عُد إلى كتاب الله يا عبدالقادر حُسين
ولا تطعن بأحد لمُجرَّد أنَّه أخذ بكلام رسول الله
الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.
1
وبعدُ فقد أعمَى حُبُّ الشُّهرة قُلوب الغافلين حتَّى شهدوا بالزُّور وكانوا مِن المُبطلين والعياذ بالله تعالَى ومِن هؤُلاء المدعو عبدالقادر حُسين -الشَّيخ السُّوريُّ- الَّذي افترَى على السَّادة الأحباش فكان البُهتان صاحبه ورفيقه؛ وأنا أنصحُه لله تعالَى بالعودة إلى كتاب الله بعد أنْ أُبيِّن كونه غير مُنصف في شهاداته الَّتي رأينا كيف يُحابي ويُداهن ويغُشُّ المُسلمين فيها.
2
فقد سُئل عبدالقادر حُسين عن المدعو يُسري جبر -الشَّيخ المصريُّ- وهذا الأخير يزعُم أنَّ سيِّدنا عُمر بن الخطَّاب رضي الله عنه قال بفناء النَّار! وهذا افتراء على سيِّدنا عُمر وحاشاه رضي الله عنه أنْ يُخالف القُرآن الكريم فيما دلَّ عليه في نحو سبعين آية فهل علمتُم قبيح ما يدَّعيه هذا الَّذي ينصح عبدالقادر حُسين المُسلمين بالسَّماع منه والأخذ عنه!؟
3
وهذا عبدالقادر حُسين يزعُم أنَّ السَّادة الأحباش على منهج مُخالف لأهل السُّنَّة والجماعة بينما هُم شافعيَّة أشعريَّة رفاعيَّة، ونتحدَّاه بأنْ يأتيَ بمسألة واحدة خالف فيها السَّادة الأحباش منهج أهل السُّنَّة والجماعة، والحقُّ أنَّ هذا الرَّجُل لا تحقيق له وقد خلط في بعض المسائل بسبب بعض شُيوخه الَّذين خالفوا الإمام الأشعريَّ فهذا منشأ ما وقع فيه مِن البُهتان.
4
وزعم عبدالقادر حُسين أنَّ السَّادة الأحباش يشتِمون مُعاوية؛ ومُرادُه قولُهُم فيه: (إنَّه باغ) اتِّباعًا لمُتواتِر حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: <ويح عمَّار تقتُلُه الفئة الباغية> وللحديث تتمَّة صحيحة رواها البُخاريُّ؛ فيها: <يدعُوهُم إلى الجنَّة ويدعونه إلى النَّار> انتهَى وكُلٌّ يُؤخَذ مِن كلامه ويُترَك غير رسول الله: فعُد إلى اتِّباع حديث الرَّسول يا عبدالقادر الحُسين.
5
لماذا تترُك كلام الرَّسول وتتبع ما يُخالفُه يا عبدالقادر حُسين وأنت تعلم أنَّ ما تتَّبعه مُخالف لقواعد الشَّرع المُجمع عليها فقد نصَّ العُلماء أنَّه لا اجتهاد صحيح مع وُجود النَّصِّ في القُرآن الكريم والسُّنَّة الثَّابتة والإجماع كما تعلم قول التَّاج السُّبكيِّ في [جمع الجوامع]: <وَمَتَى قَصَّرَ مُجْتَهِدٌ أَثِمَ وِفَاقًا> انتهَى وكذا في [البدر اللَّامع] للمحليِّ وفي [حاشية الشربينيِّ].
6
ونحن أهل السُّنَّة والجماعة ليس للصَّحابة شرع غير الَّذي للتَّابعين وأتباعهم إلى أهل زماننا فإنِ اجتهد صحابيٌّ فأخطأ لتقصيره وتركه الواجب عليه مِن بذل وُسعه فيه يكون آثمًا بالإجماع كما ترَى في مُتون أهل السُّنَّة والجماعة والمُراد بقول “إنَّ مُعاوية كان باغيًا” بيان حُكم الشَّرع في الخُروج على الأمير العادل والخليفة الرَّاشد سيِّدنا عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
7
وعبدالقادر حُسين نفسه؛ يقرُّ ويعترف أنَّ المُراد بالبغي في الحديث هُو الظُّلم، ويرُدُّ على مَن زعم أنَّه بمعنَى الطَّلب، فمفهوم حديث رسول الله عنده أنَّ الفئة الظَّالمة تقتُل عمَّارًا رضي الله عنه؛ ومع ذلك يطعن فيمَن أخذ بحديث الرَّسول في حقِّ مُعاوية! وليس هذا فعل وقول مَن يخشَى الله ويخاف وعيده يا عبدالقادر حُسين فنسأل الله تعالَى أنْ يهديك إلى الحقِّ.
8
ثُمَّ هذا شيخُك علي جُمعة المصريُّ أخبر عن بعض مشايخه أنَّه كان لا يُصلِّي في مسجد الصَّحابيِّ عَمرو بن العاص بمصر بسبب قتاله للخليفة -ثُمَّ عاد وصلَّى فيه- فهل تقول إنَّ مشايخ شيخك لم يكونوا على منهج أهل السُّنَّة والجماعة لأنَّهُم فعلوا ما لا يُوافق عليه السَّادة الأحباش مِن رفض الصَّلاة في مسجد عمرو بن العاص أو في مسجد بني أُميَّة!؟
9
أمَّا تكفير المُجسِّمة فيكفي في الرَّدِّ عليك قول إمام مذهبنا أعني أبا الحسن الأشعريِّ في كتابه [النَّوادر]: (مَن اعتقد أنَّ الله جسم فهُو غير عارف بربِّه وإنَّه كافر به) انتهَى والكلام صريح لا يحتمل تحريفًا، فمَن منَّا يُخالف الإمام الأشعريَّ في اعتقاد مُتعلِّق بأصل معنَى الشَّهادتَين أعني اعتقاد أنَّ الله تعالَى ليس كمثله شيء سُبحانه وتعالَى عمَّا يقول الظَّالمون عُلُوًّا كبيرًا.
10
وهل كان إمامُنا الأشعريُّ -فيما تزعُمونه- على منهج مُخالف لمنهج أهل السُّنَّة والجماعة حين حكم بتكفير المُجسِّمة؟ فإنْ قُلتَ “كان الأشعريُّ وقتَها سُنِّيًّا” فكيف أخرجتَ السَّادة الأحباش مِن كونهم سُنِّيِّين لمُجرَّد مُوافقتهم قول الإمام الأشعريِّ! وإنْ قُلتَ “لم يكُن الأشعريُّ وقتَها سُنِّيًّا” فقد فضحتَ نفسك وكشفتَ مُخالفتك لجُمهور عُلماء أهل السُّنَّة والجماعة فيا لخيبتك.
11
وإياك يا عبدالقادر حُسين أنْ تعود إلى الاستدلال بقول الأشعريِّ: (لا أُكفِّر أحدًا مِن أهل القِبلة) فيما ذهبتَ إليه لأنَّه ضدُّك بدليل أنَّه ربط ذلك بـ(اختلاف العبارات) لا المعاني؛ وأمَّا المعاني فقد أجمعت الأُمَّة على قَبول ما جاء في العقيدة الطَّحاويَّة: (ومَن وصف الله بمعنًى مِن معاني البشر فقد كَفَرَ مَن أبصر هذا اعتبر وعن مثل قول الكُفَّار انزجر) انتهَى.
12
وهذا شيخ الشَّام وعالمها الكبير الإمام الفقيه الشَّيخ تقيُّ الدِّين الحصنيُّ الحُسينيُّ في [كفاية الأخيار] يقول في تكفير المُجسِّمة: <وهُو الصَّواب الَّذي لا محيد عنه إذ فيه مُخالفة صريح القُرآن> انتهَى فلمَّا قال (لا محيد عن تكفيرهم) علمنا أنَّ المسألة ليست خلافيَّة كما تتوهَّمون؛ إذ لا يختلف مُسلمانِ في أنَّ تكذيب صريح القُرآن الكريم كُفر والعياذ بالله.
13
وأمَّا زعمك أنَّ أهل دمشق رفضوا الشَّيخ عبدالله الهرريَّ فيُكذِّبُك فيه الدِّمشقيُّ الكبير الشَّيخ رياض المالح حين قال: (فكان رحمه الله آية في الحديث والمُصطلح وغيره مِن العُلوم الشَّرعيَّة وكان يحضُر معنا كثير مِن عُلماء دمشق الكبار أمثال الشَّيخ عبدالرَّزاق الحلبيِّ الَّذي كان يقرأ عليه كتاب فتح الباري شرح صحيح البُخاريِّ؛ وغيرِه مِن عُلماء دمشق الأفاضل) إلخ..
14
ورُبَّما لي عودة أُكمل فيها بيان جهلك وتخبُّطك في مسائل كثيرة؛ واعذُر يا عبدالقادر قسوتي عليك في كلمات فإنَّه مقام ردٍّ ونصيحة معًا وأنا لا أُحابي النَّاس على حساب الدِّين كما تفعل أنتَ وقد أعطيتُك مثالًا في أوَّل المقال. واعلم أنَّني كتبتُ المقال لم يدفعني إلى كتابته إلَّا إرادة الخير ودفع شُبُهات الزَّيغ الَّتي أنتَ أطلقتَها. وآخر الكلام الحمدلله ربِّ العالمين.
نهاية المقال.
Sep 08, 2022 7:37:00am
