استواء الله على العرش – الدليل القويم على الصراط المستقيم للشيخ عبد الله الهرري

استواء الله على العرش
قد ورد قرءانًا وصف الله بأنه مستوٍ على العرش فيجب الإيمان بذلك بلا كيف فليس بمعنى الجلوس أو الاستقرار أو المحاذاة للعرش لأن ذلك كَيْفٌ والله منزه عن الاستواء بالكيف لأنه من صفات الأجسام بل نقول استوى على العرش استواء يليق به هو أعلم بذلك الاستواء، وثبت عن مالك ما رواه البيهقي بإسناد جيد [(143)] من طريق عبد الله بن وهب قال كنا عند مالك فدخل رجل فقال: «يا أبا عبد الله، الرحمن على العرش استوى كيف استوى فأطرق مالك فأخذته الرُّحَضَاء ثم رفع رأسه فقالالرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه ولا يقال كيفَ وكَيْفَ عنه مرفوعٌ وما أراك إلا صاحب بدعة أخرجوه».
فقول مالك: «وكيفَ عنه مرفوع» أي ليس استواؤه على عرشه كيفًا أي هيئة كاستواء المخلوقين من جلوس ونحوه.وأما ما رواه اللالكائي [(144)] عن أم سلمة رضي الله عنها وربيعة بن أبي عبد الرحمن أنهما قالا: «الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول»، فمرادهما بقولهما غير مجهول أنه معلوم وروده في القرءان بدليل رواية عند اللالكائي وهي: «الاستواء مذكور» أي مذكور في القرءان ولا يعنيان أنه بمعنى الجلوس ولكن كيفية الجلوس مجهولة كما زعم بعض النجديين ويردُّ زعمهم قول أم سلمة وربيعة «والكيف غير معقولٍ» فإن معناه أن الاستواء بمعنى الكيف أي الهيئة كالجلوس لا يعقل أي لا يقبله العقل لكونه من صفات الخلق لأنَّ الجلوس لا يصح إلا من ذي أعضاء أي كأليةٍ وركبةٍ وتعالى الله عن ذلك فلا معنى لقول المشبهة: الاستواء معلوم والكيفية مجهولة [(145)] يقصدون بذلك أن الاستواء الجلوس لكن كيفية جلوسه غير معلومة لأن الجلوس كيفما كان لا يكون إلا بأعضاء وهؤلاء يوهمون الناس أن هذا مراد مالك بما روي ولم يثبت عنه الاستواء معلوم ولو ثبت لكان مراده ما قدمناه وهو أنه مذكور في القرءان فلا يُغترَّ بتمويهاتهم.
ـ[143] راجع الأسماء والصفات (ص/408).
ـ[144] شرح السنة (3/ 441 – 442).ـ[145] هذا اللفظ لم يثبت عن مالك ولا غيره من الأئمة رواية فلا اعتداد به.

فائدة مهمة في التنزيه

تنبيه