براءة الإمام البُخاريِّ مِن القول بالصَّوت في حقِّ الله

براءة الإمام البُخاريِّ

مِن القول بالصَّوت في حقِّ الله تعالى

وبيان إجماع أهل السُّنَّة والجماعة أنَّ الله تعالى مُتكلِّم بلا حرف ولا صوت

وأنَّ مَن زعم أنَّ الله مُتكلِّم بصوت فيه تعاقُب حُروف فقد كَفَرَ بتشبيه الله تعالى بخلقه

الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.

1

وبعدُ فاعلم أنَّ الله تعالى مُتَّصف بالكلام؛ وقد أجمع عُلماء أهل السُّنَّة والجماعة أنَّ كلام الله بلا حرف ولا صوت كما نقل ابن القطَّان في [الإقناع] فقال: <وأجمعوا على أنَّ كلام الله ليس بحُروف ولا أصوات> إلخ.. أمَّا ما في المصاحف: فيُقال له “كلام الله” لأنَّه عبارة عن كلام الله الذَّاتيِّ.

2

واعلم أنَّ صفة الكلام في حقِّ الله ثابتة في النُّصوص الشَّرعيَّة بخلاف الصَّوت والحرف؛ فإنَّه لم يرد الصَّوت والحرف في القُرآن ولا في حديث مقطوع بصحَّته؛ والقاعدة الشَّرعيَّة عند أهل السُّنَّة والجماعة أنْ لا نُثبت صفة لله إلَّا إذَا وردت في القُرآن أو في حديث مقطوع بصحَّته.

3

قال الحافظ الخطَّابيُّ فيما نقله عنه الإمام البَيهقيُّ في [الأسماء والصفات]: <لا تثبُت لله صفة إلَّا بالكتاب أو خبر مقطوع له بصحَّته يستند إلى أصل في الكتاب أو في السُّنَّة المقطوع على صحَّتها وما بخلاف ذلك فالواجب التَّوقُّف عن إطلاق ذلك ويُتَأَوَّلُ على ما يليق بمعاني الأُصول المُتَّفَق عليها مِن أقوال أهل العلم مِن نفي التَّشبيه> انتهى.

4

فمَن زعم أنَّ كلام الله الذَّاتيَّ بصوت تتعاقب فيه الحُروف فهذا كفَّره العُلماء؛ أمَّا مَن زعم أنَّه صوت أزليٌّ أبديٌّ لا كأصوات المخلوقين ولا تتعاقب فيه الحُروف فهذا لا يكفُر إنْ كانت نيَّتُه كمَا يقول؛ ولكنه خطأ لأنَّ الأحاديث الَّتي فيها لفظ “الصوت” لا يصلح أيٌّ منها للاحتجاج به في العقيدة.

5

وفي كُتُب العُلماء عبارات لم يُحقِّقوها ولم يُحرِّروها؛ ورُبَّما وقع الدَّسُّ أو الخطأ في نُسخة ثُمَّ نقل البعض منها وقابل خطَّه عليها؛ فلا يصحُّ التَّمسُّك بعبارة ما لم تثبُت بالبيِّنة الشَّرعيَّة على الكاتب ولا سيَّما إنْ كان فيها نسبة عالِم مِن عُلماء أهل السُّنَّة والجماعة إلى قول يُخالف الإجماع.

6

وقد توهَّم البعضُ أنَّ الإمام البُخاريَّ قال إنَّ الصَّوت صفة ذاتيَّة لله؛ وهذا لا يثبُت أبدًا لأنَّ الإمام البُخاريَّ درجتُه عالية في العلم فلا يُثبت لله تعالى صفة لم ترد في القُرآن ولا في حديث مقطوع بصحَّته؛ والإجماع المنقول آنفًا يدُلُّ أنَّ الإمام البُخاريِّ لم يقُل بالصَّوت في حقِّ الله تعالى.

7

وأمَّا منشأ هذا الوهم في نسبة الإمام البُخاريِّ إلى ذلك الاعتقاد المغلوط فهُو أنَّهُم وجدوا في كتاب [خلق أفعال العباد] عبارة نصُّها: <وفي هذا دليل أنَّ صوت الله لا يُشبه أصوات الخَلق> إلخ.. وهذه العبارة ليست في [صحيحه] فلا يصحُّ الاحتجاج بها في إثبات مذهبه لِمَا سنُبيِّنُه بإذن الله تعالى.

8

فمخطوطات كتاب [خلق أفعال العباد] ليست منقولة عن الثِّقات بالسَّند المُتَّصل إلى الإمام البُخاريِّ بل فيها مَن لا تُعرف له ترجمة؛ وما كان كذلك لا يصحُّ الاحتجاج بلفظ واحد فيه لإثبات مذهب مُصنِّفه؛ فهذا الكتاب لا يثبُت عن الإمام البُخاريِّ بالقُوَّة الَّتي يثبُت بها كتابُه [الصَّحيح].

9

ولذلك سمح الكوثريُّ لنفسه أنْ يقول في تعليقه على [الاختلاف في اللَّفظ لابن قُتيبة]: <كتاب [خلق الأفعال] المنسوب لأبي عبدالله البُخاريِّ> انتهى وأراد بقوله <المنسوب> الإشارة إلى أنَّه لا يصحُّ نسبة كُلِّ لفظ فيه إلى الإمام البُخاريِّ ببيِّنة شرعيَّة وطريق صحيح ثابت مقطوع به.

10

وقد ذكر أهل التَّراجِم أنَّ بعض الفُقهاء الشَّافعيَّة غضب لمَّا حدَّث الحافظ المزِّي بفصل مِن [خلق أفعال العباد] فحبسه قاضي القضاة؛ وليس هذا لأنَّ الأشاعرةَ الشَّافعيَّةَ جهميَّةٌ كما زعم بعض المُشبِّهة المُعاصرين بل لأنَّ في الكتاب ما قد يُوهم الغلط لو اطَّلع عليه عاميٌّ لا تحقيق عنده.

11

ويحتمل أنَّ أولئك الفُقهاء الشَّافعيَّة غضبوا مِن الحافظ المزِّي بسبب عدم ثقتهم مِن ثُبوت كُلِّ العبارات في كتاب [خلق الأفعال] عن الإمام البُخاريِّ -رضي الله عنه- بما في ذلك بعض العبارات الَّتي يُوهم ظاهرُها القول بما يُخالف مذهب أهل السُّنَّة والجماعة فرأوا ضررًا في ذلك.

12

وفي الكتاب المذكور: <وفي هذا دليل على أنَّ كلام الله غير مخلوق وأنَّ ما سواه خَلْقٌ> إلخ.. وهُو حقٌّ؛ فأمَّا العبارة الأُخرى أي الَّتي فيها لفظ “صوت” فقد تكون مُصحَّفة مِن لفظ “كلام” فلا يُستبعد وُقوع دسٍّ أو تصحيف أو خطإ مِن ناسخ تصرَّف فعدَّل كلمة “كلام” إلى كلمة “صوت”.

13

أمَّا قول ابن حجر في كتاب التَّوحيد مِن [الفتح]: <فعلى هذا؛ فصوتُه صفة مِن صفات ذاته لا تُشبه صوت غيره إذ ليس يُوجد شيء مِن صفاته مِن صفات المخلوقين؛ هكذا قرَّره المُصنِّف في كتاب [خلق أفعال العباد]> انتهى.. فهذا إنْ لم يكُن دسًّا عليه فهُو غلط بشهادته هُو نفسه.

14

فابن حجر يقول في كتاب العِلم مِن [الفتح]: <ونَظَرُ البُخاريِّ أدقُّ مِن أنْ يُعترض عليه بمثل هذا فإنَّه حيث ذكر الارتحال فقط جزم به لأنَّ الإسناد حسَن وقد اعتضد؛ وحيث ذكر طرفًا مِن المتن لم يجزم به لأنَّ لفظ الصَّوت ممَّا يُتوقَّف في إطلاق نسبته إلى الرَّبِّ ويحتاج إلى تأويل> إلخ..

15

فكلام ابن حجر في كتاب العلم مِن [الفتح] فيه بيان أنَّ كلامه في كتاب التَّوحيد منه إمَّا مدسوس وإمَّا مبنيٌّ على تقدير ما لو ورد لفظ الصَّوت في خبر مقطوع بصحَّته؛ ولكن لمَّا لم يرد ذلك في حديث مقطوع بصحَّته علمنا أنَّه غير صحيح وأنَّه مُخالف لقواعد أهل السُّنَّة والجماعة.

16

وهذا لأنَّ الإمام البُخاريَّ قال في [صحيحه]: <ويُذكَر عن جابر عن عبدالله بن أُنيس قال سمعت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: يحشر الله العباد فيُناديهم بصوت> إلخ.. فقدَّمه بـ: <ويُذكَر> وهي صيغة تمريض وتضعيف إشارة إلى أنَّه ليس خبرًا يصحُّ الاحتجاج به في إثبات الصِّفة لله تعالى.

17

فلو كان الإمام البُخاريُّ -رحمه الله ورضي عنه- ممَّن قال بالصَّوت في حقِّ الله تعالى لَمَا استعمل صيغة تمريض وتضعيف عند ذكره -في صحيحه الجامع- القَدْرَ الَّذي فيه ذكر لفظ “الصوت” في الرِّواية عن جابر بن عبدالله الأنصاريِّ الصَّحابيِّ المشهور رضي الله تعالى عنه.

18

والحديث الَّذي يصلُح للاحتجاج به في إثبات الصِّفة لله تعالى هُو الحديث الَّذي لم يُختَلَف في توثيق كُلِّ رُواته؛ أمَّا حديث جابر هذا فإنَّ فيه “عبدالله بن مُحمَّد بن عقيل” وهُو مُختلَف في كونه ثقة. قال الإمام البيهقيُّ: <اختلف الحُفَّاظ في الاحتجاج بروايات ابن عقيل لسُوء حفظه> انتهى.

19

أمَّا في باب العلم؛ فلم يستعمل الإمام البُخاريُّ صيغة تمريض وتضعيف عند ذكر الخبر المذكور بل استعمل صيغة جزم لأنَّه اقتصر على قَدْرٍ مِن الحديث ليس فيه ذكر الصَّوت في حقِّ الله تعالى فقال: <ورحل جابر بن عبدالله مسيرة شهر إلى عبدالله بن أُنيس في حديث واحد> انتهى.

20

ثُمَّ إنَّ ابن حجر بعد الَّذي ذكره في كتاب التَّوحيد نقل كلام الإمام البيهقيِّ في المسألة وفيه: <فإنْ كان المُتكلِّم ذَا مخارج سُمِع كلامُه ذَا حُروف وأصوات وإنْ كان غير ذي مخارج فهُو بخلاف ذلك؛ والباري عزَّ وجلَّ ليس بذي مخارج فلا يكون كلامُه بحُروف وأصوات> انتهى.

21

وأمَّا روايته أن أبا سعيد الخدريَّ رضي الله عنه قال: قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: <يقول الله يومَ القيامة: يا آدمُ فيقول: لبَّيك وسعديك [فيُنادى] بصوت: إنَّ الله يأمُرُك أنْ تُخرج مِن ذُرِّيَّتك بعثًا إلى النَّار> انتهى فهذا اللَّفظ رَواهُ رُواةُ صحيح البُخاريِّ على وجهَين بكسر الدَّال وبفتحها.

22

قال الحافظ ابن حجر في [فتح الباري]: <ووقع فيُنادِي مضبوطًا للأكثر بكسر الدَّال وفي رواية أبي ذرٍّ بفتحها على البناء للمجهول؛ ولا محذور في رواية الجُمهور فإنَّ قرينة قوله: (إنَّ الله يأمُرُك) تدُلُّ ظاهرًا على أنَّ المُنادِي ملَك يأمُرُه الله بأنْ يُنادي بذلك> انتهى وهُو واضح في مدلوله.

23

وفي [الصَّحيح] حديث فيه: <إذَا تكلَّم الله بالوحي سمع أهل السَّموات شيئًا> ورواه أبو داود بلفظ: <سمع أهل السَّماء -للسَّماء- صلصلة كجرِّ السِّلسلة على الصَّفوان> وقال عُلماء المُصطلح: <وخَيرُ ما فسَّرتَهُ بالوارِدِ> انتهى فالحديث فسَّر الحديث بأنَّ الصَّوت خارج مِن السَّماء فزال الإشكال.

24

والخُلاصة.. أنَّ لفظ الصَّوت لم يرد في حقِّ الله تعالى في خبر مقطوع بصحَّته؛ وأنَّ مَن زعم أنَّ الله مُتكلِّم بصوت فيه حُروف مُتعاقبة فقد كفر بتشبيه الله بخَلْقِه؛ وأنَّ مَن زعم أنَّ الإمام البُخاريَّ يقول بالصَّوت في حقِّ الله تعالى فهُو تاركٌ للتَّحقيق خالٍ مِن التَّدقيق بعيدٌ عن التَّوثيق.

25

فالعجب كيف أثبت البعض على الإمام البُخاريِّ ما يُخالف إجماع أهل السُّنَّة والجماعة لأجل عبارة واحدة مِن كتاب في أسانيد مخطوطاته مَن لا تُعرف ترجمتُه، وليس هكذا تُثبت عقائد الأئمَّة، وكان الأَولى لهُم سُلوك ما يُوافق قواعد العلم الشَّرعيِّ لا مُجرَّد مُطالعة الكُتُب دون تحقيق.

26

فإذَا وجدتَ أخي القارئ قولًا فيه نسبة الصَّوت والحرف إلى الله تعالى: فاعلم أنَّه غير صحيح فإمَّا -1- أنَّه نقل بلا تحقيق وإمَّا -2- أنَّه غلط فلا عبرة به على كُلِّ حال؛ لأنَّ إثبات مذاهب الأئمَّة لا يصحُّ بغير طريق البيِّنة الشَّرعيَّة ولا سيما إذَا كانت المسألة في العقائد الأُصوليَّة.

27

وقال شيخنا الهرريُّ رحمه الله في [الشَّرح القويم في حلِّ ألفاظ الصِّراط المُستقيم]: <ثُمَّ إنَّ الله ما وصف نفسَه بالنُّطق إنَّما وصف نفسه بالكلام أي بأنَّه مُتكلِّمٌ فلو كان كلامُ الله نُطقًا لجاءت بذلك آيةٌ مِن القُرآن. والموجود في القُرآن الكلامُ والقولُ وهُمَا عبارة عن معنًى قائمٍ بذات الله أي ثابتٍ له معناه الذِّكر والإخبار وليس نُطقًا بالحُروف والصَّوت. وقد ألَّف الحافظُ شرف الدِّين أبو الحسن عليُّ بنُ القاضي الأجلِّ أبي المكارم بن علي المقدسيُّ جُزءًا في تضعيف أحاديثِ الصَّوت على وجه التَّحقيق، والبيهقيُّ رحمه الله قد صرَّح بأنَّه لا يصحُّ حديثٌ في نسبة الصَّوت إلى الله. وأمَّا ما في كتاب فتح الباري في كتاب التَّوحيد مِن القول بصحَّة أحاديثِ الصَّوت فهُو مردود وهُو نفسه في كتاب العلم ذكر خلافَ ما ذكره في كتاب التَّوحيد، على أنَّ ما ذكره في كتاب التَّوحيد مِن إثبات الصَّوت قال إنَّه صوتٌ قديم ولم يحمِلْه على الظَّاهر الَّذي تقوله المُشبِّهة إنَّه صوت حادث يحدث شيئًا فشيئًا يتخلَّلُه سكوت كما قال زعيم المُشبِّهة ابن تيميَّة إنَّ كلامه تعالى قديمُ النَّوع حادث الأفراد ومثل ذلك قال في إرادة الله وكِلَا الأمرَين باطل. والحافظ لا يعتقد قيام الحادث بذات الله، فشَرْحُه هذا مشحون بذكر نفي الحركة والانتقال ونحو ذلك في مواضعَ كثيرةٍ عن الله تعالى، فهُو يُؤوِّل الأحاديثَ الَّتي ظاهرُها قيام صفة حادثة بذات الله على غير الظَّاهر> انتهى مِن [الشَّرح القويم].

28

وقال رحمه الله في [إظهار العقيدة السُّنِّيَّة بشرح العقيدة الطَّحاويَّة]: <تنبيه. مَن قال إنَّ الله يتكلَّم بصوت وقال إنَّه صوت أزليٌّ أبديٌّ ليس فيه تعاقُب الحُروف فلا يُكفَّر إنْ كانت نيَّتُه كمَا يقول وإلَّا فهو كافر كسائر المُشبِّهة. وأمَّا أحاديث الصَّوت فليس فيها ما يُحتجُّ به في العقائد> انتهى.

29

وقال في موضع آخر منه: <فالحاصل أنَّه ليس في إثبات الصَّوت لله تعالى حديث مع الصِّحَّة المُعتبَرة في أحاديث الصِّفات، لأنَّ أمر الصِّفات يُحتاط فيه ما لا يُحتاط في غيره، ويدُلُّ على ذلك رواية البُخاريِّ القدرَ الذي ليس فيه ذكر الصَّوت مِن حديث جابر هذا بصيغة الجزم، وروايته للقدر الَّذي فيه ذكر الصَّوت بصيغة التَّمريض، فتحصَّلَ أنَّ في أحاديث الصِّفات مذهبَين:

1- أحدُهُما: اشتراط أنْ يكون في درجة المشهور، وهُو ما رواه ثلاثة عن ثلاثة فأكثر، وهو ما عليه أبو حنيفة وأتباعُه مِن الماتُريديَّة، وقد احتجَّ أبو حنيفة رضي الله عنه في رسائله الَّتي ألَّفها في الاعتقاد بنحو أربعين حديثًا مِن قبيل المشهور.

2- والثَّاني: ما ذهب إليه أهل التَّنزيه مِن المُحدِّثين، وهُو اشتراط أنْ يكون الرَّاوي مُتَّفقًا على ثقته.

فهذان المذهبان لا بأس بكلَيهما، وأمَّا الثَّالث وهُو ما نزل عن ذلك فلا يُحتجُّ به لإثبات الصِّفات> انتهى مِن [إظهار العقيدة السُّنِّيَّة بشرح العقيدة الطحاوية].

30

وقال رحمه الله في [المقالات السُّنِّيَّة في كشف ضلالات أحمد بن تيميَّة]: <قال الإمام الأسفرايينيُّ -ذاكرًا عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة- ما نصُّه: “وأنْ تعلمَ أنَّ كلام الله تعالى ليس بحرف ولا صوت لأنَّ الحرف والصَّوت يتضمَّنانِ جواز التَّقدُّم والتَّأخُّر وذلك مُستحيل على القديم سُبحانه”> انتهى كلام الشَّيخ عبدالله الهرريِّ.

31

وقال الشَّيخ سمير القاضي حفظه الله في [حاشية الكيفونيِّ]: <تنبيه. مَن قال إنَّ الله يتكلَّم بصوت أخْذًا بظاهر بعض ما ورد مِن أحاديث وقال إنَّه صوت أزليٌّ يُريد بذلك أنَّه كلام قديم ليس فيه تعاقُب الحُروف فلا يُكفَّر إنْ كانت نيَّتُه كمَا يقول وإلَّا فهُو كافر كسائر المُشبِّهة، هذا مع خطئه في إطلاق الصَّوت على الله لأنَّ هذه الأحاديث ليس فيها ما يُحتجُّ به في العقائد فإنَّها كلَّها أحاديث آحاد فضلًا عن عدم ثُبوتها، ومَا ورد في [البُخاريِّ] مِن نسبة الصَّوت إلى الله تعالى فهُو حديث مُختلَف في بعض رُواته وهُو عبدُالله بن مُحمَّد بن عقيل ولم يذكُره البُخاريُّ في [صحيحه] مُتَّصلاً وإنَّما ذَكَرَه بصيغة التَّمريض قائلًا: (ويُذكَر) إشارة إلى عدم ثُبوته وما ذَكَرَه كذلك فهُو لا يَحكُم بصحَّته رضي الله عنه وإنْ كان في [الصَّحيح] كما ذَكَرَه الحافظ وغيرُه في كُتُب فنِّ المُصطلَح فلا يصحُّ الاحتجاج به وقد أشار الحافظ البَيهقيُّ إلى عدم ثُبوت هذه الأحاديث بقوله عند الكلام عليها فإنْ ثَبَتَ شَيء مِن ذلك إلخ.. انتهى. بل صنَّف الحافظ أبو الفضل المقدسيُّ دفين الإسكندريَّة رحمه الله تعالى جُزءًا في بُطلان أحاديث الصَّوت كلِّها واختصره ابن المُعلِّم في [نجم المُهتدي ورجم المُعتدي] وفي مكتبتي صورة عن نُسخته الخطيَّة ولله الحمد> انتهى.

32

واعلم أخي القارئ أنَّه ليس كُلُّ ما في كُتُبِ العُلماء كُتِبَ على سبيل التَّحقيق وليس كُلُّ مخطوط مُحرَّرًا ونحن نُبرِّئ الإمام البُخاريَّ كما برَّأ عُلماء أهل السُّنَّة والجماعة الإمامَ أحمد بن حنبل مِن القول بالحرف والصَّوت في حقِّ الله تعالى مع وُجود ذلك في بعض الكُتُب بالافتراء والعياذ بالله.

33

فمَن ظنَّ أن تحقيق المسائل يكون بمُجرَّد قراءة عبارة في كتاب ثُمَّ التَّعالُم بذلك على جَهَلَة العامَّة فهُو أحمق بليد. وقد قال نبيُّنا صلَّى الله عليه وسلَّم: <كفى بالمرء كَذِبًا أنْ يُحدِّث بكُلِّ ما سمع> رواه مُسلم وغيرُه.. فما بالُك بجاهل حدَّث بكُلِّ ما سَمِعَ وقرأ وهُو بعيد عن كُلِّ تحقيق!

نهاية المقال.

Feb 12, 2021, 2:54 AM

نعي الحاجَّة سامية مُحمَّد دقَّاق

بسم الله الرَّحمَن الرَّحِيم

يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ

ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً

فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي

بمزيد مِن الرِّضَى بقضاء الله وقدره

ننعي إليكُم

الحاجَّة سامية مُحمَّد دقَّاق رحمها الله

والَّتي توفَّاها الله في لبنان

جاء في الحديث: <ما الميِّت في قبره إلَّا شبه الغريق المُتغوِّث ينتظر دعوة مِن أب أو أُمٍّ أو أخ أو صديق ثقة أو ولد صالح فإذا لحقه ذلك كانت أحبَّ إليه مِن الدُّنيا وما فيها وإنَّ الله عزَّ وجلَّ يُدخِل على أهل القُبور مِن دُعاء أهل الدُّور أمثال الجبال وإنَّ هديَّة الأحياء للأموات الاستغفار لهُم> رواه البَيهقيُّ في [شُعب الإيمان].

فلا تبخلوا بالدُّعاء والاستغفار لها وقراءة القُرآن عن رُوحها.

إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ

Feb 12, 2021, 12:19 AM

نعي الفاضل السَّيِّد عاصم صلاح الدِّين البرازي

بسم الله الرَّحمَن الرَّحِيم

يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ

ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً

فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي

بمزيد مِن الرِّضَى بقضاء الله وقدره

ننعي إليكُم

الفاضل السَّيِّد عاصم صلاح الدِّين البرازي

رحمه الله

والَّذي توفَّاه الله في لبنان

جاء في الحديث: <ما الميِّت في قبره إلَّا شبه الغريق المُتغوِّث ينتظر دعوة مِن أب أو أُمٍّ أو أخ أو صديق ثقة أو ولد صالح فإذا لحقه ذلك كانت أحبَّ إليه مِن الدُّنيا وما فيها وإنَّ الله عزَّ وجلَّ يُدخِل على أهل القُبور مِن دُعاء أهل الدُّور أمثال الجبال وإنَّ هديَّة الأحياء للأموات الاستغفار لهُم> رواه البَيهقيُّ في [شُعب الإيمان].

فلا تبخلوا بالدُّعاء والاستغفار له وقراءة القُرآن عن رُوحه.

إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ

Feb 11, 2021, 3:17 PM

نعي الفاضل السَّيِّد سامي نمر وهبة

بسم الله الرَّحمَن الرَّحِيم

يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ

ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً

فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي

بمزيد مِن الرِّضَى بقضاء الله وقدره

ننعي إليكُم

الفاضل السَّيِّد سامي نمر وهبة

رحمه الله

والَّذي توفَّاه الله في لبنان

جاء في الحديث: <ما الميِّت في قبره إلَّا شبه الغريق المُتغوِّث ينتظر دعوة مِن أب أو أُمٍّ أو أخ أو صديق ثقة أو ولد صالح فإذا لحقه ذلك كانت أحبَّ إليه مِن الدُّنيا وما فيها وإنَّ الله عزَّ وجلَّ يُدخِل على أهل القُبور مِن دُعاء أهل الدُّور أمثال الجبال وإنَّ هديَّة الأحياء للأموات الاستغفار لهُم> رواه البَيهقيُّ في [شُعب الإيمان].

فلا تبخلوا بالدُّعاء والاستغفار له وقراءة القُرآن عن رُوحه.

إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ

Feb 10, 2021, 12:48 AM