بيان أنَّه لا يجوز قول: (اللَّهُمَّ صلِّ عليك يا مُحمَّد)

بيان أنَّه لا يجوز قول: (اللَّهُمَّ صلِّ عليك يا مُحمَّد)

والرَّدُّ على أهل الفتنة في تجويزهم هذه العبارة الفاسدة

بيان أنَّ الالتفات في البلاغة لا يكون إلا بالانتقال

من التكلم أو المخاطبة أو الغيبة إلى صيغة أخرى

وبيان أنَّ الصَّحيح أنْ نقول: (صلَّى الله عليك يا مُحمَّد)

أو أنْ نقول: (اللَّهُمَّ صلِّ على سيِّدنا مُحمَّد)

الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.

1

وبعدُ فكأنَّ أهل الفتنة صاروا لا يُرضيهم إلَّا أنْ يجتمع فيهم كُلُّ ضلالة خُطَّت في سِفر وكُلُّ غلط دُسَّ على كتاب! وكان الفقيه القاضي عياض رحمه الله يذمُّ أُولئك الَّذين (يتلقَّفون مِن الكُتُب كُلَّ صحيح وسقيم) فكيف لو رأَى الَّذين لا يأخُذون مِن الكُتُب إلَّا كُلَّ سقيم على وجه الحصر!

2

وكان آخِر ما أخذه لئيم أهل الفتنة مِن الكُتُب جواز قول: (اللَّهم صلِّ عليك يا مُحمَّد) وأَخذُه بذلك الغلط ضرب مِن الخذلان لأنَّ هذه العبارة وهذا التَّركيب معناهُما: (اللَّهُمَّ زد نفسك شرفًا وتعظيمًا) والعياذ بالله مِن ذلك فمَن فهم معنَى هذه العبارة وقالها مُختارًا فإنَّه يكفُر بالله سُبحانه وتعالَى.

3

أمَّا العامَّة فلو قالوا هذه العبارة الفاسدة فإنَّهُم لا يكفُرون لأنَّهُم لا يعرفون معناها الفاسد وإنَّما يظُنُّون -لشدَّة الجهل- أنَّها تُوافق قولنا: (اللَّهُمَّ صلِّ على سيِّدنا مُحمَّد) أو قولنا: (صلَّى الله على مُحمَّد) ولكن يجب نهيُهُم عن قول العبارة الفاسدة وبيان معناها الفاسد لهُم وتحذيرُهُم مِن قولها.

4

واستدلَّ لئيم أهل الفتنة بكلام للشَّيخ مُحمَّد بن مُحمَّد الأزهريِّ المغربيِّ المُتوفَّى 1191 للهجرة معناه أنَّ تلك العبارة الفاسدة تصحُّ مِن باب الالتفات الَّذي هُو مِن أساليب البلاغة لكنَّ الأخير لم يشهَر دليلًا يُؤيِّد دعواه! وإنَّما اكتفَى بإحالة هذا “الغلط” إلى مذهب السَّكاكي وهُو مِن عُلماء اللُّغة.

5

والعبارة الفاسدة لا يصحُّ فيها “الالتفات” حتَّى على مذهب السَّكاكي لأنَّه لا يكون الالتفات إلَّا بالانتقال بالكلام مِن صيغة التَّكلُّم أو الخطاب أو الغيبة إلى صيغة أُخرَى؛ أو التَّعبير بأحدها فيما حقُّه التَّعبير بغيره؛ وليس في قولهم: (اللَّهُمَّ صلِّ عليك يا مُحمَّد) أيُّ شيء مِن ذلك البتَّة.

6

والخُلاصة أنَّ كلامه غلط وأنَّ العبارة المذكورة ظاهرة الفساد مِن حيث اللُّغة العربيَّة وذلك أنَّ مِن شُروط الالتفات -عند الكُلِّ- أنْ يكُون الضَّمير في المُنتقَل إليه عائدًا في نفس الأمر إلى المُلتفَت عنه؛ بمعنَى أنْ يعود الضَّمير الثَّاني على نفس الشَّيء الَّذي عاد إليه الضَّمير الأوَّل في الكلام.

7

فأمَّا الأوَّل فهُو ضمير المُخاطب المُستتر (أنتَ) الَّذي هُو فاعل (صلِّ)، وأمَّا الثَّاني فهُو كاف المُخاطبة في قولهم: (عليكَ) فإذا عاد الضَّميران على الشَّيء نفسه تحقَّق المعنَى الكُفريُّ لأنَّ العبارة يصير معناها (يا الله صلِّ على الله) أو (يا أنتَ صلِّ على أنت) وهذا ظاهر الفساد والعياذ بالله.

8

و(الالتفات) لا بُدَّ فيه مِن الانتقال مِن التَّكلُّم أو الخطاب أو الغيبة إلى صيغة أُخرَى وقولُهُم: (اللَّهُمَّ) خطاب معناه (يا الله) وقولُهُم: (صلِّ) فاعله ضمير المُخاطب المُستتر (أنت) وقولُهُم: (عليك) كافه للخطاب؛ تبيَّن خُلُوُّ عبارتهُم مِن الانتقال مِن صيغة إلى أُخرَى.. فأين الالتفات المزعوم!

9

هذا على تقدير الالتفات؛ وإلَّا فقولهم (صلِّ) فاعله ضمير المُخاطب المُستتر (أنت) لم يستوفِ معناه إلَّا بكاف مُخاطبة قولهم (عليك) فلا يجوز الفصل بين مدلول الضَّمير الأوَّل (أنت) ومدلول الضَّمير الثَّاني (كاف الخطاب)، وبهذا يتحقَّق المعنَى الكُفريُّ الَّذي نُحذِّر منه وننهَى عنه.

10

وهكذا يظهر لك أخي القارئ أنَّ لئيم أهل الفتنة ما استدلَّ بالغلط إلَّا لكونه مخذولًا بإذن الله! وأنَّه لو تفكَّر بُرهة أو لو عاد إلى ما أحال إليه الشَّيخ مُحمَّد بن مُحمَّد الأزهريُّ المغربيُّ لتبيَّن له بطلان الإحالة إلى السَّكاكي أو غيره ولكنَّ اللَّئيم أبَى إلَّا أنْ يكشف عن مدَى جهله وجُرأته في الباطل.

نهاية المقال.

Nov 02, 2022 10:42:56am

الجُزء الثَّاني من

الرَّدِّ على أهل الفتنة في تجويزهم قول: (اللَّهُمَّ صلِّ عليك يا مُحمَّد)

الإمام السُّيُوطيُّ يرُدُّ على أهل الفتنة في مسألة الالتفات المُفترَى

الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.

1

وبعدُ فاعلم أنَّ العامَّة لا يكفُرون إنْ قالوا: (اللَّهُمَّ صلِّ عليكَ) إلخ.. لجهلهم بأنَّ معناها: (يا الله زد نفسك شَرَفًا وتعظيمًا) فهم يجهلون مدلول العبارة ولم يعرفوا أنَّ لفظ (عليك) المُخاطب فيه في ذلك السِّياق هُو الله تعالَى ولكن يجب نهيُهُم لأنَّ فهمهُم ليس مرجعًا للتَّأويل فالعاميَّة لا تُضاهي العربيَّة.

والصَّلاة على النَّبيِّ لها صِيغ صحيحة كثيرة فمِن ذلك (صلَّى الله على مُحمَّد) و(اللَّهُمَّ صلِّ على سيِّدنا مُحمَّد) و(الصَّلاة والسَّلام عليك يا رسول الله) و(صلَّى الله وسلَّم عليك يا مُحمَّد) لأنَّ المُخاطب هُنا الرَّسول فصحَّ استعمال لفظ (عليك) بخلاف العبارة الفاسدة المذكورة أوَّل المقال.

2

أمَّا لئيم أهل الفتنة فإنَّه يُبغض الدِّين ويكره الإسلام لذلك يُحبُّ اللَّئيم أنْ تشيع العبارات الفاسدة على أَلسِنَةِ العامَّة فيدعُوهُم إلى قولها والعياذ بالله زاعمًا أنَّها تصحُّ على سبيل الالتفات البلاغيِّ وكَذَبَ وقد قُمنا بالرَّدِّ عليه في المقال السَّابق والرَّابط تجدونه في المُداخلات على هذا المقال.

3

واليوم نزيد مقال البارحة توكيدًا بقول الإمام جلال الدِّين السُّيوطيِّ – العالِم المشهور- في كتابه [الإتقان في عُلوم القُرآن]: (تنبيهات. الأوَّل: شَرطُ الاِلتِفَاتِ أَن يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي المُنتَقَلِ إِلَيهِ عَائِدًا فِي نَفسِ الأَمرِ إِلَى المُنتَقَلِ عَنهُ وَإِلَّا يَلزَمُ عَلَيهِ أَن يَكُونَ فِي “أَنتَ صَدِيقِي” التِفَاتٌ) انتَهَى!

4

وقولُهُم: (اللَّهُمَّ صلِّ عليكَ) إلخ.. فيه ضميرانِ، الأوَّل: ضمير الفاعل المُستتر بعد (صلِّ) تقديرُه “أنت”. والثَّاني: الكاف في قولهم: (عليك) فإنْ جعلنا الضَّميرَين عائدَين إلى شيء واحد يتحقَّق المعنَى الكُفريُّ الَّذي أنكرناه عليهم وحذَّرنا منه لأنَّ العبارة يصير معناها: (يا اللهُ صلِّ على الله).

5

وأكمل السُّيوطيُّ: (الثَّانِي: شَرطُهُ أَيضًا أَن يَكُونَ فِي جُملَتَينِ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الكَشَّافِ وَغَيرُهُ وَإِلَّا يَلزَمُ عَلَيهِ أَن يَكُونَ نَوعًا غَرِيبًا) انتَهَى وأمَّا قولُهُم في العبارة الفاسدة: (اللَّهُمَّ صلِّ عليكَ) فجُملة واحدة تمتنع أنْ تكون التفاتًا بلاغيًّا كما ترَى لعدم توفُّر الشَّرط كذلك، فتبًّا لأهل الفتنة.

6

وهكذا يكون الإمام السُّيُوطيُّ رحمه الله قد قمع شُبهة أهل الفتنة في سطرَين مِن كلامه فهلَّا انزجر لئيم أهل الفتنة عن القراءة في الكُتُب دون تحقيق وعن الطَّعن بسادة هُم في السَّقَم خير منه في الصِّحَّة وهُم غائبين خير منه شاهدًا وإلَّا فقد علمنا وعلم أنَّه عند الله تعالَى تجتمع الخُصوم.

نهاية المقال.

Nov 03, 2022 11:23:18am

قف عند باب مُحمَّد

صلَّى الله عليه وسلَّم

قِف عِندَ بَابِ مُحَمَّدِ ~ وَاطلُب بِكُلِّ تَوَدُّدِ:

أَنَا فِي مَقَامِكَ لَاجِئٌ ~ مِنكَ الشَّفَاعَةُ مَقصِدِي

بِكَ يَا إِمَامِي فِي الحَيَاةِ بِكُلِّ خَيرٍ أَقتَدِي

رُوحِي إِذَا اشتَدَّ الظَّلَامُ بِنُورِ وَجهِكَ تَهتَدِي

أَنَا يَا تِهَامِي عَاشِقٌ ~ فَانظُر إِلَى قَلبِي الصَّدِي

حَاشَا أَضِيعُ بِبَابِكُم ~ وَأَنَا غَرَامُكَ مُرشِدِي

جَفنِي الجَرِيحُ عَلَى وِسَادِ تَشَوُّقِي لَم يَرقُدِ

فَامنُن كَثِيرًا يَا حَبِيبِي بِاللِّقَا وَالمَوعِدِ

يَا رَبِّ صَلِّ عَلَى الحَبِيبِ الهَاشِمِيِّ مُحَمَّدِ

مَا حَنَّ صَبٌّ هَائِمٌ ~ يَرجُو لِقَاهُ فِي غَدِ

– هذا النَّشيد برسم الأُخت المُنشدة (مَي جُمعة).

– نغم: المُنشد المُحمَّدي (يحيَى بصل).

Nov 06, 2022 1:57:33am