باب أَذْكارِ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ

باب أَذْكارِ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ

  • عن أنَسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: «ما رَأَيتُ أَحَدًا أشْبَهَ صَلاةً بِرَسولِ اللهِ r مِن هَذا الغُلامِ – يَعنِي: عُمَرَ بنَ عبدِ العَزِيزِ – قال: فَحَزَرْنا([1]) في رُكُوعِه عَشْرَ تَسْبِيحاتٍ وفِي سُجُودِه عَشْرَ تَسْبِيحاتٍ». هذا حدِيثٌ حسَن أخرجَه أبو داود والنَّسائيّ.
  • عن عَمرِو بنِ قَيسٍ أنّه سَمِعَ عاصِمَ بنَ حُميدٍ يقول: سَمِعتُ عَوفَ بنَ مالكٍ رضي الله عنه يقُول: قُمتُ معَ النَّبِيّ r فبَدَأَ فاسْتاكَ وتَوضَّأ، ثُمّ قامَ فصَلَّى، فذَكَرَ الحَدِيثَ وفِيهِ: ثُمّ رَكَعَ يَمْكُثُ راكِعًا بقَدْرِ قِيامِه يقُول فِي رُكوعِه: «سُبْحانَ ذِي الجَبَرُوتِ([2]) والـمَلَكُوتِ([3]) وَالكِبْرِياءِ وَالعَظَمَةِ([4])»، ثُمّ سَجَدَ بِقَدْرِ رُكوعِه يَقولُ في سُجُودِه مِثلَ ذلكَ. هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أحمد.
  • عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: فقَدْتُ النّبِيَّ r مِن مَضْجَعِه فجَعَلتُ ألتَمِسُه([5]) وظَنَنْتُ أنّه أتَى بَعضَ جَوارِيهِ([6])، فوَقَعَتْ يَدِي علَيه وهو ساجِدٌ يقُول: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ». وسنَده صحيح أخرجَه أحمد.
  • عن علِيّ رضي الله عنه قال: «مِنْ أحَبِّ الكَلام إلَى اللهِ أنْ يقُولَ العَبدُ في سُجودِه: رَبِّ ظَلَمْتُ نَفْسِي([7]) فاغْفِرْ لِي». أخرجه الطّبَرانيّ في كتابِ «الدُّعاء» بسنَدٍ حسَنٍ، ومِثلُه لا يُقالُ مِن قِبَل الرّأي فهو في حُكمِ المرفوع وإنْ لَم يُصرِّح برَفعِه.
  • عن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ النّبيَّ r كان يقولُ في سُجودِ القرءانِ باللَّيلِ: «سَجَدَ وَجْهِي([8]) لِلَّذِي خَلَقهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبصَرَهُ([9]) بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ([10])». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه الترمذِيّ.
  • عن أبِي هُريرةَ رضي الله عنه عن عائِشَة رضي الله عنها قالت: فَقَدتُّ رَسولَ اللهِ r ذاتَ لَيلةٍ مِن الفِراشِ فالْتَمَسْتُه فوقَعَتْ يَدِي علَى قَدَمَيهِ وهو ساجِدٌ وهُما مَنصُوبَتانِ وهو يَقولُ: «أَعُوذُ بِرضَاكَ مِن سَخَطِكَ([11])، وَبُمَعافاتِكَ مِنْ عَقُوبَتِكَ([12])، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ([13]) لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ([14])». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه مُسلمٌ والنّسائيُّ.

[1])) أي: حسَبْنا.

[2])) قال ابن الأثير في النهاية (2/100): «فعَلُوتٌ مِن الجَبْر والقَهر». وقال شيخُنا رحمه الله: «اللهُ تَعالَى له حَقٌّ أنْ يَقهَر عِبادَه ويَتصرَّفَ فِيهِم كما يَشاءُ. جبَرُوتُ اللهِ حَسَنٌ».

[3])) قال السُّيوطي في مرقاة الصُّعود (1/322): «فعَلُوتٌ مِن الـمُلْكِ».

[4])) قال شيخنا رحمه الله: «الكِبرياءُ، معناه: قريبٌ مِن معنَى العظَمة، ليس عينَ العظمةِ، الكِبرياءُ صِفةٌ مِن صفاتِ الله. وما ورَد في الحديث القُدسِيّ: «الكِبْرياءُ رِدائِي وَالعَظَةُ إِزارِي»، فمَعناهُ: صِفتانِ للهِ. وهذا الحديثُ رواه أبو داودَ وابنُ حِبّانَ وغيرُهما. إذا قِيل عن اللهِ «ذُو الكِبْرياء» فهو مَدحٌ».

وقال ابن الأثير في النهاية (4/140): «والكِبْرياءُ: العظَمةُ والـمُلْكُ».

[5])) أي: أطلُبُه.

[6])) أي: زَوجاتِه.

[7])) قال الحافظ العسقلاني في الفتح (2/320): «أي: بِمُلابَسةِ ما يَستَوجِبُ العُقوبةَ أو يُنقِصُ الحَظَّ».

[8])) قال ابنُ علّان في الفتوحات (2/265): «بسُكون الياء وفتَحِها، أي: ذاتِي كما مَرَّ في «وَجَّهْتُ وَجْهِي» أو المرادُ به الحقِيقةُ، أي: خضَع وذَلَّ وباشَرَ بأشرَفِ ما فيه مواطِئُ الأقدامِ والنِّعالِ، وخُصَّ لأنّه أشرَفُ الأعضاءِ، فإذَا خضَعَ فغَيرُه أَولَى».

[9])) قال ابنُ علّان في الفتوحات (2/266): «أي: منفَذَهما، إذِ السَّمعُ ليسَ في الأذُنَين بل في مَقعَّرِ الصِّماخِ».

[10])) أي: بقُدرَتِه: قال الشّهاب الرَّملي في شرح أبي داود: «قال في «النّهاية»: الحَيلُ القُوّةُ. وعلى هذا يكُون هنا بِحَولِه وقُوّتِه مِن الـمُترادِف»، وقال الملّا عليّ في المرقاة (2/817): «تخصِيصٌ بَعدَ تَعمِيم، أي: فَتَحَهُما وأَعطاهُما الإدراكَ وأثَبَتَ لَهُما الإمدادَ بَعدَ الإيجادِ (بِحَوْلِه)، أي: بِصَرْفِه الآفاتِ عَنهُما (وَقُوَّتِهِ)، أي: وقُدرَتِه بالثَّباتِ والإعانةِ علَيهِما».

[11])) قال المناويّ في فيض القدير (2/139): «(أعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ)، أي: بِما يُرضِيكَ عمّا يُسخِطُكَ».

[12])) قال ابن علّان في الفُـتوحات (7/226): «(وَبِمُعافاتِكَ مِنْ عَقُوبَتِكَ)، أي: بِعَفوِك، وأتَى بالـمُفاعَلة مُبالَغةً، وصَرَّح بهذا مع تضَمُّن الأوّلِ له لأنّ الإِطنابَ في مَقامِ الدُّعاء مَحمودٌ».

[13])) «وَأُعوذُ بِكَ مِنْكَ»، أي: أَطلُب مِنكَ أنْ تُعِيذَنِي مِن شَرِّ ما خلَقْتَهُ أنتَ، أي: أهرُبُ مِن عذابِكَ إلى رَحمَتِك، مِن غضَبِك أو مِن عَذابِك، هذا علَى تقدِيرِ حَذفِ الـمُضافِ.

[14])) قال النووّي في شرح مُسلِم (4/204): «قال مالكٌ رحمه الله تعالَى: مَعناهُ: لا أُحصِي نِعمتَك وإِحسانَك والثَّناءَ بها علَيكَ وإنِ اجتهَدتُ في الثَّناءِ عليكَ».

باب ما يَقُولُ إِذَا مَرَّ بآيَةٍ فِيهَا سُؤَالٌ أَوْ رَحْمَةٌ أَوْ عَذَابٌ أَوْ غَيْرُهَا

باب ما يَقُولُه في رَفْعِ رَأْسِه مِن الرُّكُوعِ وَفِي اعْتِدالِه