مَن هُم عامَّة أهل التَّأويل عند الماتُريديِّ ؟

مَن هُم عامَّة أهل التَّأويل عند الماتُريديِّ؟

والرَّدُّ على الجاهل المُتصَولح المغرور

الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.

1

وبعدُ فلا زال أهل الفتنة يكذبون ويُفتون النَّاس بغير علم فيُحرِّفون مذاهب عُلماء أهل السُّنَّة والجماعة ويدعون إلى الغُلُوِّ البغيض وهُم في ذلك بين جاهل مُتصَولح يُحبُّ التَّمظهر بالمعرفة وبين مغرور لا تحقيق عنده.

2

وآخر تُرَّهات أهل الفتنة أنَّهُم قالوا إنَّ الماتُريديَّ بقوله (عامَّة أهل التَّأويل) لم يُرِدِ العُلماء وإنَّما أراد الجَهَلَة وممَّن لا يُؤبَه بهم؛ وقال قائلُهُم: (إنَّ عامَّة أهل التَّأويل هُم أيِّ حدِّ بيفتي في أيِّ حتَّة ما عندوش قواعد العلم) إلخ..

3

وقد رجع الجاهل المُتصولح فيما زعمه وافتراه إلى أنَّ العامَّة ضدُّ الخاصَّة؛ فالخاصُّة العُلماء؛ والعامَّة الجَهَلَة؛ فأعدم بالكُلِّيَّة كون الكلمة مُضافة إلى (أهل التَّأويل) أي إلى المُفسِّرين مِن الصَّحابة والتَّابعين وغيرهم.

4

والصَّواب أنَّ مُراد الماتُريديِّ بـ (عامَّة أهل التَّأويل) جماعة المُفسِّرين فأهل التَّأويل هُم أهل التَّفسير وعامَّتُهُم أي ما يشمُل جماعتهُم، جاء في [تاج العروس]: <وعمَّ الشَّيء يعُمُّ عمومًا: شمِل الجماعة> انتهى.

5

وفي [لسان العرب]: <وَشَمَلَهُمُ الْأَمْرُ يَشْمُلُهُمْ شَمْلًا وَشُمُولًا وَشَمِلَهُمْ يَشْمَلُهُمْ شَمَلًا وَشَمْلًا وَشُمُولًا: عَمَّهُمْ> انتهى فعامَّة أهل التَّأويل هُم أكثر الَّذين شمِلتهُم جماعة العُلماء الَّذين اختصُّوا بتأويل القُرآن أي بتفسيره.

6

والحَكَم الفصل في بيان مُراد الماتُريديِّ قولُه في الجُزء (7) مِن [تأويلات أهل السُّنَّة] ص/429: <قال عامَّة أهل التَّأويل نحو ابن عبَّاس والضَّحَّاك ومُجاهد وهؤُلاء: إنَّها هي الأيَّام الَّتي خلق الله فيها الدُّنيا> إلخ..

7

فها هُو الماتُريديُّ -رحمه الله- يُكَذِّب ما افتراه عليه أهل الفتنة ويُوضح أنَّ مُراده بقوله (عامَّة أهل التَّأويل) أكثرُ جماعتهم وينُصُّ بصريح القَول والعبارة أنَّ مِن عامَّة أهل التَّأويل: سيِّدنا عبدالله بن عبَّاس رضي الله عنه.

8

وعبدالله بن عبَّاس هُو مِن أعلم العُلماء بتأويل كتاب الله فقد دعَا له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: <اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ> صحَّحه الحافظ العراقيُّ في [تخريج أحاديث إحياء عُلوم الدِّين].

9

فهل -بعد هذا البيان- يعترف الجاهل المُتصولح أنَّه حرَّف مُراد الماتُريديِّ وأنَّه اختار خيانة المُؤمنين وأفتاهُم بلا علم ليُضلَّهُم عن السَّبيل أم أنَّ الجاهل المُتصولح شأنُه التَّكبُّر فوق ما فيه مِن جهل قد رسخ وتحقَّق فيه!

10

وقد نقل الماتُريديُّ عن عامَّة أهل التَّأويل في تفسير {وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ} أنَّهُم: <يقولون: أثبت له الذَّنب والوزر فوَضع ذلك عنه> انتهى رغم أنَّ الماتُريديَّ نفسه يُخالف قولهُم ولا يأخُذ به لأنَّه يجدُه وحِشًا مِن القول.

11

وعامَّة أهل التَّأويل لم ينسبوا للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلَّا ذنبًا صغيرًا لا خسَّة فيه وهذا ممَّا قد يقع مِن الأنبياء ولكنَّهُم معصومون بإجماع العُلماء المُعتبَرين مِن الكُفر والكبائر وصغائر الخسَّة قبل النُّبُوَّة وبعدها.

انتهى.

May 22, 2021, 12:50 AM