مذهب العزِّ بن عبدالسَّلام في ذكر ذُنوب الأنبياء

مذهب العزِّ بن عبدالسَّلام في ذكر ذُنوب الأنبياء

كيف تحوَّل مشايخ مُوريتانيا إلى تكفيريِّين على أيدي أهل الفتنة

وضع الفتاوَى في أهل الفتنة كمُقلِّد الخنازير الجواهر

الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.

1

وبعدُ قال الفقيه الشَّافعيُّ العزُّ بن عبدالسَّلام المُلقَّب بشيخ الإسلام وسُلطان العُلماء في [القواعد الكُبرَى] الموسوم بـ[قواعد الأحكام في إصلاح الأنام] جـ/1 ص/210: <فقد عصَى آدمُ وداودُ وغيرُهُما ولم يخرُج واحد منهُم بمعصيته عن حُدود ولايته> إلخ.. فهل هُو كافر قادح بالأنبياء عندكُم يا أهل الفتنة لقوله: (عصى آدم وداود) في غير تلاوة القُرآن الكريم!؟

2

ثُمَّ قال: <فإنْ قيل: كيف تجوز غِيبة الأنبياء بنسبتهم إلى ما صدر منهُم مِنَ الذُّنوب؟ قُلنا: إنْ ذُكِرَ ذلك تعييرًا لهُم أو إزراء عليهم حَرُمَ وكان ذلك كُفرًا فإنَّ اللهَ ما ذكر ذلك تعييرًا لهُم ولا استنقاصًا لهُم وإنَّما ذكره تنبيهًا على سَعَة رحمته وسُبوغ نعمته وإطماعًا في التَّوبة مِن معصيته ومُخالفته فإنَّ مُسامحة الأكابر تدُلُّ على أنَّ مُسامحة الأصاغر أولَى> إلخ..

3

ثُمَّ قال رحمه الله: <وإنْ ذُكِرَ ذلك للغرض الَّذي ذكره اللهُ لأجله فلا بأس به بل رُبَّما يُندَبُ إليه ويُحَثُّ عليه إذا كان فيه مصلحة للمُذنبِين القانطِين مِن رحمة ربِّ العالمين> انتهَى فهل يرَى الجَهَلَة المُتصولحة أهل الفتنة أنَّ العزَّ بن عبدالسَّلام كافر على قول عند المالكيَّة كما أوهموا البُسطاء بإنزالهم بعض فتاوَى المالكيَّة في غير محلِّها! والعياذ بالله تعالى.

4

وقد تحدَّينا أهل الفتنة أنْ يقرأوا مقالنا كاملًا على الشَّيخ الخديم المُوريتانيِّ فعجزوا وذهبوا إليه بعبارة أو عبارتين وأجاب بكلام غير واضح لأنَّهُم يُريدون أنْ يستعملوا فتواه في تكفير أهل الإسلام وفي إيهام العامَّة أنَّ عُلماء الإسلام يُكفِّر بعضُهُم بعضًا في مسألة عصمة الأنبياء عن صغائر لا خسَّة فيها ولا دناءة؛ ولعلَّ “الخديم” بريء ممَّا يُريدون إلصاقه به مِن تكفير.

5

لقد أفتَى بعض المالكيَّة بكُفر مَن قال: (آدمُ عصَى) مُريدًا السَّبَّ والطَّعن ولم يُكفِّروا مَن قال ذلك بغير سياق السَّبِّ والطَّعن والتَّحقير والتَّعيير، ولكنَّ أهل الفتنة حملوا تلك الفتوَى فكفَّروا بها كُلَّ عالِم من عُلماء الإسلام وكُلَّ فقيه ومُحدِّث وحافظ قال: (آدمُ عصَى) في غير تلاوة القُرآن الكريم وهذه بدعة عجيبة وتكفير شموليٌّ لأئمَّة الإسلام مِن سَلَف وخَلَف.

6

ونقل الزَّبيديُّ في [إتحاف السَّادة المُتَّقين] أنَّ عيسَى عليه السَّلام قال: <لا تُعلِّقوا الجواهر في أعناق الخنازير> انتهَى وذكر الخطيب البغداديُّ في [الجامع لأخلاق الرَّواي] أنَّ شُعبة قال: <رَآنِي الْأَعْمَشُ وَأَنَا أُحَدِّثُ قَوْمًا فَقَالَ: وَيْحَكَ -أَوْ وَيْلَكَ- يَا شُعْبَةُ تُعَلِّقُ اللُّؤْلُؤَ فِي أَعْنَاقِ الْخَنَازِيرِ!> انتهَى وهذا يستقيم فيمَن عرفتَ أنَّه يستعمل الفتوَى في غير محلِّها.

7

ولمَّا وضع أهل الفتنة الفتاوَى في غير محلِّها وخرجوا بما فيه تكفير للأُمَّة المُحمَّديَّة خواصِّها وعوامِّها سلَفها وخلَفها في مسألة ذكر ذُنوب الأنبياء عليهمُ السَّلام فقد صحَّ أنْ يُقال: إنَّ وضع الفتاوَى في رقاب أهل الفتنة كتعليق اللُّؤلؤ في أعناق الخنازير. وإنَّنا نجدد تحدِّينا لأهل الفتنة بأنْ يستفتوا الشَّيخ الخديم بكلام الإمام العزِّ بن عبدالسَّلام لو كانوا صادقين.

8

وإنَّ قول شيخنا الهرريِّ رحمه الله ورضي عنه: (معصية حقيقيَّة صغيرة لا خسَّة فيها ولا دناءة) ليس فيها زيادة عن قولنا: (معصية صغيرة لا خسَّة فيها ولا دناءة) وذلك لأنَّ لفظ (حقيقيَّة) لم يزد على المعنَى شيئًا، ولكنَّه منع التباس المعنَى على العوامِّ وأهل الفتنة يعرفون ولكنَّهُم يفترون وعن وجه الحقِّ والصَّواب في كُلِّ باب يغفلون فوَيل لهُم ممَّا يُجرمون.

نهاية المقال.

Aug 9, 2021, 7:57 AM

بيانُ كونِ أهلِ الفتنةِ مُفترينَ لا يخافونَ اللهَ

وأنَّهُم يطعنونَ بالعُلماءِ العاملينَ

وهُم مِن أجهلِ خلقِ اللهِ

الحمدُلله وصلَّى الله وسلَّمَ على رسولِ الله.

1

وبعدُ فقد نشأتُ في طرابُلُسَ مدينةِ المساجدِ و(قلعةِ المُسلمينَ) كما أُطلِقَ عليها خلالَ حربِ لُبنانَ الأهليَّةِ، وكانَ والدِي حفظَهُ اللهُ وعافاه يُباهي ضُيوفَنا بحفظي لبعضِ السُّورِ مِن القُرآنِ الكريمِ وأنا صغيرٌ جدًّا وهُو الأمرُ الَّذي شجَّعَ عائلتي أنْ يُلحقوني بمدرسةٍ تحملُ عُنوانًا إسلاميًّا كبيرًا وصِرتُ أرتادُ المسجدَ القريبَ مِن منزلِ العائلةِ.

2

كُنتَ تجدُ شعاراتٍ إسلاميَّةً حيثُما تولَّيتَ؛ ومعَ ذلكَ كانَ مِن المُمكنِ سماعُ مسبَّةِ اللهِ على أَلْسِنَةِ كثيرِ مِن العوامِّ والعياذُ باللهِ! وكانوا يُسمُّونَ ذلكَ كُفرًا لكن كانوا يقولونَ لمَن صَدَرَ منهُ ذلكَ: (استغفِر ربَّكَ) وحسب! لأنَّهُم لم يعرفوا أنَّ عليهِ النَّطقَ بالشَّهادتَينِ للتَّبرُّؤِ مِنَ الكُفرِ؛ فيطلُبُ المغفرةَ لنفسِهِ وهُو على الكُفرِ فيزدادُ فسادًا ويفوتُهُ أنْ يرجِعَ إلى الإسلامِ.

3

وبالرَّغمِ مِن عُمومِ البلاءِ بذلكَ وقتَها وانتشارِ الفكرةِ الشُّيوعيَّةِ في الأحياءِ؛ كُنتَ لا تسمعُ مِن أصحابِ العمائمِ تحذيرًا حثيثًا مِن الكُفرِ.. لا في تلكَ المدرسةِ ولا في خُطَبِ الجُمُعَةِ، حتَّى مَنَّ اللهُ علينا بلقاءِ الإخوةِ في جمعيَّةِ المشاريعِ الخيريَّةِ الإسلاميَّةِ فعلَّمونا أنَّ مسبَّةَ اللهِ أو الأنبياءِ كُفرٌ مُخرِجٌ مِنَ الملَّةِ والدِّينِ وأرشدُونا إلى كيفيَّةِ التَّبرُّؤِ منهُ.

4

وحدَهُمُ الإخوةُ المُدرِّسونَ في جمعيَّةِ المشاريعِ هُناكَ علَّمونا معنَى الشَّهادتَينِ وحفَّظونا صفاتِ اللهِ وتنزيهَ اللهِ عنِ الجهةِ والمكانِ والجسميَّةِ وعلَّمونا شُروطَ الصَّلاةِ وأركانَها بينما كانَ الكثيرونَ مِن المشايخِ مُنشغلينَ ببناءِ دُنياهُم ومؤسَّساتٍ ذاتِ عناوينَ إسلاميَّةٍ كبيرةٍ يتخرَّجُ منها المُسلمُ دونَ أنْ يُحسِنَ الوُضوءَ ودونَ أنْ يُميِّزَ بينَ أركانِ الصَّلاةِ وسُنَنِهَا!

5

ويُحدِّثُكَ أهلُ الفتنةِ أنَّ جماعةَ الشَّيخِ الهرريِّ يستعجلونَ التَّكفيرَ بغيرِ حقٍّ! والحقيقةُ أنَّنا لم نرَ مثلَ جماعةِ الشَّيخِ الهرريِّ تخويفًا مِنَ التَّكفيرِ بغيرِ حقٍّ؛ ومِنَ الفتوَى بغيرِ عِلمٍ ولو بكلمةٍ واحدةٍ ولو كانَ ذلكَ في بابِ النَّحوِ واللُّغةِ فما بالُكَ لو كانَ ذلكَ في بابِ العقيدةِ أو الأحكامِ الفقهيَّةِ؟ ولكنَّ أهلَ الفتنةِ يفترونَ.. وعن وجهِ الحقِّ والصَّوابِ يتغافلونَ.

6

إنَّ أكثرَ المسائلِ الَّتي يُنكرُها أهل الفتنة على شيخنا رحمه الله فيها أنَّه حكم بالتَّكفير على مَن كذَّب الشَّرع مُختارًا فيما لا يخفَى عليه مِن أحكام الشَّرع ولا دلَّه على الحُكم مسائل أُخرَى؛ وهذا لا خلاف في كونه كافرًا عند عُلماء أهل السُّنَّة والجماعة فمِنَ الشَّفقة على النَّاس تعليمُهُم أنَّ تكذيب الشَّرع مع العلم بقول الشَّرع ولو في مسألة فرعيَّة كُفر يجب التَّبرُّؤ منه.

7

وتجدُ بين أهلِ الفتنةِ مَن أخذناهُ باللُّطفِ؛ شابًّا لا يعرفُ شَرْحَ كلمةِ التَّوحيدِ ولا تعلَّمَ صفةً مِن صفاتِ اللهِ الَّتي يجبُ على كُلِّ مُسلمٍ تعلُّمُهَا ولا كانَ سمعَ قبلُ تنزيهَ اللهِ عنِ المكانِ ولو سُئل عنِ العقيدةِ لتهافتَ وخَبَطَ خَبْطَ عشواءَ؛ ومعَ ذلكَ تراهُ يتَّهمُ جماعةَ الشَّيخِ الهرريِّ بالجهلِ! فحقَّ أنْ نقرأَ عليهِ الأثرَ الَّذي فيهِ: <إذَا لم تستحِ فَاصْنَعْ ما شئتَ> انتهَى.

8

والخُلاصةُ أنَّ أهلَ الفتنةِ يطعنونَ بالعُلماءِ العاملينَ وأنفُسُهُم تعلَمُ أنَّهُم خاسرونَ لأنَّهُم يعلمونَ مِن أنفُسِهِم ما يُلامونَ عليهِ ويعرفونَ مِنْ عُيوبِهِم وكذبِهِم وافترائِهِم وتدليسِهِم ما لا يعرفُهُ كثيرٌ مِنَ النَّاسِ الَّذينَ يُخادعونَهُم بالزَّيغِ والباطلِ؛ فشاهَتْ منهُمُ الوُجوهُ لأنَّهُم كذلكَ يعرفونَ أنَّهُ ليسَ في هذا المقالِ كلمةً واحدةً يستطيعونَ إنكارَهَا.

Aug 10, 2021, 9:13 AM