بيان أنَّ طلب الكُفر والأمر به كُفر بالاتِّفاق والرَّدُّ على مَن حرَّف معنَى كلام الزَّبيديِّ في المسألة

بيان أنَّ طلب الكُفر والأمر به كُفر بالاتِّفاق

والرَّدُّ على مَن حرَّف معنَى كلام الزَّبيديِّ في المسألة

الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.

1

وبعدُ فقد حرَّف أهل الفتنة كلام الحافظ الزَّبيديِّ فزعموا أنَّه قال إنَّ مَن سبَّ الأصنام وهُو يعلم أنَّ الكُفَّار يرُدُّون بمسبَّة الله لا يكفُر. وهذا كذب صريح والزَّبيديُّ بريء ممَّا يفترون عليه ولكنَّهُم لمَّا جهلوا معنَى الآية ولم يفقهوا حُكم الشَّرع: حكَّموا الهوَى فزاغت قُلوبُهُم والعياذ بالله تعالَى.

2

قال الحافظ الزَّبيديُّ في [شرح الإحياء]: <ومَن أراد مِن خَلق الله أنْ يكفُروا بالله فهُو لا محالة كافر> إلخ.. وقد علم كُلُّ أحد أنَّ مَن سبَّ الأصنام وهُو يعلم أنَّ الكُفَّار يرُدُّون بمسبَّة الله تعالَى فهذا كأنَّه أراد أنْ يكفُروا بالله تعالَى فهذا كافر لا محالة كما أوضح الحافظ الزَّبيديُّ رحمه الله.

3

ولا يحرُم سَبُّ الأصنام إلَّا مع خشية أنْ يَرُدَّ الكُفَّار بمسبَّة الله تعالَى فيأثم مَن سبَّ الأصنام إنْ كان يخشَى أنْ يرُدَّ الكُفَّار بمسبَّة الله تعالَى ولا يكفُر، أمَّا الَّذي يكفُر فهُو الَّذي يشتُم أصنامهُم مع علمه أي مع غلبة ظنِّه أنَّهُم يُجيبونه بمسبَّة الله تعالَى وهذا ما لم يُدركه أحمق أهل الفتنة.

4

فالحالة الأُولى: عدم حُرمة سَبِّ الأصنام إنْ لم تكُن خشية مِن أنْ يرُدُّوا بمسبَّة الله تعالَى. والحالة الثَّانية: حُرمة سَبِّ الأصنام مع الخشية مِن أنْ يرُدُّوا بمسبَّة الله تعالَى. والحالة الثَّالثة: إجماع العُلماء على تكفير مَن سَبَّ الأصنام مع علمه وغلبة ظنَّه أنَّ الكُفَّار يرُدُّون بمسبَّة الله تعالَى.

5

ولهذا قال الحافظ الزَّبيديُّ: <ثُمَّ إنَّه مَن سبَّ أحدًا منهُم على معنَى ما يجد له مِن العداوة والبغضاء قيل له: أخطأتَ وأثمتَ؛ مِن غير تكفير، وإنْ كان إنَّما فعل ذلك ليسمع سَبَّ الله وسبَّ رسوله فهُو كافر بالإجماع> انتهَى ومَن سبَّها عالمًا أنَّهُم يُجيبون بذلك فقد أراد أنْ يسمع مسبَّة الله تعالَى.

6

أمَّا مغرور أهل الفتنة فقد فكَّر وحدَه ورَكَنَ إلى حُمقه فخالف الحقَّ المُبين لَمَّا لم يُسعفه ذهنُه في استحضار الحالات الثَّلاثة المذكورة؛ فعنده لا يسُبُّ أحدٌ الأصنامَ إلَّا مع العلم أنَّ الكُفَّار يرُدُّون بمسبَّة الله تعالَى وهذا ادِّعاء باطل مردود لا دليل عليه تُكذِّبُه نُصوص العُلماء وأقوالُهُم.

7

ففي تفسير [الجامع لأحكام القُرآن]: (قال العُلماء: فمتَى كان الكافر في مَنَعَة وخِيفَ أنْ يسُبَّ الإسلام أو النَّبيَّ عليه السَّلام أو اللهَ عزَّ وجلَّ، فلا يحلُّ لمُسلم أنْ يسُبَّ صُلبانهُم ولا دينهُم ولا كنائسهُم ولا يتعرَّض إلى ما يُؤدِّي إلى ذلك لأنَّه بمنزلة البعث على المعصية) انتهَى مُختصَرًا.

8

وممَّا يُثبت دقَّة قولنا في هذه القضيَّة أنَّ الكلام الَّذي ذكره الزَّبيديُّ هُو في الأصل مِن كلام الغزاليِّ نفسه في [الإملاء عن إشكالات الإحياء]؛ فإن راجعتَ محلَّ كلامه فسوف تتأكَّد أنَّ مغرور أهل الفتنة حرَّف المعنَى حيث جهل محلَّه ولم يُدرك سياقه؛ وكان أولَى أنْ يَخرس لسانُه.

9

فالغزاليُّ أخبر أنَّه مُجرَّد تحديث النَّاس بما لا يعقلون ليس كُفرًا؛ إلَّا إنْ كان مُتيقِّنًا أنَّهُم سيعتقدون ما يُخالف أُصول الدِّين، فقال -أي الغزاليُّ-: (إلَّا أنْ يُريد بإفشائه وُقوع الكُفر مِن السَّامع له، فهذا عاتٍ مُتمرِّد وليس بوليٍّ، ومَن أراد مِن خلق الله أنْ يكفُروا بالله فهُو لا محالة كافر) إلخ..

10

فثبت أنَّ الشَّيخ الكيفونيَّ حفظه الله ورعاه لم يُخرج كلام الزَّبيديِّ عن سياقه ولا غيَّر معناه بينما ثبت أنَّ أهل الفتنة زادوا على كلام الزَّبيديِّ ما لم يقُله ولا نطق به فزعموا أنَّه لا يحكُم بتكفير مَن سبَّ الأصنام مع علمه أنَّ الكُفَّار يُجيبون بمسبَّة الله وهذا ليس في كلام الزَّبيديِّ ألبتَّة.

11

وفي الخُلاصة فقد رُدَّ افتراء أهل الفتنة مِن وُجوه أربعة.

1. الوجه الأوَّل: أنَّ قاعدة (مَن أراد مِن خلق الله أنْ يكفُروا فقد كفر) تنطبق على مَن سبَّ الأصنام مع علمه أنَّ الكُفَّار يُجيبون بمسبَّة الله تعالَى.

2. الوجه الثَّاني: خلط أهل الفتنة بين مسبَّة الأصنام مع (الخشية) مِن جواب الكُفَّار بمسبَّة الله تعالَى وبين مسبَّتها مع (غلبة الظَّنِّ) مِن جوابهم.

3. الوجه الثَّالث: ثُبوت أنَّ أهل الفتنة تقوَّلوا على الزَّبيديِّ. ونتحدَّاهُم أنْ يُثبتوا أنَّه لا يُكفِّر مَن سبَّ الأصنام مع علمه أنَّ الكُفَّار يُجيبون بمسبَّة الله تعالَى.

4. الوجه الرَّابع: كون القاعدة في الأصل للغزاليِّ محلُّها بيان كُفر مَن حدَّث النَّاس بما لا تصلُه عُقولُهُم مع تيقُّنه أنَّهُ يقع منهُم كُفر نتيجة لحديثه.

نهاية المقال.

Jan 27, 2022 3:46:44am

نعي الحاج عبدالرَّحمن جلُّول رحمه الله

والد فضيلة الشَّيخ غانم جلُّول حفظه الله

بسم الله الرَّحمَن الرَّحِيم

يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ

ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً

فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي

بمزيد مِن الرِّضَى بقضاء الله وقدره

ننعي إليكُم

الفاضل الحاج عبدالرَّحمن جلُّول رحمه الله

والَّذي توفَّاه الله في لُبنان

جاء في الحديث: <ما الميِّت في قبره إلَّا شبه الغريق المُتغوِّث ينتظر دعوة مِن أب أو أُمٍّ أو أخ أو صديق ثقة أو ولد صالح فإذا لحقه ذلك كانت أحبَّ إليه مِن الدُّنيا وما فيها وإنَّ الله عزَّ وجلَّ يُدخِل على أهل القُبور مِن دُعاء أهل الدُّور أمثال الجبال وإنَّ هديَّة الأحياء للأموات الاستغفار لهُم> رواه البَيهقيُّ في [شُعب الإيمان].

فلا تبخلوا بالدُّعاء والاستغفار له وقراءة القُرآن عن رُوحه.

إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ

Jan 28, 2022 5:37:47am

مديح روحي تفداك

نغم وأداء: المُنشد كريم مسعد

كلمات: عُمر الشَّادي

Jan 29, 2022 10:21:36pm