الرَّدُّ على مَن أباح تفضيل غُبار حافر فرس مُعاوية
على الخليفة الرَّاشد سيِّدنا عُمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه
الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.
وبعدُ فإنَّ نبيَّنا عليه الصَّلاة والسَّلام يقول في الكعبة المُشرَّفة: <لَحُرمَةُ المُؤْمِنِ أَعظَمُ عِندَ اللَّهِ حُرمَةً مِنكِ> رواه ابن ماجه فكيف يتجرَّأ أحد على ردِّ الحديث الشريف وعلى تفضيل (غُبار حافر فرس مُعاوية) على الحاكم العادل والخليفة الرَّاشد سيِّدنا عُمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه!
ويزعُم أُولئك المُتسرِّعون أنَّ التَّفضيل المذكور مجاز في تفضيل جهاد مُعاوية على عَمَلِ عُمر بن عبدالعزيز وهذا مُمتنع لأسباب عديدة، لعلَّ أهمَّها: خُلُوُّ تعبيرهم مِن قرينة لفظيَّة أو حاليَّة تمنع حمل المعنَى على حقيقته أي لانعدام القرينة المانعة عن حمل الغُبار على حقيقته.
وعلى تقدير أنَّ لكلامهم الفاسد تأويلًا فلا يجوز أن نأتيَ بكلام في ظاهره تكذيب لحديث نبيِّنا عليه الصَّلاة والسَّلام ثُمَّ نُبيح قوله واستعماله بناء على مظنَّة أنَّ له تأويلًا بعيدًا وليتهُم يقولون لنا أين مثل هذا المجاز في لُغة العرب ولن يجدوا وإنَّما أصابتهُم لوثة مِن رديء مذهب النَّواصب.
وأيضًا فعلى تقدير أنَّ لذلك الكلام الفاسد تأويلًا فهل يزعُم أُولئك المُتسرِّعون أنَّه يجوز أن نقول إنَّ غُبار حافر فرس رسول الله أفضل مِن أنبياء الله إبراهيم ومُوسَى وعيسَى عليهمُ السَّلام أم يعرفون أنَّ هذا فيه تحقير لأنبياء الله وهُو كُفر بلا خلاف والعياذ بالله تعالَى ممَّا يفتري المُجرمون.
والعجب أنَّ أُولئك المُتسرِّعين أخذوا عن عبدالله بن المُبارك ما لا يصحُّ نسبتُه إليه وتركوا ما نقله الحافظ البلاذريُّ في [أنساب الأشراف] عن ابن المُبارك وأنَّه قال: <ها هُنا قَوم يسألون عن فضائل مُعاوية وبحسب مُعاوية أنْ يُترك كفافًا> انتهى ومعناه: يكفيه أن يُسكت عنه فلا يُفتَضَح.
والخُلاصة أنَّ دعوَى المجاز في ذلك الكلام الفاسد الظَّاهر الدِّلالة على المُراد ما هُو إلَّا خبط لا تنهض به حُجَّة، وهُو اتِّباع لطريقة جَهَلَة المُتصوِّفة الَّذين يُؤوِّلون العبارات مهما كانت صريحة في الكُفر فيقولون إنَّ لها تأويلًا ولها معان باطنة ففتحوا بذلك باب الضَّلال على مصراعيه.
نهاية المقال.
Nov 12, 2022 5:02:23am
الجزء الثَّاني
بيان عدم صحَّة المجاز في قولهم بتفضيل غُبار
حافر فرس مُعاوية على سيِّدنا عُمر بن عبدالعزيز
الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.
وبعدُ فقد بيَّنَّا في المقال السَّابق عدم صحَّة ما يُنسب لابن المُبارك مِن تفضيل غُبار حافر فرس مُعاوية على سيِّدنا عُمر بن عبدالعزيز رضي الله تعالَى عنه وأنَّ اللُّغة لا تحتمل حمل الكلام المذكور على المجاز، ونزيد الأمر بيانًا بأسطُر قليلة عسَى ينفع الله تعالَى القُرَّاء بهذا البيان.
إنَّ وجه عدم صحَّة تأويل قولهم بتفضيل الغُبار على سيِّدنا عُمر بن عبدالعزيز أنَّ تقدير لفظ الجهاد إنَّما هُو تقدير لشيء خاصٍّ وتقدير الخاصِّ لا ترتكبه العرب إلَّا بدليل يُبَيِّنُ المُراد ويمنع اللُّبس وإلَّا كان كالألغاز وذلك مُمتنع في كلام العرب كما يعرف ذلك مَن مارس عُلوم اللُّغة والآلة.
نهاية المقال.
Nov 12, 2022 9:44:20am
