ابن تيمية يزعم أن الله يتكلم بحرف وصوت وأنه يتكلم إذا شاء ويسكت إذا شاء – الدليل القويم على الصراط المستقيم للشيخ عبد الله الهرري

ابن تيمية يزعم أن الله يتكلم بحرف وصوت وأنه يتكلم إذا شاء ويسكت إذا شاء
ومن جملة افتراءات ابن تيمية على أئمة الحديث وأهل السُّنّة والجماعة نسبته إليهم أن الله متكلم بصوت نوعه قديم أي يحدث في ذات الله شيئًا بعد شىء قال في كتابه رسالة في صفة الكلام [(442)] ما نصه: «وحينئذٍ فكلامه قديم مع أنه يتكلم بمشيئته وقدرته وإن قيل إنه ينادي ويتكلم بصوت ولا يلزم من ذلك قدم صوت معين، وإذا كان قد تكلم بالتوراة والقرءان والإنجيل بمشيئته وقدرته لم يمتنع أن يتكلم بالباء قبل السين، وإن كان نوع الباء والسين قديمًا لم يستلزم أن يكون الباء المعينة والسين المعينة قديمة لما علم من الفرق بين النوع والعين» اهـ.
وقال في «المنهاج» [(443)]: «وسابعها قول من يقول إنه لم يزل متكلمًا إذا شاء بكلام يقوم به وهو متكلم بصوت يسمع وإن نوع الكلام قديم وإن لم يجعل نفس الصوت المعين قديمًا وهذا هو المأثور عن أئمة الحديث والسُّنّة وبالجملة أهل السُّنّة والجماعة أهل الحديث» اهـ.وقال في «الموافقة» ما نصه [(444)]: «وإذا قال السلف والأئمة إن الله لم يزل متكلمًا إذا شاء فقد أثبتوا أنه لم يتجدد له كونه متكلمًا، بل نفس تكلمه بمشيئته قديم وإن كان يتكلم شيئًا بعد شىء، فتعاقب الكلام لا يقتضي حدوث نوعه إلا إذا وجب تناهي المقدورات المرادات» اهـ.
ثم قال فيه ما نصه [(445)]: «فلما رجع موسى إلى قومه قالوا له صف لنا كلام ربك فقالسبحان الله وهل أستطيع أن أصفه لكم، قالوافشبهه، قالهل سمعتم أصوات الصواعق التي تقبل في أحلى حلاوة سمعتموها فكأنه مثله» اهـ.
وقال في «الموافقة» ما نصه [(446)]: «وحينئذ فيكون الحق هو القول الآخر وهو أنه لم يزل متكلمًا بحروف متعاقبة لا مجتمعة» اهـ.
وقال في فتاويه ما نصه [(447)]: «فعلم أن قدمه عنده أنه لم يزل إذا شاء تكلم وإذا شاء سكت، لم يتجدد له وصف القدرة على الكلام التي هي صفة كمال، كما لم يتجدد له وصف القدرة على المغفرة، وإن كان الكمال هو أن يتكلم إذا شاء ويسكت إذا شاء» اهـ.
وقال فيه أيضًا ما نصه [(448)]: «وفي الصحيح: «إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات كجر السلسلة على الصفوان»، فقوله: «إذا تكلم الله بالوحي سمع» يدل على أنه يتكلم به حين يسمعونه وذلك ينفي كونه أزليًّا، وأيضًا فما يكون كجر السلسلة على الصفا يكون شيئًا بعد شىء والمسبوق بغيره لا يكون أزليًّا» اهـ. وقال أيضًا ما نصه [(449)]: «وجمهور المسلمين يقولونإن القرءان العربي كلام الله وقد تكلم الله به بحرف وصوت، فقالواإن الحروف والأصوات قديمة الأعيان، أو الحروف بلا أصوات، وإن الباء والسين والميم مع تعاقبها في ذاتها فهي أزلية الأعيان لم تزل ولا تزال كما بسطت الكلام على أقوال الناس في القرءان في موضع ءاخر» اهـ.وقال في مجموعة تفسير ما نصه [(450)]: «وقولهم «إن المحدَث يفتقر إلى إحداث وهلم جرّا» هذا يستلزم التسلسل في الآثار مثل كونه متكلمًا بكلام بعد كلام، وكلمات الله لا نهاية لها، وأن الله لم يزل متكلمًا إذا شاء، وهذا قول أئمة السنة، وهو الحق الذي يدل عليه النقل والعقل» اهـ.
أقول: فلا يغترَّ مطالع كتبه بنسبة هذا الرأي الفاسد إلى أئمة أهل السنة وذلك دأبه أن ينسُب رأيه الذي يراه ويهواه إلى أئمة أهل السُّنّة، وليعلم الناظر في مؤلفاته أن هذا تلبيس وتمويه محض يريد أن يروجه على ضعفاء العقول الذين لا يوفقون بين العقل والنقل، وقد قال الموفقون من أهل الحديث وغيرهم إن ما يحيله العقل فلا يصح أن يكون هو شرع الله كما قال ذلك الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في كتابه «الفقيه والمتفقه» [(451)]: إن الشرع لا يأتي إلا بمجوّزات العقول، وبهذا يردّ الخبر الصحيح الإسناد أي إذا لم يقبل التأويل ومثل هذا قال في بعض كتب مصطلح الحديث علماء المصطلح [(452)] في بيان ما يعلم به كون الحديث موضوعًا، وأيّدوا ذلك بأن العقل شاهد الشرع فكيف يرد الشرع بما يكذبه شاهده.فمن قال: إن الله يتكلم بصوت وقال: إنه صوت أزلي أبدي أي صفة أزلية أبدية ليس فيه تعاقب الحروف فلا يُكَفَّر إن كان نيته كما يقول، وإلا فهو كافر كسائر المشبهة. وأما أحاديث الصوت فليس فيها ما يحتج به في العقائد، وقد ورد حديث مختلف في بعض رواته وهو عبد الله بن محمد بن عقيل [(453)]، روى حديثه البخاري [(454)] بصيغة التمريض، قال: «ويُذكر»، وفيه: «فينادى بصوت فيسمعه من بَعُدَ كما يسمعه من قَرُبَ، أنا الملك أنا الديَّان»، وإنما ذكره البخاري بصيغة التمريض من أجل راويه هذا، قال الحافظ ابن حجر [(455)]: «ونظر البخاري أدق من أن يعترض عليه بمثل هذا فإنه حيث ذكر الارتحال فقط جزم به لأن الإسناد حسن وقد اعتضد، وحيث ذكر طرفًا من المتن لم يجزم به لأن لفظ الصوت مما يُتوقف في إطلاق نسبته إلى الرب ويحتاج إلى تأويل، فلا يكفي فيه مجيء الحديث من طريق مختلف فيها ولو اعتضدت» اهـ أي لا يكفي ذلك في مسائل الاعتقاد وإن كان البخاري ذكر أوله في كتاب العلم [(456)] بصيغة الجزم لأنه ليس فيه ذكر الصوت، إنما فيه ذكر رحيل جابر ابن عبد الله إلى عبد الله بن أُنَيْس من المدينة إلى مصر.
والحديث الآخر [(457)] عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله يوم القيامةيا ءادم، فيقوللبَّيك وسعديك، فينادى بصوت: إن الله يأمرك أن تُخرج من ذريتك بعثًا إلى النار»، هذا اللفظ رواه رواة البخاري على وجهين، بعضهم رواه بكسر الدال وبعضهم رواه بفتح الدال، قال الحافظ ابن حجر [(458)]: «ووقع فينادي مضبوطًا للأكثر بكسر الدال، وفي رواية أبي ذر بفتحها على البناء للمجهول، ولا محذور في رواية الجمهور، فإن قرينة قوله: «إن الله يأمرك» تدل ظاهرًا على أن المنادي ملك يأمره الله بأن ينادي بذلك» اهـ. وهذا الحديث رواه البخاري موصولًا مسندًا، لكنه ليس صريحًا في إثبات الصوت صفة لله فلا حجة فيه لذلك للصوتية.قال الحافظ ابن حجر [(459)]: «قال البيهقياختلف الحفاظ في الاحتجاج بروايات ابن عقيل لسوء حفظه، ولم يثبت لفظ الصوت في حديث صحيح عن النبي غير حديثه، فإن كان ثابتًا فإنه يرجع إلى غيره في حديث ابن مسعود [(460)] وفي حديث أبي هريرة أن الملائكة يسمعون عند حصول الوحي صوتًا، فيحتمل أن يكون الصوت للسماء أو للملك الآتي بالوحي أو لأجنحة الملائكة، وإذا احتمل ذلك لم يكن نصًّا في المسألة، وأشار – يعني البيهقي – في موضع ءاخر إلى أن الراوي أراد فينادي نداء فعبر عنه بصوت» اهـ.
قال الكوثري في مقالاته [(461)] ما نصه: «ولم يصح في نسبة الصوت إلى الله حديث» اهـ.
أقول: وكذا قال البيهقي في الأسماء والصفات [(462)]، فليس فيها ما يصح الاحتجاج به لإثبات الصفات لأن حديث الصفات لا يقبل إلا أن يكون رواته كلهم متفقًا على توثيقهم، وهذه الروايات المذكورة في فتح الباري في كتاب التوحيد [(463)] ليست على هذا الشرط الذي لا بدّ من حصوله لأحاديث الصفات كما ذكره صاحب الفتح في كتاب العلم [(464)]. لكنه خالف في موضع بما أورده في كتاب التوحيد من قوله [(465)]: «إذ الصوت قد يكون من غير مخارج، وإذا ثبت ذكر الصوت بهذه الأحاديث الصحيحة وجب الإيمان به ثم إما التفويض وإما التأويل». ويرد كلامه بأن القول بأن من الصوت ما هو قديم ومنه ما هو حادث جمع بين متناقضين فهو كالقول بأن الله جسم لا كالأجسام وقد كفَّر الإمام أحمد بن حنبل قائل ذلك كما ذكر ذلك صاحب الخصال من الحنابلة [(466)].ثم قال الكوثري [(467)]: «وقد أفاض الحافظ أبو الحسن المقدسي شيخ المنذري في رسالة خاصة في تبيين بطلان الروايات في ذلك زيادة على ما يوجبه الدليل العقلي القاضي بتنزيه الله عن حلول الحوادث فيه سبحانه، وإن أجاز ذلك الشيخ الحراني [(468)] تبعًا لابن ملكا اليهودي الفيلسوف المتمسلم، حتى اجترأ على أن يزعم أن اللفظ حادث شخصًا قديم نوعًا، يعني أن اللفظ صادر منه تعالى بالحرف والصوت فيكون حادثًا حتمًا، لكن ما من لفظ إلا وقبله لفظ صدر منه إلى ما لا أول له فيكون قديمًا بالنوع، ويكون قدمه بهذا الاعتبار في نظر هذا المخرف، تعالى الله عن إفك الأفّاكين، ولم يدر المسكين بطلان القول بحلول الحوادث في الله جل شأنه وأن القول بحوادث لا أوّل لها هذيان، لأن الحركة انتقال من حالة إلى حالة، فهي تقتضي بحسب ماهيتها كونها مسبوقة بالغير، والأزل ينافي كونه مسبوقًا بالغير، فوجب أن يكون الجمع بينهما محالًا، ولأنه لا وجود للنوع إلا في ضمن أفراده، فادعاء قدم النوع مع الاعتراف بحدوث الأفراد يكون ظاهر البطلانوقد أجاد الرد عليه العلاَّمة قاسم [(469)] في كلامه على المسايرة» اهـ. قلت: وقد ذكر الفقيه المتكلم ابن المعلم القرشي في كتابه نجم المهتدي ورجم المعتدي أثناء ترجمة الحافظ ناصر السنة أبي الحسن علي بن أبي المكارم المقدسي المالكي ما نصه [(470)]: «كان صحيح الاعتقاد مخالفًا للطائفة التي تزعم أنها أثرية، صنف كتابه المعروف بكتاب الأصوات أظهر فيه تضعيف رواة أحاديث الأصوات وأوهاهم، وحكى الشيخ تقي الدين شرف الحفاظ عن والده مجد الدين قال بأنه بلغ رتبة المجتهدين» اهـ.فلا يصحُّ حملُ ما ورد في النصّ من النداء المضافِ إلى الله تعالى في حديث [(471)]: «يَحشر الله العباد فيناديهم بصوت … » على الصوتِ على معنى خروجه من الله، فتمسُّكُ المشبهة بالظاهر لاعتقاد ذلك تمويه لا يروج إلا عند سُخفاء العقول الذين حُرموا منفعة العقل الذي جعل الشرع له اعتبارًا، وهل عُرِفت المعجزة أنها دليل على صحة نبوة من أتى بها من الأنبياء إلا بالعقل؟!
وقال ـ أي الكوثري ـ في تعليقه على السيف الصقيل ما نصه [(472)]: «وحديث جابر المعلق في صحيح البخاري مع ضعفه في سياق ما بعده من حديث أبي سعيد ما يدل على أن المنادي غير الله حيث يقول « … فينادى بصوت إن الله يأمرك … » فيكون الإسناد مجازيًّا، على أن الناظم – يعني ابن زفيل وهو ابن قيم الجوزية – ساق في «حادي الأرواح» بطريق الدارقطني حديثًا فيه: «يبعث الله يوم القيامة مناديًا بصوت … » وهذا نص من النبي صلى الله عليه وسلم على أن الإسناد في الحديث السابق مجازي، وهكذا يخرب الناظم بيته بيده وبأيدي المسلمين، وللحافظ أبي الحسن المقدسي جزء في تبيين وجوه الضعف في أحاديث الصوت فليراجع ثمة» اهـ.
وهناك حديث ءاخر [(473)]: «إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات شيئًا»، ورواه أبو داود [(474)] بلفظ: «سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفوان»، وهذا قد يحتج به المشبهة وليس لهم فيه حجة لأن الصوت خارجٌ من السماء، فالحديث فسر الحديث بأن الصوت للسماء، فتبين أن قول الحافظ ابن حجر في موضع من الشرح: إن إسناد الصوت إلى الله ثبت بهذه الأحاديث الصحيحة فيه نظر فليُتأمَّل.قال الشيباني في شرح الطحاوية [(475)] ما نصه: «والحرف والصوت مخلوق، خَلْقُ الله تعالى ليحصل به التفاهم والتخاطب لحاجة العباد إلى ذلك – أي الحروف والأصوات -، والبارئ سبحانه وتعالى وكلامه مستغن عن ذلك – أي عن الحروف والأصوات -، وهو معنى قوله – أي الطحاوي – ومن وصف الله تعالى بمعنى من معاني البشر فقد كفر» اهـ.
فنقول أجمع أهل السنة على أن كلام الله الذاتي الذي ليس بحرف وصوت وهو أزلي أبدي لا يتجزأ ولا يتبعض كحياته فهو كلام واحد لأن ما يتجزأ ويتبعض حادث والله لا يتصف بصفة حادثة فكما أن حياته حياة واحدة أزلية أبدية لا تتجزأ كذلك صفة الكلام والقدرة والإرادة والسمع والبصر والعلم كل صفة من هؤلاء صفة واحدة. أما القرءان بمعنى اللفظ المنزل الذي قرأه جبريل على النبي فهو مخلوق لله تعالى لأن الحرف والصوت مخلوقان ومع هذا لا يقال القرءان مخلوق على هذا المعنى أدبًا لكن يُذكر في مقام التعليم أن القرءان بمعنى اللفظ المنزل مخلوق لله.قال القونوي الحنفي في كتاب القلائد شرح العقيدة الطحاوية [(476)]: «فصل في إثبات الكلامواعلم أن ههنا ثلاثة ألفاظ قراءة ومقروء وقرءان فالقراءة فعل العبد وكسبه وإنه مخلوق ومحدَث قائم بالعبد يسمى به قارئًاوالمقروء كلام الله تعالى [(477)] وصفته وإنه غير مخلوق أزلي قائم بذاته يسمى به متكلمًاوالقرءان لفظ مشترك تارة يطلق على القراءة المخلوقة قال الله تعالى ﴿ … وَقُرْآنَ الْفَجْرِ … *﴾ [سورة الإسراء] أي القراءة في صلاة الفجر، وتارة يطلق على المصحف دون القراءة قال النبي صلى الله عليه وسلم [(478)]: «لا تسافروا بالقرءان إلى أرض العدو» وأراد النهي عن المسافرة بالمصحف صيانة عن الاستخفاف به ولم يرد به النهي عن القراءة، وتارة يطلق على المقروء خاصة وهو كلامه القديم قال الله تعالى ﴿فَإِذَا قَرَاتَ الْقُرْآنَ … *﴾ [سورة النحل] أي كلام الله تعالى فإذا ذكر لفظ القرءان مع قرينة تدل على الحدوث والحلول نحو أن يقال قرأت جزءًا من القرءان أو نصف القرءان أو ثلثه أو ربعه أو يحرم القرءان على الجنب أو النهي عن المسافرة بالقرءان يحمل على القراءة والمصحف وإذا ذكر مطلقًا يحمل على الصفة الأزلية القائمة بذات الله تعالى فلا جَرَمَ لا يجوز أن يقال القرءان مخلوق على الإطلاق وهذا كما إذا قال الرجل «اللهَ» مطلقًا عن القيد يفهم من إطلاقه ذات القديم جلَّ جلاله وإذا قرنه بقرينة تدل على الحدوث نحو أن يقول كتبت الله أو تلفظت الله يحمل على هذه الحروف المنقوشة والأصوات المقطعة فكذلك لفظة القرءان.إذا عرف هذا فنقول صانع العالم جلَّ جلاله متكلم بكلام واحد أزلي قائم بذاته ليس من جنس الحروف والأصوات غير متجزئ مناف للسكوت وهو به ءامر ناه مخبر، فإن قيل كيف يتحقق كونه ءامرًا ناهيًا مخبِرًا بكلام واحد وبينها منافاة؟ قلنا: لا يبعد ذلك لأن مرجع الجميع إلى الإخبار وهذا لأن الأمر عبارة عن تعريف العبد أنه لو فعله لصار مستحقًّا للمدح ولو تركه لصار مستحقًّا للذم والنهي بالعكس أو الأمر هو الخبر عن طلب الامتثال والنهي هو الخبر عن الانتهاء وقد جاز في الشاهد [(479)] أن يكون الشىء الواحد أمرًا ونهيًا وخبرًا واستخبارًا فلم لا يجوز في صفة البارئ فإن من اصطلح مع غلمانه أني إذا قلت زيد كان أمرًا بالصوم لِبشر بالنهار وأمرًا بالفطر له بالليل ونهيًا له عن الخروج من الدار وإخبارًا بدخول الأمير البلدة واستخبارًا من مبارك عن ولادة الجارية ثم قال هذا الرجل زيد فُهِمَ منه هذه الأشياء فكان أمرًا ونهيًا وخبرًا واستخبارًا ولم يكن ذلك مستحيلاً فكذا هذا فهو في الحقيقة كلام واحد على ما قررنا إلا أنه لما لم يكن في ذوي العقول الوقوف على تفاصيل الخير والشر تفضل الشرع بتفصيل ذلك على حسب حاجة الخلق إلى ذلك وخص كل فرد منه بدلالة تدل عليه فيكون التعدد والتكثر والتجزؤ والتبعض في الحاصل في الدلالات لا في المدلول وهذه العبارات مخلوقة لأنها أصوات وهي أعراض وسميت كلام الله تعالى لدلالتها عليه وتأديه بها فإن عبر بالعربية فهو قرءان وإن عبر بالعبرية فهو توراة فاختلفت العبارات لا الكلام كما يسمى الله بعبارات مختلفة مع أن ذاته واحد.فإن قيل إطلاق اسم كلام الله تعالى على هذه العبارات إن كان باعتبار الدلالة على كلام الله تعالى القائم بذاته كان مجازًا وما كان مجازًا يصح نفيه وهذا لا يصح نفيه قلنا: هذا وإن كان مجازًا لكن ورد الشرع بجواز إطلاقه والمجاز الذي ورد الشرع بجواز إطلاقه فيما يجب اعتقاده لا يصح نفيه ولا يقال إن قوله تعالى ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي … *﴾ [سورة الكهف] صريح في إثبات الكلمات لأنَّا نقول إن أهل السنة حملوا الكلمات على متعلقات علم الله تعالى. فإن قيل الآية إذا قرئت بقراءتين فالله تعالى قال بهما جميعًا أو بإحداهما قيل له: هذا على وجهين إن كان لكل قراءة معنى غير معنى الأخرى فإن الله تعالى قال بهما جميعًا وصارت القراءتان بمنزلة الآيتين وإن كانت القراءتان معناهما واحد فالله تعالى قال بإحداهما ولكنه رخص بأن يُقرأ بهما جميعًا كذا في تفسير أبي الليث السمرقندي [(480)]» اهـ.ـ[442] مجموع فتاوى (5/ 556 – 557).
ـ[443] مجموعة تفسير ست سور (ص311).
ـ[444] الفقيه والمتفقه (1/ 112 و132).
ـ[445] انظر: تدريب الراوي (ص/181)، الكفاية (ص/17)، النكت على كتاب ابن الصلاح (2/ 845).
ـ[446] راجع ترجمته في: الضعفاء الكبير (2/ 298)، الكامل (4/ 1446)، المجروحين (2/ 3)، سؤالات ابن أبي شيبة لابن المديني (ص88)، أحوال الرجال (ص138)، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (2/ 140)، الجرح والتعديل (5/ 153)، المغني (1/ 354)، تهذيب التهذيب (6/ 13)، الكاشف (2/ 113)، ميزان الاعتدال (3/ 484)، التاريخ الكبير (5/ 183).
ـ[447] أخرجه عن ابن عقيل البخاري في الأدب المفرد: باب المعانقة، وأخرجه البخاري في صحيحه: كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: {وَلاَ تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ … *} الآية، ذكره تعليقًا بغير إسنادٍ.
ـ[448] فتح الباري بشرح صحيح البخاري (1/ 174 – 175).
ـ[449] أخرجه البخاري في صحيحه تعليقًا: كتاب العلم: باب الخروج في طلب العلم.ـ[450] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: {وَلاَ تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ … *} الآية.
ـ[451] فتح الباري (13/ 460).
ـ[452] انظر فتح الباري (13/ 458).
ـ[453] يعني به قوله: «إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات شيئًا، فإذا فُزّع عن قلوبهم= = وسكن الصوت عرفوا أنه الحقّ، ونادوا ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق» رواه البخاري، وفي حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله كأنه سلسلة على صفوان، قال علي: وقال غيره «صفوان» ينفذهم ذلك، فإذا فزّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق وهو العلي الكبير» رواه البخاري.
ـ[454] انظر المقالات (ص/32).
ـ[455] الأسماء والصفات (ص/273).
ـ[456] صحيح البخاري: كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: {وَلاَ تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ *} [سورة سبإ].
ـ[457] فتح الباري (1/ 174).
ـ[458] فتح الباري (13/ 458).
ـ[459] نقله الزركشي في تشنيف المسامع (4/ 85).
ـ[460] مقالات الكوثري (ص/59).
ـ[461] يعني ابن تيمية، نسبة إلى حرّان.
ـ[462] هو العلامة قاسم بن قُطلوبُغا الحنفي.
ـ[463] نجم المهتدي ورجم المعتدي (ص/249)، مخطوط.
ـ[464] رواه البخاري في صحيحه معلقًا بصيغة التمريض: كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: {وَلاَ تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ *} [سورة سبإ].
ـ[465] انظر الكتاب (ص/52).ـ[466] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: {وَلاَ تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ … *} الآية.
ـ[467] أخرجه أبو داود في سننه: كتاب السنة: باب في القرءان.
ـ[468] شرح الطحاوية (ص/14)، مخطوط.
ـ[469] القلائد شرح العقائد (ق/47 – 49)، مخطوط.
ـ[470] قوله «المقروء كلام الله» أي كلام الله المعبر عنه بالحروف القرءانية.
ـ[471] أخرجه مسلم في صحيحه بلفظ: «لا تسافروا بالقرءان فإني لا ءامن أن يناله العدو» انظر صحيح مسلم: كتاب الإمارة: باب النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار إذا خيف وقوعه بأيديهم، وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (2/ 369) باللفظ الذي ذكره المؤلّف.
ـ[472] أي الإنسان وغيره.
ـ[473] انظر تفسيره بحر العلوم (1/ 419).
ـ[474] قال البخاري في صحيحه: «{ … فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ … *} [سورة العنكبوت] علم اللهُ ذلك، إنما هي بمنزلة فليميز الله، كقوله {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ … *} [سورة الأنفال]» (فتح الباري، 8/ 510).
ـ[475] انظر: البرهان في علوم القرءان للزركشي (4/ 236 – 237)، الأُزهيَّة في علم الحروف لعلي الهروي (ص/184).
ـ[476] كفرقة ظهرت في الهند عندها غلو في النبي صلى الله عليه وسلم تسمى البريلوية.
ـ[477] البرهان في علوم القرءان (4/ 236 – 237)، كتاب الأزهيَّة في علم الحروف (ص/184)، البحر المحيط (8/ 355)، الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (6/ 399 – 400).
ـ[478] رواه الترمذي في سننه: كتاب التفسير: باب ومن سورة الحجر.
ـ[479] هذه الفرقة لها وجود في الهند والباكستان، يقولون أحيانًا «الرسول يعلم كل ما يعلمُهُ الله من باب العطاء والله يعلم كل شىء بعلم ذاتي».
ـ[480] رواه ابن حبان في صحيحه، انظر الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (6/ 68).

تنبيه

برهان وجوب العلم لله وأزليته