الإرادة – الدليل القويم على الصراط المستقيم للشيخ عبد الله الهرري

الإرادة

اعلم أن الإرادة وهي المشيئة واجبة لله تعالى، وهي صفة أزلية أبدية يُخصِّص الله بها الجائز العقلي بالوجود بدل العدم وبصفة دون صفة وبوقت دون وقت.وبرهان وجوب الإرادة لله أنه لو لم يكن مريدًا لم يوجد شىء من هذا العالم لأنَّ العالم ممكن الوجود فوجوده ليس واجبًا لذاته عقلًا، والعالم موجود، فعلمنا أنه ما وُجد إلا بتخصيص لوجوده وترجيح له على عدمه، فثبت أن الله تعالى مريد شاءٍ. ولا يجوز عقلًا عدم شمول إرادة الله لبعض الممكنات. ثم الإرادة تابعة للعلم فما عَلِمَ الله وقوعه فقد أراد وقوعه، وكل ما عَلِمَ الله عدم وقوعه لم يرد وقوعه أي لم يشأ [(393)].
ثم الإرادة بمعنى المشيئة عند أهل الحق شاملة لأعمال العباد جميعها الخير منها والشر. فكل ما دخل في الوجود من أعمال الشر من كفر أو معاص فبمشيئة الله وقع وحصل، وهذا كمالٌ في حق الله تعالى لأن شمول القدرة والمشيئة لائق بجلال الله فلو كان يقع في ملكه ما لا يشاء لكان ذلك منافيًا للألوهية لأنه لو كان يقع في مُلكه ما لا يشاء لكان ذلك دليلَ العجز والعجزُ مستحيل على الله وليست المشيئة تابعة للأمر بدليل أن الله تعالى أمر إبراهيم بذبح ولده إسماعيل ولكنه لم يشأ ذبحه. فإن قيل كيف يأمر بما لم يشأ وقوعه، قلنا قد يأمر بما لم يشأ كما أنه عَلم بوقوع شىء من العبد ونهاه عن فعله. والدليل على عموم مشيئته تعالى لكل ممكن أنه لو كانت مشيئته قاصرة لكان ذلك نقصًا والنقص على الله محال فثبت المطلوب وهو عموم مشيئته تعالى لكل الجائزات العقلية كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علَّم بعض بناته أن تقول: «ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن» [(394)].
وخالف في ذلك المعتزلة ومتأخرو الرافضة قالوا ما أمر به فقد شاءه وإن لم يقع، وما لم يأمر به لم يشأ وقوعه وإن وقع. فقولهم هذا يؤدي إلى نسبة العجز إلى الله حيث إنهم حكموا أنه يجري في ملكه ما لا يشاء، فقد جعلوا الله متحسرًا متندمًا.
ـ[393] رواه الترمذي في سننه: كتاب الدعوات: باب إن لله تسعة وتسعين اسمًا.ـ[394] إشارات المرام (ص/136).

القدرة

غريبة

لله تعالى صدقة جارية و صدقة عن روح المرحوم بإذن الله فتحي المهذبي

غريبةاجتمع معتزلي ومجوسي في سفينة فقال المعتزلي للمجوسي: لماذا لا تُسلم؟ فقال المجوسي: الله ما شاء لي. فقال المعتزلي: إن الله شاء لك ولكن الشيطان منعك. فقال المجوسي: إذًا أنا مع الغالب فانقطع المعتزلي.
وحُكي أن أبا إسحاق الأسفرايني إمام أهل السنة في وقته [(395)] اجتمع عند الصاحب بن عبَّاد بالقاضي عبد الجبار المعتزليين فقال عبد الجبار: سبحان من تنزه عن الفحشاء فقال أبو إسحاق: سبحان من لا يجري في ملكه إلا ما يشاء فقال عبد الجبار: أيُحبّ ربُّنا أن يُعصى. فقال أبو إسحاق: أيُعصى ربُّنا قهرًا فقال عبد الجبار: أرأيت إن منعني الهدى وقضى عليَّ بالردى أحسن إليَّ أم أساء فقال أبو إسحاق: إن منعك ما هو لك فقد أساء وإلا فهو يفعل في ملكه ما يشاء فسكت عبد الجبار وانقطع.
يعني الإمام أبو إسحاق أنه لا يكون ظلمًا على الله ولا قبيحًا منه أن يُعاقب العبد الكافر على كفره الذي انساق إليه باختياره لأن الله تعالى شاء في الأزل أن ينساق هذا العبد باختياره إلى الكفر وقد أمره بالإيمان.
ـ[395] تفسير الأسماء والصفات (ص164 – 165)، مخطوط.

الإرادة

تفصيلات أربع تتعلق بمسألة الإرادة

تفصيلات أربع تتعلق بمسألة الإرادة
الأولى قد أمر الله بشىء وشاء وقوعه ووجوده وهو إيمان المؤمنين وطاعاتهم.
والثانية ما قد شاءه ولم يأمر به ككفر الكافرين وعصيان العاصين.
والثالثة قد أمر بما لم يشأ وجوده كالإيمان بالنسبة للكافرين والطاعة بالنسبة للعاصين.
والرابعة ما لم يأمر الله به ولم يشأه كالكفر والمعاصي بالنسبة للملائكة فإنَّ الله لم يأمرهم بالمعاصي ولم يشأ فلم يعصوا الله تعالى.والحاصل أنَّ كل ما وقع من العباد من أعمالهم حسنها وقبيحها إنما وقع ووجد بمشيئة الله في الأزل. لا فرق بين ما كان من أعمالهم الاختيارية أو غير الاختيارية. فمن شاء الله له السعادة في الأزل لا بد أن يختار الإيمان فيسعد بفضل الله وعونه ومن شاء الله له الشقاوة فلا بد أن يكفر باختياره فيشقى، فمن قال إن الله شاء السعادة لجميع خلقه فخالف بعض العباد مشيئته فضلُّوا على رغم مشيئة الله فقد كفر لأنه جعل الله مغلوبًا حيث لم تتنفَّذ مشيئته فيهم، ولأنه خالف قول الله تعالى ﴿وَلَوْ شِئْنَا لآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأِمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ *﴾ [سورة السجدة] وقولَه تعالى ﴿ … وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ *﴾ [سورة المائدة] وقولَه تعالى في سورة ءال عمران ﴿ … يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ *﴾.

غريبة

السَّمْع

البصر

يجب لله تعالى عقلًا البصر أي الرؤية.
فهو يرى برؤية أزلية أبدية المرئياتَ جميعها ويرى ذاته، يرى بغير حدقة وجارحة لأن الحواس من صفات المخلوقين.
والدليل على ثبوت البصر له عقلًا أنه لو لم يكن بصيرًا رائيًا لكان أعمى والعمى أي عدم الرؤية نقصٌ على الله، والنقص عليه مستحيل.
ودليل السمع والبصر السمعي الآيات والأحاديث، كقوله تعالى ﴿ … وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ *﴾ [سورة الشورى] وقولِه صلى الله عليه وسلم في تعداد أسماء الله الحسنى: «السميعُ البَصير» وهو في حديث أخرجه الترمذي وحسَّنه [(399)].
قال الإمام أبو حنيفة في الفقه الأبسط: «ويرى لا كرؤيتنا الأشياء» قال البياضي ما نصه [(400)]: «لأنا نحتاج إلى الآلة بسبب عجزنا وقصورنا وذات البارئ تعالى منزه عن القصور» اهـ.ــ[399] الأسماء والصفات: باب قول الله عز وجل {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً … *} [سورة الأنعام] (ص/273).
ـ[400] إشارات المرام (ص/138).

السَّمْع

وجوب الكلام لله تعالى

لله تعالى صدقة جارية و صدقة عن روح المرحوم بإذن الله فتحي المهذبي