جهل أهل الفتنة بمعنَى ما يُدرَك بالحِسِّ
وبيان أنَّ أهل الفتنة يخلِطون بين الحِسِّ وبين النَّظر والحساب
الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.
1
وبعدُ فقد زعم بريد أهل الفتنة أنَّ معرفة شكل الأرض مِن (المحسوسات)؛ فقد زعم هذا الجاهل المُتصَولح أنَّ معرفة كون الأرض كُرويَّةً أمرٌ يُدرَك بالحِسِّ! وقولُه هذا مِن قبيل ندائه على نفسه بالجهل وأيُّ جهل.
2
فأمَّا المحسوس فهُو ما يُدرك بإحدى الحواسِّ الخمسة: الطَّعم والشَّمُّ والبصر والسَّمع واللَّمس، قال في [لسان العرب]: <وَحَوَاسُّ الْإِنْسَانِ: الْمَشَاعِرُ الْخَمْسُ وَهِيَ: الطَّعْمُ وَالشَّمُّ وَالْبَصَرُ وَالسَّمْعُ وَاللَّمْسُ> انتهى.
3
وفي [شرح حِلية اللُّبِّ المصون على الرِّسالة المَوسومة بالجَوهر المكنون] قال الشَّيخ أحمد عبد المُنعم بن صيام الدَّمنهوريُّ: <المُراد بالحِسِّيِّ المُدرَك هُو أو مادَّتُه بإحدى الحواسِّ الخمس الظَّاهرة> انتهى.
4
أمَّا الكلام في عُلوم الفَلَك (والهيئة) ولا سيَّما الكلام في شكل الأرض؛ فهُو ممَّا لا يُدركه النَّاس باستعمال حواسِّهمُ الخمسة بل بالحساب والنَّظر، و(النَّظر) هُنا المُراد به التدبُّر والتَّفكُّر ولا يعني حاسَّة البصر.
5
قال القاضي الشَّيخ زكريَّا الأنصاريُّ في [الحُدود الأنيقة والتَّعريفات الدَّقيقة]: <النَّظر: فكر يُؤدِّي إلى علم أو اعتقاد أو ظنٍّ> انتهى فما يُدرك بالنَّظر ليس مِن قبيل ما يُدرك بالحِسِّ كما زعم الجَهَلَة المُتصولحة.
6
والخُلاصة أنَّ بريد أهل الفتنة يخلط بين ما يُدرك بالحسِّ وبين ما يُدرك بالحساب والنَّظر فيجعلُهُما واحدًا؛ وهذا مِن أشدِّ الجهل؛ فكيف يقبل أحد بعد ذلك مِن هذا المُتنطِّع أنْ يطعن في العُلماء العاملين!؟
انتهى.
Jun 10, 2021, 7:52 AM
بيان معنَى قولنا: (كُفر غير معلوم مِن الدِّين بالضَّرورة)
الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.
وبعدُ يأبَى أهل الفتنة إلَّا أنْ يُؤكِّدوا لكُلِّ أحد أنَّهُم مِن الجَهَلَة على التَّحقيق فقد نشروا مُؤخَّرًا ملفًّا صوتيًّا فأثبتوا ما لا يعرفون معناه وأنكروا ما يجهلونه كذلك فهُم على كُلِّ حال دُعاة جاهلون لا تحقيق عندهُم ولا معرفة.
فقول السَّائل: (كُفر غير معلوم مِن الدِّين بالضَّرورة) أي يكفُر صاحبُه إنْ عَلِم حُكم الشَّرع وخالفه وإلَّا فإنْ لم يعلم حُكم الشَّرع فخالفه مُتوهِّمًا أنَّه يقول ما يُوافق الشَّرع لا يكُفر؛ وهذا في الفُروع الَّتي خفيت عليه لا في أُصول العقائد الَّتي هي أصل الشَّهادتَين.
وأهل الفتنة جهلوا معنَى العبارة فأعملوا فيها أفهامهُمُ السَّقيمة لأنَّهُم ما سمعوا معناها مِن العالم الثِّقة لتقصيرهم فظنُّوا فتواه هذه مُخالفة لفتواه في الكُفر المعلوم مِن الدِّين بالضَّرورة فبئس أهل الفتنة كم يخلطون!
قال الشَّيخ عبدُالله الهرريُّ في [المُختصَر] في الكلام عن الرِّدَّة: <أو تحليل مُحرَّم بالإجماع معلوم مِن الدِّين بالضَّرورة ممَّا لا يخفَى عليه كالزِّنَى واللِّواط والقتل والسَّرقة والغَصب> إلخ.. ومَن أراد فليُراجع كلامنا في أمر التَّشهُّد الاحتياطيِّ فإنَّ فيه زيادة على ما ذكرنا في هذا المقال.
انتهى.
Jun 13, 2021, 7:02 AM
