دفع الاحتجاج بخبر الحُصين في العقيدة الإسلاميَّة
بيان أنَّه لا يجوز الاحتجاج بالضَّعيف في العقائد
مُجرَّد الرِّواية ليس تصحيحًا ولا استحسانًا ولا قَبولًا
الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.
1
وبعدُ فلا زال أهل الفتنة يفترون ويُدلِّسون على خلق الله فيزعُمون أنَّنا نقول إنَّ سُؤال الكافر عن دينه كُفر صريح وزندقة؛ ونحن في الحقيقة لا نقول بذلك ولا نحكُم بكُفر السَّائل إلَّا لو كان مُتيقِّنًا أنَّ المسؤول يُجيب بالكُفر فيكفُر لأنَّه كمَن طَلَبَ الكُفر مِن غيره وطَلَبُ الكُفر كُفر بالاتِّفاق.
2
وأهل الفتنة يحتجُّون بحديث ضعيف لا يصحُّ ولا يثبُت عن النَّبيِّ جاء فيه أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم سأل الحُصين: “كم تعبُد اليومَ إلهًا؟” وهذه الرِّواية قال الكَوثريُّ في هامش [السَّيف الصَّقيل] في سندها: <وبمثل هذا السَّند لا يُستدَلُّ في الأعمال فضلًا عن الاستدلال به في المُعتقد> انتهى.
3
وبُطلان الاحتجاج بالضَّعيف في العقائد قاعدة أجمع عليها عُلماء أهل السُّنَّة؛ والقواعد المُجمع عليها لا تُرَدُّ بشُبهة ضعيفة مِن جاهل مُتصولح كشف فيها عن قلَّة علمه لأنَّه لم يقُل عالِم مُعتبَر إنَّه يصحُّ الاحتجاج بالضَّعيف لمُجرَّد أنْ رواه مُحدِّث بدون أنْ يُنبِّه إلى ضعفه أو وضعه.
4
قال النَّوويُّ المُتوفَّى 676هـ في [المجموع]: <فأمَّا الضَّعيف فلا يجوز الاحتجاج به في الأحكام والعقائد> انتهى وقال مثلَه في [التَّقريب] وفي [الإرشاد] ومثلُه قال كثير مِن العُلماء كالحافظ ابن الصَّلاح المُتوفَّى 643ه في [مُقدِّمته] والحافظ العراقيُّ المُتوفَّى 806هـ في [التَّبصرة والتَّذكرة].
5
فالحُجَّة المقبولة والبُرهان الصَّحيح لا يكون إلَّا مِن كلام الله تعالى أو مِن الحديث الصَّحيح الثَّابت عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أو مِن الإجماع المُعتبر؛ ولأجل ذلك لا يجد أهل الفتنة قَبلَهُم عالمًا مُعتبَرًا احتجَّ في العقائد بالضَّعيف والموضوع لمُجرَّد أنَّه مرويٌّ منقول في كتاب بدون تنبيه.
6
فلا حُجَّة فيما يذكُرُه أهل الفتنة ويُهوِّلون به على النَّاس مِن كون بعض المُحدِّثين روَوا حديث الحُصين مِن غير أنْ يُبيِّنُوا حاله لأنَّ كثيرًا مِن الحُفَّاظ المُتقدِّمين لم يلتزموا رواية الصَّحيح وحده بل روَوا الأحاديث جُملة بأسانيدها بُغية تعريف مَن يروي عنهُم بأنَّهُم رفعوا العُهدة عن أنفسهم بذلك.
7
والخبر قد يكون ضعيف السَّند وموضوع المتن؛ وقد يكون صحيح السَّند ولكنَّ العُلماء قد يحكُمون على متنه بأنَّه مُنكر مردود؛ وهذا يعرفُه أدنى طالب درس علم الحديث عَلِمَ مَن عَلِمَ وجَهِلَ مَن جَهِلَ ولكنَّ أهل الفتنة يخدعون أنفُسهُم فيأخُذون بما ردَّه عُلماء أهل السُّنَّة والجماعة.
8
وممَّا يدُلُّ على ذلك أنَّ العُلماء الَّذين ألَّفوا في الموضوعات ذكروا أحاديث نجدُها في كُتُب مُشتهرة وحكموا عليها بالوضع؛ وهذا لم يمنع المُحدِّثين مِن رواية تلك الكُتُب مِن غير ذكر درجة كُلِّ حديث منها، فلا يصحُّ لطالب علم أنْ يقول: إنَّ كُلَّ ما دلَّت عليه تلك الأحاديث جائز شرعًا!
9
فهذه كُتُب التَّجسيم للهرويِّ الأنصاريِّ: الأربعون في التَّوحيد وذمُّ الكلام وأهله والفاروقُ في صفات الله ونحو تلك الكُتُب لغيره مِن المُجسِّمة يرويها بعض الحُفَّاظ مع أنَّ فيها روايات صريحة في الكُفر والتَّجسيم، فهل يُجوِّز أهل الفتنة الاحتجاج بكُلِّ ما فيها لمُجرَّد أنَّ الحُفَّاظ روَوها بالسَّند!؟
10
والطَّبرانيُّ نقل في [مُعجمه الكبير] ج19/ص13 خبرًا لا يثبُت عن النَّبيِّ عليه السَّلام؛ فيه أنَّ الله تعالى: <لمَّا قضَى خلقَهُ استلقَى فوضعَ إحدَى رِجْلَيْهِ على الأُخرَى> إلخ.. ولم يُنبِّه إلى شيء! فهل الطَّبرانيُّ يعتقد أنَّ ذلك جائز في حقِّ الله سُبحانه وتعالى عمَّا يقول الظَّالمون عُلُوًّا كبيرًا.
11
فإنْ لم يكُن عندكُم جواب على ما صفعنا به وُجوهكُم المُسودَّة مِن حُجج وبراهين أهل السُّنَّة والجماعة فلماذَا تُعاندون وتتكبَّرون عن قَبول النَّصيحة وتُصرُّون على الغلط والضَّلال أم تراكُم تفترون على الله وأنتُم تعلمون! ألَا ساء ما تُجرمون أيُّها الجَهَلَة الخَوَنَة والضَّعاضِع المُتفحِّشون.
12
ثُمَّ زيادة على كون خبر الحُصين لا يثبُت ولا يصحُّ فحتَّى على تقدير كونه صحيحًا فلا حُجَّة فيه لأهل الفتنة وذلك لأنَّ متنه ليس فيه أنَّ النَّبيَّ كان عالمًا بأنَّ الحُصين يُجيب بذلك الكُفر الَّذي نطق به فبَطَلَت شُبهة أهل الفتنة مِن كُلِّ أبوابها ولم يبقَ لهُم إلَّا التَّشدُّق بما لا يفقهون.
13
وليس لأهل الفتنة سلف في بدعتهم هذه إلَّا المُجسِّمة الَّذين إنْ ذكرتَ قاعدة في نفي التَّجسيم أوردُوا لك الأخبار المُنكرة ثُمَّ قالوا لو كانت دلالات هذه الرِّوايات كُفرًا لَمَا نقلها الحُفَّاظ في كُتُبهم؛ وهذا عَين قول أهل الفتنة؛ يحسبون أنَّ بمثل هذا تُكسر القواعد المُجمع عليها في أُصول الدِّين!؟
14
هذه هي حقيقة أهل الفتنة: سَير على خُطَى المُشبِّهة الوهَّابية وادِّعاء وتخرُّص وافتراء وتدليس وجهل غارق في ظُلُمات بعضُها فوق بعض. وأنتُم ترَون عجزهُم عن مُقارعتنا الحُجَّة والدَّليل والبُرهان ونحن نتحدَّاهُم أنْ يستطيعوا الرَّدَّ على مقالنا هذا لو كانوا صادقين.. ولا يستطيعون.
انتهى.
Jan 27, 2021, 3:28 AM
نعي الحاجِّ زياد وفيق الحلبي
بسم الله الرَّحمَن الرَّحِيم
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ
ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً
فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي
بمزيد مِن الرِّضَى بقضاء الله وقدره
ننعي إليكُم
الحاجَّ زياد وفيق الحلبي
رحمه الله
والَّذي توفَّاه الله في لبنان
جاء في الحديث: <ما الميِّت في قبره إلَّا شبه الغريق المُتغوِّث ينتظر دعوة مِن أب أو أُمٍّ أو أخ أو صديق ثقة أو ولد صالح فإذا لحقه ذلك كانت أحبَّ إليه مِن الدُّنيا وما فيها وإنَّ الله عزَّ وجلَّ يُدخِل على أهل القُبور مِن دُعاء أهل الدُّور أمثال الجبال وإنَّ هديَّة الأحياء للأموات الاستغفار لهُم> رواه البَيهقيُّ في [شُعب الإيمان].
فلا تبخلوا بالدُّعاء والاستغفار له وقراءة القُرآن عن رُوحه.
إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
Jan 27, 2021, 11:22 PM
