لا يجوز إطلاق لفظ “الإله” بلا قيد إلَّا على الله تعالى
بيان أنَّ كلمة “الإله” تعني: المعبود بحقٍّ
لا إله إلَّا الله: يعني لا معبود بحقٍّ إلَّا الله
إطلاق لفظ “الإله” على غير الله مع القيد يجوز في مواضع
الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.
قال أبو العبَّاس شهاب الدِّين أحمد الملوي المجيري الشَّافعيُّ -شيخ الدَّردير والبُجيرميِّ والأمير المالكيِّ ومُرتضى الزَّبيديِّ وغيرهم- والمُتوفَّى سنة 1181 هجريَّة في كتابه [اللآلئ المنثورات]: <وهو -أي “إله”- المعبود بحقٍّ فإذَا قُلتَ “لا إله إلَّا الله” فمعناه لا معبود بحقٍّ إلَّا الله، وأمَّا القول بأنَّ “إلهًا” يُطلق على المعبود بباطل فبعيد عن التَّحقيق بمراحل، وقد ردَّ جلَّ مِن قائل في كتابه العزيز على مَن توهَّم مِن الكُفَّار في المعبودات الباطلة أنَّها آلهة في غير ما آية كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} فيستحيل كون المعبودات الباطلة آلهة عقلًا ونقلًا، ولا يخفى أنَّ مَن استحال كونه إلهًا لا يصحُّ أنْ يُسمَّى باسم الإله لعدم وُجود حقيقة الإله فيه، ومثار الغلط في تسمية الجاهليَّة معبوداتهمُ الباطلة آلهة هُو اعتقادُهُم أُلوهيَّتها تَبَعًا لوساوس الشَّيطان وإلَّا فمَن علم أنَّها ليست بآلهة لعدم وُجود حقيقة الإله فيها فكيف يُطلق عليها أنَّها آلهة! وإلَّا فنرجع معه إلى النِّزاع في كونها آلهة وهُو نفس الكُفر فإنَّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمَى القُلوب الَّتي في الصُّدور، والحاصل أنَّ “إلهًا” إنَّما يُطلق على المعبود بحقٍّ لكن لمَّا اعتقدوا أنَّ معبوداتهم معبودة بحقٍّ أطلقوا عليها اسم الإله مِن حيث كونها معبودة بحقٍّ في أذهانهم، فحينئذٍ لم يُطلَق إلَّا على المعبود بحقٍّ عندهُم لكن هذا الإطلاق خطأ مِن التَّعنُّت في الكُفر كإطلاق لفظ الرَّبِّ ولفظ الرَّحمن معرَّفَين بـ(أل) على غير الله) انتهى كلامه.
وقال الشَّيخ عبدالله الهرريُّ رحمه الله في [الدُّرَّة البهيَّة في حلِّ ألفاظ العقيدة الطَّحاويَّة]: <(ولا إله غيره) الشَّرح: “الإله” مَن له الإلهيَّة وهي قُدرة الإبداع والاختراع، فلا يُطلق لفظ الإله بحسب الأصل على غير الله تعالى إنَّما المُشركون استعاروا هذا اللَّفظ وأطلقوا على معبوداتهم كلمة “الإله” هكذا ذكر الفيوميُّ اللُّغويُّ في كتابه ]المصباح المُنير] حيث قال: “الإلهُ: المعبود وهُو الله سُبحانه وتعالى ثُمَّ استعاره المُشركون لِمَا عبدوه مِن دُون الله تعالى” انتهى وأمَّا المُبرَّد فقال: “الإله: مَن له الإلهيَّة والإلهيَّة قُدرة الإبداع والاختراع” انتهى فلا يجوز أنْ يُقال “الإله” هُو مَن يُعبد بحقٍّ أو بباطل. وقد عدَّ الإمام أبو منصور البغداديُّ “الإله” مِن أسماء الله. وكُلُّ هذا حُجَّة على هؤُلاء الَّذين يزعُمون أنَّ “الإله” معناه المعبود إنْ كان بحقٍّ أو بباطل بل “الإله” إذَا أُطلق لا يُطلق إلَّا على المعبود بحقٍّ لا يكون إلَّا لله ربِّ العالمين لذلك صحَّ أنْ يُقال لا إله إلَّا الله فلا يجوز إطلاق الإله على غير الله تبارك وتعالى، أمَّا إذَا قُيِّد فلا إشكال فإذَا قيل للكُفَّار هذا إلهُهُم فهُو بمعنى هذا معبودُهُم لا بمعنى المُوافقة لهُم بل بمعنى الذَّمِّ لهُم> انتهى.
ولأنَّ في قُلوب أهل الفتنة زَيغًا وطاعة للهوى وميلًا إلى الباطل وإلى مُخالفة العالِم العامل فقد نقل بعضُهُم أنَّ في مسألة إطلاق لفظ “الإله” مذهبان أحدُهُمَا أنَّه يُطلق على كُلِّ معبود ولو بغير حقٍّ مُوهِمًا أصحابه مِن أهل الفتنة أنَّه قول صحيح مُعتبَر فاستحسنوا ذلك منه والعياذ بالله.
فلو كان في أهل الفتنة بقيَّة خوف مِن الله عزَّ وجلَّ لَمَا سكتوا لصاحبهم الَّذي غشَّهُم في الدِّين ولكنَّهم سكتوا له ولم يُنكروا عليه لتعلُّق قُلوبهم بمُخالفة فتاوى شيخنا الهرريِّ رحمه الله؛ فهُم يُريدون الطَّعن به ولو مِن طريق الافتراء على شرع الله.. وهذا يفضحُهُم كُلَّهُم عند كُلِّ أحد بإذن الله تعالى.
انتهى.
Feb 17, 2021, 5:34 AM
