كيف خالف أهل الفتنة القواعد الشَّرعيَّة (3) وبيان معنَى أنْ نلتمس للصَّحابة أحسن المخارج

كيف خالف أهل الفتنة القواعد الشَّرعيَّة (3)

وبيان معنَى أنْ نلتمس للصَّحابة أحسن المخارج

يُصرُّ أهل الفتنة على فتاويهم الباطلة ولو خالفت ألف قاعدة مِن القواعد الشَّرعيَّة المُقرَّرة عند أهل السُّنَّة والجماعة؛ ويحملون بعض عبارات العُلماء على ما يُخالف الشَّرع والدِّين فيُحرِّفون مقاصدهُم ومذاهبهُم، ونحن في هذه السِّلسلة مِن المقالات نرُدُّ شُبُهاتهم في الأُصول والفُروع، ونسأل اللهَ تبارك وتعالى التَّوفيق والهداية إلى حُسن التَّحقيق إنَّه على ما يشاء قدير.

بيان معنَى أنْ نلتمس للصَّحابة أحسن المخارج

الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله وبعدُ فإنَّ أهل الفتنة يُفسِّرون معنَى أنْ نلتمس للصَّحابة أحسن المخارج فيما شَجَرَ بينهُم بأنْ نقول إنَّ الصَّحابة لم تصدُر مِن أحد منهُم معصية واحدة في كُلِّ تلك الفتنة! وهذا كما ترَى مُناقض للقُرآن والحديث الصَّحيح الثَّابت ومُخالف للإجماع على تحريم الخُروج على الإمام العادل وعلى تحريم قتل المُسلمين بغير حقٍّ.

وفي الحقيقة؛ أحسن المخارج أنْ يُقال إنَّهُم لم يكفُروا بذلك لأنَّهُم كانوا مُتأوِّلين وإنَّ مَن صَدَرَت منه معصية وكان مِن المُبشَّرين بالجنَّة فقد وفَّقه الله إلى التَّوبة وإنَّ مَن لم يكن منهُم مُبشَّرًا بالجنَّة فغُفران ذنبه جائز، فهذه أحسن المخارج لمَن أراد بكلامه مُوافقة الشَّرع الشَّريف وذلك لأنَّه لا يُتصوَّر أنْ تكون أحسن المخارج مُناقِضة لِمَا نصَّ عليه القُرآن الكريم.

ولهذا قال إمامُنا الأشعريُّ في [المُجرَّد] عن طلحة والزُّبَير رضي الله عنهُما: <وإنَّهما رَجَعَا عن ذلك وندمَا وأظهرَا التَّوبة وماتَا تائبَيْنِ> انتهى وقال البغداديُّ في [الفَرْق بَين الفِرَق] باب [الأُصول الَّتي اجتمع عليها أهل السُّنَّة]: <وقالوا إنَّ طلحةَ والزُّبَير تابَا ورَجَعَا عن قتال عليٍّ> انتهى فهذه أحسن المخارج لمَن صدرت منه المعصية بحسب الشَّريعة المُحمديَّة.

وقال الأشعريُّ في [المُجرَّد]: <وأمَّا خطأ مَن لم يُبشِّره رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالجنَّة في أمره فإنَّه مُجَوَّز غُفرانه والعفو عنه> انتهى وقد علمتُم أنَّ مُعاوية لم يكُن مِن المُبشَّرين بالجنَّة وأنَّه عناه بقوله فأثبتَ عليه الذَّنب ولم يُحرِّف الشَّرع ثُمَّ أشار إلى ما دلَّ عليه قول الله تعالى في القُرآن الكريم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ} الآية..

يتبع بإذن الله تعالى..

Mar 11, 2021, 12:26 PM