أهل الفتنة وتكفير الصَّحابة رضوان الله عليهم بيان اضطراب أهل الفتنة في مسألة العصمة عن الصَّغائر

الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.

1

وبعدُ فقد نشر أهل الفتنة أنَّ الصَّحابة ظنُّوا أنَّ للرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم ذُنوبًا غفرها الله له ثُمَّ كفَّروا مَن ظنَّ أنَّ للرَّسول ذنبًا غفره الله له! فصار الصَّحابة رضوان الله عليهم كُفَّارًا عند أهل الفتنة وكفاهُم ذلك خزيًا.

2

وأهلُ السُّنَّة والجماعة يقولون إنَّ الذَّنب الصَّغير الَّذي لا خسَّة فيه ولا دناءة: لا يقدح بالأنبياء ولا يُنفِّر عن اتِّباعهم بل هُو كما وصفه أبو العبَّاس المغربيُّ المالكيُّ: (ليس ممَّا يُنَفِّر عنِ الاتِّباع ولا ممَّا يُوجب عقوبة الأنبياء) انتَهَى.

3

ولذلك رأَى جُمهور أهل السُّنَّة والجماعة أنَّ الذَّنب الصَّغير الَّذي لا خسَّة فيه ولا دناءة أمر مُمكن في الشَّرع وُقُوعُه نادرًا مِن الأنبياء عليهمُ السَّلام لكنَّهُم -أي الأنبياء عليهمُ السَّلام- يتوبون منه فورًا قبل أن يقتدي بهم فيه أحد.

4

قال الإمام النَّوويُّ فِي [شرح صحيح مُسلم]: <وَاختَلَفُوا فِي وُقُوعِ غَيرِهَا مِنَ الصَّغَائِرِ مِنهُم فَذَهَبَ مُعظَمُ الفُقَهَاءِ وَالمُحَدِّثِينَ وَالمُتَكَلِّمِينَ مِنَ السَّلَفِ وَالخَلَفِ إِلَى جَوَازِ وُقُوعِهَا مِنهُم وَحُجَّتُهُم ظَوَاهِرُ القُرآنِ وَالأَخبَارِ> انتَهَى.

5

وقال الفقيه الشَّافعي بدر الدِّين الزَّركشيُّ فِي [البحر المُحيط]: <وَنَقَلَ القَاضِي عِيَاضٌ تَجوِيزَ الصَّغَائِرِ وَوُقُوعَهَا عَن جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الفُقَهَاءِ وَالمُحَدِّثِينَ وَقَالَ فِي [الإِكْمَالِ]: إِنَّهُ مَذهَبُ جَمَاهِيرِ العُلَمَاءِ>  انتهى.

6

فإذا صدَّقنا كلام الإمام النَّوويِّ ووضعنا في مُقابله تكفير أهل الفتنة لكُلِّ مَن ظنَّ أنَّ للرَّسول ذنبًا صغيرًا لا خسَّة فيه غفره الله له: نجد أنَّ أكثر عُلماء وفُقهاء أهل السُّنَّة والجماعة كُفَّار عند أهل الفتنة وكفاهُم ذلك خزيًا.

7

وذلك أنَّ أهل الفتنة لمَّا أصرُّوا على أنَّ (الذَّنب غير المُنفِّر) مُنفِّر! وأنَّ (ما لا خسَّة فيه) يُنبئ عن خسَّة فاعله! وأنَّ (ما لا دناءة فيه) فاعلُه دنيء! كان هذا التَّناقُض القبيح والفهم السَّقيم سبب سُقُوطهم في تكفير أهل الإسلام.

نهاية المقال.

January 25 at 3:45 AM