مَن لم يعرف التَّحقيق

ويليه قصيدة عنوانها:

الرِّيح الصَّرصر على مَن ثرثر وتكبَّر

الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.

أمَّا بعدُ فقد انجلى غُبار ما توعَّدنا به المدعو (نايف عمُّورة) ولات فرس! وتمخَّض جبله وليس ثمَّة إلَّا فأر؛ فحقَّ لنا أنْ نُذكِّر بما قال جرير مُتهكِّمًا:

زعمَ الفرزدقُ أنْ سيقتُلُ مِربعًا * أبشِرْ بطُولِ سلامةٍ يا مِربعُ!

وكي لا أُطيل عليك أخي القارئ الكريم.. أبدأُ فورًا بإذن الله تعالى وعونه في ردِّ شُبُهات المدعو (نايف عمُّورة) في جُملة مِن المسائل الشَّرعيَّة الَّتي لم يُوفَّق فيها إلى السَّداد ولم يعرف مِن أين إليها طريق الرَّشاد.

أوَّلًا: في مسألة تشهُّد الاحتياط:

أ) خلط المدعو (نايف عمُّورة) بين تشهُّد الاحتياط الواجب فورًا وبين التَّشهُّد جزمًا:

ب) وخلط كذلك في محلِّ كُلٍّ منهُمَا في ضبط المسألة التَّالية:

المسألة:

– إذَا شكَّ المرء شكًّا حقيقيًّا في أنَّه صدر منه ما يعلم أنَّه كُفر -يقينًا- بالإجماع.

1. يتشهَّد فورًا للاحتياط الواجب.

فإنْ ترك ذلك أو أخَّره:

2. لزمه أنْ يتشهَّد جزمًا للدُّخول في الإسلام.

التَّعليل:

لأنَّ المرء إذَا شكَّ شكًّا حقيقيًّا في صُدور ما يعلم أنَّه كُفر -يقينًا- بالإجماع؛ ولم ينفِ الشَّكَّ بالتَّشهُّد الاحتياطيِّ الواجب فورًا بحيث تلبَّس حالة الخُروج عن اليقين بكونه مُؤمنًا -أي فيما لو تجاوز حالة طُروء الشَّكِّ إلى حالة تلبُّس القلب بالشَّكِّ- صار عليه أنْ يتشهَّد جزمًا للدُّخول في الإسلام، وذلك لأنَّه بهذه الحالة يكون صار:

(1) في حُكم مَن علَّق كُفره على حُصول شيء.

(2) وفي حُكم مَن رضي باحتمال الكُفر.

ج) إنكار المدعو (نايف عمُّورة) وُجوب تشهُّد الاحتياط -كما في المسألة أعلاه- لشُبهة أنَّه غير معلوم مِن الدِّين بالضَّرورة:

وهو في هذه جاهل على التَّحقيق؛ وذلك لأنَّه قد عُلِمَ مِن الدِّين بالضَّرورة:

1- أنَّ استدامة الإيمان واجبة وأنَّ مَن تركها كَفَرَ.

2- أنَّ مَن علَّق كُفره على شيء (في الماضي أو المُستقبل) كَفَرَ في الحال.

3- أنَّ الرِّضى بالكُفر كُفر أي أنَّ مَن رضي بالبقاء على حالة لا يكون فيها جازمًا بكونه مُؤمنًا يكفُر.

التَّعليل:

لأنَّ مَن ترك تشهُّد الاحتياط الواجب -في المسألة المذكورة أعلاه- يكون قد وقع في هذه الأُمور الثَّلاثة وكُلُّها معلومة مِن الدِّين بالضَّرورة.

ولأنَّ مَن ترك تشهُّد الاحتياط الواجب -في المسألة المذكورة أعلاه- يكون قد تلبَّس حالة لا يعود معها (جازم النِّيَّة في الثُّبوت على الإسلام) -لأنَّ الجزم لا يجتمع مع تلبُّس الشَّكِّ- وقد نصَّ على وُجوب ذلك صاحب [سُلَّم التَّوفيق].. المتن الَّذي يزعُم المدعو (نايف عمُّورة) أنَّه دَرَسَه.. فهل أعجب مِن هذا الاضطراب والتَّناقُض!؟

وأمَّا قول المدعو نايف عمُّورة: “إنَّ العُلماء لم يذكُروا تشهُّد الاحتياط الواجب في الكُتُب” إلخ..

– فمردود عليه؛ لأنَّهم وإنْ لم يذكروه -فيما يظُنُّ هُو- فقد عَلِمَ أنَّهم ذكروا ما يدُلُّ عليه، والقاعدة الشَّرعيَّة تقول: <ما لا يتمُّ الواجب إلَّا به فهُو واجب> فهل نترُك قواعد الشَّرع لنلتحق بما يحكيه جاهل مُتصولح عن مثله مِن أهل الفتنة!؟

ثُمَّ اعلم أنَّه لا خلاف بين المُسلمين أنَّه مِن الواجب على المُؤمن حماية نفسه ومنعها مِن الوُقوع في الكُفر وهذا لا يخفى على أحد مِن المُسلمين فيعرفه العالِم والجاهل والكبير والصَّغير.

وهذا جواب سُؤاله عمَّا لو كان تشهُّد الاحتياط معلوم مِن الدِّين بالضَّرورة أم لا؛ حيث كان تشهُّد الاحتياط فرعًا مِن مسألة أصلُها معلوم مِن الدِّين بالضَّرورة.

وانتبه أخي القارئ فإنَّ ترك تشهُّد الاحتياط الواجب ليس هُو العلَّة في الوُقوع في الكفر -في الأصل- وإنَّما الكُفر في أنْ يتلبَّس القلب حالة الخُروج عن اليقين بكونه مُؤمنًا؛ وإنَّما تشهُّد الاحتياط وسيلة لدرء الكُفر عمَّن وقع في ذلك الشَّكِّ الموصوف بشُروطه كمَا ذكرناه آنفًا فإنْ لم يدرأ المرء عن نفسه حالة تلبُّس القلب بالكُفر: كَفَر؛ والعياذ بالله.

ثُمَّ الجهل بكيفيَّة حماية المرء نفسه مِن الكُفر ليس عُذرًا عند الله؛ والفُقهاء المُسلمون قالوا إنَّ الجهل في مثل هذه الأمور ليس عُذرًا مقبولًا؛ ولعلَّ الجاهل العنيد يعلم أنَّ كثيرًا مِن أهل زماننا لا يعرفون أنَّ عليهم النُّطق بالشَّهادتَين بنيَّة الدُّخول في الإسلام إذَا صدر منهُم الكُفر فهل يصيرون معذورين في وُقوعهم في الرِّدَّة -والعياذ بالله- بسبب جهلهم!؟

ثانيا: في مسألة العصمة:

د) خلط الجاهل بين المعصية عمدًا وبين الجُرأة على الله:

وقد بيَّنَّا للجاهل العنيد مرارًا وتكرارًا كيف جوَّز جُمهور عُلماء أهل السُّنَّة والجماعة وُقوع الأنبياء في الصَّغائر الَّتي لا خسَّة فيها -عمدًا- قبل النُّبُوَّة وبعدها.. فهل تراهم جوَّزوا على الأنبياء الجرأة على الله!؟

* وكيف يكون جريئًا على الله مَن لو عصى:

– لا تكون معصيتُه إلَّا نادرًا.

– ولا تكون إلَّا صغيرة.

– ولا تكون إلَّا غير مُنفِّرة -لا خسَّة فيها ولا دناءة-.

– ولا يصدُر منه الذَّنب حتَّى يُنبَّه فلا يُصِرُّ عليه.

– ويتوب منه فورًا قبل أنْ يُقتدى به فيه.

– ولا يتوب مِن الذَّنب إلَّا وقد انكبَّ على كثرة الاستغفار ليكون جابرًا مِن الذَّنب الصَّغير فلا تنزل درجته عند الله بل يزداد فضلًا وجاهًا وكرامة.

وهذا كافٍ في إبطال وصف الأنبياء -صلوات الله عليهم وسلامُه- بالجُرأة على الله؛ لمُجرَّد -وُقوع الواحد منهُم نادرًا في معصية صغيرة لا خسَّة فيها ولا دناءة كما على قول الجُمهور- وقد سبق أنْ بيَّنَّا كيف أنَّ الجُمهور جوَّز تلك الصَّغائر على الأنبياء قبل وبعد النُّبُوَّة سهوًا وعمدًا.

ثُمَّ وعلى قول الجُمهور بوقوع نبيٍّ في صغيرة لا خسَّة فيها يتوب منها فورًا؛ لا يكون -العمد- في ذلك أنَّ دافعه إلى اقترافها كونُها معصية؛ هذا غير صحيح ولم يقُل بذلك الجُمهور ولا غيرُهُم وإنَّما هُو فهم سقيم لوُقوع المعصية عمدًا عند بعض أهل الفتنة. نعم يقع الفعل عمدًا أي يقصدون الفعل ويكون الفعل صغيرة لكن لا يختارون فعله عمدًا بسبب أنَّه معصية. والواحد منَّا نحن غير المعصومين لو وقع في معصية فإنَّه يفعل ذلك لأسباب مُختلفة ولكن ليس بينها أنْ يكون الدَّافع إلى اقتراف المعصية كونها معصيةً لله تعالى فكيف بالأنبياء صلوات الله عليهم وسلامُه.

هـ) إنكار الجاهل إثبات الجُمهور وُقوع الصَّغائر مِن الأنبياء:

وقد اعتمد الجاهل العنيد في شُبهته هذه على كون الدِّلالة ظنِّيَّة، وشُبهتُه هذه لا معنَى لها في علم الأُصول فإنَّ العُلماء مِن لدُن صحابة رسول الله عليه الصَّلاة والسَّلام وحتَّى يومنَا هذا يحتجُّون في إثبات الأحكام والحُدود الشَّرعيَّة بالأدلَّة سواء كانت الدِّلالة قطعيَّة أو ظنِّيَّة. وليت شعري هل يدري الجهول بأنَّ قوله (دلالة ظنِّيَّة) معناه (ثبوت ظنِّي)!

وللتَّقريب فقد جزم الشَّافعيُّ رضي الله عنه ببُطلان وُضوء مَن مَسَّ بشَرة امرأة أجنبيَّة بلا حائل مع كون الدِّلالة ظنيَّة في قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} وليست دلالة قطعيَّة بدليل أنَّ أبا حنيفة رضي الله عنه فسَّرها بالجِماع ولو كانت قطعيَّة الدِّلالة لَمَا تجرَّأ أحد على مُخالفتها.

فأيُّ مُحقِّق أنتَ أيُّها المدعو (نايف عمُّورة) ومَن سمح لك بالفتوى في أُصول الفقه والدِّين ومَن حرَّضك على القياس وأنت لا تُحسن الكتابة ولا النَّحو فضلًا عن سائر المعارف الشَّرعيَّة..

و) إصرار المدعو (نايف عمُّورة) على أنَّ للمعصية ثلاثة إطلاقات:

ولا زال العنيد البليد مُصرًّا على أنَّ للمعصية ثلاثة إطلاقات! وهذه بدعة لم يَدعُ إليها قبله ذو لسان ولم يسبقه إليها إنس ولا جان.. فيقول والعياذ بالله:

المعصية لها إطلاقات ثلاثة:

1- إطلاق حقيقيٌّ

2- وإطلاق مجازيٌّ

3- وإطلاق ثالث لا هو حقيقيٌّ ولا هو مجازيٌّ!

فلمَّا نبَّهناه إلى أنَّ الإطلاق الثَّالث مُفترًى على الشَّرع واللُّغة ثرثر وتكبَّر وأراد الهرب مِن التَّراجع عن الغلط -وكأنَّه أكبر مِن أنْ يتراجع عن الخطإ- فموَّه على النَّاس بنقل نصوص عن بعض العُلماء استعملوا فيها لفظ (معصية صورة) وغفل المُتصولح أنَّ المعصية صورة هي المعصية مجازًا.

وليت شعري كيف يُثبت النَّوع الثَّالث بمُجرَّد أنَّه نقل عن بعض العُلماء استعمالهم مُصطلح معصية صورة أين في مثل هذا أنَّ الإطلاقات ثلاثة! ما هذا التَّمويه الضَّعيف! فلا حول ولا قوة إلَّا بالله.

وقد يُساعده لو قُلنا له مُعلِّمين ومُرشدين وعلى الله مُتوكِّلين:

إنَّه يُطلق على الشَّيء لفظ المعصية:

1. فإمَّا أنْ يكون معصية حقًّا.

2. وإمَّا ألَّا يكون كذلك.

– فالأوَّل هُو (المعصية الحقيقيَّة).

– والثَّاني هُو (المعصية المجازيَّة) وبعضُهم يستعمل لفظًا آخرَ في التَّعبير عنها فيقول: (معصية صورة) فالمجازيَّة تعني صورة والتَّعبيرانِ يعنيانِ أنَّها ليست حقيقيَّة.

أمَّا أن نأتي إلى شيء:

– لا يُطلق عليه لفظ المعصية حقيقة؛

– ولا يُطلق عليه لفظ المعصية مجازًا/صورة؛

= فهُو شيء لا يُطلق عليه لفظ المعصية بالمرَّة.. فأرجو أنِّي نجحتُ في أنْ أُعلِّمَك هذا الَّذي لا يخفى على الأطفال الصِّغار يا نايف.

ثالثًا: في مسألة الرِّضى بالكُفر:

ز) جهل المدعو (نايف عمُّورة) بمعنى الرِّضى في الأُصول:

وفي هذه المسألة توهَّم المدعو (نايف عمُّورة) بأنَّ الرِّضى هُنا هُو ما يميل إليه القلب وليس هذا المقصود بالرِّضى بل المقصود الأخذ والقَبول لأنَّ الكلام في الأُصول فلا يُشترط فيه الفرح والسُّرور والابتهاج والحُبور والميل القلبيُّ.

فمَن قال: (أنا كافر) فهذا تقرير منه للأخذ بالكُفر فهذا هُو الرِّضى بالكُفر -فيكفُر ولو قال: (ولكنِّي كاره للكُفر) لأنَّ قوله: (أنا كاره للكُفر) خبر عن الميل القلبيِّ- أمَّا مِن حيث الأخذ فهُو بقوله: (أنا كافر) قد قرَّر على نفسه الأخذ بالكُفر فكأنَّه قال: (أنا آخِذٌ بالكُفر) فهذا ينطبق عليه القاعدة الشَّرعيَّة الَّتي تقول: الرِّضى بالكُفر كُفر.

خاتمة:

وهذا قليل مِن كثير ممَّا خالف فيه المدعو (نايف عمُّورة) شرعَ الله وقليل مِن كثير ممَّا تنطَّع فيه إلى عمل المُحقِّقين مِن العُلماء الكبار وهو الغمر المُبتدئ الضَّعيف في سائر المعارف الشرعيَّة فلا حول ولا قُوَّة إلَّا بالله.

وكنتُ أُحِبُّ لو يسع المقام للكلام في بقيَّة النُّقاط ولكن فيما رسمناه كفاية لمُسترشد ومَن أَحَبَّ الاستزادة زدناه بإذن الله تعالى إذَا راجعنا على (البريد) ومَن شاء فليُراجع في المُداخلة الأُولى حاشيةً على هذا المقال.

وأختم هذا المقال بأبيات شعر كنتُ نظمتُها قبل البدء بخطِّ المقال وجعلتُ عنوانها [الرِّيح الصَّرصر على مَن ثرثر وتكبَّر] قلتُ فيها:

1. قَالُوا اسْتَغَابَكَ نَايِفٌ ~ فِي مَجْلِسٍ لِلثَّرْثَرَهْ

2. قُلْتُ ابْتَلَاهُ رَبُّنَا ~ بِالْإِفْتِرَا وَالْبَرْبَرَهْ

3. لَمْ يَأْتِ إِلَّا بَاطِلًا ~ وَلَهُ هَوًى فِي الطَّرْطَرَهْ

4. مَكَرَ الْخَؤُونُ وَكَادَ لِي ~ صُوصٌ يَكِيدُ لِحَيْدَرَهْ

5. وَلَهُ نَصَحْتُ فَخَانَنِي ~ وَأَنَا أَرَدْتُ التَّذْكِرَهْ

6. قَدْ جَاءَ فِي صَحْبٍ لَهُ ~ حُمُرٍ هُمُ مُسْتَنْفَرَهْ

7. فَإِذَا صَرَخْنَا فِيهِمُ ~ فَقُلُوبُهُمْ مُتَفَجِّرَهْ

8. لَمْ يَبْقَ مِنْ آثَارِهِمْ ~ شَيْءٌ فَبِئْسَ الْمَنْظَرَهْ

9. فَكَأَنَّهُمْ مِنْ قَوْمِ عَادٍ أُهْلِكُوْا في مَقْبَرَهْ

10. وَكَأَنَّنَا مِنْ فَوْقِهِمْ ~ جِئْنَا بِرِيحٍ صَرْصَرَهْ

11. يَا نَايِفُ الْمَفْتُونُ أَنْتَ بِكُلِّ نَادٍ “مَسْخَرَهْ”

12. قَوَّلْتَنَا مَا لَمْ نَقُلْ ~ وَضَلَلْتَ مَا لَكَ مَعْذِرَهْ

13. وَعَلَى جُمُوعِ الْمُجْرِمِينَ غَدًا تَدُورُ الدَّائِرَهْ

14. وَجَهَنَّمٌ مَأْوَاكَ إِنْ ~ عَانَدْتَ حَتَّى الْغَرْغَرَهْ

15. فَارْجِعْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَوْرًا إِنْ أَرَدْتَ الْمَغْفِرَهْ

16. وَاعْلَمْ بِأَنَّ قُلُوبَنَا ~ مِمَّا جَنَيْتَ مُطَهَّرَهْ

17. وَعُيُونُنَا وَالْحَمْدُللهِ الْمُهَيْمِنِ مُبْصِرَهْ

18. وَرِيَاضُنَا بِالْخَيْرِ وَالْإِيمَانِ حَقًّا مُزْهِرَهْ

19. وَالْمُصْطَفَى دَوْمًا لَهُ ~ فِينَا الْمَحَبَّةُ ظَاهِرَهْ

20. وَيَفُوزُ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ ~ بَرٌّ أَرَادَ الْآخِرَهْ

انتهى

حلُّ ألفاظ القصيدة مِن [لسان العرب] وما بين هذه الأقواس <> مِن تصرُّفي:

وَالْبَرْبَرَةُ: كَثْرَةُ الْكَلَامِ وَالْجَلَبَةُ بِاللِّسَانِ.

وَالطَّرْطَرَةُ: كَالطَّرْمَذَةِ مَعَ كَثْرَةِ كَلَامٍ.

<و> رَجُلٌ فِيهِ طَرْمَذَةٌ أَيْ أَنَّهُ لَا يُحَقِّقُ الْأُمُورَ وَقَدْ طَرْمَذَ عَلَيْهِ.

الصُّوصُ: اللَّئِيمُ الْقَلِيلُ النَّدَى وَالْخَيْرِ.

وَحَيْدَرَةُ: الْأَسَدُ.

وَالتَّذْكِرَةُ: مَا تُسْتَذْكُرُ بِهِ الْحَاجَةُ. وَالذِّكْرَى: اسْمٌ لِلتَّذْكِرَةِ.

وَالْحِمَارُ: النَّهَّاقُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ، وَجَمْعُهُ أَحْمِرَةٌ (وَحُمُرٌ) وَحَمِيرٌ وَحُمْرٌ وَحُمُورٌ.

مُسْتَنْفَرَةٌ، بِفَتْحِ الْفَاءِ، أَيْ مَذْعُورَةٌ.

وَالْمَنْظَرُ وَالْمَنْظَرَةُ: مَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فَأَعْجَبَكَ أَوْ سَاءَكَ.

الْمَقْبَرَةُ، وَالْمَقْبُرَةُ وَاحِدَةُ الْمَقَابِرِ.

<صرصره>: وَرِيحٌ صِرٌّ وَصَرْصَرٌ: شَدِيدَةُ الْبَرْدِ، وَقِيلَ: شَدِيدَةُ الصَّوْتِ. <والهاء للسَّكت>.

وَالْغَرْغَرَةُ: تَرَدُّدُ الرُّوحِ فِي الْحَلْقِ.

وَالدَّائِرَةُ: الْهَزِيمَةُ وَالسُّوءُ. يُقَالُ: عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ. وَفِي الْحَدِيثِ: “فَيَجْعَلُ الدَّائِرَةَ عَلَيْهِمْ” أَيِ الدَّوْلَةُ بِالْغَلَبَةِ وَالنَّصْرِ.

وَالْبَرُّ: الصَّادِقُ.

انتهى

*********************************************************************************************

مجلسنا اليوم

نرد فيه على المدعو (نايف عمورة)

في مسألة تشهد الاحتياط

مجلس 64:

الحمدلله

وصلى الله وسلم على رسول الله

اللهم اجعل نياتنا خالصة لوجهك الكريم

وامحق اللهم الفتنة وأهلها يا عزيز يا جبار

ءامين

وبعدُ فإنَّ مَن علَّق كفره على حصول أمر كَفَرَ في الحال

سواء كان الأمر في الماضي او في المستقبل

كأن قال: (إذا انتصرت الصين في حربها على الهند أصير كافرا)

= فهذا علَّق كفره على أمر قد يحصل في المستقبل

— > لذلك يكفر في الحال والعياذ بالله تعالى

كذلك يكفر مَن علَّق كفره على أمر حصل في الماضي

كأن شكَّ لمن كانت الغلبة يوم بدر

فقال: (إن كان المشركون انتصروا في بدر فأنا الآن كافر)

أو قال: (إن كان المسلمون انتصروا في بدر فأنا الآن كافر)

وكان لا يعرف لمن كانت الغلبة يوم بدر

= فهذا علَّق كفره على أمر ماض

— > لذلك يكفر في الحال والعياذ بالله تعالى

وهذه مسألة كنا فصَّلناها تفصيلًا من قبل

وعلَّمناها للمدعو (نايف عمورة) مرات عديدة

فَهِمَ المدعو (نايف عمورة) المسألة الأولى

لكن الله لم يوفقه إلى فهم الثانية

وهذه علامة الخذلان فيه

فنسأل الله السلامة مما ابتلاه من الجهل

ويا سادة

إن المدعو (نايف عمورة) رجل عامي شديد الجهل

متكبر يرد الحق على قائله ولا يقبله

وهو بعدُ وقح كثير التنطع

فلا يخلو مجلس له من الفتوى بغير علم

فعليه من الله ما يستحق

— > وأنا كنت نسيتُه

حتى عاد هو للكلام في مسألة تشهد الاحتياط

= فذكَّرني بالتحذير الواجب منه

فأحُذِّر منه عملًا بما افترض الله علينا

والله من وراء القصد هو يهدي السبيل سبحانه وتعالى

يقول الشيخ زكريا الأنصاري في [أسنى المطالب شرح روض الطالب]:

<واستدامة الإيمان واجبة فمَن تركها كَفَر> انتهى.

ما معنى (واستدامة الإيمان واجبة فمَن تركها كَفَر)؟

معناه أن مَن خرج عن اليقين بكونه مؤمنًا = صار كافرًا

يعني (مَن صار في حالة لا يعرف معها “هل هو مؤمن يقينًا”)

= هذا خرج عن اليقين بكونه مؤمنًا

= صار تاركًا لليقين بكونه مؤمنًا

= فيكفُر في الحال

وكذلك عجز المدعو (نايف عمورة) عن فهم الفرق

1- بين مَن شكَّ هل صدر منه ما يعلم أنه كُفر بالإجماع أم لا

2- وبين مَن فعل شيئًا لا يعرف حكمه في الشرع

فجعل الاثنين في حكم واحد والعياذ بالله تعالى

= والصواب: أن الحُكم يختلف بينهما

— > على ما سنبين بإذن الله تعالى فيما يلي

فالأول

شكَّ هل صدر منه ما يعلم أنه كُفر بالإجماع أم لا

فإن لم ينفِ طروء الشك بتشهد الاحتياط الواجب

فهذا (اقتضت الضرورة) أنه خرج عن اليقين بكونه مؤمنًا

لأنه يعلم أن ما شك في صدوره منه: كفر مجمع عليه

ماذا يعني (اقتضت الضرورة) ذلك؟

معناه لا بد أن يخرج عن اليقين بكونه مؤمنًا

إن لم ينفِ طروء الشك بتشهد الاحتياط الواجب

لا يوجد خيار ثالث

إما أن يتشهد للاحتياط

أو يصير في حالة لا يقول معها إنه مؤمن يقينًا

أما الثاني

الذي فعل شيئًا لا يعرف حكمه في الشرع

فهذا (لا تقتضي الضرورة) أن يخرج عن اليقين بكونه مؤمنًا

— > وهذا ما لم تفهمه

= ولأنك لم تفهم يا ضعيف الذهن:

— > فقد افتريتَ عليَّ وقوَّلتَني ما لم أقل

فالذي فعل شيئًا لا يعرف حكمه في الشرع

أنا قلتُ إن احتمال أن يكون الحُكم كُفرًا هذا احتمال عقلي

ولا يجب تشهد الاحتياط لمجرد الاحتمال العقلي

هذا ما قلتُه ويشهد بذلك كل من سمعني

ولم أقل هذا مجرد خاطر كما افتريتَ عليَّ

لو كان مجرد خاطر

كان يكفي أن ينفيه عن قلبه وباله

= ويصير في أمان

— > ثم لا يترتب عليه بعد ذلك شيء

أما في كونه جاهلًا بمعرفة حُكم فعلِه في الشرع

فيجب عليه أن يتعلَّم

1- فإن كان حرامًا تاب منه

2- وإن كان كُفرًا تبرَّأ منه بالتشهد جزمًا

وهكذا

الشك الحقيقي

فيه زيادة على مجرد الاحتمال العقلي

– لمجرد الاحتمال العقلي لا يجب تشهد الاحتياط

– لمجرد الاحتمال العقلي لا يجب تشهد الاحتياط

– لمجرد الاحتمال العقلي لا يجب تشهد الاحتياط

كم مرة عليَّ أن أكرر الكلام حتى يرسخ في ذهنك الضعيف يا (نايف)!

مجرد الاحتمال العقلي

لا يقتضي الخروج عن اليقين بالإيمان

يستطيع البقاء مطمئنَّ القلب بالإيمان لمجرد الاحتمال العقلي بصدور كُفر مجمع عليه منه

ولاحظ قولي (لمجرد) ذلك

فإن نزعنا كلمة (مجرد) فيكون حالتان اثنتان

هاك تفصيلهما:

الحالة الأولى: فعل ما لا يعرف حكمه في الشرع:

– فإن تَرَكَ استدامة الإيمان فقد كَفر

= كما قال الشيخ زكريا الأنصاري فيما قدمناه آنفًا

في أول المجلس

والحالة الثانية: فعل ما لا يعرف حكمه في الشرع:

– فإن لم يترك استدامة الإيمان

-وله ذلك.. له أن لا يخرج عن اليقين بكونه مؤمنًا لأنه ما شكَّ شكًّا حقيقيًّا بأنه صدر منه كفر مجمع عليه.. لأن احتمال كون الحكم كُفرًا هُنا هو احتمال عقلي-

فهذا لا يكون كَفرَ بالله

وهكذا يتبيَّن الفرق:

– بين مَن شكَّ هل صدر منه ما يعلم أنه كُفر مجمع عليه

– وبين مَن فعل ما لا يعرف حُكمه في الشرع

فالأول: يتشهد للاحتياط وجوبًا

لأنه إن لم يفعل صار في حكم من علَّق كفره على أمر في الماضي

فإن أخَّر تشهد الاحتياط بعد طروء الشك:

وجب عليه التشهد جزمًا لا احتياطا

والثاني: لا يتشهد للاحتياط الواجب

(أ) لأنه لا يعرف حُكمَ فعلِه في الشرع فلا ينفعه تشهد الاحتياط

(ب) وهو بكل حال ما شك شكا حقيقيا هل صدر منه ما يعلم أنه كفر مجمع عليه

(ج) ولأنه لمجرد الاحتمال العقلي لا يجب تشهد الاحتياط

وزعم المدعو (نايف عمورة) أن الإنسان يخرج عن اليقين بكونه مؤمنًا بمجرد طروء الشك

— > وهذا كلام باطل فاسد جاء به نايف من كيسه

ليس له فيه مرجع صالح

وكيف يا جاهل يتساوى في ذهنك مجرد طروء الشك

بحالة تلبس القلب بالشك في ذلك!

أرجو أنك فهمتَ أخيرًا يا (نايف)

= والظن أنك لم تفهم

إذ قد جرت العادة في أنك لا تفهم

فلا حول ولا قوة إلا بالله

مسألة فيها الحكم بالكفر أو بالإيمان

ولستَ أهلا للخوض فيها يا (نايف)

مَن أنت لتخوض في مسائل الإيمان والكفر بخلاف ما ثبت عندك عن العارف الثقة والعالِم العامل!؟

إن كنتَ تجهل مَن أنت!

سل نفسك تخبرك فهي بك خبيرة

ونحن كذلك نخبرك من أنت يا (نايف) وماذا تكون

أنت جاهل متكبر والعياذ بالله

ما ذنب الناس الذين تغشهم في أمر دينهم..

لمجرد جهلك وضعف ذهنك يا (نايف)!

ولمجرد شهوة تصدر المجالس والفتوى ولو بغير علم!

أعوذ بالله منك

متى تفهم أنك تتنطع وأنك تفتي بغير علم!

وأنت تعلم يقينًا أنك تتكلم بخلاف ما بلغك عن العارف الثقة والعالِم العامل

ومع ذلك تتجرأ

فيا لوقاحتك.. ويا لخيبتك..

واختصارا لكل ما سبق:

المدعو (نايف عمورة) عنده مصايب كثيرة

الأولى

أنه لا يفهم أن الخروج عن اليقين بالإيمان كفر

لم يفهم قول زكريا الأنصاري في هذا

لأنه -أي نايف- لم يفهم أن من علق كفره على أمر في الماضي يكفر حالا

هذه صعبة على فهمه!

نعوذ بالله منه

ومصيبة (نايف) الثانية

أنه لم يفهم الفرق بين

مجرد طروء الشك على البال

وبين تلبُّس القلب لحالة الشك المذكور

فجعلهما واحدة والعياذ بالله

ومصيبة ثالثة عنده

أنه ساوى بين حكم من شك شكا حقيقيا بصدور ما يعلم أنه كفر مجمع عليه منه

وبين من فعل ما لا يعرف حكمه في الشرع

فجعلهما واحدا

الله أكبر

كم يخبط وكم يخلط هذا الجاهل الشرير

نعوذ بالله منه

المدعو (نايف عمورة) بسبب جهله الشديد

أنكر على من أمر بتشهد الاحتياط الواجب وسمى ذلك جهلا

فنعوذ بالله من الكفر

واقرأوا عن مصيبة أخرى يخفيها المدعو (نايف) بين جنبيه

تعرفون الصحابي الذي قال فيه رسول الله: <عمار ملئ إيمانا حتى مشاشه> أعني عمار بن ياسر

المدعو (نايف) يزعم أن عمارًا خرج عن اليقين بكونه مؤمنا..

أعوذ بالله!

الله يقول: {وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}

ونايف يزعم أنه خرج عن اليقين بكونه مؤمنا!

كل أحد يعرف أن الاطمئنان نقيض الشك

إلا المدعو (نايف) يتكبر عن قبول الحق الواضح الجلي

فعليه من الله ما يستحق

انتهى

تفضَّلوا بالأسئلة إن وُجدت

ولتكن ضمن ما تناولنا الكلام عنه في المجلس